رياضة

كأس الملك تاريخ الخيل السعودية.. وإرث مجيد وحاضر زاهر

وصلت جائزتها لمليونين

الزحزاح بطل كأس الملك الأخيرة للإنتاج.

«عكاظ» (جدة) okaz_sports@

كأس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- ركن أساسي في سباقات الخيل التي ينظمها نادي سباقات الخيل ضمن موسمه السنوي، كواحدة من أهم دعائم تطوير رياضة سباقات الخيل السعودية، ومن خلالها أخذ النادي والملاك على عاتقهم الاستعداد لحضور فني وتنظيمي عالي المستوى، لما تمثله هذه البطولة الغالية من أهمية تاريخية وإرث فروسي يضم الكثير من الإنجازات والبطولات على مدى 55 عاماً، أقيمت فيها البطولة على ميداني الملز «التاريخي» وميدان الملك عبدالعزيز بالجنادرية.

البطولة انطلقت عام 1388هـ، وسجل التاريخ الجواد «حنون» للأمير بندر بن محمد بن عبدالرحمن كأول الفائزين بها على ميدان الملز بقيادة وتدريب الخيال الوطني محمد مناحي، على مسافة 2400 متر. لتتوالى بعد ذلك أسماء الملاك في السجل الشرفي للبطولة التي كانت تقام بكأس واحدة فقط، حتى عام 1415هـ، التي اعتمدت فيها بطولة أخرى لكأس الملك خاصة بخيل الإنتاج المحلي، واستطاع تحقيقها الجواد «البشر» لأبناء الملك عبدالله بن عبدالعزيز على مسافة 2400 متر بتدريب سعود بن رزيق وبقيادة الخيال العالمي «فرنكي ديتوري».

واستمرت بعد ذلك البطولة من خلال كأسين الأولى لخيل الإنتاج المحلي والثانية مفتوحة ليومنا الحاضر، وكان آخر الفائزين بالكأس الجواد المحلي «الزحزاح» لأبناء الشريف هزاع العبدلي والجواد المستورد «مجاك» للأمير فيصل بن خالد.

الأبيض كالعادة في الصدارة

ويبرز الإسطبل الأبيض كعادته في صدارة الإسطبلات السعودية الفائزة بكافة البطولات الكبرى بالميدان السعودية، إذ حقق الفوز بكأس خادم الحرمين «30 مرة»، خلد اسمه مع عدد كبير من الأبطال، ولعل في مقدمتها الجواد الشهير «العاصي» الذي حقق البطولة الأولى للأبيض مرتين متتاليتين عام 1389هـ و1390هـ أمام منافسته العنيدة «رابحة» للإسطبل الأحمر للأمير فيصل بن خالد، والتي حققت الفوز بالبطولة عام 1391هـ، واشتهرت قصة هذين الجوادين في المنافسة آنذاك في بطولة «كأس ولي العهد» أيضاً.

ومن أبرز جياد الأبيض التي لا تزال ذكراها عالقة في الأذهان بين عامة الناس الجوادان المستورد «السكب» و«البشر»، إذ كان لعروضهما أثناء السباقات عزفٌ متفرد من الأداء والإثارة. ويحسب للإسطبل الأبيض في تاريخ البطولة بأنه الوحيد الذي حقق بطولة «كأس خادم الحرمين الشريفين» في الشوط المفتوح بجواد من إنتاج مزرعته بالجنادرية، بواسطة البطل التاريخي الجواد الأزرق «صيرور» عام 1434هـ مع المدرب بدر بن سعود بن رزيق والخيال «مايكل برزلونا».

«الأزرق» و«الأحمر» ثاني المراتب

ويتساوى الإسطبل الأزرق لأبناء الأمير محمد بن سعود الكبير والإسطبل الأحمر للأمير فيصل بن خالد، من حيث عدد الانتصارات بالبطولة بواقع «14 مرة» لكل منهما، حيث حقق الأزرق للمرة الأولى في تاريخه على ميدان الملز في عام 1406هـ مع الجواد «البارز» بتدريب راجح بن محسن وبقيادة الخيال سعيد أحمد، وكانت انتصاراته تحمل العديد من الأسماء التي اشتهرت بأدائها الفني المتميز، فلا يزال يذكر التاريخ الفروسي الفرس المحلية «بسيمة» التي أعادت الكأس له بعد طول غياب مع المدرب نايف العطاوي والخيال «جون بيير» وأيضا المحلية «ما تهاب» والجواد المستورد «قايد الخيل»، إلى جانب أن الأزرق سجل أولوية الفوز بأول بطولة للكأس على ميدان الملك عبدالعزيز بالجنادرية مع الجواد المحلي «الصياد» مع المدرب «جيري بارتون» والخيال «أرن قويدر».

أما الإسطبل الأحمر فقد حقق أول فوز بالبطولة مع الفرس الشهيرة «رابحة» بتدريب وقيادة المدرب مشرف بن مطلق، وسجل رباعية تاريخية متتالية لا تنسى بين عام 1393هـ و1397هـ مع الجياد «عربان»، «صخر -الأول-»، «عقاب» و«هوى بلادي»، ومن أشهر جياده التي مرت على الميدان السعودي أيضاً الجواد «صخر -الثاني-» والذي حقق الفوز مرتين متتاليتين لعامي 1401هـ و1402هـ، ومن أشهر قصص بطولات الأحمر في هذه الكأس غيابه عن البطولة بعد ذلك تقريباً 30 عاماً، ليعود ويحققها عام 1433هـ مع الجواد المستورد «الصقر» بتدريب «نيل بروس» والخيال «سبستيان مدريد».

«الأبيض والأخضر» ثالثاً

ويأتي الإسطبل «الأبيض والأخضر» لأبناء الأمير بدر بن عبدالعزيز في ثالث المراتب بين الإسطبلات السعودية من حيث عدد مرات الفوز بالبطولة، حيث حققها «8 مرات» كانت الأولى عام 1398هـ حينما سطع نجم الفرس «زرافة» مع المدرب والخيال سعد بن مطلق، وآخرها مع الجواد المحلي «الوسم» مع المدرب سعود بن سعد والخيال «أوليفيه بيليه» عام 1434هـ، غير أن الجمهور السعودي وعشاق سباقات الخيل السعودية لم ينسوا البطل الذي قدمه بميدان الملز الجواد الشهير «وراد» الذي حقق معه الفوز بالكأس مرتين متتالية عام 1407هـ و1408هـ، إذ اشتهر بالاستعراض والانفراد في الخط المستقيم عن بقية الخيل.

نجوم في ذاكرة البطولة

ومن خلال السجل الشرفي للبطولة ظلت أسماء عديدة باقية في ذاكرة المتابعين وقدمت في وقتها سباقات لا تنسى من حيث الأداء أو من ناحية الأهمية، لتوثق الذاكرة ذلك الفوز التاريخي للجواد الشهير «فواز» للإسطبل الأخضر للأمير عبدالعزيز بن فهد حينما أبقى الكأس في السعودية مع مدربه فيحان المنديل وخياله «فرنكي ديتوري» بعد منافسه مثيرة مع الجواد الإماراتي «بوزاريكا» وذلك عام 1420هـ، في الوقت الذي يعد فيه هذا الإسطبل المميز رابع الإسطبلات السعودية من حيث عدد مرات الفوز بالكأس بواقع «4 مرات».

وضم السجل الشرفي للبطولة الكثير من الأسماء القوية التي اكتسبت جماهيرية واسعة منها الجواد «لزوم» للأمير أحمد بن سلمان «رحمه الله» بطل الكأس لعام 1419هـ، حينما قاده الخيال العالمي «جاري ستفينز»، والجواد «أقدار» الذي سجل البطولة الأولى لمالكه عبدالإله الموسى عام 1440هـ.

الكويت أول الخليج فوزاً

ومع بداية المشاركات من خلال الخيل المتدربة سعودياً للأشقاء من دول مجلس التعاون الخليجي، سجل إسطبل الغريبان من دولة الكويت الأسبقية بالفوز بـ «كأس خادم الحرمين الشريفين» بواسطة الجواد «ويند فلو» عام 1431هـ بقيادة الخيال «إدقار ينقويز» وبإشراف المدرب الكويتي فواز الغريبان الذي كررها أيضاً عام 1439 هـ مع الجواد «ساوثرن جالس» لإسطبل رفاعي الغريبان وبقيادة الخيال علي الميموني.

«أمسياتي» تاريخ لجميع الأطراف

ولا ينسى تاريخ البطولة والممتد طوال 56 عاماً، الإنجاز الفريد الذي حققه الأمير محمد بن سلطان بن ناصر بن عبدالعزيز بكأس الملك من خلال أولى مشاركاته الرسمية بالميدان السعودي، حينما جاءت بالفوز الفرس المحلية «أمسياتي» عام 1440هـ مع مدربها غيث الغيث وخيالها مشاري العيسى ليكون فوزهما الأول بالبطولة أيضاً.

بن رزيق ومشرف في الصدارة

ولا يزال تاريخ البطولة يحتفظ بالصدارة من حيث المدربون الأكثر فوزاً بالكأس للمدرب الداهية سعود بن رزيق الذي حققها «9 مرات»، من خلال أسماء عدة لامعة بالميدان السعودي، إذ كانت الأولى عام 1430هـ مع الجواد «ذيبان» للأمير تركي بن بندر بن فهد بن سعد، بينما كانت الثانية مع توليه مهام التدريب لبعض الجياد بالإسطبل الأبيض بصحبة الجواد «رزق الله» عام 1413هـ، والتي من بعدها تولى الإشراف التدريبي الكامل على جياد الأبيض حتى عام 1421هـ، ليحقق ثنائية الفوز بالكأس مع الجوادين «مفيضة» و«عفاس» ومن بعدها تحول مشرفاً إدارياً بالإسطبل.

في حين يأتي عميد المدربين مشرف بن مطلق -رحمه الله- بالمرتبة الثانية في الفوز بالبطولة بواقع «7 مرات»، ومن أشهر الجياد الفائزة التي دربها «رابحة»، «عربان» و«صخر»، فيما يأتي ثالث المدربين الأمريكي «جيري بارتون» الذي قدم للفوز عدداً من الأسماء الشهيرة في البطولة منها «مرخان»، «طيف» و«قايد الخيل».

«ديتوري» أكثر الخيالة

ولأهمية البطولة وحرص الملاك والمدربين على استقطاب أفضل الخيالة في العالم للمشاركة في «كأس خادم الحرمين الشريفين»، كان لتواجد الخيالة العالميين دورٌ كبير وملحوظ في سجل الفائزين، حيث يتربع الخيال العالمي الشهير «فرنكي ديتوري» في صدارة الخيالة الفائزين بالكأس بواقع «5 مرات»، كانت الأولى له مع الجواد «البشر» للأبيض في عام 1415هـ والأخيرة مع الجواد «سيرجاد» للأزرق في عام 1435هـ، ويحتل الخيالان «المتقاعد» سعيد أحمد والأمريكي «أرن قويدر» المرتبة الثانية بالتساوي بواقع «4 مرات»، ويتساوى ثالثاً ثلاثة خيالة بالفوز «3 مرات» السعودي «سعد بن مطلق» و«خالص قرطش» و«سبستيان مدريد» و«كاميليو أوسبينا».

رقم سعد لا يزال صامداً

ورغم التحديات والمنافسات والتطورات المستمرة لسباقات الخيل السعودية، وتنوع المشاركين من قبل الخيالة وازدياد فرصهم، إلا أن إنجاز الخيال السعودي سعد بن مطلق في الفوز بكأس الملك 3 مرات متتالية مع الجياد «زرافة» و«حسام» لمرتين، وظل صامداً منذ 42 عاماً، ولم يستطع بقية الخيالة مجاراته رغم توقفه عن الركوب بعد فوزه الأخير مع الجواد «حسام» عام 1400هـ، سعد بن مطلق أيضاً سجل الفوز في تاريخه مدرباً 4 مرات مع الجياد «زرافة، مغيضة»، ومع الجواد الشهير «وراد» مرتين متتاليتين قبل تقاعده عن التدريب في عامي 1407هـ و1408هــ.

تطور الجائزة بالأرقام

بلغت جائزة كأس الملك «1500 ريال» في نسختها الأولى عام 1388هـ، ومن ثم بدأت في الزيادة المتوسطة حتى وصلت إلى 20 ألف ريال عام 1970، وظلت على ذلك حتى تم رفعها عام 1974 إلى 50 ألف ريال، وفي عام 1981 تضاعفت ووصلت إلى 100 ألف ريال حتى عام 1993 لتبلغ 200 ألف ريال.

وفي عام 1995 تم إضافة كأس الملك للخيل المحلية وبذات قدر جائزة كأس الملك للخيل المستوردة، ليصبح مجموعهما 400 ألف ريال، واستمرت على هذه الجائزة حتى عام 2016، في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- الذي أمر بمضاعفة الجائزة وتصنيف البطولة للفئة الأولى سعودياً لتغدو 400 ألف ريال لكل كأس بمجموع 800 ألف ريال، وفي عام 2019 شهدت البطولة في هذا العهد الزاهر قفزة كبيرة حيث تمت مضاعفة الجائزة إلى مليوني ريال، بواقع مليون ريال لكأس الإنتاج ومثلها للمفتوح، فيما بلغ المجموع العام لجوائز البطولة حتى العام الماضي 12714000 ريال.