أخبار

ليل طويل.. وبَرْد.. وقلق تفضحه العيون !

عكاظ ترصد المخاوف والقيود التي تكبل الأُسر في بريطانيا

عدد ضئيل من الركاب في محطة بانك لقطارات المترو في لندن التي كانت مزدحمة دوماً.

ياسين أحمد (لندن) OKAZ_online@

لا يحتاج من يقيم في لندن إلى «ثلاجة» ليضع فيها أعصابه، وسط تفاقم مخيف في الأزمة الصحية التي تجتاح الجزر البريطانية، في تسارع مريع لتفشي فايروس كورونا الجديد. فقد بدأ الشتاء فعلياً. وتم تغيير التوقيت من الصيفي إلى الشتوي. ليل طويل.. ونهار لا يعرف شمساً. ولم يعد بمستطاع الإنسان شيء سوى التفكير إلى ما لا نهاية في مصيره، ومصير بريطانيا تحت وطأة هذه الحال المائلة. فقد كشفت البيانات الأخيرة أن عدد الوفيات جراء كوفيد-19 من حيث عدد السكان أكبر في بريطانيا منه في الولايات المتحدة. ويموت بكوفيد-19 نحو 180 شخصاً يومياً في بريطانيا. وسجلت بريطانيا الأربعاء الماضي 26.688 إصابة جديدة، هي الأعلى خلال الأسبوع الماضي. ويقول خبراء إن العدد الحقيقي للإصابات الجديدة أكبر بكثير مما هو معلن، وذلك بسبب الإخفاقات في الفحوص.

لكن الأرقام ليست وحدها سبباً لما يشبه الجنون الذي يعتري سكان بريطانيا. فهم يستيقظون كل صباح ليعرفوا هل حدث أي تغيير في تصنيف حيهم، أو مدينتهم، أو بلدتهم ضمن الطبقات التي حددتها حكومة بوريس جونسون، وفي ضوئها يتم اتخاذ تدابير احترازية تختلف من طبقة إلى أخرى. وآخر تلك الأوضاع المزرية إعلان الحكومة وضع مدينة نوتنغهام، ومناطق غيدلنغ، وبروكستو، ورشكليف، وأورينغتون ضمن الطبقة الثالثة. ويعني ذلك أنه سيكون على سكان هذه المناطق اعتباراً من منتصف ليل الخميس عدم الاختلاط بأي شخص لا يقيم معهم، أو لم يُسجّل لدى السلطات باعتباره مقرّباً إلى الأسرة، بحيث يمكنه زيارتها. وسيكون ممنوعاً عليهم اللقاء بأي شخص في أي حديقة خاصة، أو في أي دار للضيافة، كالفنادق، والحدائق العامة. وسيصبح محظوراً عليهم السفر إلى أية منطقة مصنفة باعتبارها عالية المخاطر الوبائية، باستثناء العمل، أو التعليم، أو رعاية شخص مريض أو مسن. ويتعين على أي شخص اضطر لمغادرة منطقته أن يمتنع عن قضاء الليلة في المنطقة التي وصل إليها. ومن ناحية عملية، فإن ما قد يصل إلى 8 ملايين بريطاني باتوا يخضعون الآن لقيود احترازية مشددة، في مسعى من الحكومة إلى إبطاء تسارع التفشي الوبائي. ويلقي غالبية البريطانيين باللائمة على جونسون وحكومته، لمسارعتهما إلى رفع القيود التي فرضت في الربيع الماضي، قبل أدلة كافية على انحسار التفشي الفايروسي. وأعقبت ذلك سلسلة من الإجراءات التي شملت إعادة فتح المدارس، والمحلات التجارية، وتشجيع الناس على العودة للعمل من مكاتبهم وشركاتهم. وتشمل المدن الخاضعة لقيود الطبقة الثالثة ليفربول، ومانشستر، ومقاطعتي لانكشاير، ويوركشاير الجنوبية. ويخضع نحو 19 مليون بريطاني للإجراءات التقييدية التي تنص عليها الطبقة الثانية بحسب النظام الذي استحدثته الحكومة أخيراً. ويمنع على هؤلاء استقبال أي زائر في البيت، حتى لو كان من أعزّ الأصدقاء.

ويقاوم سكان إنجلترا أي اتجاه إلى إعادة فرض الإغلاق، بدعوى أنه أدى إلى تدمير الاقتصاد خلال الربيع الماضي. لكن مناطق أخرى في بريطانيا تخضع لإغلاق مشدد. أبرزها مقاطعة ويلز، التي تقرر إغلاقها لمدة 17 يوماً، قابلة للتمديد. وهو إغلاق مخيف جداً؛ إذ إن حكومة ويلز أمرت محلات السوبرماركت بتغطية أرفف البضائع التي تعتبر غير أساسية. ويعني ذلك أنك لن تستطيع شراء موسى للحلاقة، ولا قميص جديد، ولا لعبة لطفلك أو طفلتك. وتقضي إجراءات التصنيف ضمن الطبقة الأولى بمنع التقاء أكثر من 6 أشخاص، ومنع التجول من العاشرة ليلاً حتى الفجر، وألا يزيد عدد المدعوين إلى حفلات الزواج على 15 شخصاً. أما بالنسبة إلى الطبقة الثانية، فممنوع بموجبها اختلاط أي شخص بآخر خارج الأسرة. ويشترط مراعاة التباعد الجسدي على الدوام. ولكن يسمح للعاملين في السباكة والكهرباء بدخول المنازل للقيام بالإصلاحات المطلوبة. وفي الطبقة الثالثة على المطاعم إغلاق أبوابها عند العاشرة مساء. ويتعين إغلاق المطاعم والمقاهي. ولا يسمح للشخص بمغادرة منزله، إلا للأشياء الضرورية. وغير مسموح للعائلات بالتزاور، والاختلاط داخل المنازل وخارجها.