كتاب ومقالات

على فتات الأمس نحيا !

فؤاد مصطفى عزب

هل بحثت يوماً عن إنسان لا تعرف سوى مواصفاته وأردته أن يكون بجانبك لتواجه الأيام التالية من عمرك ولا تعرف من يكون وما اسمه ولكنك في أشد الحاجة إليه.. هل نشدت يوماً هذه الرغبة في الاحتياج وأنت تمسك الأيام وتنظر إلى سماء حياتك الزرقاء التي دلقت عليها مليون زجاجة حبر لتصبح بهذا الحزن الأزرق الملون.. هل بحثت يوماً في طريق الحياة بعيداً عن شاليهات الطيور الملونة عن علاقة مغطاة بذهب الصدق وطرزت طريق بحثك بالشوق ولونته حتى اقترب من أصداف البحر وعندما ركضت إليه قام الطريق معك واختفى في البحر الأزرق الذي ظل يكبر حتى بلغ نوافذ الغرباء.. هل غنيت يوماً مع فيروز (أنا عندي حنين.. ما بعرف لمين).. وعندما وجدت هذا الحنين توقف النداء ليظل ينبض بالغياب ويدق عالياً.. هل شعرت بهذا الانكسار الوحشي.. هل صحوت ذات مساء على رحيل البدو المتجهين إلى قوس قزح وذهبت معهم دون أن تسأل عن حجم المسافة وبعد المحطة وهوامش البلدان.. هل شاهدت الفل يوماً والرخام ينتشيان في عناق طويل ببقايا طعام حديث الأمس.. كل هذا تقوله (شيرهايت) بطريقتها الخاصة في كتابها الجميل النساء والحب.. تحاول أن تجيب عن السؤال الذي يشغل الكل.. لماذا يموت الحب! اهتمت بالإجابة عن السؤال الصعب والمحير الذي يشغل بال الملايين من الزوجات والأزواج حول العالم وهو كيف نفسر تغير العلاقات المشبوبة والمشاعر والإحاسيس المشتعلة قبل الزواج ثم ضعفها وخفوقها وبرودها أو حتى اختفائها بعد فتره من الزواج.. تتحدث في الكتاب عن الصمت البارد الذي يعشعش في النفس في المساء عندما تمر بالنفس تلك الذكريات الصغيرة وذلك الصراع الرخامي لقصص كان يمكن لمياه نهرها أن تنتهي إلى حافة الربيع.. لقد حرصت المؤلفة على أن تستمع إلى شهادات وتجارب حوالي 4500 امرأه وشابة حول هذا الموضوع واهتمت أكثر بإجابات النساء المتزوجات سواء مضى على زواجهن فترة قصيرة أو مدة طويلة.. تتساءل (شيرهايت) عن أي شكل من أشكال الحب هو الذي ينجح في الزواج وهل كل علاقة حب ناجحة يمكن أن تتحول إلى زواج ناجح ومستقر ودائم لا تعصف به رياح الخلافات والمشاكل اليومية والمادية؟ خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي يعاني منها الجميع.. من أغرب الأسئلة التي وجهتها المؤلفة للنساء سؤال يقول: متى أحسستِ بشعور الوحدة العميقة مع زوجك؟

اعترفت 28% من النساء بقولهن: أحسست ذلك عندما تزوجت من رجل لا أستطيع التحدث إليه أو معه، أحسست أنني أعيش مع ضيف غريب لا أعرف عنه أي شيء سوى أنه على الورق مجرد زوج.. تعترف 54% أنهن يفضلن المشاعر الرقيقة والمحبة على العشق والهوى، وذلك بهدف الاستقرار فتقول إحداهن إني أفضل السعادة الدائمة والأكثر استقراراً والعواطف المتينة المتبادلة والامتنان والتقدير المتبادل فعندما أقول له عبارة أنا أحبك أريد منه ببساطة أن يقول لي وأنا أيضا أحبك وليس أن يقول لي شكراً أو حتى أن يومئ برأسه.. وعندما نتناقش حول موضوع لا يفهمه أحدنا يستمر في الحديث والمناقشة الهادئة، فالمهم أننا لا ندع سوء التفاهم يعيش بيننا ويستمر إلى ما لا نهاية، كان العيب رقم واحد في الأزواج الذي لا يمكن احتماله ويكون بمثابة جحيم الحياة الزوجية، حيث تعترف 64% من النساء أنه البخل العاطفي، فبعد أن كان يحيطني أيام الخطوبة بكل الحنان والرقة والرعاية والتدليل الزائد الذي لا حدود له فجأة بعد الزواج يتحول إلى كائن بخيل يخشى أن يقول كلمة واحدة تحمل الامتنان والتقدير ومشاعر الحب.. فيا عزيزي الزوج قل شيئاً جميلاً لزوجتك كل يوم. اجعلها تتدثر بشال حنانك.. تحسسها كل مساء كقطرة ندية على الجبين، فالصمت هو مقبرة الزواج وهو المنفى النفسي والحقيقي للتواصل بين اثنين، فهل فعلت حتى لا تدفن حب امرأه تولعت بك يوماً في آبارك الجافة وتجعلها تنسحب غريبة في منفى ليس لغربته حدود.

كاتب سعودي

Fouad5azab@gmail.com