اختراق نفسي
الأربعاء / 12 / ربيع الأول / 1442 هـ الخميس 29 أكتوبر 2020 00:07
أريج الجهني
تخيل أن تشتكي من ألم في أسنانك وتذهب لطبيب عيون؟ أو أن تؤلمك معدتك ويقيمك طبيب عظام؟ هذا ما يحدث تماماً عندما يحاول الجميع من مختلف التخصصات والاتجاهات والدرجات العلمية وغير العلمية التطفل على (العلاج النفسي)، كنت أظن لوهلة أننا تجاوزنا مفهوم (الوصمة المجتمعية) تجاه من يذهب للطبيب النفسي حتى تفاجأت بحديث عابر لشخص يحمل درجة علمية يهاجم الأطباء النفسيين ويدعي أن الذهاب لهم بداية الإدمان وبقية الاتهامات المعتادة التي تجعل العبء مضاعفا، سواء على المريض أو أسرته.
الملفت أن هناك جهات حكومية تقود المشهد وبشجاعة علمية تستحق الإشادة على رأسها النيابة العامة التي تغرد منفردة في فهم دقيق لأهمية الجانب النفسي؛ حيث حضر هذا الجانب بوضوح في لقاء (اسأل النيابة) وتطرق المختصون لوجود حالات (إيذاء نفسي) تمتد للجسدي وهذه اللغة بحد ذاتها نقلة نوعية مطمئنة لاستمرار الجهود التوعوية لحماية الأفراد والجماعات من كافة أشكال الإيذاء، بلا شك أننا عشنا لسنوات في تغييب متعمد لهذا الجانب، لكن مثل هذا التبني الحكومي رفيع المستوى وتكاتف جهات حقوقية مثل (حقوق الإنسان ومجلس الأسرة) أيضا تحولات هامة ومفترق طريق.
التحدي الحقيقي هو هل سيتم تمكين المختصين من مباشرة الحالات التي تستدعي التدخل النفسي، ما حال الفتيات في دور الرعاية التي ننتظر قرار إغلاقها، وما دور الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في صناعة وعي وقائي يحفظ للفرد الحق في طلب الاستعانة بمختص نفسي، طالبت سابقا بتجريم من يربط كل جريمة بالمرض النفسي بما فيها الصحف ووسائل الإعلام، فهل ستتخذ النيابة هذه الخطوة وتعلن صناعة دليل نفسي وطني تتشارك به وزارة التعليم ووزارة الصحة؟ كونها الجهات الأساسية في بناء اتجاهات عملية لصحة نفسية أفضل.
أخيرا أجد أن هناك اختراقا حقيقيا لعلم النفس بالمجمل، وقد يكون داخليا أو خارجيا، بل قد تجد من بعض الممارسين من لا يتردد بتعزيز الوصمة والمحاكمة لمريضه، وهذا يستدعي سؤالا آخر هل يوجد ميثاق أخلاقي خاص بالمعالجين النفسيين؟ وإلى أي مدى تدخل المعتقدات الثقافية لدى الطبيب في معالجة مريضه؟ الصحة النفسية والعقلية قضية أمنية دقيقة جدا، ومنظومة متكاملة أشعر بالأسف حينما أرى غياب ممثلي هذا القطاع في المحافل والاجتماعات بل حتى داخل المنظمات، في الجامعات العالمية توجد وحدات (خط مجاني) لرعاية الطلبة ودعمهم نفسيا، من يتعلم بالخارج ويعود سيفهم جدا ما أعني وسيدرك خطورة التخلي عن تمهين ومأسسة القطاع النفسي بشكل أكثر وضوحا وأكثر فعالية.
حتى تتم ترسية هذا المشروع الوطني الذي يفترض أن يتبناه (برنامج جودة الحياة التابع لرؤية ٢٠٣٠)، تذكر أن لنفسك عليك حقا وأن مسامحة النفس ورعايتها ليست رفاهية وأن إخراج الشخصيات السامة من حياتك ضرورة لا تحتمل التأجيل ولا تأبه بما يظنه الناس عنك اتجه لمختص وتحدث في جو آمن بعيدا عن قلوب الناس المتقلبة وألسنتهم السليطة والخائنة، كافئ نفسك وتسلح بالمعرفة والمرح والكثير من اللامبالاة.
كاتبة سعودية
areejaljahani@gmail.com
الملفت أن هناك جهات حكومية تقود المشهد وبشجاعة علمية تستحق الإشادة على رأسها النيابة العامة التي تغرد منفردة في فهم دقيق لأهمية الجانب النفسي؛ حيث حضر هذا الجانب بوضوح في لقاء (اسأل النيابة) وتطرق المختصون لوجود حالات (إيذاء نفسي) تمتد للجسدي وهذه اللغة بحد ذاتها نقلة نوعية مطمئنة لاستمرار الجهود التوعوية لحماية الأفراد والجماعات من كافة أشكال الإيذاء، بلا شك أننا عشنا لسنوات في تغييب متعمد لهذا الجانب، لكن مثل هذا التبني الحكومي رفيع المستوى وتكاتف جهات حقوقية مثل (حقوق الإنسان ومجلس الأسرة) أيضا تحولات هامة ومفترق طريق.
التحدي الحقيقي هو هل سيتم تمكين المختصين من مباشرة الحالات التي تستدعي التدخل النفسي، ما حال الفتيات في دور الرعاية التي ننتظر قرار إغلاقها، وما دور الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في صناعة وعي وقائي يحفظ للفرد الحق في طلب الاستعانة بمختص نفسي، طالبت سابقا بتجريم من يربط كل جريمة بالمرض النفسي بما فيها الصحف ووسائل الإعلام، فهل ستتخذ النيابة هذه الخطوة وتعلن صناعة دليل نفسي وطني تتشارك به وزارة التعليم ووزارة الصحة؟ كونها الجهات الأساسية في بناء اتجاهات عملية لصحة نفسية أفضل.
أخيرا أجد أن هناك اختراقا حقيقيا لعلم النفس بالمجمل، وقد يكون داخليا أو خارجيا، بل قد تجد من بعض الممارسين من لا يتردد بتعزيز الوصمة والمحاكمة لمريضه، وهذا يستدعي سؤالا آخر هل يوجد ميثاق أخلاقي خاص بالمعالجين النفسيين؟ وإلى أي مدى تدخل المعتقدات الثقافية لدى الطبيب في معالجة مريضه؟ الصحة النفسية والعقلية قضية أمنية دقيقة جدا، ومنظومة متكاملة أشعر بالأسف حينما أرى غياب ممثلي هذا القطاع في المحافل والاجتماعات بل حتى داخل المنظمات، في الجامعات العالمية توجد وحدات (خط مجاني) لرعاية الطلبة ودعمهم نفسيا، من يتعلم بالخارج ويعود سيفهم جدا ما أعني وسيدرك خطورة التخلي عن تمهين ومأسسة القطاع النفسي بشكل أكثر وضوحا وأكثر فعالية.
حتى تتم ترسية هذا المشروع الوطني الذي يفترض أن يتبناه (برنامج جودة الحياة التابع لرؤية ٢٠٣٠)، تذكر أن لنفسك عليك حقا وأن مسامحة النفس ورعايتها ليست رفاهية وأن إخراج الشخصيات السامة من حياتك ضرورة لا تحتمل التأجيل ولا تأبه بما يظنه الناس عنك اتجه لمختص وتحدث في جو آمن بعيدا عن قلوب الناس المتقلبة وألسنتهم السليطة والخائنة، كافئ نفسك وتسلح بالمعرفة والمرح والكثير من اللامبالاة.
كاتبة سعودية
areejaljahani@gmail.com