كتاب ومقالات

رسالة غير ظريفة إلى جواد ظريف !

محمد الساعد

بعد أربعين عاما من الإرهاب الممنهج والمنظم على أعلى مستويات الدولة الإيرانية، يقول وزير خارجية طهران محمد جواد ظريف، إن الرياض لم تدن اغتيال العالم الإيراني القيادي في الحرس الثوري محسن فخري زاده، بالرغم من أن المندوب السعودي في الأمم المتحدة عبدالله المعلمي صرح مستنكرا الحادثة، ومشيرا إلى أن خسارة أي عالم هي خسارة فادحة، لكن الوزير الإيراني لم يقنعه التصريح.

ربما كان يريد ظريف أن يتوجه السعوديون في طوابير ممتدة للسفارة الإيرانية في الرياض لتقديم «العزاء»، السفارة التي أغلقتها الرياض بعدما أحرق الإرهابيون الإيرانيون القنصلية السعودية في إيران، ويعلم معالي الوزير ظريف أن السعودية والسعوديين مثل الكثير من دول وشعوب العالم مسهم الإرهاب الإيراني في كثير من مفاصل حياتهم.

معالي الوزير جواد ظريف أود تذكيركم أن بلدكم إيران ليست دولة إرهابية بل هي المصنع الأول للإرهاب في العالم، ودعنا نستعرض مع معاليكم جردة حساب تاريخكم الطويل المخجل الذي تتقطر منه الدماء، ولا تزال أرواح الأبرياء تصرخ في وجوهكم طلبا للقصاص.

منذ بداية الثمانينات الميلادية وبعد سيطرة ملالي قم على الحكم في إيران اندفع بلدكم نحو ما يسمى بتصدير الثورة نحو جواركم العربي، اندفاعا استخدم الحروب والإرهاب لتصدير ثورتكم المزعومة، لقد كانت السعودية على رأس الدول المتضررة من تدخلكم في شؤونها الداخلية وبناء شبكات الإرهاب وتنفيذه على أراضيها.

كانت البداية من استخدامكم موسم الحج لتمرير أجنداتكم السياسية ومحاولة فرضها بالقوة على الحجيج وإثارة الشغب في الديار المقدسة، التي عادة ما كان يقوم بها الحرس الثوري المندس بين حجاجكم، استمرت تلك الاستفزازات حتى اكتشف السعوديون في حج 1986 مخططا إجراميا إيرانيا بمحاولة تهريب 51 كيلوغراما من مادة السي 4 شديدة الانفجار في حقائب الحجاج الإيرانيين لاستخدامها في تفجير الحرم، ومستهدفين الكعبة المشرفة.

وفي العام الذي يليه 1987، قامت مجموعة من الحجاج الإيرانيين، وبتحريض من الحرس الثوري بمظاهرة عنيفة داخل أحياء مكة، الأمر الذي نتج عنه صدام مع الحجاج والمواطنين، دفع رجال الأمن للتدخل وفك الاشتباكات الدامية، بسبب حمل الإيرانيين الأسلحة البيضاء السيوف والسكاكين، أسفر عن مقتل 402 حاج ومواطن ومقيم، و85 رجل أمن سعوديا، فضلا عن إصابة 649 شخصا.

في العام 1996 قامت مجموعة إرهابية إيرانية، بمساندة من خونة محليين وتدريب من حزب الله اللبناني العميل لكم بتفجير أبراج الخبر السكنية، قتل 19 وأصيب 498 من جنسيات متعددة.

الرغبة السعودية في علاقات حسنة وسلام يعم المنطقة ليست دعايات تبثها في الليل وتخترقها في الصباح كما الإيرانيون، بل هي سلوك منضبط ومستمر، والرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني أكثر سياسي في طهران يعرف ذلك، ودعونا نذكرك معالي الوزير بأهم اتفاق وقع بين الرياض وطهران، عندما كان رئيسك روحاني رئيسا لجهاز «الاطلاعات الإيراني»، وهو جهاز يقابل أجهزة الاستخبارات والأمن.

توصل الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- وزير الداخلية حينها، مع وزير «الاطلاعات» حسن روحاني إلى اتفاق سمي باتفاق «نايف - روحاني»، يتضمن مجموعة من الشروط التي وافقت إيران على الالتزام بها لتحسين العلاقات، ونزع التوترات في المنطقة، كان من أهمها التوقف عن التدخل في الشأن الداخلي السعودي والخليجي والعربي، والتزام إيران بالتوقف عن دعم العمليات الإرهابية في السعودية مثل عملية «الخبر 1996»، وعدم إعطاء القاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى ملاذا آمنا في إيران، والتوقف عن تهريب المخدرات إلى المملكة وملاحقة الجهات الناشطة في التهريب، لكنكم يا معالي الوزير لم تلتزموا بشيء منه.

كان أكبر اختراق للاتفاق هو مشاركتكم في تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001، ومحاولتكم مع القطريين إلصاق التهمة بالسعوديين، بعدما جعلتم من إيران ملاذا آمنا لأسامة بن لادن وعائلته وكل زعماء القاعدة.

في العام 2009 دفع الإيرانيون المليشيات الحوثية التابعة لهم في اليمن للقيام بأعمال إرهابية حربية ضد القرى والمدن الحدودية السعودية، والتي أسفرت عن قتل وجرح عشرات السعوديين المدنيين، فضلا عن العسكريين الذين تصدوا للإرهاب الإيراني.

في العام 2011، أعلن مسؤولون أمريكيون عن مؤامرة تديرها الحكومة الإيرانية لاغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة عادل الجبير، عن طريق تفجير المطعم المتواجد فيه السفير، وبعد ذلك التوجه للسفارة السعودية وتفجيرها، لم تكن تلك العملية إلا سلسلة من الاختراقات الإيرانية لاتفاق نايف روحاني، الذي سقط فعليا ولم يعد له وجود بسبب تصرفاتكم.

في العام 2014، كانت المليشيا الحوثية تدبر انقلابها على الشرعية اليمنية، بهدف الاستيلاء على السلطة واختطاف اليمن نحو المجهول الفارسي، لم يتوقف عبثكم وإرهابكم بل هرّبتم مئات الصواريخ وآلاف الطائرات المسيرة، وأرسلتم مدربيكم وخبراءكم لإطلاق تلك الصواريخ والمقذوفات باتجاه المدن والقرى، وكذلك المصافي البترولية، كما لم تتورعوا عن قصف مكة المكرمة، وكأنكم تتذكرون فشلكم في تفجير مكة بالسي 4، وتريدون إكماله عن طريق صواريخكم التي تطلق بأيدٍ حوثية بينما القرار في طهران.

اليوم يا معالي الوزير جواد ظريف تريد منا أن نتعاطف معكم، بالتأكيد نحن نفعل ذلك مع أي روح إنسانية، لكنكم لا تستحقون، فأنتم صنعتم الخيانة والإرهاب في حياة العالم منذ أربعين عاما، وعليكم أن تسددوا فواتيركم للبشرية التي أرهقها عبثكم.

كاتب سعودي

massaaed@