غادة المطيري.. عالمة سخرت نفسها للاكتشافات
الأحد / 01 / ربيع الأول / 1442 هـ الاحد 18 أكتوبر 2020 02:22
بقلم: د. عبدالله المدني - أستاذ العلاقات الدولية في مملكة البحرين abu_taymour@
تتمتع بذكاء فطري وإصرار كبير على إنجاز ما تريد، وهي لماحة تبتكر الأفكار من مشاهدات قد تمر على الشخص ولا ينتبه لها، وهذا ملمح مشترك في الاكتشافات العلمية، فدائماً عين العالم المكتشف لماحة وراصدة. هذا بعض مما قاله الدكتور أوس إبراهيم الشمسان عميد معهد الملك عبدالله لتقنية النانو بجامعة الملك سعود بالرياض عن العالمة والمخترعة السعودية الدكتورة غادة المطيري.
ولئن كانت العين اللماحة الراصدة والإصرار على النجاح عاملين من العوامل التي ساعدت البروفيسورة غادة على البروز في عوالم الاكتشافات والاختراعات العلمية، وبالتالي احتفاء وطنها الأم ومواطنيها ووسائل الإعلام بها، فإن عوامل أخرى لعبت بالتأكيد دوراً لا يقل في نجاح مسيرتها الدراسية وحياتها العملية. فلولا بيئتها الأسرية المشجعة على العلم والتعليم والابتكار، ولولا والداها المتعلمان، ولولا التحاقها للدراسة بجامعة أمريكية مرموقة، ولولا تفرغها التام للتحصيل دون إضاعة وقتها في الترهات، ولولا إيمانها العميق بأهمية البحث العلمي وربط مخرجاته بالتطبيقات العملية الملموسة، ولولا قدرتها الفذة على بناء شبكة من التعاونيات البحثية لتسريع إنجاز البحوث وشحذ مشاركة مختلف التخصصات العلمية، ولولا يقينها الثابت بأنه لا قيمة للإنسان المتعلم إنْ لم يترك بصمة في حياة البشرية، لما وصلت إلى ما وصلت إليه. وسوف نتوسع في كل هذه العوامل شيئاً فشيئاً من خلال تسليط الضوء على حياتها وعائلتها وشخصيتها وإنجازاتها وما واجهته من عقبات في رحلتها نحو النبوغ، استناداً لما نشرته عنها الصحف السعودية، ولاسيما صحيفة عكاظ في أعدادها الصادرة في: 27/10/2009، 31/5/2011، و5/4/2019.
الولادة في أمريكا
ولدت غادة المطيري في الأول من نوفمبر 1976 بمدينة بورتلاند بولاية أوريغون الأمريكية لوالديها السعوديين، حيث كان الأب مبتعثاً -وقتذاك- للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية وكانت ترافقه زوجته. والدها هو المقدم مطلق بن عبدالرحمن المطيري (توفي في يوليو 2015 بالرياض عن عمر ناهز 65 عاما) الذي تخرج من الولايات المتحدة متخصصاً في العلوم الجنائية، فعمل بمؤهله العلمي في سلك الأمن العام وساهم في فك طلاسم العديد من الجرائم المعقدة وتخرج من تحت يده الكثير من ضباط التحقيقات الجنائية في السعودية. أما والدتها فهي المربية نجاة المطيري التي درست الكيمياء ثم عملت في تدريسها بمدارس البنات في الرياض. وقد أنجبت الأخيرة لزوجها، علاوة على غادة، كلاًّ من: د.خالد المطيري (طبيب تجميل وترميم)، ود.عامر المطيري (بروفيسور طب الأسرة)، ود. هبة المطيري (استشارية طب الأشعة)، ود. أحمد المطيري (أخصائي طب الأسنان).
وهكذا نجد أن كلا والديها ينتميان إلى قبيلة مطير، التي تعد من أكبر قبائل شبه الجزيرة، وتعود أصولها إلى غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية (بنو عبدالله وعلوى وبرية)، وكل قسم ينقسم إلى أفخاذ عديدة، وتقع ديارها ما بين الشمال الشرقي لشبه الجزيرة العربية، مروراً بنجد، وحتى أطراف الحجاز بالقرب من الحرة، علماً بأن أسرة الدكتورة غادة تنتمي إلى قسم الشباشرة من بني عبدالله. والمعروف أن قبيلة مطير لها ذكر طويل في أحداث ووقائع وحروب شبه الجزيرة العربية، والمعروف أيضاً أن القبيلة قدمت شخصيات كثيرة من تلك التي برزت في السياسة والاقتصاد والأدب وفي المجالات العسكرية والشرطية والأكاديمية في دول الخليج العربية، ولاسيما في السعودية والكويت.
بنت مطلق المطيري
كما أن ما سبق ذكره عن والديها يعني أن غادة نشأت وترعرت في ظل عائلة استثنائية تقدر العلم، وتحث على النجاح والمثابرة والابتكار، وتولي تربية الأبناء تربية صحيحة جلّ اهتمامها. وفي هذا السياق قالت غادة في الأحاديث والمقابلات التي أجريت معها، ولاسيما في برنامج «المختصر» من على شاشة MBC، ما مفاده أن والديها شجعاها هي وإخوتها على أن «نضع بصماتنا في الدنيا، وأن لا نعيش حياة مهملة. كان والدي إنساناً جدياً ذكياً ويتمتع بموهبة الفراسة، وكذا والدتي. وعلى الرغم من مطالبات القبيلة لوالدي بأن يعيدني إلى المملكة لاستكمال دراستي، إلا أنه لم يستمع لكلام الآخرين». ثم أضافت: «لم يقل لي والدي قط (لا)، كان يشعرني بأنني ذكية وأنني (بنت مطلق المطيري)، فكان مهماً بالنسبة لي أن أجعله فخوراً بي دائماً». وعن والدها قالت أيضاً: «حينما أنجب جدي أبي، وتوفيت زوجته، أخذ ولده من الحرة على ظهر جمل، حيث كان يعيش في بيت شعر، واستقر به في جدة، وهناك قام بالعمل في التجارة، ورغم أنه لم يكن يقرأ أو يكتب، إلا أنه كان يتمتع بذكاء وإصرار مكناه من النجاح، الأمر الذي ورثه عنه والدي، حيث إنه شبّ يتيم الأم، ومع ذلك كان مصراً على أن يتعلم، فسجل نفسه في المدارس آنذاك، بل إنه سجل أيضاً أخته لتتعلم لولا رفض جدي. كان والدي رحمه الله مجداً في التعلم وحين شبّ حصل على بعثة لأمريكا حيث تعلم هناك فنون التحقيق الجنائي.. الخ». وبقدر افتخارها بوالدها، الداعم الرئيسي لها، فإنها أعربت عن افتخارها بوالدتها نجاة التي وصفتها بالمعلم الأول وصاحبة الفضل الكبير عليها وعلى إخوتها وصانعة الخلطة السحرية لتفوقهم جميعاً لأنها نمّت فيهم مبدأ المسؤولية منذ الصغر وجسدت أمامهم صورة الأم الواعية المسؤولة، فكانت -رغم عملها وأعبائها الوظيفية- تعشق الجلوس وسطهم ولا تخرج إلا نادراً، ولا تلاحق عادات الزيارات وحضور حفلات الزفاف حتى الفجر، إنما كانت تستثمر وقتها لجني ثمار سهرها وتعبها، فكانت الحصيلة خمس شهادات دكتوراه نالها الأبناء الخمسة.
جامعة المؤسس رفضتها
حلمتْ غادة منذ سنواتها المبكرة بالعمل الميداني في تخصصي الكيمياء والفيزياء، فانكبت على قراءة الكثير من الكتب والمجلات والدراسات والبحوث عن تجربة المشاهير وسيرهم وأبحاثهم في هذين الحقلين، بل كانت في طفولتها تقتصد من مصروفها اليومي للإنفاق على شراء الأجهزة الإلكترونية لفك طلاسم عملها ومعرفة تركيباتها الداخلية. كانت وقتها تعيش مع والديها في صقيع الولايات المتحدة، فكان وصولها إلى مثل هذه الأشياء وغيرها متاحاً وسهلاً، خصوصاً مع تعدد القنوات التلفزيونية المخصصة للعلوم والاكتشافات. ومما لاشك فيه أن هذه البدايات رسخت لدى الطفلة غادة ميلها الفطري نحو العلوم وعززته. مع بلوغها سن دخول المدرسة، فضلت غادة أن تعود إلى السعودية لتتعرف على بلدها الأم وعلى عاداته وتقاليده الاجتماعية، وكي تنهل أيضاً من الثقافة العربية. فالتحقت بمراحل الدراسة الابتدائية والمتوسطة والثانوية في جدة، وأنهتها بنجاح. وقتها كانت تراودها فكرة دراسة الطب بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، لكن الجامعة لم تقبل طلبها، فانتقلت إلى العاصمة الرياض حيث عملت مدرسة لمدة سنة واحدة في إحدى المدارس الأهلية.
العمل 16 ساعة يومياً
بعد ذلك حدثت النقلة المفصلية في حياتها التي وضعتها في مصاف العلماء والمخترعين الموهوبين، حيث قررت العودة إلى الولايات المتحدة لتحقيق طموحاتها الدراسية الجامعية.
والتحقت في 1997 بكلية العلوم التابعة لجامعة أوكسيدنتال في لوس أنجيلوس بولاية كاليفورنيا التي منحتها بكالوريوس الكيمياء في عام 2000، ثم واصلت دراستها لنيل شهادة الماجستير والدكتوراه، فحصلت على الدكتوراه في كيمياء المواد -مع التركيز على إلكترون ديوكاليزاتيون والبنية الجزيئية- من جامعة «كاليفورنيا ريفر سايد» في عام 2005. لم تكتف غادة بكل هذا، ذلك أن شغفها المبكر بالعلوم وتحقيق إنجازات للبشرية دفعها لمواصلة دراسات ما بعد الدكتوراه في الكيمياء والهندسة الكيميائية ما بين عامي 2005 و2008، حيث عملت في جامعة كاليفونيا ـ بيركلي المرموقة مع البروفسور الأمريكي جان فريشيت في العديد من الأبحاث الخاصة بتكنولوجيات علم النانو. وفي عام 2008 انتقلت إلى جامعة كاليفورنيا في سان دييغو لتعمل أستاذة لمادة هندسة النانو وعلم المواد، ولتدير معملاً خاصاً بها قيمته أكثر من مليون دولار منحتها إياه ولاية كاليفورنيا، ولتتولى منصب مديرة مركز التميز في طب وهندسة النانو بنفس الجامعة (مركز تعاوني سريع ومتعدد التخصصات في مجال الأبحاث وتطوير أدوات لمستقبل علم الطب والأحياء). ما سبق من إنجازات أكاديمية حققتها لم تكن سوى ثمرة من ثمار اجتهادها الدؤوب. فقد كانت - بحسب قولها - «كنت أجلس في المعمل 16 ساعة متواصلة في اليوم، ودائماً ما أنصح طلابي ببذل جهد مضاعف قبل أن تأتي الالتزامات الأخرى في الحياة».
تحديد المشاكل والانطلاق نحو الحلول
كتبت صحيفة العرب اللندنية (6/3/2016) مقالاً مفصلاً عن أبحاثها التي لا تتوقف، فذكرت أنها طلبت قبل 10 سنوات من جراحي القلب تحديد المشكلة الكبرى التي تواجههم، لتجد أن جلهم أجمع على أن المشكلة الكبرى هي انسداد الشرايين الذي يؤدي إلى السكتات الدماغية، وتحديداً تراكم الدهون في جدار الشرايين مع التقدم في السن، قائلين إنهم لا يستطيعون تحديد وجود التهاب هناك من عدمه. فعملت غادة مع شقيقها الطبيب المتخصص في عمليات التجميل لإيجاد طريقة كيميائية جديدة لإزالة الدهون من الجسم. وفي أول مشاريعها مع جامعة كاليفورنيا عملت مع فريق عملها على مدى ثلاث سنوات في إنتاج مادة تتميز بالمرونة والقوة معاً لمساعدة المباني على تحمل العوامل الطبيعية مثل الزلازل، علما بأن هذا لم يكن المرة الأولى التي تعمل فيها في مجال بعيد عن الطب والأحياء، حيث سبق لها أن عملت خلال الفترة من 2000 إلى 2005 على تصنيع مادة بلاستيكية متميزة بالمرونة يستفيد منها الأطباء ورواد الفضاء وصناع الرسوم المتحركة، ويمكن استخدامها في صناعة الروبوت.
بعد ذلك وجهت غادة مشاريعها واهتمامها صوب الطب من خلال مركز الأبحاث الذي تترأسه وفريق العمل المتنوع الذي تقوده. فاهتمت أولاً بموضوع التطعيم من منطلق أن هناك أمراضاً (مثل الإيدز) لا يمكن فيها استخدام ميكانيكية التطعيم التقليدية أي قتل الفايروس ثم إدخاله للجسم كي يقوم الأخير بمقاومته، وبالتالي لا بد من تحويل التطعيم من استعمال الحقن إلى بخاخ عبر الفم. ثم واصلت فطرحت مشروعاً آخر يتمحور حول اكتشاف المرض مبكراً عبر رصد إشاراته وأعراضه. فالمرض قبل ظهور أعراضه بشكل واضح يتسبب للجسم بعدد من التغيرات الكيميائية، فإذا تعرفنا من الأطباء المختصصين بهذه التغيرات أمكن صناعة مواد تحدث تغييراً في بيئة المرض، وتعطينا إشارات لاحتمالية الإصابة بالمرض من عدمه، وبالتالي نكون في وضع أفضل للتعامل معه في وقت مبكر.
اهتمام دولي بأبحاث المطيري
مشروعها الطبي الثالث أثار اهتماماً دولياً واسعاً كونه اعتمد على الخلايا الجذعية، بمعنى أخذ هذه الخلايا وإضافة مواد إليها في وقت معين وبكمية محددة بحسب ما يريده العالم، الأمر الذي يساعد في عملية زراعة الأعضاء مثل خلايا الكبد أو خلايا عضلة القلب أو خلية مناعية.
أما مشروعها الرابع فتمحور حول إنتاج مواد نانوية جديدة لها خصائص فريدة لجهة تطبيقها في المجالات الطبية، مثل التحكم عن بعد في إطلاق مواد حيوية داخل الجسم، حيث استخدمت أشعة الليزر الأحمر التي تنفذ إلى الأنسجة الحية دون إيذائها في هدم بنى مواد نانوية تحتوي بداخلها على مواد حيوية كبروتينات مواد علاجية أو مواد تشخيصية لا تتفاعل وهي بداخل تلك البنى النانوية، ولكن عندما توجه إليها أشعة الليزر تتحرر المواد في المناطق المحددة وتقوم بعملها. وصفت غادة إنجازها هذا بالقول: «عندما أتممت هذه التقنية، لم أكن بعد قد عرفت كيفية تطبيقها في المجالات الطبية، ولكن لاحقاً طرحتُ فكرة استخدامها لمعالجة التنكس البقعي عن طريق حقن الجسيمات النانوية التي تحتوي على أدوية بداخلها ثم إطلاق الأدوية عن طريق إشعاع الليزر عن بعد، وأيضاً عن طريق توظيف هذه التقنية في المجالات البحثية، حيث تمكّن الباحثون من دراسة التفاعلات الحيوية بأماكن معينة ودقيقة».
من الأبحاث الأخرى التي عملت عليها استخدام جسيمات النانو المكونة من الذهب في عمليات شفط الدهون، حيث يتم تسخين تلك الجسيمات بمجرد تعرضها لليزر الأحمر بشكل يمكن التحكم به بشكل بالغ الدقة، فلو تم حقن تلك الجسيمات في النسيج الدهني ثم تسخينها بشكل متحكم به لإذابة الدهون سيتم التخلص من الآثار الجانبية لعمليات شفط الدهون التقليدية، وأيضاً ستكون أسرع بكثير وتشد تلك الجسيمات البشرة بعد إذابة الدهون.
ابتكار «الفوتون»
ومن ابتكاراتها التي جعلت اسمها بارزاً على لائحة المخترعين الجدد في الولايات المتحدة، استخدام الضوء بدلاًمن المبضع في العمليات الجراحية، حيث استطاعت اكتشاف معدن يُمكّن أشعة الضوء من الدخول إلى جسم الإنسان في رقائق تسمى «الفوتون»، بما يسهل معه الدخول إلى الخلايا دون الحاجة إلى عمليات جراحية، وبما يساعد على التحكم في أعضاء داخل الجسم دون الدخول إليه، كما يتحكم أيضاً في وقت العملية، باستخدام نوع من الضوء من أسهل وأرخص أنواع الأشعة، يدخل إلى الجسم والأعضاء دون امتصاصه، فإذا كان هناك شخص ما مصاب بالسرطان مثلاً، يمكن عبر هذه الأشعة الدخول إلى منطقة المرض والقضاء على السرطان دون فتح الجسم وبلا ضرر.
زوبعة الحجاب وأسلوب حياة غادة
جل أبحاث وإنجازات المطيري العلمية لم تشفع لها أمام بعض المتشددين الذين غضوا الطرف عن أبحاثها وإنجازاتها وتوقفوا أمام قضية حجابها وسفورها. لم تكترث غادة بتلك الزوبعة، لكنها عندما تمّت مواجهتها بها خلال استضافتها في برنامج «المختصر» (مصدر سابق)، ردت قائلة:«إنها لم ترتد الحجاب في الخارج لأنها لم ترد لفت الانتباه وسط مجتمعها الدراسي، وأنها ارتدته حينما عادت إلى السعودية لأنها أيضاً لم ترد أن تلفت الانتباه أو تكون مختلفة عن بنات وطنها، لكنها فوجئت بمن يتهمها بالنفاق وأنها ذات وجهين». وأضافت أنها ليست بوجهين وتعيش حياة صريحة وليس عندها ما تخفيه ولذا قررتْ ألا ترتدي الحجاب كيلا تكون منافقة. ثم استطردت فقالت: «الجميع طيب معي لكن أنا على فطرتي ولا أسيء لأحد في مجتمعنا وهذه نظرتي الشخصية».
هذا الرد الصريح الصادق كان كفيلاً بوقوف الكثير من المثقفين السعوديين إلى جانبها، واصفين إياها بالمفخرة السعودية وقائلين إن عدم ارتدائها الحجاب لا يقلل من قيمتها العلمية والأخلاقية بدليل استضافتها رسمياً في أرفع مؤتمر علمي سعودي، وذلك في إشارة إلى مشاركتها في منتدى التنافسية الدولي التاسع بالرياض في يناير 2016 كمتحدثة.
ونختتم بالحديث عن بعض الجوائز والتكريمات التي حصلت عليها في مشوارها العلمي والبحثي، ففي عام 2009 حصدت جائزة الابتكارات الجديدة لمدير المعهد الوطني للصحة، وجائزة مؤسسة فرما، وجائزة مجلة الكيمياء (ثيما). وفي عام 2012 نالت جائزة المحققين الشباب في المؤتمر العالمي للمواد الحيوية المنعقد في تشنغدو بالصين. وفي عام 2014 منحت جائزة المجتمعات الكيميائية للباحث النشيط من قبل الجمعية الملكية للكيمياء. وفي عام 2016 نالت زمالة «كافلي» للأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم. إلى ذلك تمت دعوتها للتحدث والمشاركة في الجامعات والمؤتمرات في دول مختلفة من العالم. على أن أعظم تقدير حظيت به كان تلقيها جائزة الإبداع العلمي من قبل أكبر منظمة أمريكية لدعم البحث العلمي وهي منظمة HIN التي منحتها جائزتها المتميزة بقيمة 3 ملايين دولار والتي تمنح لأفضل مشروع بحثي من بين عشرة آلاف باحث وباحثة.
ولئن كانت العين اللماحة الراصدة والإصرار على النجاح عاملين من العوامل التي ساعدت البروفيسورة غادة على البروز في عوالم الاكتشافات والاختراعات العلمية، وبالتالي احتفاء وطنها الأم ومواطنيها ووسائل الإعلام بها، فإن عوامل أخرى لعبت بالتأكيد دوراً لا يقل في نجاح مسيرتها الدراسية وحياتها العملية. فلولا بيئتها الأسرية المشجعة على العلم والتعليم والابتكار، ولولا والداها المتعلمان، ولولا التحاقها للدراسة بجامعة أمريكية مرموقة، ولولا تفرغها التام للتحصيل دون إضاعة وقتها في الترهات، ولولا إيمانها العميق بأهمية البحث العلمي وربط مخرجاته بالتطبيقات العملية الملموسة، ولولا قدرتها الفذة على بناء شبكة من التعاونيات البحثية لتسريع إنجاز البحوث وشحذ مشاركة مختلف التخصصات العلمية، ولولا يقينها الثابت بأنه لا قيمة للإنسان المتعلم إنْ لم يترك بصمة في حياة البشرية، لما وصلت إلى ما وصلت إليه. وسوف نتوسع في كل هذه العوامل شيئاً فشيئاً من خلال تسليط الضوء على حياتها وعائلتها وشخصيتها وإنجازاتها وما واجهته من عقبات في رحلتها نحو النبوغ، استناداً لما نشرته عنها الصحف السعودية، ولاسيما صحيفة عكاظ في أعدادها الصادرة في: 27/10/2009، 31/5/2011، و5/4/2019.
الولادة في أمريكا
ولدت غادة المطيري في الأول من نوفمبر 1976 بمدينة بورتلاند بولاية أوريغون الأمريكية لوالديها السعوديين، حيث كان الأب مبتعثاً -وقتذاك- للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية وكانت ترافقه زوجته. والدها هو المقدم مطلق بن عبدالرحمن المطيري (توفي في يوليو 2015 بالرياض عن عمر ناهز 65 عاما) الذي تخرج من الولايات المتحدة متخصصاً في العلوم الجنائية، فعمل بمؤهله العلمي في سلك الأمن العام وساهم في فك طلاسم العديد من الجرائم المعقدة وتخرج من تحت يده الكثير من ضباط التحقيقات الجنائية في السعودية. أما والدتها فهي المربية نجاة المطيري التي درست الكيمياء ثم عملت في تدريسها بمدارس البنات في الرياض. وقد أنجبت الأخيرة لزوجها، علاوة على غادة، كلاًّ من: د.خالد المطيري (طبيب تجميل وترميم)، ود.عامر المطيري (بروفيسور طب الأسرة)، ود. هبة المطيري (استشارية طب الأشعة)، ود. أحمد المطيري (أخصائي طب الأسنان).
وهكذا نجد أن كلا والديها ينتميان إلى قبيلة مطير، التي تعد من أكبر قبائل شبه الجزيرة، وتعود أصولها إلى غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية (بنو عبدالله وعلوى وبرية)، وكل قسم ينقسم إلى أفخاذ عديدة، وتقع ديارها ما بين الشمال الشرقي لشبه الجزيرة العربية، مروراً بنجد، وحتى أطراف الحجاز بالقرب من الحرة، علماً بأن أسرة الدكتورة غادة تنتمي إلى قسم الشباشرة من بني عبدالله. والمعروف أن قبيلة مطير لها ذكر طويل في أحداث ووقائع وحروب شبه الجزيرة العربية، والمعروف أيضاً أن القبيلة قدمت شخصيات كثيرة من تلك التي برزت في السياسة والاقتصاد والأدب وفي المجالات العسكرية والشرطية والأكاديمية في دول الخليج العربية، ولاسيما في السعودية والكويت.
بنت مطلق المطيري
كما أن ما سبق ذكره عن والديها يعني أن غادة نشأت وترعرت في ظل عائلة استثنائية تقدر العلم، وتحث على النجاح والمثابرة والابتكار، وتولي تربية الأبناء تربية صحيحة جلّ اهتمامها. وفي هذا السياق قالت غادة في الأحاديث والمقابلات التي أجريت معها، ولاسيما في برنامج «المختصر» من على شاشة MBC، ما مفاده أن والديها شجعاها هي وإخوتها على أن «نضع بصماتنا في الدنيا، وأن لا نعيش حياة مهملة. كان والدي إنساناً جدياً ذكياً ويتمتع بموهبة الفراسة، وكذا والدتي. وعلى الرغم من مطالبات القبيلة لوالدي بأن يعيدني إلى المملكة لاستكمال دراستي، إلا أنه لم يستمع لكلام الآخرين». ثم أضافت: «لم يقل لي والدي قط (لا)، كان يشعرني بأنني ذكية وأنني (بنت مطلق المطيري)، فكان مهماً بالنسبة لي أن أجعله فخوراً بي دائماً». وعن والدها قالت أيضاً: «حينما أنجب جدي أبي، وتوفيت زوجته، أخذ ولده من الحرة على ظهر جمل، حيث كان يعيش في بيت شعر، واستقر به في جدة، وهناك قام بالعمل في التجارة، ورغم أنه لم يكن يقرأ أو يكتب، إلا أنه كان يتمتع بذكاء وإصرار مكناه من النجاح، الأمر الذي ورثه عنه والدي، حيث إنه شبّ يتيم الأم، ومع ذلك كان مصراً على أن يتعلم، فسجل نفسه في المدارس آنذاك، بل إنه سجل أيضاً أخته لتتعلم لولا رفض جدي. كان والدي رحمه الله مجداً في التعلم وحين شبّ حصل على بعثة لأمريكا حيث تعلم هناك فنون التحقيق الجنائي.. الخ». وبقدر افتخارها بوالدها، الداعم الرئيسي لها، فإنها أعربت عن افتخارها بوالدتها نجاة التي وصفتها بالمعلم الأول وصاحبة الفضل الكبير عليها وعلى إخوتها وصانعة الخلطة السحرية لتفوقهم جميعاً لأنها نمّت فيهم مبدأ المسؤولية منذ الصغر وجسدت أمامهم صورة الأم الواعية المسؤولة، فكانت -رغم عملها وأعبائها الوظيفية- تعشق الجلوس وسطهم ولا تخرج إلا نادراً، ولا تلاحق عادات الزيارات وحضور حفلات الزفاف حتى الفجر، إنما كانت تستثمر وقتها لجني ثمار سهرها وتعبها، فكانت الحصيلة خمس شهادات دكتوراه نالها الأبناء الخمسة.
جامعة المؤسس رفضتها
حلمتْ غادة منذ سنواتها المبكرة بالعمل الميداني في تخصصي الكيمياء والفيزياء، فانكبت على قراءة الكثير من الكتب والمجلات والدراسات والبحوث عن تجربة المشاهير وسيرهم وأبحاثهم في هذين الحقلين، بل كانت في طفولتها تقتصد من مصروفها اليومي للإنفاق على شراء الأجهزة الإلكترونية لفك طلاسم عملها ومعرفة تركيباتها الداخلية. كانت وقتها تعيش مع والديها في صقيع الولايات المتحدة، فكان وصولها إلى مثل هذه الأشياء وغيرها متاحاً وسهلاً، خصوصاً مع تعدد القنوات التلفزيونية المخصصة للعلوم والاكتشافات. ومما لاشك فيه أن هذه البدايات رسخت لدى الطفلة غادة ميلها الفطري نحو العلوم وعززته. مع بلوغها سن دخول المدرسة، فضلت غادة أن تعود إلى السعودية لتتعرف على بلدها الأم وعلى عاداته وتقاليده الاجتماعية، وكي تنهل أيضاً من الثقافة العربية. فالتحقت بمراحل الدراسة الابتدائية والمتوسطة والثانوية في جدة، وأنهتها بنجاح. وقتها كانت تراودها فكرة دراسة الطب بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، لكن الجامعة لم تقبل طلبها، فانتقلت إلى العاصمة الرياض حيث عملت مدرسة لمدة سنة واحدة في إحدى المدارس الأهلية.
العمل 16 ساعة يومياً
بعد ذلك حدثت النقلة المفصلية في حياتها التي وضعتها في مصاف العلماء والمخترعين الموهوبين، حيث قررت العودة إلى الولايات المتحدة لتحقيق طموحاتها الدراسية الجامعية.
والتحقت في 1997 بكلية العلوم التابعة لجامعة أوكسيدنتال في لوس أنجيلوس بولاية كاليفورنيا التي منحتها بكالوريوس الكيمياء في عام 2000، ثم واصلت دراستها لنيل شهادة الماجستير والدكتوراه، فحصلت على الدكتوراه في كيمياء المواد -مع التركيز على إلكترون ديوكاليزاتيون والبنية الجزيئية- من جامعة «كاليفورنيا ريفر سايد» في عام 2005. لم تكتف غادة بكل هذا، ذلك أن شغفها المبكر بالعلوم وتحقيق إنجازات للبشرية دفعها لمواصلة دراسات ما بعد الدكتوراه في الكيمياء والهندسة الكيميائية ما بين عامي 2005 و2008، حيث عملت في جامعة كاليفونيا ـ بيركلي المرموقة مع البروفسور الأمريكي جان فريشيت في العديد من الأبحاث الخاصة بتكنولوجيات علم النانو. وفي عام 2008 انتقلت إلى جامعة كاليفورنيا في سان دييغو لتعمل أستاذة لمادة هندسة النانو وعلم المواد، ولتدير معملاً خاصاً بها قيمته أكثر من مليون دولار منحتها إياه ولاية كاليفورنيا، ولتتولى منصب مديرة مركز التميز في طب وهندسة النانو بنفس الجامعة (مركز تعاوني سريع ومتعدد التخصصات في مجال الأبحاث وتطوير أدوات لمستقبل علم الطب والأحياء). ما سبق من إنجازات أكاديمية حققتها لم تكن سوى ثمرة من ثمار اجتهادها الدؤوب. فقد كانت - بحسب قولها - «كنت أجلس في المعمل 16 ساعة متواصلة في اليوم، ودائماً ما أنصح طلابي ببذل جهد مضاعف قبل أن تأتي الالتزامات الأخرى في الحياة».
تحديد المشاكل والانطلاق نحو الحلول
كتبت صحيفة العرب اللندنية (6/3/2016) مقالاً مفصلاً عن أبحاثها التي لا تتوقف، فذكرت أنها طلبت قبل 10 سنوات من جراحي القلب تحديد المشكلة الكبرى التي تواجههم، لتجد أن جلهم أجمع على أن المشكلة الكبرى هي انسداد الشرايين الذي يؤدي إلى السكتات الدماغية، وتحديداً تراكم الدهون في جدار الشرايين مع التقدم في السن، قائلين إنهم لا يستطيعون تحديد وجود التهاب هناك من عدمه. فعملت غادة مع شقيقها الطبيب المتخصص في عمليات التجميل لإيجاد طريقة كيميائية جديدة لإزالة الدهون من الجسم. وفي أول مشاريعها مع جامعة كاليفورنيا عملت مع فريق عملها على مدى ثلاث سنوات في إنتاج مادة تتميز بالمرونة والقوة معاً لمساعدة المباني على تحمل العوامل الطبيعية مثل الزلازل، علما بأن هذا لم يكن المرة الأولى التي تعمل فيها في مجال بعيد عن الطب والأحياء، حيث سبق لها أن عملت خلال الفترة من 2000 إلى 2005 على تصنيع مادة بلاستيكية متميزة بالمرونة يستفيد منها الأطباء ورواد الفضاء وصناع الرسوم المتحركة، ويمكن استخدامها في صناعة الروبوت.
بعد ذلك وجهت غادة مشاريعها واهتمامها صوب الطب من خلال مركز الأبحاث الذي تترأسه وفريق العمل المتنوع الذي تقوده. فاهتمت أولاً بموضوع التطعيم من منطلق أن هناك أمراضاً (مثل الإيدز) لا يمكن فيها استخدام ميكانيكية التطعيم التقليدية أي قتل الفايروس ثم إدخاله للجسم كي يقوم الأخير بمقاومته، وبالتالي لا بد من تحويل التطعيم من استعمال الحقن إلى بخاخ عبر الفم. ثم واصلت فطرحت مشروعاً آخر يتمحور حول اكتشاف المرض مبكراً عبر رصد إشاراته وأعراضه. فالمرض قبل ظهور أعراضه بشكل واضح يتسبب للجسم بعدد من التغيرات الكيميائية، فإذا تعرفنا من الأطباء المختصصين بهذه التغيرات أمكن صناعة مواد تحدث تغييراً في بيئة المرض، وتعطينا إشارات لاحتمالية الإصابة بالمرض من عدمه، وبالتالي نكون في وضع أفضل للتعامل معه في وقت مبكر.
اهتمام دولي بأبحاث المطيري
مشروعها الطبي الثالث أثار اهتماماً دولياً واسعاً كونه اعتمد على الخلايا الجذعية، بمعنى أخذ هذه الخلايا وإضافة مواد إليها في وقت معين وبكمية محددة بحسب ما يريده العالم، الأمر الذي يساعد في عملية زراعة الأعضاء مثل خلايا الكبد أو خلايا عضلة القلب أو خلية مناعية.
أما مشروعها الرابع فتمحور حول إنتاج مواد نانوية جديدة لها خصائص فريدة لجهة تطبيقها في المجالات الطبية، مثل التحكم عن بعد في إطلاق مواد حيوية داخل الجسم، حيث استخدمت أشعة الليزر الأحمر التي تنفذ إلى الأنسجة الحية دون إيذائها في هدم بنى مواد نانوية تحتوي بداخلها على مواد حيوية كبروتينات مواد علاجية أو مواد تشخيصية لا تتفاعل وهي بداخل تلك البنى النانوية، ولكن عندما توجه إليها أشعة الليزر تتحرر المواد في المناطق المحددة وتقوم بعملها. وصفت غادة إنجازها هذا بالقول: «عندما أتممت هذه التقنية، لم أكن بعد قد عرفت كيفية تطبيقها في المجالات الطبية، ولكن لاحقاً طرحتُ فكرة استخدامها لمعالجة التنكس البقعي عن طريق حقن الجسيمات النانوية التي تحتوي على أدوية بداخلها ثم إطلاق الأدوية عن طريق إشعاع الليزر عن بعد، وأيضاً عن طريق توظيف هذه التقنية في المجالات البحثية، حيث تمكّن الباحثون من دراسة التفاعلات الحيوية بأماكن معينة ودقيقة».
من الأبحاث الأخرى التي عملت عليها استخدام جسيمات النانو المكونة من الذهب في عمليات شفط الدهون، حيث يتم تسخين تلك الجسيمات بمجرد تعرضها لليزر الأحمر بشكل يمكن التحكم به بشكل بالغ الدقة، فلو تم حقن تلك الجسيمات في النسيج الدهني ثم تسخينها بشكل متحكم به لإذابة الدهون سيتم التخلص من الآثار الجانبية لعمليات شفط الدهون التقليدية، وأيضاً ستكون أسرع بكثير وتشد تلك الجسيمات البشرة بعد إذابة الدهون.
ابتكار «الفوتون»
ومن ابتكاراتها التي جعلت اسمها بارزاً على لائحة المخترعين الجدد في الولايات المتحدة، استخدام الضوء بدلاًمن المبضع في العمليات الجراحية، حيث استطاعت اكتشاف معدن يُمكّن أشعة الضوء من الدخول إلى جسم الإنسان في رقائق تسمى «الفوتون»، بما يسهل معه الدخول إلى الخلايا دون الحاجة إلى عمليات جراحية، وبما يساعد على التحكم في أعضاء داخل الجسم دون الدخول إليه، كما يتحكم أيضاً في وقت العملية، باستخدام نوع من الضوء من أسهل وأرخص أنواع الأشعة، يدخل إلى الجسم والأعضاء دون امتصاصه، فإذا كان هناك شخص ما مصاب بالسرطان مثلاً، يمكن عبر هذه الأشعة الدخول إلى منطقة المرض والقضاء على السرطان دون فتح الجسم وبلا ضرر.
زوبعة الحجاب وأسلوب حياة غادة
جل أبحاث وإنجازات المطيري العلمية لم تشفع لها أمام بعض المتشددين الذين غضوا الطرف عن أبحاثها وإنجازاتها وتوقفوا أمام قضية حجابها وسفورها. لم تكترث غادة بتلك الزوبعة، لكنها عندما تمّت مواجهتها بها خلال استضافتها في برنامج «المختصر» (مصدر سابق)، ردت قائلة:«إنها لم ترتد الحجاب في الخارج لأنها لم ترد لفت الانتباه وسط مجتمعها الدراسي، وأنها ارتدته حينما عادت إلى السعودية لأنها أيضاً لم ترد أن تلفت الانتباه أو تكون مختلفة عن بنات وطنها، لكنها فوجئت بمن يتهمها بالنفاق وأنها ذات وجهين». وأضافت أنها ليست بوجهين وتعيش حياة صريحة وليس عندها ما تخفيه ولذا قررتْ ألا ترتدي الحجاب كيلا تكون منافقة. ثم استطردت فقالت: «الجميع طيب معي لكن أنا على فطرتي ولا أسيء لأحد في مجتمعنا وهذه نظرتي الشخصية».
هذا الرد الصريح الصادق كان كفيلاً بوقوف الكثير من المثقفين السعوديين إلى جانبها، واصفين إياها بالمفخرة السعودية وقائلين إن عدم ارتدائها الحجاب لا يقلل من قيمتها العلمية والأخلاقية بدليل استضافتها رسمياً في أرفع مؤتمر علمي سعودي، وذلك في إشارة إلى مشاركتها في منتدى التنافسية الدولي التاسع بالرياض في يناير 2016 كمتحدثة.
ونختتم بالحديث عن بعض الجوائز والتكريمات التي حصلت عليها في مشوارها العلمي والبحثي، ففي عام 2009 حصدت جائزة الابتكارات الجديدة لمدير المعهد الوطني للصحة، وجائزة مؤسسة فرما، وجائزة مجلة الكيمياء (ثيما). وفي عام 2012 نالت جائزة المحققين الشباب في المؤتمر العالمي للمواد الحيوية المنعقد في تشنغدو بالصين. وفي عام 2014 منحت جائزة المجتمعات الكيميائية للباحث النشيط من قبل الجمعية الملكية للكيمياء. وفي عام 2016 نالت زمالة «كافلي» للأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم. إلى ذلك تمت دعوتها للتحدث والمشاركة في الجامعات والمؤتمرات في دول مختلفة من العالم. على أن أعظم تقدير حظيت به كان تلقيها جائزة الإبداع العلمي من قبل أكبر منظمة أمريكية لدعم البحث العلمي وهي منظمة HIN التي منحتها جائزتها المتميزة بقيمة 3 ملايين دولار والتي تمنح لأفضل مشروع بحثي من بين عشرة آلاف باحث وباحثة.