أخبار

استظراف.. واستعراض ثم إدانة !

المستهترون في قبضة الأمن

إبراهيم علوي (جدة) i_waleeed22@

يواجه المستهترون والمستظرفون بسياراتهم في الشوارع عقوبتين، امتعاض المجتمع منهم، والمخالفة القانونية التي تطالهم طبقا لنوع الاستعراض المفضي إلى حادثة أو جريمة. وينم سلوك هؤلاء المستعرضين عن جهل فاضح بالأنظمة والقيم المجتمعية، وضعف إدراكهم بما يجري حولهم، إذ أحالوا الشوارع العامة والطرق إلى ساحات وميادين للتباهي والاستعراض والاعتداء على العابرين وإحداث الأذى بهم، وآخرها ما نقلته كاميرا فيديو وثقت اعتداء سافرا من قائد سيارة في جدة على شاب يقود دراجته النارية، وبسبب منبه تحذيري كاد «الدّراج» يلقى حتفه. وكان رواد منصات التواصل الاجتماعي تداولوا المقطع العنيف الذي أظهر تعرض قائد الدراجة النارية إلى اصطدام عمدي، ما أدى إلى سقوطه وارتطامه بالأسفلت، وتدحرجه مسافة تتجاوز 30 مترا على الطريق، في حين هرب قائد المركبة بفعلته وجريمته من موقع الحادث. وكشف قائد الدراجة النارية، محمد خياط، تفاصيل الحادثة فقال: أثناء قيادتي دراجتي النارية على أحد الطرق بجدة فوجئت بقائد سيارة غير ملتزم بالمسار المحدد له على الطريق، احتل مسارين، فعمدت إلى تنبيهه للالتزام بأحد المسارين وإفساح الطريق لي، وفوجئت به يبدي امتعاضه قبل أن يصطدم بدراجتي ويتسبب في إسقاطي وإصابتي بعدد من الرضوض بلغت 12، وجروح من الدرجة الأولى، وكسر في الإصبع الأيمن، وقال: «كنت قريبا من الموت، لم أستطع التنفس وقت الحادث، وأسأل الله العافية.. ما أسعدني أن الجهات الأمنية قبضت على قائد المركبة المتسبب بالحادث». وفي محافظة جدة أيضا، أوقفت إدارة المرور شابًا آخر وثق ممارساته بنشر مقاطع في وسائل التواصل الاجتماعي، وهو يقود المركبة بسرعة جنونية عالية ومفرطة، معرّضاً حياته وحياة الآخرين للخطر، وستتم إحالته إلى الهيئة المرورية لتطبيق العقوبات المقررة في نظام المرور.

رصاصات في الهواء

في القصيم، تم ضبط مفحط بالطرقات العامة مستخدما مركبة عائلية. فيما أعلن مرور محافظة جدة ضبط قائد سيارة فارهة نشر مقاطع في منصات التواصل الاجتماعي، وهو يقود المركبة بسرعة عالية معرضًا حياته وحياة الآخرين للخطر، وقدرت سرعة سيارته بنحو 200 كلم في الساعة. كما أعلن ‏مرور منطقة الرياض ضبط قائد مركبة تابعة لإحدى شركات خدمات الشحن، بعد أن قام بالقيادة عكس اتجاه السير بحي قرطبة، وتمت إحالته لجهات الاختصاص.

وتنوعت ممارسات الاستهتار بحياة الآخرين، وأعلنت شرطة منطقة الرياض ضبط مواطنين في العقد الثالث من العمر ظهرا في مقطع فيديو تم تداوله عبر منصات التواصل الاجتماعي، وظهر من خلاله استعراضهما بإطلاق أعيرة نارية في الهواء من أسلحة بحوزتهما خلال سيرهما بمركبتهما بالطرق العامة داخل أحد أحياء شرق مدينة الرياض، وتم القبض عليهما وجرى إيقافهما واتخاذ الإجراءات النظامية كافة، لإحالتهما إلى النيابة العامة.

خبير أمني: إثارة الانتباه لتحقيق الشهرة

الخبير الأمني اللواء متقاعد مسعود العدواني، أكد أن مثل هذه السلوكيات تنوعت بين ممارسات قاتلة وتحويل الطرقات إلى ساحات تفحيط وتحطيم أجهزة «ساهر»، من باب الاستظراف والنكتة وإثارة الضحك، وأخرى للاستعراض والبحث عن الشهرة، غير أنها تحولت لتصبح أدلة إدانة ضد مرتكبيها. وأضاف: ما نشاهده من تلك الأفعال يهدف لإثارة الانتباه عبر وسائل التواصل لتحقيق الشهرة وزيادة المتابعين، أو الاستعراض بين الأقران، وهي في الحقيقة سلوكيات خاطئة وقد لا تكون خاصة بالمراهقين، فنحن شاهدناها تصدر من راشدين في العقدين الثالث والرابع، ما يؤكد وجود خلل في سلوكياتهم يرفضه المجتمع رفضا جماعيا ويقف ضد مرتكبيها كما يعاقب عليها القانون. ويشير اللواء العدواني إلى أن من مسببات تلك الأفعال الشعور بالنقص لدى البعض وضعف الرقابة الأسرية لدى آخرين، فيما تعد التنشئة الاجتماعية أحد أبرز الأسباب فتجعل الفرد لا يشعر بالمسؤولية، ويتسم سلوكه بالاستهتار وعدم المبالاة.

قانوني: الاستهتار جريمة تستوجب العقوبة

أكد المستشار القانوني المحامي أحمد المالكي، أن الاستهتار بالأرواح والتسبب في إلحاق الأذى بها، جريمة تستوجب العقوبة وتحتمل وفق ظروف جريمة الاستهتار حقا عاما وخاصا، ويكون الاختصاص للمحاكم الجزائية التي تصدر عقوبات تعزيرية تقدرها المحكمة طبقا لظروف جريمة الاستهتار، ونتائجها، وآثارها، في ظل عدم وجود نظام يؤطر عقوبة المغامرين والمستهترين بأرواحهم وأرواح الآخرين، في حالات الكوارث والظروف الطارئة.

وأضاف المالكي: قد تقترن بعض الجرائم بأخرى، ومنها اقتران جريمة الاستهتار، بنشر مقاطع وتسجيلات على منصات التواصل الاجتماعي تتضمن الاستهتار بالأرواح بفعل أو توجيه، وهذه جريمة معلوماتية بلا شك تستوجب العقاب لكل فعل. وعن سلوك المستهترين من قائدي المركبات والفرار من مسرح الحادث، بيّن المالكي أن الاستخفاف بأرواح الناس يستلزم معاقبة صاحبه بالسجن مدة لا تزيد على 4 سنوات وبغرامة مالية لا تزيد على 200 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا نتج عن هذا الحادث وفاة أو زوال عضو أو تعطيل منفعته أو جزء منهما. وشدد على أنه يعاقب أيضا بالسجن مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة مالية لا تزيد على 100 ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا نتج عن الحادث المروري إصابة تزيد مدة الشفاء منها على 15 يوما، كما يُعاقب بغرامة مالية لا تزيد على 2000 ريال أو السجن لمدة لا تزيد على 3 أشهر أو بهما معاً بسبب مغادرته مكان الحادث وهربه وعدم تقديمه المساعدة الممكنة للمصاب في هذا الحادث، وذلك دون الإخلال بما يتقرر للحق الخاص من تعويضات أو عقوبات إضافية تقدّرها المحكمة المختصة، وفقاً لملابسات ووقائع الحادث.