الخيار الإسلامي السعودي
الأحد / 16 / ربيع الأول / 1442 هـ الاثنين 02 نوفمبر 2020 00:04
محمد الساعد
يجب أن لا يذهب الإعلام والمؤسسات الغربية التي تفتي من رأسها وتضع تصوراتها للواقع في المملكة بعيداً، وكأنها جزء من القرار السياسي والاجتماعي في رؤيتهم للسعودية الحديثة التي انطلقت بعد العام 2015، واستندت على معادلة التطوير ورؤية 2030، فهم يرون مظاهر التحديث فقط، لكنهم لا يفهمون المعادلة السعودية التي لم تتبدل كثيرا والتي بقيت وستبقى وفية لمبادئها الإسلامية والعربية.
فلا قيادة المرأة للسيارة ستغيرها، ولا تدفق السياح للمدن التاريخية والتراثية سيفقدها هويتها، فالمرأة في المملكة كانت تقود بشكل غير رسمي في كثير من النواحي والبوادي ومقبول اجتماعياً ورسمياً وبقي ذلك لعقود طويلة قبل أن ينظم رسميا، ولا الحفلات الفنية ستحول المملكة إلى هوليوود، ومنذ سنوات والحفلات تقام في الطائف وجدة والرياض وأبها والكثير، بل إن تاريخ الجزيرة العربية يحتفي بالغناء والموسيقى منذ القدم، وما حفلات سكينة بنت الحسين ببعيدة التي أقامتها في نواحي مكة قبل 1400 عام.
إذن كل هذه المظاهر لا تعني سوى إكمال مسيرة التحديث التي بدأت في البلاد منذ توحيدها على أيدي المغفور له الملك عبدالعزيز، رحمه الله، وكما كان في عهد كل ملك حزمة من التحديثات التي تتناسب وحاجة البلاد والقبول الشعبي لها، ففي العهد السلماني أيضا مجموعة تحديثات أخرى وسيتبعها الكثير مسايرة للحياة والحاجة البشرية.
لكن المهم في ذلك كله أن «السعودية ستبقى هي السعودية» محافظة على خيارها الإسلامي وفضائها العربي وهويتها الوطنية الضاربة جذورها في صحاري وجبال ووديان وهضاب وسواحل الجزيرة العربية، لها نكهتها الخاصة وتراثها الأصيل، ولن تتخلى عن قيمها ومسارها الذي اختطته لنفسها منذ نشوء الدعوة الإصلاحية في الدرعية قبل 300 عام، مناصرة لقضايا أمتها ومسترشدة بنهج المدينة النبوية قبل 1400 عام، وستكون ملاذ المسلمين الوسطيين ومنبع أفكار التسامح والتعايش.
هل انتهت موجة التحديث التي قادتها الرؤية السعودية في البلاد، بالتأكيد لا، ولكن الكثير منها أنجز وساهم في تحقيق المعادلة الاجتماعية والاقتصادية الطموحة، وتحولت البلاد إلى ورشة عمل كبرى، أنجزنا من خلالها الكثير وربما بقي القليل، وهنا يأتي ما يسمى بالأولويات، إذ تتقدم قضايا وتتسارع أخرى أكثر من السابق حسب التقدير السياسي.
فإعادة هيكلة المؤسسات الإسلامية والعربية، وبناء المواقف من خلالها، لا يعني استدراكا بل مواصلة لمسيرة العمل الإسلامي التي بدأت منذ دعا الملك عبدالعزيز إلى أول مؤتمر إسلامي في ذي القعدة 1344هـ الموافق 1926، حيث انعقد في مكة المكرمة برئاسته فكان بذلك المؤسس الأول لهذه المنظمة الإسلامية، ومعلنا ريادة الرياض وأسبقيتها في العمل على تبني مصالح العالم الإسلامي وقيادته.
اليوم يطل اليسار الغربي المتوحش برأسه دون خجل ولا دبلوماسية ليس على العالم الآخر بل حتى داخل عالمه هو، وما يحصل في شوارع بعض الدول الغربية إلا رسائل يجب أن يعيها الجميع، حول طبيعة هذا التيار وعمى بصيرته لو انتصر، وهو لا يعطي الشعوب والدول أي خيار فإما أن تكون معه أو تصبح عدوه اللدود ويشعل الحروب ضدك ومن حولك، مستخدما آليات جديدة في الاعتداء على القيم ومحاولة تغيير أعراف الشعوب وربما أديانها وفرض رؤيته المنحلة عليها، فلأول مرة ينزل اليسار الغربي إلى ميدان المعركة بنفسه بعدما كان يقاتل من خلال المنظمات أو المؤسسات الإعلامية، التي لطالما سعت إلى تسويق قيم الشذوذ وحرية الجنس... إلخ.
فهل سيكون الصدام بين الحضارة الإسلامية والقيم «اليسارية» حتميا- ولا أقول هنا الغربية فهناك الكثير من المحافظين في الغرب ممن لا يتفقون مع قيم وممارسات اليسار المنحلة.
في رأيي إن ذلك الصدام أصبح حتميا بل ورأينا ملامحه في كثير من الزوايا، وبدأ العالم في أخذ صفوفه والانحياز لضفة دون الأخرى، وسيكون بلا شك صداما عنيفا ولن تقبل أي أمة أن تتحلل من دينها وقيمها من أجل الانخراط في مشروع عدمي حيواني يريد حكم العالم من خلال السيطرة على عقول وحياة الناس وتحويلهم إلى عبيد ضمن قيمه اليسارية.
وستكون أفضل طريقة لمقاومة ذلك التوحش اليساري القادم هي التمسك بالقيم العربية والإسلامية والاحتماء بها، وتأصيلها والبناء عليها وتحويلها إلى ذخيرة للتصدي لمشروع لا يسعى للتعايش بل للتدمير، فإما نكون أو لا نكون.
كاتب سعودي
massaaed@
فلا قيادة المرأة للسيارة ستغيرها، ولا تدفق السياح للمدن التاريخية والتراثية سيفقدها هويتها، فالمرأة في المملكة كانت تقود بشكل غير رسمي في كثير من النواحي والبوادي ومقبول اجتماعياً ورسمياً وبقي ذلك لعقود طويلة قبل أن ينظم رسميا، ولا الحفلات الفنية ستحول المملكة إلى هوليوود، ومنذ سنوات والحفلات تقام في الطائف وجدة والرياض وأبها والكثير، بل إن تاريخ الجزيرة العربية يحتفي بالغناء والموسيقى منذ القدم، وما حفلات سكينة بنت الحسين ببعيدة التي أقامتها في نواحي مكة قبل 1400 عام.
إذن كل هذه المظاهر لا تعني سوى إكمال مسيرة التحديث التي بدأت في البلاد منذ توحيدها على أيدي المغفور له الملك عبدالعزيز، رحمه الله، وكما كان في عهد كل ملك حزمة من التحديثات التي تتناسب وحاجة البلاد والقبول الشعبي لها، ففي العهد السلماني أيضا مجموعة تحديثات أخرى وسيتبعها الكثير مسايرة للحياة والحاجة البشرية.
لكن المهم في ذلك كله أن «السعودية ستبقى هي السعودية» محافظة على خيارها الإسلامي وفضائها العربي وهويتها الوطنية الضاربة جذورها في صحاري وجبال ووديان وهضاب وسواحل الجزيرة العربية، لها نكهتها الخاصة وتراثها الأصيل، ولن تتخلى عن قيمها ومسارها الذي اختطته لنفسها منذ نشوء الدعوة الإصلاحية في الدرعية قبل 300 عام، مناصرة لقضايا أمتها ومسترشدة بنهج المدينة النبوية قبل 1400 عام، وستكون ملاذ المسلمين الوسطيين ومنبع أفكار التسامح والتعايش.
هل انتهت موجة التحديث التي قادتها الرؤية السعودية في البلاد، بالتأكيد لا، ولكن الكثير منها أنجز وساهم في تحقيق المعادلة الاجتماعية والاقتصادية الطموحة، وتحولت البلاد إلى ورشة عمل كبرى، أنجزنا من خلالها الكثير وربما بقي القليل، وهنا يأتي ما يسمى بالأولويات، إذ تتقدم قضايا وتتسارع أخرى أكثر من السابق حسب التقدير السياسي.
فإعادة هيكلة المؤسسات الإسلامية والعربية، وبناء المواقف من خلالها، لا يعني استدراكا بل مواصلة لمسيرة العمل الإسلامي التي بدأت منذ دعا الملك عبدالعزيز إلى أول مؤتمر إسلامي في ذي القعدة 1344هـ الموافق 1926، حيث انعقد في مكة المكرمة برئاسته فكان بذلك المؤسس الأول لهذه المنظمة الإسلامية، ومعلنا ريادة الرياض وأسبقيتها في العمل على تبني مصالح العالم الإسلامي وقيادته.
اليوم يطل اليسار الغربي المتوحش برأسه دون خجل ولا دبلوماسية ليس على العالم الآخر بل حتى داخل عالمه هو، وما يحصل في شوارع بعض الدول الغربية إلا رسائل يجب أن يعيها الجميع، حول طبيعة هذا التيار وعمى بصيرته لو انتصر، وهو لا يعطي الشعوب والدول أي خيار فإما أن تكون معه أو تصبح عدوه اللدود ويشعل الحروب ضدك ومن حولك، مستخدما آليات جديدة في الاعتداء على القيم ومحاولة تغيير أعراف الشعوب وربما أديانها وفرض رؤيته المنحلة عليها، فلأول مرة ينزل اليسار الغربي إلى ميدان المعركة بنفسه بعدما كان يقاتل من خلال المنظمات أو المؤسسات الإعلامية، التي لطالما سعت إلى تسويق قيم الشذوذ وحرية الجنس... إلخ.
فهل سيكون الصدام بين الحضارة الإسلامية والقيم «اليسارية» حتميا- ولا أقول هنا الغربية فهناك الكثير من المحافظين في الغرب ممن لا يتفقون مع قيم وممارسات اليسار المنحلة.
في رأيي إن ذلك الصدام أصبح حتميا بل ورأينا ملامحه في كثير من الزوايا، وبدأ العالم في أخذ صفوفه والانحياز لضفة دون الأخرى، وسيكون بلا شك صداما عنيفا ولن تقبل أي أمة أن تتحلل من دينها وقيمها من أجل الانخراط في مشروع عدمي حيواني يريد حكم العالم من خلال السيطرة على عقول وحياة الناس وتحويلهم إلى عبيد ضمن قيمه اليسارية.
وستكون أفضل طريقة لمقاومة ذلك التوحش اليساري القادم هي التمسك بالقيم العربية والإسلامية والاحتماء بها، وتأصيلها والبناء عليها وتحويلها إلى ذخيرة للتصدي لمشروع لا يسعى للتعايش بل للتدمير، فإما نكون أو لا نكون.
كاتب سعودي
massaaed@