كتاب ومقالات

كيف أصبحت مليارديراً في أسبوعين ؟!

هاني الظاهري

رغم تحذيرات الجهات المختصة في السعودية من عصابات النصب والاحتيال في شبكة الإنترنت التي تزعم أنها تنمي الثروات بسرعة البرق عبر تداولات «الفوركس»، ما زال الأغبياء الذين توقعهم هذه العصابات في ازدياد، وما زال من سبقوهم يولولون ويطاردون السراب أملاً في استعادة أي شيء من أموالهم التي حولوها وهم بكامل قواهم العقلية إلى لصوص ومحتالين في أقصى أصقاع الأرض.

خلال الأسبوعين الماضيين أصبحت أنا العبد الفقير إلى عفو ربه «هاني الظاهري» نجم نجوم إعلانات عصابات الفوركس فجأة، فما إن يدخل أحدهم موقعاً إلكترونياً باحثاً عن خبر أو معلومة طبية أو حتى طريقة طبخ وجبة سريعة آخر الليل حتى يجد صورتي أمامه مرفقة بعنوان مقالة نُشرت لي في «عكاظ» عن الإطاحة بفاسد في السعودية «راتبه 7 آلاف ويمتلك 30 عقاراً».

ولأن معظم الناس قراء عناوين فقط، فقد ظن كثيرون أنني أنا مالك الثلاثين عقاراً لتنهال علي الاتصالات ورسائل الواتساب من بعض المعارف والأقارب الذين لم أسمع أصواتهم منذ سنوات، فمنهم من يزعم أنه يفتقدني ويرغب في الاطمئنان علي، ومنهم من يريد أن يجدد العهد بي ويعزمني على الغداء أو العشاء ومنهم من فضل أن يكون صريحاً من البداية وطلب سلفة عاجلة معتذراً عن انقطاعه الفترة السابقة لظروفه الصعبة.

والحق أن هذا جعلني أبحث عن إستراتيجية التسويق الخطيرة التي يتبعها لصوص الفوركس للوصول لمعظم مستخدمي الهواتف الذكية بكل هذه السهولة، وقادني البحث أخيراً إلى نتائج أعرضها هنا في نقاط لتوضيح ألاعيبهم وتنبيه الغافلين:

- الإعلان الذي استخدم الصورة وعنوان مقالتي المشار إليها تعرضه فعلياً شبكة إعلانات جوجل المصورة المنتشرة في معظم المواقع والتطبيقات، ومصدره الأساسي موقع إلكتروني يحمل اسم «صحيفة المملكة»، وبالبحث عن بيانات هذه الصحيفة تبين أنها موقع وهمي ورابطه الإلكتروني «الدومن» بلا معلومات سوى أن صاحبه في بنما.

- الطريقة التي صممت بها المادة التسويقية تنم عن ذكاء واحتراف في النصب والاحتيال، إذ نشرت الصحيفة الوهمية «البنماوية» المقال بأسلوب خبري، مضيفة إليه أنها تعرفت على الفاسد المقصود واكتشفت أنه بريء وجمع ثروته وعقاراته من الفوركس، ووضعت في نهاية الخبر رابطاً للتسجيل في موقع لتداولات فوركس لاصطياد الأغبياء ونهبهم كالعادة، وهذا يعني أن شركة الفوركس الوهمية تطورت وأنجبت صحفاً إلكترونية وهمية أيضاً تحمل أسماءً تضفي عليها الطابع السعودي.

- يتضح من كبر الحملة التسويقية أن المبالغ التي تصرفها عصابات الفوركس على الإعلانات كبيرة فلا يمكن الوصول لنتائج انتشار بمثل هذا الحجم وهذه الكثافة دون ميزانية ضخمة.

- لا توجد طرق فاعلة لإيقاف حملات احتيالية مثل هذه أو تتبع أصحابها، ولذلك لا حل إلا في توعية الناس.

أخيراً أتوقع أن يكون عنوان هذه المقالة هو نص الإعلان الجديد لذات النصابين والفخ الذي سيوقع المزيد من الأغبياء، لكن يبقى عزائي الوحيد في الأمر برمته ما يعبر عنه المثل الشعبي الشهير «الصيت ولا الغنى».

كاتب سعودي

Hani_DH@