كتاب ومقالات

هل تصبح عرعر معبراً لحضارة الرافدين

عبداللطيف الضويحي

وأنا أقرأ البيان السعودي العراقي المشترك، الذي صدر الأسبوع الماضي عن الاجتماع المرئي لسمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والسيد مصطفى الكاظمي رئيس مجلس الوزراء في جمهورية العراق، تذكرت الحضور الفاعل والمؤثر للتجار العراقيين في طفولتي وأبناء جيلي في مدينة سكاكا ومدينة عرعر وفي العديد من مدن الجوف والحدود الشمالية.

كان عقاب العراقي وأبو الرحى العراقي والشَنون وغيرهم من التجار العراقيين قطب الرحى لأسواق وتجارة أهم المدن في الجوف والحدود الشمالية لما تتميز به بضاعتهم من نوعية وجودة، ولما يتميز به التجار العراقيون من أمانة ومهنية عالية، ناهيك عما يتميز به الحرفيون والصناعيون العراقيون من مهنية واحترافية في مجالات الزراعة وخاصة زراعة النخيل ومهن صناعية مختلفة.

الشخصية العراقية منذ القدم شخصية منتجة ومبدعة بعقولها وثقافتها ومعطاءة بسواعدها وحتى عهد قريب كان العراق يسمى بلد الأربعين ألف مهندس، وحيث كان العراق قاب قوسين من الولوج في منظومة الدول الصناعية، كما أن أرض العراق كانت وما زالت أرض خيرات وموارد طبيعية شتى، لكن العراق للأسف أدخل في دوامة أمنية جهنمية مأساوية، شتتت المجتمع العراقي ودمرت الكثير من منجزات العراق وهجّرت أغلب العقول العراقية، فأصبح العراق بهذه الظروف بحاجة لاستيراد أغلب احتياجاته الأساسية، ومن هنا تأتي أهمية تنامي العلاقات بين العراق والمملكة، خاصة ما تمتلكه المملكة في مجال إعادة الإعمار في العراق والاستثمار في البنية التحتية وإعادة تأهيل بعض القطاعات المنتجة في العراق الشقيق من خلال ما تمتلكه المملكة من مصانع وخبرات تكونت لها خلال العقود الأخيرة.

أما المنطقة السعودية المجاورة مباشرة للعراق فهي منطقة الحدود الشمالية، التي تعول كثيرا على الاستفادة القصوى من هذا الاتفاق لما سيتيحه من فرص استثمارية قريبة من رجال الأعمال السعوديين والمصانع السعودية عموما وفي منطقة الحدود الشمالية مباشرة. وقد صرح لي يوم أمس الأستاذ نواف الذايدي، رئيس الغرف التجارية الصناعية في الحدود الشمالية بمبعث تفاؤله وسعادته بالبيان السعودي العراقي المشترك وبقرب افتتاح منفذ الجديدة لما له من مردود اقتصادي مباشر كبير على المملكة بشكل عام وعلى منطقة الحدود الشمالية بشكل خاص، حيث من المتوقع أن يشهد اقتصاد هذه المنطقة انتعاشا وحراكا على صعيد خلق فرص عمل وخلق فرص استثمارية للسعوديين والسعوديات تعكسها حركة النقل وحركة التجارة والصناعة؛ لما تتوفر عليه المنطقة من مصانع للأسمنت، ناهيك عن عشرات المنتجات التي تنتجها مدينة وعد الشمال.

لعلني أختم بالقول إن مجاورة منطقة لإحدى الدول المجاورة هو ميزة نسبية لتلك المنطقة دون سواها، فمن نافلة القول إن مجاورة منطقة الحدود الشمالية للعراق هي ميزة نسبية لمنطقة الحدود الشمالية لا تتوفر لغيرها من مناطق المملكة لقربها الجغرافي والثقافي، فعليها أن تستجلي كافة الفرص الاستثمارية الممكنة من موقعها والاستفادة من قربها الجعرافي والثقافي، فلعل جامعة الحدود الشمالية والغرفة التجارية الصناعية في الحدود الشمالية وجمعية الثقافة والفنون وغيرها من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية أن تستجلي كافة الفرص المتوفرة والممكنة اقتصاديا وتجاريا وثقافيا وفنيا بالشراكة مع المؤسسات المناظرة لهم في العراق الشقيق. وإنني على يقين أن سمو أمير منطقة الحدود الشمالية حريص كل الحرص على إنعاش هذه المنطقة الغالية علينا جميعا وتنميتها وتمكين أهلها الكرام من الفرص المتاحة والممكنة كغيرهم من أبناء وبنات المملكة بتوجيهات قيادة المملكة وفي ضوء أهداف الرؤية 2030.

كاتب سعودي

Dwaihi@agfund.org