الفئة الأكثر حصانة ضد الفساد
الخميس / 16 / جمادى الآخرة / 1442 هـ الجمعة 29 يناير 2021 00:18
بشرى فيصل السباعي
اثبتت أخبار مكافحة الفساد المالي محلياً أنه لا توجد فئة محصنة من السقوط بالفساد المالي، ومعلوم أن الفساد المالي سبب أساسي للتخلف التنموي بالدول ذات الموارد الطبيعية الغنية كالدول النفطية التي رغم قلة عدد سكانها لا تتوفر فيها الخدمات الأساسية بكفاية وجودة توفرها بدول لا تمتلك موارد طبيعية مماثلة وذلك لأن الفاسدين هم أشبه بثقوب الفضاء السوداء التي تبتلع كل شيء، والمفارقة الكبرى أنه منذ تأسيس مؤشر النزاهة العالمي الذي يرصد أقل الدول فساداً واكثرها نزاهة لاتزال الدول الاسكندنافية تتصدر رأس القائمة مع أنها الدول الأقل تديناً عالمياً، بينما للأسف أكثر الدول فساداً بالقائمة هي عربية ومسلمة ويقتل أهلها بعضهم من شدة التعصب الديني، وهذه المفارقة ترجع لنوعية الثقافة العامة السائدة بالبلدان؛ فالثقافة العامة السائدة بالدول الاسكندنافية قائمة على جعل الناس يتعرفون على مواطن شغفهم ويهتمون بها منذ المراحل التعليمية الأولى، وهذا محور نجاح أفضل نظام تعليمي بالعالم وهو الفنلندي، بحيث يجعلون دافع الإنسان بالحياة ليس تجميع أكبر قدر من المال وشراء أكبر المنازل والسيارات والاستعلاء بسطوة المنصب والسمعة، والانصياع للإكراه، إنما شعور الإنسان بسعادة القيام بما هو شغوف به والارتباط بشغف بالناس ولذا بيوتهم وممتلكاتهم بسيطة، ومع هذا هم أيضاً على رأس قائمة مؤشر أكثر دول العالم سعادة وأقلها جريمة لأن دافع الجريمة الأساسي هو أن يشتهي الأشخاص أشياء لا يملكون ثمنها، ولذا الثقافات المادية تكثر فيها الجرائم الجنائية بالإضافة للفساد المالي بالوظائف العامة، وحتى بمجال الفساد الأخلاقي السلوكي؛ فالمراهق الذي لديه شغف بمجال معين كالتكنولوجيا فهو تلقائياً يقضي غالب وقت فراغه فيه بدل مطالعة المواقع الإباحية والتسكع والتحرش والمشاجرات والتفحيط والإدمان، بينما المراهق الذي ليس لديه شغف بمجال معين يقضي وقته بكل الأمور الخاطئة التي تؤثر سلباً على أخلاقه وسلوكه، والشركات العالمية مثل جوجل من وعيها بأهمية الشغف بات معتاداً أن توظف أناساً لم يكملوا تعليمهم الجامعي لكن لديهم شغف قوي بالمجال الذي يريدون العمل به وعلى هذا الأساس يتم توظيفهم، فالإنسان الذي دافعه للعمل هو شغفه بمجال عمله سيكون همه الأول والأخير هو تحقيق الامتياز والكمال بكفاءة وجودة أدائه بدافع ذاتي، بينما من لا شغف له بمجال عمله إنما تعين فيه فقط لأسباب مادية فهو لا يبالي بنوعية أدائه فكل ما يهمه هو أن يكون عمله وسيلة للحصول على المال سواء بالراتب أو المال المتأتي من الفساد.
كاتبة سعودية
bushra.sbe@gmail.com
كاتبة سعودية
bushra.sbe@gmail.com