«الإخوان».. سرطان القرن !
الأحد / 16 / ربيع الأول / 1442 هـ الاثنين 02 نوفمبر 2020 00:04
نجيب يماني
لا يحتاج الأمر إلى كثير بحث وعناء لإدراك أنّ جماعة «الإخوان المسلمين» هي الأب الروحي لكافة الجماعات المتطرفة، والكيانات والتشكيلات الإرهابية، كـ«القاعدة» و«داعش» و«التكفير والهجرة»، وغيرها من التنظيمات التي وجدت في هذه الجماعة ما يسند توجهها المارق هذا سواء على مستوى المهاد التنظيري، أو الدعم اللوجستي، أو الإسناد التبريري، ولا أقول الفقهي.
فعلى مستوى المهاد التنظيري، يمكن الرجوع إلى المرتكزات الأيديولوجية التي نظّر لها مؤسّس الجماعة حسن البنّا، وأعلن عنها في المؤتمر الخامس للجماعة، بقوله: «الإخوان المسلمون يجعلون فكرة الخلافة والعمل لإعادتها في رأس منهاجهم»، متسقاً في هذا مع الأهداف الأوّلية التي وضعتها الجماعة بالسعي نحو تغيير المجتمعات عبر استلام السلطة، أيّاً كانت الوسيلة المتبعة لتحقيق هذه الغاية، مستهدية في ذلك بالنهج الميكافيللي، ومتسقة أيضاً مع مفهوم «التقية» لدى «الصفويين»، ولهذا نشطت منذ تأسيسها في مارس 1928م -أي ما يقارب القرن بحساب السنوات- على خلخلة البنى التحتية للمجتمعات بخطاب ابتزازي مخاتل، يضرب على وتّر الشعارات الدينية البرّاقة، محركاً مشاعر الحنين الغامض والمشاعر الفوّارة لدى اليفّع وحدثاء الأسنان بإقامة «الخلافة الإسلامية»، ويتبع ذلك خطاب جعل من انتقاد الحكومات سبيله، وتجييش «القطيع» المنقاد معها ضد السياسات التي تمضي عليها، والدعوة إلى تطبيق أحكام الشريعة، وتحكيم آي القرآن الحكيم، في سياق دعائي، رافقه خطاب تكفيري، اعتمد على لي أعناق النصوص، وشحنها بحمولة الطموحات السياسية للجماعة، الأمر الذي وجد له سوقاً رائجةً لدى الشباب وصغار السن.
ولم يقف الأمر عند الخطاب الديماجوجي المستهدف للأنظمة الحاكمة؛ بل دخل دوامة العنف عبر إنشاء «الجماعة» تنظيما خاصا قام باغتيالات شهيرة، أبرزها اغتيال محمود فهمي النقراشي، والقاضي أحمد الخازندار، وأحمد ماهر، وغيرهم ممن كانوا يحذرون باكراً من هذه الجماعة وتوجهها الآثم.. غير أن التحوّل الأيديولوجي الأخطر للجماعة جاء على يد سيد قطب، الذي وسّع دائرة التكفير ولم يقصرها على الأنظمة الحاكمة، بل دمغ بها مجتمع المسلمين بالكلية، حيث رماها بالارتداد إلى الجاهلية صراحة، وذلك في كتابه الشهير «معالم في الطريق»؛ حيث يقول فيه: «يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها مسلمة.. لا لأنها تعتقد بألوهية أحد غير الله، ولا لأنها تقدم الشعائر التعبدية لغير الله، ولكنها تدخل في هذا الإطار لأنها لا تدين بالعبودية لله وحده في نظام حياتها. فهي وإن لم تعتقد بألوهية أحد إلا الله تعطي أخص خصائص الألوهية لغير الله، فتدين بحاكمية غير الله، فتتلقى من هذه الحاكمية نظامها، وشرائعها، وقيمها، وموازينها، وعاداتها، وتقاليدها.. موقف الإسلام من هذه المجتمعات الجاهلية كلها يتحدد في عبارة واحدة: أن يرفض الاعتراف بإسلامية هذه المجتمعات كلها».
إن هذا المجتزأ وغيره كثير في «معالم سيد قطب» هو من مهّد لنشوء هذه الجماعات المتطرفة، والتنظيمات الإرهابية، فقد أعطاها السند والمبرر الذي تبحث عنه، لتتراحب في فهمه بأقصى ما تجد من سطوة وقدرة على الخروج والعصيان، فها هو سيّد قطب قد حرضها قديماً بقوله في ذات «المعالم»: «إنه لا نجاة للعصبة المسلمة في كل أرض من أن يقع عليها العذاب إلا بأن تنفصل عقيديّاً وشعوريّاً ومنهج حياة عن أهل الجاهلية من قومها، حتى يأذن الله لها بقيام دار إسلام تعتصم بها، وإلا أن تشعر شعوراً كاملاً بأنها هي الأمة المسلمة، وأن ما حولها ومن حولها ممن لم يدخلوا فيما دخلت فيه جاهلية، وأهل جاهلية».
إن الغاية التي سعى إليها الإخوان قديماً، ويسعون إليها حديثاً، هي السلطة ما عرفوا إليها سبيلاً، وهي ذات المحركات التي تنهض على قوائمها «القاعدة» و«داعش»، وفي سبيل تحقيق هذه الغاية لا تجد حرجاً أو بأساً في استغلال كافة الوسائل المتاحة، فالغاية عندها تبرر الوسيلة.
وبوسع أي مشكك أن يقرأ ذلك في تجربة حكم الإخوان في السودان لمدة ثلاثة عقود، ارتفعت فيها الشعارات إلى أقصى احتمالات الابتزاز، وانحطت معها القيم إلى أسفل المباذل والصور، وما قدمته قناة «العربية» من شهادات كشف رأس الجليد فقط عن تلك الحقبة التي أورثت هذا البلد الطيب عللاً جسيمة، ما زال يعاني أوصابها، كما لطف الله بأهل مصر المحروسة حين خلّصهم من خبث الإخوان سريعاً قبل أن يبثوا سمومهم في جسدها، ولم تنطلِ عليهم حيلة الانتخابات، فليست الانتخابات هي الديموقراطية، بل هي وسيلة لتحقيق الديموقراطية، ولن تكون صناديق الاقتراع نافذة ليطل منها أصحاب الأجندات السوداء، ومروّجو ثقافة الموت والدمار، بمثل ما نشهد اليوم في تركيا، وقد جثم عليها أردوغان بأحلام «الخلافة» في مسلاخ «السلطان»، ليبذر بذور الفتنة في المحيط الإقليمي بدءاً بسورية، والعراق، ومصر، وليبيا، والسودان، واليونان وأرمينيا، ولا ناصر له في هذا العبث «الإخواني» غير إيران بحلمها «الصفوي» وقطر ببوقها الإعلامي.
وكلهم بإذن الله إلى خسران مبين.
كاتب سعودي
nyamanie@hotmail.com
فعلى مستوى المهاد التنظيري، يمكن الرجوع إلى المرتكزات الأيديولوجية التي نظّر لها مؤسّس الجماعة حسن البنّا، وأعلن عنها في المؤتمر الخامس للجماعة، بقوله: «الإخوان المسلمون يجعلون فكرة الخلافة والعمل لإعادتها في رأس منهاجهم»، متسقاً في هذا مع الأهداف الأوّلية التي وضعتها الجماعة بالسعي نحو تغيير المجتمعات عبر استلام السلطة، أيّاً كانت الوسيلة المتبعة لتحقيق هذه الغاية، مستهدية في ذلك بالنهج الميكافيللي، ومتسقة أيضاً مع مفهوم «التقية» لدى «الصفويين»، ولهذا نشطت منذ تأسيسها في مارس 1928م -أي ما يقارب القرن بحساب السنوات- على خلخلة البنى التحتية للمجتمعات بخطاب ابتزازي مخاتل، يضرب على وتّر الشعارات الدينية البرّاقة، محركاً مشاعر الحنين الغامض والمشاعر الفوّارة لدى اليفّع وحدثاء الأسنان بإقامة «الخلافة الإسلامية»، ويتبع ذلك خطاب جعل من انتقاد الحكومات سبيله، وتجييش «القطيع» المنقاد معها ضد السياسات التي تمضي عليها، والدعوة إلى تطبيق أحكام الشريعة، وتحكيم آي القرآن الحكيم، في سياق دعائي، رافقه خطاب تكفيري، اعتمد على لي أعناق النصوص، وشحنها بحمولة الطموحات السياسية للجماعة، الأمر الذي وجد له سوقاً رائجةً لدى الشباب وصغار السن.
ولم يقف الأمر عند الخطاب الديماجوجي المستهدف للأنظمة الحاكمة؛ بل دخل دوامة العنف عبر إنشاء «الجماعة» تنظيما خاصا قام باغتيالات شهيرة، أبرزها اغتيال محمود فهمي النقراشي، والقاضي أحمد الخازندار، وأحمد ماهر، وغيرهم ممن كانوا يحذرون باكراً من هذه الجماعة وتوجهها الآثم.. غير أن التحوّل الأيديولوجي الأخطر للجماعة جاء على يد سيد قطب، الذي وسّع دائرة التكفير ولم يقصرها على الأنظمة الحاكمة، بل دمغ بها مجتمع المسلمين بالكلية، حيث رماها بالارتداد إلى الجاهلية صراحة، وذلك في كتابه الشهير «معالم في الطريق»؛ حيث يقول فيه: «يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها مسلمة.. لا لأنها تعتقد بألوهية أحد غير الله، ولا لأنها تقدم الشعائر التعبدية لغير الله، ولكنها تدخل في هذا الإطار لأنها لا تدين بالعبودية لله وحده في نظام حياتها. فهي وإن لم تعتقد بألوهية أحد إلا الله تعطي أخص خصائص الألوهية لغير الله، فتدين بحاكمية غير الله، فتتلقى من هذه الحاكمية نظامها، وشرائعها، وقيمها، وموازينها، وعاداتها، وتقاليدها.. موقف الإسلام من هذه المجتمعات الجاهلية كلها يتحدد في عبارة واحدة: أن يرفض الاعتراف بإسلامية هذه المجتمعات كلها».
إن هذا المجتزأ وغيره كثير في «معالم سيد قطب» هو من مهّد لنشوء هذه الجماعات المتطرفة، والتنظيمات الإرهابية، فقد أعطاها السند والمبرر الذي تبحث عنه، لتتراحب في فهمه بأقصى ما تجد من سطوة وقدرة على الخروج والعصيان، فها هو سيّد قطب قد حرضها قديماً بقوله في ذات «المعالم»: «إنه لا نجاة للعصبة المسلمة في كل أرض من أن يقع عليها العذاب إلا بأن تنفصل عقيديّاً وشعوريّاً ومنهج حياة عن أهل الجاهلية من قومها، حتى يأذن الله لها بقيام دار إسلام تعتصم بها، وإلا أن تشعر شعوراً كاملاً بأنها هي الأمة المسلمة، وأن ما حولها ومن حولها ممن لم يدخلوا فيما دخلت فيه جاهلية، وأهل جاهلية».
إن الغاية التي سعى إليها الإخوان قديماً، ويسعون إليها حديثاً، هي السلطة ما عرفوا إليها سبيلاً، وهي ذات المحركات التي تنهض على قوائمها «القاعدة» و«داعش»، وفي سبيل تحقيق هذه الغاية لا تجد حرجاً أو بأساً في استغلال كافة الوسائل المتاحة، فالغاية عندها تبرر الوسيلة.
وبوسع أي مشكك أن يقرأ ذلك في تجربة حكم الإخوان في السودان لمدة ثلاثة عقود، ارتفعت فيها الشعارات إلى أقصى احتمالات الابتزاز، وانحطت معها القيم إلى أسفل المباذل والصور، وما قدمته قناة «العربية» من شهادات كشف رأس الجليد فقط عن تلك الحقبة التي أورثت هذا البلد الطيب عللاً جسيمة، ما زال يعاني أوصابها، كما لطف الله بأهل مصر المحروسة حين خلّصهم من خبث الإخوان سريعاً قبل أن يبثوا سمومهم في جسدها، ولم تنطلِ عليهم حيلة الانتخابات، فليست الانتخابات هي الديموقراطية، بل هي وسيلة لتحقيق الديموقراطية، ولن تكون صناديق الاقتراع نافذة ليطل منها أصحاب الأجندات السوداء، ومروّجو ثقافة الموت والدمار، بمثل ما نشهد اليوم في تركيا، وقد جثم عليها أردوغان بأحلام «الخلافة» في مسلاخ «السلطان»، ليبذر بذور الفتنة في المحيط الإقليمي بدءاً بسورية، والعراق، ومصر، وليبيا، والسودان، واليونان وأرمينيا، ولا ناصر له في هذا العبث «الإخواني» غير إيران بحلمها «الصفوي» وقطر ببوقها الإعلامي.
وكلهم بإذن الله إلى خسران مبين.
كاتب سعودي
nyamanie@hotmail.com