أخبار

«عن قرب» أطفالنا في خطر !

بين الضوء الساطع وإدمان الشاشة

حسين هزازي (جدة)h_hzazi@

يضطر الطلاب والطالبات، خصوصاً صغار السن من الأطفال، في هذه الأيام لمتابعة منصة «التعليم عن بعد» لعدة ساعات، ثم يستغرق في اللعب والتسلية الإلكترونية على الشاشة ذاتها أو عبر جهازه اللوحي أو هاتفه، ما يضعهم في دائرة الخطر. وتلجأ كثير من الأمهات للاستسلام لرغبة أطفالهن بمنحهم وقتاً إضافياً غير محدد للعب بهذه الأجهزة الإلكترونية، غير أن الدراسات التي أجريت على العديد من الأطفال في السنوات القليلة الماضية، أكدت أن هناك تأثيرات سلبية لهذه الأجهزة على صحة ونمو الأطفال. «عكاظ» تدعو الأمهات للتعرف على أهم الأسباب التي تحتم عليهن التحكم بمدى استخدام الأطفال لمختلف أنواع الأجهزة الإلكترونية.

الإفراط أشبه بتعاطي المخدرات !

يرى الاستشاري النفسي حاتم الغامدي، أن الألعاب الإلكترونية تؤثر على الأطفال، من خلال زيادة العنف، إذ تدور أحداث أغلب الألعاب سواء كانت على «البلاي ستيشن» أو «إكس بوكس»، حول الحروب والمعارك واستخدام الأسلحة والعراك بمختلف الفنون القتالية. وأثبتت الدراسات أن اللعب لفترات طويلة وبشكل متكرر يزيد الميول لدى الأطفال لاستخدام العنف، لذلك ينصح بالاطلاع على موضوع ألعاب الأطفال، والحرص على الحد من تلك التي تشجع على العنف بمختلف أنواعه.

ويضيف الغامدي، أن استخدام الأجهزة الإلكترونية يسبب الإدمان، إذ تبين بعد إجراء مسح عصبي لأدمغة الأطفال الذين يستخدمون الأجهزة الإلكترونية بكثرة، أن الممرات العصبية في الدماغ تتأثر عند استخدام الأجهزة الإلكترونية بنفس الطريقة التي تتأثر بها عند استخدام المخدرات، ما يؤدي إلى تطور سلوك إدماني عبر هذه الأجهزة، لذلك من المهم التحكم بفترات استخدام الأطفال للأجهزة الإلكترونية قبل أن يتحول الاستخدام المفرط إلى إدمان.

وأوضح الدكتور الغامدي، أن الإفراط في استخدام الألعاب الإلكترونية يسبب نقص الانتباه، وبعد إجراء مسح إحصائي على طلبة المدارس الذين يعانون من مشاكل في التركيز أثناء الدراسة، تبين أن الغالبية منهم يستخدمون الأجهزة الإلكترونية يومياً لوقت طويل، وينصح الأخصائيون في مجال تربية ونمو الأطفال بالحد من استخدام هذه الأجهزة خصوصاً خلال السنة الدراسية.

وإضافة إلى تسببها في مشاكل في التواصل الاجتماعي، يفضل أطفال اليوم التواصل من خلال إرسال رسائل نصية، أو لعبة مشتركة مع أصدقائهم عبر الإنترنت، بدلاً من اللقاء والحوار واللعب، ما يؤدي إلى تأخر نمو المهارات الاجتماعية والتواصلية لديهم. ويشجع استخدام الأجهزة الإلكترونية الأطفال على الجلوس بدلاً من الحركة، لذلك كشفت الإحصائيات أن عدداً كبيراً من الأطفال اليوم يعانون من السمنة، إضافة إلى مشاكل صحية مرتبطة بها مثل السكري، فمن المهم تشجيع الطفل على اللعب بالخارج والتحرك بنشاط بدلاً من الجلوس داخل البيت واللعب بالأجهزة الإلكترونية.

10 حلول للوقاية من الشاشات الرقمية

حذر استشاري العيون الدكتور خالد عبدالكريم من المخاطر الصحية، التي قد تنجم عن جلوس الأطفال أمام الشاشات فترات طويلة، مثل قِصر النظر، وزيادة الحساسية للضوء، وصعوبة التركيز، والصداع، وإجهاد العين، وحرقة أو حكة العينين، وعدم وضوح الرؤية أو الرؤية الضبابية.

ولتجنب هذه المخاطر يجب اتباع 10 نصائح لمساعدة الآباء والأمهات في حماية نظر أطفالهم، منها تخصيص وقت محدد للجلوس على شاشات الحاسوب واستخدام أجهزة توقيت مختلفة لمساعدتك على تحقيق الهدف، وبعد انتهاء الأطفال من تشغيل الألعاب على الهواتف الجوالة أو أجهزة الحواسيب، يُنصح الطفل بالنظر من خلال النافذة لمدة 20 ثانية كاستراحة، وتشجيع الطفل على قراءة الكتب الورقية بدلا من الكتب الإلكترونية، مع ممارسة الرياضات والأنشطة المتنوعة في الهواء الطلق كالسباحة وكرة القدم؛ فالتعرض لأشعة الشمس يعمل على الوقاية من قِصر النظر.

ونصح عبدالكريم بضبط إضاءة ودرجة سطوع وتباين الهواتف الجوالة أو أي من الأجهزة الإلكترونية التي يستخدمها طفلك، للحفاظ على مستوى النظر من التدهور والضرر المحتمل على المدى الطويل، وتجنب استخدام الأجهزة الرقمية في الخارج مع الضوء الساطع، لأنه قد يعمل على زيادة إجهاد العين، وتفعيل الوضع الليلي للقضاء على انبعاث الضوء الأزرق من الأجهزة ومنع استخدامها قبل النوم بساعة واحدة على الأقل من أجل تنظيم نمط النوم، وتذكير الأطفال برمش العين أثناء استخدام الأجهزة الرقمية، وترك مسافة 18-24 بوصة بين الجهاز والعين، والجلوس في وضعية صحية مناسبة عند استخدام الأجهزة الرقمية للتخفيف من آلام الرقبة والكتف.

290 مليون طالب انقطعوا عن المدارس

أكدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، في تقرير صادر عنها، انقطاع 290 مليون طالب وطالبة على مستوى العالم عن الذهاب إلى المدرسة بسبب فايروس «كورونا»، ما أدى إلى تطبيق الدول مبادرة «التعلم عن بُعد» لضمان استمرارية التعليم لكافة الطلبة، ومنها السعودية التي طبقتها على أرضها لتصبح مثالاً يحتذى من خلال استشرافها المستقبل منذ سنوات، وتوفيرها سبل ووسائل عززت البنية التحتية وخلقت فرصاً للتعلم عن بُعد في المدارس الحكومية والخاصة باستخدام التكنولوجيا الحديثة والحلول التعليمية وإدخال الذكاء الاصطناعي، منحتها القدرة بتعميم تلك المبادرة على كافة المؤسسات التعليمية بالدولة.

ويؤكد تربويون أن مبادرة «التعلم عن بُعد» قابلة فعلياً لاستمرارها فترات طويلة إذا استدعى الأمر، وهو ما يعكس الاستعدادات وجاهزية البنية التحتية للمنظومة التعليمية، مشيرين إلى أن المرتكزات الأساسية للتعلم عن بُعد موجودة ولكنها تحتاج إلى آليات وضوابط تحمي هذا النوع من التعليم، مع اعتماد مخرجاته للقبول في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي العالمية.

فرصة للهوايات وتطوير المواهب

يرى الخبير التربوي فهد الحسيني، أن هناك فوائد عدة لمبادرة التعلم عن بعد، ولا يخفى على الجميع التجربة المتميزة للأسر السعودية التي استطاعت أن تطبق التجربة بنجاح متميز، ونالت إعجاب جميع المهتمين بالشأن التربوي، وقوبلت بالإشادة والتكريم من قبل قيادتنا الرشيدة.

ولفت إلى أن مثل هذه التجارب تُكسِب الطلبة وقتاً أكبر يتيح لهم ممارسة هواياتهم وتنمية مهاراتهم وتطوير مواهبهم في مختلف البرامج والأنشطة والفعاليات علمية كانت أو غيرها، كما تزيد من الترابط الأسري.

وأضاف أن هذه المبادرة تحتاج إلى مقومات لضمان نجاحها، وتحقيق أهدافها التي تشمل وعي ولي الأمر والاطلاع على أفضل الإستراتيجيات الناجحة في مجال التعلم عن بعد، واختيار الأساليب التي يستهويها الأبناء، وتحقق نتائج إيجابية، والبعد عن الأساليب التي لا تحقق نواتج التعلم من الدروس المقررة كالتلقين وغيره.

وتابع أن المقومات تضم تقديم الدعم اللوجستي من المؤسسات التربوية، المتمثل بالتعزيز والتشجيع وإتاحة الفرصة لتقديم الاختبارات المدرسية، ومنح الطلبة الشهادات المدرسية المعتمدة.