الذكرى السادسة لمسيرة الإصلاح
الخميس / 11 / ربيع الثاني / 1442 هـ الخميس 26 نوفمبر 2020 23:55
محمد مفتي
تتفاوت الطرق والمناهج التي يتم من خلالها إجراء عمليات التقييم للأداء بصورة عامة، منها مثلاً المناهج المعيارية التي تحدد معياراً مسبقاً ويتم مقارنة الوضع الراهن به، واعتبار أي خروج عنه بمثابة انحراف ينبغي تصحيحه، وهناك المدخل المقارن الذي يقارن الظواهر المتشابهة بعضها ببعض، وهذا المنهج لا يعتد بوجود قيم مثالية عامة ينبغي التمسك بها، بل يقارن الأداء الفعلي بأداء آخر يتشابه معه في أكثر من بُعد، غير أنه في اعتقادي يمكن تبني منهج مختلف قليلاً لتقييم الأداء وهو ما يصح أن نطلق عليه تقييم الأداء من منظور معاكس، أو بمعنى أدق تخيل الوضع المعاكس للوضع الحالي ومن ثم تقييم الوضع الراهن.
على سبيل المثال يمكننا مثلاً تقييم أهمية الصحة بالنسبة لنا عندما نتخيل وضع المَرضى، وكذلك يمكننا تقييم أهمية الأمن والاستقرار عند المقارنة بأوضاع الدول التي تتفشى فيها الفوضى والقتل والسرقة، ومن هذا المدخل يمكننا تقييم تجربة الإصلاح التي انطلقت بحزم منذ ست سنوات في المملكة بتولي الملك سلمان -حفظه الله- مقاليد الحكم بها، وانطلقت من حينها مسيرة الإصلاح الجذري والممنهج والتي شملت جميع جوانب الحياة.
في كل مناسبة وطنية للمملكة تنطلق بعض الأقلام المأجورة والمغرضة لانتقاد مسيرة الإصلاح والهجوم عليها بصورة مثيرة للسخرية، ساعين لتشكيك المواطن في مدى الخطوات الإصلاحية التي تم تحقيقها بالفعل، وهادفين للتقليل من جدوى الخطط المستقبلية التي يُعتزم تحقيقها في ظل الرؤية الطموح 2030، لتحويل المملكة فعلياً لدولة واعدة محملة بالحماس ومكللة بالإنجازات.
لعل بعض تلك الأطراف المشبوهة تجد مبتغاها فيما يظنونه قالب الانتقاد الجاهز، والكارت الذي يشهرونه كلما خلت جعباتهم من مخزون النقد الضاري، وهو مجال حقوق الإنسان، غير أن ما لا يدركونه هو أن تجربة الانفتاح الحالية التي تمر بها المملكة والتي يشهد بها القاصي قبل الداني لا يمكن أن تمتزج إطلاقاً بما يسميه المغرضون انتقاصاً لحقوق الإنسان، والتي شهدت مؤخراً طفرة ملموسة اقترنت بتطبيق خطط عديدة على الكثير من الأصعدة، ولعل السبب الرئيسي في ذلك هو أن الانفتاح يقترن دوماً بالمكاشفة والشفافية، وها هي أبواب المملكة وإعلامها قد انفتحت على مصراعيها أمام الجميع، ليتمكن كل من أراد معاينة الوضع بنفسه.
لطالما تم توجيه الاتهامات للمملكة في السابق بأنها مجتمع مغلق ومنعزل على نفسه، خاصة في ظل سيطرة الفكر الصحوي على بعض مناحي الحياة الاجتماعية، لكن هذه الاتهامات تحطمت على صخرة الإصلاح الجذرية التي يقودها الأمير الشاب محمد بن سلمان، حيث بدأ المجتمع السعودي أخيراً يتنسم أنفاس الانفتاح في المجالين الاقتصادي والاجتماعي بعد جثوم تيار الصحوة على صدره لعقود عديدة، والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هو مفهوم الحرية من وجهة نظره هؤلاء المهاجمين؟ هل سلسلة القرارات التي هدفت لتمكين المرأة لتتبوأ مكانتها في شغل المناصب القيادية، أو إعطائها حق قيادة السيارة، هل تمثل مثل هذه القرارات انتقاصاً لحقوق الإنسان، وهل محاربة الفساد الذي طال العديد من القيادات وحتى صغار الموظفين، يعتبر أيضاً هضماً لحقوق الإنسان؟!
وفي المجال الاجتماعي هل يعتبر فتح دور السينما والمسارح والاهتمام بترفيه المواطنين وفق الضوابط الشرعية، وكذلك تنشيط السياحة الداخلية وفتح أبواب المملكة أمام الزوار الأجانب لدعم حركة وصناعة السياحة، ومن ثم تعظيم الثروة الاقتصادية، هل يمثل ذلك هضماً أيضاً لحقوق الإنسان؟ وهل يعتبر محاربة التمدد الحوثي المدعوم من إيران -الدولة التي لا تحترم شعبها- وإيقاف سعيها للاقتراب من حدود المملكة، لتوفير الأمن لمواطني الدولة والحفاظ على استقرارهم، هل يمثل ذلك هضماً لحقوق الإنسان؟ وأخيراً هل تعتبر محاربة الإرهاب والسعي لتقويض الفكر الإقصائي المتطرف وتفكيك منهج الوصاية الفكرية والسلوكية الذي تبناه الفكر الصحوي هضماً لحقوق الإنسان؟!.
لا يمكننا بطبيعة الحال في هذا الحيز المحدود الإشارة لجميع المنجزات الجوهرية التي تمت في المملكة خلال فترة وجيزة للغاية، ولكن جميع مواطني المملكة لا يسعهم سوى التسليم بأن ما حدث خلال تلك الفترة الزمنية القصيرة في عمر التاريخ يعتبر إنجازاً بحق، ونقلة إصلاحية عميقة بعيدة المدى متعددة المجالات، لم تبدأ من مرحلة إعادة هيكلة بعض مؤسسات الدولة على نحو يسمح باستقلالها، كتحويل هيئة التحقيق والادعاء إلى نيابة عامة ترتبط بشكل مباشر بالملك، مع منحها الصلاحيات المطلوبة، كما أنها لم تنتهِ عند حد مكافحة الفساد تمهيداً لاقتلاعه من جذوره، من خلال إعادة هيكلة المؤسسات المختصة بمكافحته ودمج إدارات أمنية كالمباحث الإدارية داخل هيكلها، وذلك لأن الإصلاح عملية مستمرة استراتيجية ومستدامة، هدفها أن تصبح المملكة دولة قادرة على التكيف مع جميع المتغيرات والمستجدات التي تكاد لا تتوقف في عالم متسارع الوتيرة، لتحتل مكانتها التي تستحقها وتحقق لشعبها الأمن والاستقرار والرفاهية.
كاتب سعودي
Prof_Mufti@
dr.mufti@acctecon.com
على سبيل المثال يمكننا مثلاً تقييم أهمية الصحة بالنسبة لنا عندما نتخيل وضع المَرضى، وكذلك يمكننا تقييم أهمية الأمن والاستقرار عند المقارنة بأوضاع الدول التي تتفشى فيها الفوضى والقتل والسرقة، ومن هذا المدخل يمكننا تقييم تجربة الإصلاح التي انطلقت بحزم منذ ست سنوات في المملكة بتولي الملك سلمان -حفظه الله- مقاليد الحكم بها، وانطلقت من حينها مسيرة الإصلاح الجذري والممنهج والتي شملت جميع جوانب الحياة.
في كل مناسبة وطنية للمملكة تنطلق بعض الأقلام المأجورة والمغرضة لانتقاد مسيرة الإصلاح والهجوم عليها بصورة مثيرة للسخرية، ساعين لتشكيك المواطن في مدى الخطوات الإصلاحية التي تم تحقيقها بالفعل، وهادفين للتقليل من جدوى الخطط المستقبلية التي يُعتزم تحقيقها في ظل الرؤية الطموح 2030، لتحويل المملكة فعلياً لدولة واعدة محملة بالحماس ومكللة بالإنجازات.
لعل بعض تلك الأطراف المشبوهة تجد مبتغاها فيما يظنونه قالب الانتقاد الجاهز، والكارت الذي يشهرونه كلما خلت جعباتهم من مخزون النقد الضاري، وهو مجال حقوق الإنسان، غير أن ما لا يدركونه هو أن تجربة الانفتاح الحالية التي تمر بها المملكة والتي يشهد بها القاصي قبل الداني لا يمكن أن تمتزج إطلاقاً بما يسميه المغرضون انتقاصاً لحقوق الإنسان، والتي شهدت مؤخراً طفرة ملموسة اقترنت بتطبيق خطط عديدة على الكثير من الأصعدة، ولعل السبب الرئيسي في ذلك هو أن الانفتاح يقترن دوماً بالمكاشفة والشفافية، وها هي أبواب المملكة وإعلامها قد انفتحت على مصراعيها أمام الجميع، ليتمكن كل من أراد معاينة الوضع بنفسه.
لطالما تم توجيه الاتهامات للمملكة في السابق بأنها مجتمع مغلق ومنعزل على نفسه، خاصة في ظل سيطرة الفكر الصحوي على بعض مناحي الحياة الاجتماعية، لكن هذه الاتهامات تحطمت على صخرة الإصلاح الجذرية التي يقودها الأمير الشاب محمد بن سلمان، حيث بدأ المجتمع السعودي أخيراً يتنسم أنفاس الانفتاح في المجالين الاقتصادي والاجتماعي بعد جثوم تيار الصحوة على صدره لعقود عديدة، والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هو مفهوم الحرية من وجهة نظره هؤلاء المهاجمين؟ هل سلسلة القرارات التي هدفت لتمكين المرأة لتتبوأ مكانتها في شغل المناصب القيادية، أو إعطائها حق قيادة السيارة، هل تمثل مثل هذه القرارات انتقاصاً لحقوق الإنسان، وهل محاربة الفساد الذي طال العديد من القيادات وحتى صغار الموظفين، يعتبر أيضاً هضماً لحقوق الإنسان؟!
وفي المجال الاجتماعي هل يعتبر فتح دور السينما والمسارح والاهتمام بترفيه المواطنين وفق الضوابط الشرعية، وكذلك تنشيط السياحة الداخلية وفتح أبواب المملكة أمام الزوار الأجانب لدعم حركة وصناعة السياحة، ومن ثم تعظيم الثروة الاقتصادية، هل يمثل ذلك هضماً أيضاً لحقوق الإنسان؟ وهل يعتبر محاربة التمدد الحوثي المدعوم من إيران -الدولة التي لا تحترم شعبها- وإيقاف سعيها للاقتراب من حدود المملكة، لتوفير الأمن لمواطني الدولة والحفاظ على استقرارهم، هل يمثل ذلك هضماً لحقوق الإنسان؟ وأخيراً هل تعتبر محاربة الإرهاب والسعي لتقويض الفكر الإقصائي المتطرف وتفكيك منهج الوصاية الفكرية والسلوكية الذي تبناه الفكر الصحوي هضماً لحقوق الإنسان؟!.
لا يمكننا بطبيعة الحال في هذا الحيز المحدود الإشارة لجميع المنجزات الجوهرية التي تمت في المملكة خلال فترة وجيزة للغاية، ولكن جميع مواطني المملكة لا يسعهم سوى التسليم بأن ما حدث خلال تلك الفترة الزمنية القصيرة في عمر التاريخ يعتبر إنجازاً بحق، ونقلة إصلاحية عميقة بعيدة المدى متعددة المجالات، لم تبدأ من مرحلة إعادة هيكلة بعض مؤسسات الدولة على نحو يسمح باستقلالها، كتحويل هيئة التحقيق والادعاء إلى نيابة عامة ترتبط بشكل مباشر بالملك، مع منحها الصلاحيات المطلوبة، كما أنها لم تنتهِ عند حد مكافحة الفساد تمهيداً لاقتلاعه من جذوره، من خلال إعادة هيكلة المؤسسات المختصة بمكافحته ودمج إدارات أمنية كالمباحث الإدارية داخل هيكلها، وذلك لأن الإصلاح عملية مستمرة استراتيجية ومستدامة، هدفها أن تصبح المملكة دولة قادرة على التكيف مع جميع المتغيرات والمستجدات التي تكاد لا تتوقف في عالم متسارع الوتيرة، لتحتل مكانتها التي تستحقها وتحقق لشعبها الأمن والاستقرار والرفاهية.
كاتب سعودي
Prof_Mufti@
dr.mufti@acctecon.com