سنة حلوة يا سعيد..
الأربعاء / 18 / ربيع الثاني / 1442 هـ الخميس 03 ديسمبر 2020 00:09
ريم بنت عبدالخالق
يعيش الإنسان عمره كله باحثاً عن السعادة، ولو سئلت عن هذه الكلمة ستجدها تحتمل عدداً لا حصر له من المفاهيم بعدد من عاشوا على هذه الأرض منذ بدء الخليقة..
فلكلٍ منا ترجمته الخاصة لها، فمنَّا من يجدها في الاستقرار المادي وآخر يجدها في العافية أو دفء العائلة أو الوطن، وبعضٌ منا يجدها في الوصول إلى درجة علمية أو منصب أو تقديم إنجاز يخدم البشرية، ولو استرسلت في تعداد مفاهيم السعادة لن تكفي صفحات صحف العالم كلها لسردها، وأعترف أنني لن أتمكن كذلك من حصرها أو حتى إدراكها، فمهما بلغ أيٌّ منَّا من الوعي والنضج، ومهما عاش من تجاربه أو عايَشَ من تجارب الآخرين فلن يتمكن من فهم ما قد تمثله للجميع.
وبما أن كل إنسان ما هو إلا نتاج بيئته وتكوينه وظروفه وتربيته وتجاربه التي تتجلى كلها في النهاية في (أفكاره)، فنحن لسنا ما ننجزه فقط ولا ما نقوله.. بل ما نحن إلا ما نفكر..
ومع اختلاف معنى السعادة من منظور شخص لآخر تبقى اللحظة التي يكتشف فيها الإنسان ماهيتها هي لحظة ميلاده الحقيقية..
ميلاد الشغف واللهفة في وجدانٍ جافٍ مقفر..
ميلاد الحقيقة في فكر تخبط عمراً في التيه..
ميلاد البصيرة والنور..
وقد يعيش المرء شطراً كبيراً من عمره وهو يتوهم المرة تلو الأخرى أنه وجد ضالته وعرف أين تكمن، ولكنه يظل يكتشف كلما حصل على مبتغاه أنه لم يجدها بعد، فيعود ليسعى من جديد علَّه يدركها، بل قد يقضي البعض عمره كله هباء وهو حتى لحظاته الأخيرة لم يجد سعادته المنشودة، بل لم يعرف حتى كينونتها.
وتبقى أسمى معاني السعادة الحقيقية - التي لا يدركها إلا من عرف قيمة الدنيا وفنائها - في أن تبقى حبال الخير موصولة بينك وبين الله في السماء، وبينك وبين خلقه في الأرض.. أن يبقى قلبك عامراً بالرضا بما قسمه لك في نفس الوقت الذي يتغلب فيه يقينك بعطائه وقدرته.. على يأسك من فرجه ورحمته.
وأن تمد يدك فتمسح على رأس طفل، أو تبتسم في وجه إنسان يشعر بالوحدة، أو تربِّت على كتف مهموم فيزهر قلبه كأنما ربتت على الأرض الجدباء قطرات المطر، أو تسعى في حاجة إنسان فتتقاسم معه لذة الحصول على ما يرجوه.
وعلى الرغم من أنه قد تتكرر تجربة معينة في حياة عدد من الأشخاص كالفقد أو المرض أو الإفلاس أو غيرها إلا أن التجارب كالنغمات في النوتة الموسيقية، هي نفسها يمكنها أن تصنع لحناً مختلفاً في كل مرة يتم فيها ترتيبها بشكل مختلف، كما أنك بعدد محدود من الألوان يمكنك أن تصنع ملايين اللوحات المختلفة.
قم إلى مبتغاك.. اضرب بخُطاك الأرض واجمع ألوان قدراتك ومواهبك وصبرك وارسم لوحة حياتك.
تحدث بِلُغَة فكرك أنت.. تلك اللغة النابعة من ذلك المزيج الفريد بين أفكارك المجردة ومشاعرك وتراكمات تجاربك التي لم يعشها بهذا التفرد سواك.
واعلم أن إنجازاتك التي تحققها بشغفك إنما هي خطوط بصمة روحك على هذه الأرض.
ابحث أخي الإنسان عن يوم مولدك فإن لم تجده تدارك نفسك.. فما أكثر الأموات الذين يحسبون على الحياة.
• لحظة ميلاد:
قال تعالى: «إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ»
كاتبة سعودية
r.a.k.saudiarabia@gmail.com
فلكلٍ منا ترجمته الخاصة لها، فمنَّا من يجدها في الاستقرار المادي وآخر يجدها في العافية أو دفء العائلة أو الوطن، وبعضٌ منا يجدها في الوصول إلى درجة علمية أو منصب أو تقديم إنجاز يخدم البشرية، ولو استرسلت في تعداد مفاهيم السعادة لن تكفي صفحات صحف العالم كلها لسردها، وأعترف أنني لن أتمكن كذلك من حصرها أو حتى إدراكها، فمهما بلغ أيٌّ منَّا من الوعي والنضج، ومهما عاش من تجاربه أو عايَشَ من تجارب الآخرين فلن يتمكن من فهم ما قد تمثله للجميع.
وبما أن كل إنسان ما هو إلا نتاج بيئته وتكوينه وظروفه وتربيته وتجاربه التي تتجلى كلها في النهاية في (أفكاره)، فنحن لسنا ما ننجزه فقط ولا ما نقوله.. بل ما نحن إلا ما نفكر..
ومع اختلاف معنى السعادة من منظور شخص لآخر تبقى اللحظة التي يكتشف فيها الإنسان ماهيتها هي لحظة ميلاده الحقيقية..
ميلاد الشغف واللهفة في وجدانٍ جافٍ مقفر..
ميلاد الحقيقة في فكر تخبط عمراً في التيه..
ميلاد البصيرة والنور..
وقد يعيش المرء شطراً كبيراً من عمره وهو يتوهم المرة تلو الأخرى أنه وجد ضالته وعرف أين تكمن، ولكنه يظل يكتشف كلما حصل على مبتغاه أنه لم يجدها بعد، فيعود ليسعى من جديد علَّه يدركها، بل قد يقضي البعض عمره كله هباء وهو حتى لحظاته الأخيرة لم يجد سعادته المنشودة، بل لم يعرف حتى كينونتها.
وتبقى أسمى معاني السعادة الحقيقية - التي لا يدركها إلا من عرف قيمة الدنيا وفنائها - في أن تبقى حبال الخير موصولة بينك وبين الله في السماء، وبينك وبين خلقه في الأرض.. أن يبقى قلبك عامراً بالرضا بما قسمه لك في نفس الوقت الذي يتغلب فيه يقينك بعطائه وقدرته.. على يأسك من فرجه ورحمته.
وأن تمد يدك فتمسح على رأس طفل، أو تبتسم في وجه إنسان يشعر بالوحدة، أو تربِّت على كتف مهموم فيزهر قلبه كأنما ربتت على الأرض الجدباء قطرات المطر، أو تسعى في حاجة إنسان فتتقاسم معه لذة الحصول على ما يرجوه.
وعلى الرغم من أنه قد تتكرر تجربة معينة في حياة عدد من الأشخاص كالفقد أو المرض أو الإفلاس أو غيرها إلا أن التجارب كالنغمات في النوتة الموسيقية، هي نفسها يمكنها أن تصنع لحناً مختلفاً في كل مرة يتم فيها ترتيبها بشكل مختلف، كما أنك بعدد محدود من الألوان يمكنك أن تصنع ملايين اللوحات المختلفة.
قم إلى مبتغاك.. اضرب بخُطاك الأرض واجمع ألوان قدراتك ومواهبك وصبرك وارسم لوحة حياتك.
تحدث بِلُغَة فكرك أنت.. تلك اللغة النابعة من ذلك المزيج الفريد بين أفكارك المجردة ومشاعرك وتراكمات تجاربك التي لم يعشها بهذا التفرد سواك.
واعلم أن إنجازاتك التي تحققها بشغفك إنما هي خطوط بصمة روحك على هذه الأرض.
ابحث أخي الإنسان عن يوم مولدك فإن لم تجده تدارك نفسك.. فما أكثر الأموات الذين يحسبون على الحياة.
• لحظة ميلاد:
قال تعالى: «إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ»
كاتبة سعودية
r.a.k.saudiarabia@gmail.com