بين حق المواطن في العمل.. وخبرة الوافد
الأربعاء / 01 / جمادى الأولى / 1442 هـ الأربعاء 16 ديسمبر 2020 23:58
لواء محمد مرعي العمري
أصبح تعريف الفساد فضفاضاً بتعدد السبل واختلاف الطرق المتبعة لارتكابه، ولكنه يكون أخطر عندما يصبح «فساداً مقنعاً» بحيث يتمُّ من خلال استغلال بعض الإجراءات لجهاتٍ يفترض أن تكون أحرص وأغيَر على الوطن من غيرها للحيلولة دون أن يمرق العبث من خلال إجراءاتها فيصبح واقعاً نعيشه، كما هو الوضع القائم في استقدام العنصر الأجنبي وتمكينه من الحصول على فرصة العمل في الوقت الذي يتم إقصاء أبناء الوطن وحرمانهم من تلك الفرص تحت مبرراتٍ واهيةٍ، ولطالما تم تداول هذا الأمر ولم يعد خافياً على أحدٍ.
فعندما يفِدُ إلينا من أسعدتهم حظوظهم وبتواطؤ من بني جلدتهم ممن سبقوهم إلى هذه الأرض المباركة بعد إنهاء الترتيبات لاستقدامهم، ويصل الأجنبي ويباشر وظيفته في أيامٍ معدوداتٍ، فقد تصبح الأبواب مشرعةً أمامه ليجد نفسه في فترةٍ وجيزةٍ أضحى مسؤولاً عن بعض العاملين، ويكون من بينهم ابن الوطن الذي بات مصيره بيد رئيسه الأجنبي، وهذا للأسف واقعٌ ملموسٌ في شركات ومؤسسات القطاع الخاص.
نعم.. إنها الحقيقة المؤلمة التي لا بد من وضعها على منضدة المكاشفة والصراحة لتتبع الطرق التي يسلكها كلُّ من يريد الحصول من الوافدين على فرصة عملٍ في وطننا، مع أن تعرُّج تلك السبل وانحناءاتها لا يحولان دون وصوله إلينا بسرعة تفوق «سرعة الضوء». وفي المقابل المواطن السعودي (من الجنسين) المؤهل علمياً وعملياً، وعلاوةً على تأهيله حتماً سيكون لديه من المحفزات والطموح المتدفّق ما يدفعه بعد الحصول على الاستقرار الوظيفي والاجتماعي في وطنه أن يبدع ويبتكر في مجال عمله والشواهد كثيرة، لكنه يفاجأ عندما يتقدم للوظيفة بأنها قد وضعت أمامه أصناف العراقيل، وتفنن واضعو شروط القبول في (تطفيشه) بحجة عدم وجود شهادة الخبرة الكافية. ومن المضحك المبكي أن واضعي تلك العوائق عادةً يكونون من الوافدين فيختلقون الشروط التعجيزية لقبوله، سعياً في الاحتفاظ بتلك الوظائف لأقاربهم ومعارفهم من بني جنسهم وربما كان باتفاق مسبقٍ للحصول على مكاسب شخصيةٍ يجنونها ممن يقع عليه الاختيار للقدوم للمملكة، ثم يقنعون صاحب الصلاحية بأن لديهم الكوادر المؤهلة والجاهزة لدخول سوق العمل مباشرةً وبأجورٍ أقل فيسيل لها لعابه ويقع في الفخِّ (ويبصم) بالموافقة على استقدامهم وبعدما يحصلون منه على (الريق الحلو والضوء الأخضر) لا يترددون أن يوجهوا من اختاروهم إلى كيفية الحصول على شهادات الخبرة (المزوَّرة طبعاً) بثمنٍ زهيدٍ قد لا يتجاوز قيمة إحدى وجبات طعام الوافد في محطات طريق قدومه إلى المملكة.
وأعتقد أنه بات لزاماً أن نكون جادِّين في معالجة هذا الخلل إذا ما أردنا فعلاً تصحيح مساراتنا لنواكب تطلعات القيادة الحكيمة في تفعيل الرؤية المنشودة التي بحول الله سوف تأخذنا إلى الآمال والتطلعات، لكن ذلك لن يتحقق ما لم تبادر الجهات المعنيّة إلى تقصي الحقائق وكشف المستور عمَّا تعانيه الكثير من الشركات والمؤسسات من سطوة العنصر الأجنبي، وما لم تقم تلك الجهات المعنيّة بدورها كما ينبغى فحتماً سوف تتعثر كثيرٌ من الأهداف المنتظرة.
(خاتمة):
لا تدعْ غيرك يلوِّنُ حياتَك، فقد لا يحملُ بيدهِ سوى اللون الأسود.
كاتب سعودي
Muhammad408165@gmail.com
فعندما يفِدُ إلينا من أسعدتهم حظوظهم وبتواطؤ من بني جلدتهم ممن سبقوهم إلى هذه الأرض المباركة بعد إنهاء الترتيبات لاستقدامهم، ويصل الأجنبي ويباشر وظيفته في أيامٍ معدوداتٍ، فقد تصبح الأبواب مشرعةً أمامه ليجد نفسه في فترةٍ وجيزةٍ أضحى مسؤولاً عن بعض العاملين، ويكون من بينهم ابن الوطن الذي بات مصيره بيد رئيسه الأجنبي، وهذا للأسف واقعٌ ملموسٌ في شركات ومؤسسات القطاع الخاص.
نعم.. إنها الحقيقة المؤلمة التي لا بد من وضعها على منضدة المكاشفة والصراحة لتتبع الطرق التي يسلكها كلُّ من يريد الحصول من الوافدين على فرصة عملٍ في وطننا، مع أن تعرُّج تلك السبل وانحناءاتها لا يحولان دون وصوله إلينا بسرعة تفوق «سرعة الضوء». وفي المقابل المواطن السعودي (من الجنسين) المؤهل علمياً وعملياً، وعلاوةً على تأهيله حتماً سيكون لديه من المحفزات والطموح المتدفّق ما يدفعه بعد الحصول على الاستقرار الوظيفي والاجتماعي في وطنه أن يبدع ويبتكر في مجال عمله والشواهد كثيرة، لكنه يفاجأ عندما يتقدم للوظيفة بأنها قد وضعت أمامه أصناف العراقيل، وتفنن واضعو شروط القبول في (تطفيشه) بحجة عدم وجود شهادة الخبرة الكافية. ومن المضحك المبكي أن واضعي تلك العوائق عادةً يكونون من الوافدين فيختلقون الشروط التعجيزية لقبوله، سعياً في الاحتفاظ بتلك الوظائف لأقاربهم ومعارفهم من بني جنسهم وربما كان باتفاق مسبقٍ للحصول على مكاسب شخصيةٍ يجنونها ممن يقع عليه الاختيار للقدوم للمملكة، ثم يقنعون صاحب الصلاحية بأن لديهم الكوادر المؤهلة والجاهزة لدخول سوق العمل مباشرةً وبأجورٍ أقل فيسيل لها لعابه ويقع في الفخِّ (ويبصم) بالموافقة على استقدامهم وبعدما يحصلون منه على (الريق الحلو والضوء الأخضر) لا يترددون أن يوجهوا من اختاروهم إلى كيفية الحصول على شهادات الخبرة (المزوَّرة طبعاً) بثمنٍ زهيدٍ قد لا يتجاوز قيمة إحدى وجبات طعام الوافد في محطات طريق قدومه إلى المملكة.
وأعتقد أنه بات لزاماً أن نكون جادِّين في معالجة هذا الخلل إذا ما أردنا فعلاً تصحيح مساراتنا لنواكب تطلعات القيادة الحكيمة في تفعيل الرؤية المنشودة التي بحول الله سوف تأخذنا إلى الآمال والتطلعات، لكن ذلك لن يتحقق ما لم تبادر الجهات المعنيّة إلى تقصي الحقائق وكشف المستور عمَّا تعانيه الكثير من الشركات والمؤسسات من سطوة العنصر الأجنبي، وما لم تقم تلك الجهات المعنيّة بدورها كما ينبغى فحتماً سوف تتعثر كثيرٌ من الأهداف المنتظرة.
(خاتمة):
لا تدعْ غيرك يلوِّنُ حياتَك، فقد لا يحملُ بيدهِ سوى اللون الأسود.
كاتب سعودي
Muhammad408165@gmail.com