كتاب ومقالات

رسائل الخير

فاتنة عبيد

فاتنة عبيد

حينما تكون شاذا بفكرك، قيمك، مبادئك، فأعلم أنك مختلف عن مجتمع اعتاد على النسخ.

كن متأكدا أن أفعالك وأقوالك وحتى نواياك هي من تحدد من أنت، تحدد الخير الذي فيك، فقد تكون تلك الأقوال أو الأفعال بسيطة بالنسبة لك ولكنها عظيمة حينما تؤثر بالغير.

الخير لا يقتصر على فعل معين أو إنفاق ما تقتضيه الأحوال، إنما يبدأ من السعي الداخلي لَه.قد تمتلك جميع مقومات الإنفاق المادية وتفتقر إلى الروحانية في وقت أصبح الإنفاق الروحاني مطلبا مهما لقلوب هشة ولأفعال متناقضة.

حاول السعي بينهم وأكثر من الروحاني، المبتدئ بالأخلاق والمنتهي بإحسان الظن. وأعلم أن ابتسامتك قد تغير من حالة الوضع التي يشعر بها الآخرون من حزن ويأس إلى سرور، أعلم أيضا أن كلماتك هي شفاء لثغرة ظنونهم، لارتياح قلوبهم. قال سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم (فإذا قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن يغرسها فليفعل).

وهنا تأكيد على أن الخير لا ينتهي بزمان أو مكان ولكنه يعد علامة على امتلاء الخير وإن تغير الحال وتبدل الزمان ووُلدت أجيال.

هناك أمور تشرح بالنوايا وتبتعد عن المضاهاة والرياء الممتلئ بالمجالس والغائب عن النوايا، الذي يجمل لك الخير وإن صغر ويجعلك تتباهى به إن استمر.

الخير لم يقتصر على فعل معين أو على قول محدد، الفسيلة التي تغرس قد تكون لا شيء ولكنها سبب لإحياء أرضَ بعد ذبولها إن غرست بإحكام، هكذا الخير إن جرى مجراه وصدقت النية أحيا قلوبا ورمرم أجسادا كانت بحاجة إليه وإلى أناسه وأقواله وأفعاله.

كن مؤمنا برسائل الله الخفية، وأعلم أن الرسالة تأتي على هيئة رسالة إلى هاتفك، ابتسامة عابرة، عبارة تفاؤل أنقذت شعور الضيق بك، أو بمنظر يجعلك تنطق الحمد لله، أو بآخر يجعلك تستشعر أن لا حياة دون ابتلاء، إن شعرت بتلك الرسائل حاول أن تعيد إرسالها مرة أخرى للغير.

لا تنتظر أن تعلم من خلف الخير الذي تقدمه، من اسم ومنصب وجاه وعلاوة، اجعل هدفك فقط إعمار الخير، وإن قل بالأفعال ولكنه كثر بالأقوال.

واعلم أن الله أحيانا يرسلك إلى قلب نهشته الآلام لترميم جروحه بقولك لا تحزن إن الله معنا وحاشا الكريم أن يتركك وقلبك شقيين من دونه.

يرسلك أيضا، بلسما لتجعل روحا تبتسم بعد مدة من الحزن، يرسلك لتغير أحدهم للأفضل، يرسلك برسائل كثيرة فقط كن منتبها لتلك الرسائل. أخيرا لا تهتم بحياة تقتضي المادة وتنتهي بالمعايرة، بل اهتم بالجوانب الروحانية وابتعد عن كل ما يجعلك تلقي الألقاب والمسميات وأنت ليست لك صلاحية بذلك. استثمر بالخير وإن قل، فتجارة الخير باقية.