كتاب ومقالات

في انتظار المعجزة !

طلال صالح بنان

اليوم يتقاطر عشرات الملايين من الأمريكيين على مراكز الاقتراع، لاختيار الرئيس القادم للولايات المتحدة الأمريكية.. وكذا أعضاء من الكونجرس الأمريكي، بغرفتيه. تحتدم المنافسة على كامل مقاعد مجلس النواب الـ480.. وثلث مجلس الشيوخ البالغ عدد أعضائه 100 شيخ. متوقع استمرار سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب.. واحتمال خسارة الجمهوريين للأغلبية في مجلس الشيوخ.

ما يهم هنا: معرفة الرئيس القادم للولايات المتحدة. هل سيعيد الأمريكيون ثقتهم بالرئيس ترمب.. أم تراهم يختارون المرشح الديمقراطي، نائب الرئيس الأسبق (جو بايدن). على غير العادة: قد لا نعرف من هو الرئيس القادم، عشية يوم الانتخابات، ربما حتى آخر الأسبوع، ليتسنى فرز أصوات الناخبين المبكرين، سواء من أدلى بصوته عن طريق البريد.. أو عن طريق الاقتراع المبكر المباشر.

في سابقة غير معهودة في تاريخ الممارسة الديمقراطية، تُقْدِمُ غالبية الشعب الأمريكي على الاقتراع المبكر، ليس فقط بسبب تفشي جائحة كورونا، التي تفوق مستويات الإصابة بها بما يتجاوز 80 ألف إصابة، يومياً! بل لأن انتخابات هذه السنة تعتبر مصيرية لكثيرٍ من الأمريكيين، لتجربتهم حكم رئيسٍ مثيرٍ للجدل، مثل الرئيس ترمب. كما تشهد تجربة الانتخابات الرئاسية، هذه السنة، إقبالًا غير مسبوقٍ. قد يتجاوز عدد الناخبين المبكرين، وحدهم، 90 مليون صوت، بما يتجاوز 70% عن مجموع من صوتوا في انتخابات 2016.

لا يمكن الركون إلى استطلاعات الرأي.. ولا إلى وسائل الإعلام أو وسائط التواصل الاجتماعي للجزمِ بمعرفةِ من هو الرئيس القادم. انتخابات 2016 تذكر الجميع بتضليل الاستطلاعات.. كما أن الاستقطاب الحاد في الإعلام الأمريكي، يزيد من صعوبة معرفة نتيجة الانتخابات... بالإضافة إلى القوانين الصارمة، التي تمنع أي توقعات للنتيجة، من قبل وسائل الإعلام، قبل إغلاق صناديق الاقتراع، يوم الانتخابات.

هذا، بالإضافة إلى شراسة الحملات الانتخابية.. وكذا حدة الخطاب الانتخابي لكلا الناخِبَين. والأهم: هذه التعبئة غير المسبوقة للشعب الأمريكي، وكذا الاستقطاب الحاد، الذي يسود توجه وسلوك الحزبين الرئيسيين واتباعهما وضيق مساحة الفئات المستقلة، وتلك التي لم تقرر خيارها، حتى اليوم، والتفاوت الكبير في الصرف على الحملات الانتخابية، بين المتنافسين.

علينا ألا نغفل إمكانات الرئيس ترمب، الذي نجح في التغلب على كثيرٍ من الصعاب، وأهمها محاولة عزله. كما علينا ألا نغفل الملكات غير العادية للرئيس ترمب، التي تتضح في مقدرته القتالية، لدرجة الاستماتة للفوز بفترة ثانية!

ثم إن علينا ألا نتجاهل احتمال تطور أشكال من العنف، غير المعتاد، خاصةً يوم الانتخابات.. وكذا المفاجآت التي قد تتطور حتى يوم الانتخابات وأثنائه، وقد يشارك في حدوثها القضاء، مما قد يقود إلى قلب مسار التوقعات.

الرئيس ترمب في حاجة إلى معجزة لإحداث المفاجأة، فحظوظه في الفوز جِدا ضعيفة، إلا أن المعجزة الحقيقية هي تجاوز الشعب الأمريكي لامتحان الانتخابات.. وما قد يتطور من مظاهر للعنف، قبل وأثناء وبعد، هذا اليوم العصيب.

كاتب سعودي

talalbannan@icloud.com