أبوالغيط: أعوامي الـ5 في أمانة الدول العربية كانت صعبة للغاية
استضافه الحميد في برنامجه «الموقف» على القناة السعودية
الخميس / 22 / جمادى الآخرة / 1442 هـ الخميس 04 فبراير 2021 21:23
«عكاظ» (الرياض)
استضاف المذيع السعودي طارق الحميد في برنامجه «الموقف» الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، تحدث فيه عن ترشيحه لخمسة أعوام جديدة بعد اعتزام القاهرة ذلك، كما تناول فيه الحديث عن أمور رافقت المنطقة العربية وما جاورها بدءاً من أزمة ليبيا بداية توليه المنصب، كذلك الحديث عن الأزمة السورية واليمنية والدول المحيطة بالمنطقة إيران وتركيا، وصولاً للقضية الفلسطينية.
وفي ما يلي نص الحوار:
- طارق الحميّد: خمسة أعوام مضت لكم كأمين عام للجامعة العربية كيف تقيمون الفترة التي انقضت، وأبرز التحديات على مستوى الجامعة العربية نفسها، خصوصاً وأن معاليكم مرشح لفترة ثانية بإذن الله؟
- د. أحمد أبو الغيط: يعني لكي أكون أميناً وأعترف لك، يجب أن أقول إنها كانت خمسة أعوام صعبة للغاية، لأن الكثير من القضايا والمشكلات الضاغطة على الوضع العربي استمرت طوال الخمسة أعوام بدون تسوية بل بعضها ازداد حدة وزيادة في التعقيد، يعني على سبيل المثال كانت الأزمة الليبية مطروحة وموجودة عندما تسلمت المهمة في 2016/7/1، وما زالت ضاغطة على الوضع العربي، خصوصاً أن الدور العربي فيها لم يكن بهذا القدر من الوضوح في محاولة التسوية، الوضع السوري والأزمة السورية واسميها المأساة السورية لا زالت موجودة، بل تعقدت بدخول عناصر وقوى دخول الاتحاد الروسي تواجد روسيا عسكرياً على الأرض، تواجد الولايات المتحدة عسكرياً على الأرض، تواجد الجيران بشكل أسميه تنمر الجيران المباشرين لسوريا سواء في تركيا أو إيران، الأزمة اليمنية ما زال التدخل الإيراني والانقلاب الحوثي واضحاً وعميقاً، ويهدد الاستقرار والأمن في جنوب البحر الأبيض المتوسط، هذه كلها ثلاث أزمات على الأقل ضاغطة جداً، وفي خمس سنوات لم نجد لها تسوية أو حلاً، تدخلات الجيران بشكل غير مسبوق في الفضاء العربي، إيران على سبيل المثال يردد القادة الإيرانيون وبعض المسؤولين الإيرانيين أن إيران تهيمن على القرار في عواصم عربية متعددة.
- طارق الحميّد: أربع عواصم عربية.
- د. أحمد أبو الغيط: تركيا موجودة عسكرياً على الأرض في سوريا وموجودة عسكرياً على الأرض في العراق، صحيح تركيا تزعم أنها موجودة على الأرض بطلب من الحكومة الليبية حكومة طرابلس وهي حكومة معترف بها دولياً، إلا أن هذا كله يمثل وضعاً غير مريح على الأقل، مثلاً عمليات الإغارة على منشآت النفط في المملكة شيء غير مسبوق ومرفوض تماماً ومدان والمجتمع الدولي أشار إليه، ولكن لا عقاب لا يعني محاولة للتصدي بقوة لهذا الكلام من قبل المجتمع الدولي، الذي هو المعني بهذا الكلام مجلس الأمن والسلم الدولي التابع للأمم المتحدة، كلها مسائل تعقد الصورة أمام الأمين العام الحالي للجامعة العربية.
- طارق الحميّد: معالي الأمين قدمتم مقاربة شاملة سنخوض فيها بالتفاصيل، لكن أسمح لي أن أسألك كيف تقيم الوضع العربي على إثر جائحة كورونا، وقد كان لكم مقال يحذر من تبعاته عربياً؟
- د. أحمد أبو الغيط: الجائحة هي أثرت على الوضع الدولي كله القوى العظمى والقوى الكبرى والقوى الصناعية تأثرت، ويمكن حتى تأثرت أكثر كثيراً من الدول العربية، المشكلة لدينا نحن العرب أن الكثير من دولنا وشعوبنا فقيرة، وبالتالي أشهد حالياً صراعاً أو نزاعاً أو سباقاً للحصول على اللقاح، الأقوياء قادرون على أنهم يشترونها، البعض قادر أنه يشتريه ويلقح الشعوب، لكن ما الحال في الشعوب الفقيرة الصومال، جزر القمر، السودان، مصر، تونس،المغرب، الجزائر، فيه محاولات كبيرة جداً واجتهاد ليس له حدود من قبل الحكومات، والحكومات تتحمل مسؤولياتها وتحاول حل مشاكلها ولكن الضغوط المالية والاقتصادية تضغط على أوضاع هذه المجتمعات، من هنا الجامعة العربية سعت إلى المجتمع الدولي وإلى الأمم المتحدة لتنسيق الجهد الدولي بشكل يؤمن للشعوب العربية القدر المعقول من اللقاحات التي تستطيع أن تحمي المجتمع العربي والإنسان العربي من هذه الجائحة، أتابع بدقة ما يحدث على المسرح العربي ويسعدني جداً أن اللقاحات بدأت تصل إلى شعوب وحكومات ودول لم يسبق لها الحصول عليها من قبل، منطقة الخليج لديها جاهزية وإعداد جيد استطاعت أنها تعالج الوضعية التي وجدت نفسها فيها على مدى العام، لكن يبقى الأفقر محتاجاً لدعم من المجتمع الدولي ونحن في تواصل دائم مع الأمم المتحدة للبحث في هذا الأمر.
- طارق الحميّد: هل من مبادرة عربية-عربية تحت مظلة الجامعة العربية لضمان هذه اللقاحات ووصولها لمن يحتاجها في العالم العربي؟
- د. أحمد أبو الغيط: لا هو الجامعة العربية مبكراً منذ أبريل 2020 أصدرت بياناً من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي مع المجتمع الدولي، المسألة تجري تسويتها على مستويين، مستوى ما بين الجامعة العربية ومنظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة من ناحية لتأمين اللقاحات، على الأقل إعطاء الدول العربية حصصاً فيها وأسعاراً معقولة وبمساعدات مجانية من قبل المؤسسات الخيرية، وهناك مليارات وضعت تحت إمرة وتصرف الشركات لتقديم اللقاحات مجاناً للدول هذا مستوى، المستوى الآخر وهنا الحكومات العربية تسعى لتأمين القدر الأدنى من احتياجات الشعوب وأرصد بدايات قوية للحصول على اللقاحات للشعوب المختلفة في المنطقة العربية.
- طارق الحميّد: طيب، معالي الأمين، من زاويتي كمراقب أرى المصالحة الخليجية العربية، واتساع معسكر السلام، واستحقاقات الملف النووي الإيراني، ومرحلة الإدارة الأميركية الجديدة، ماذا يرى معاليكم من زاويته، وما معنى ما يرى، وزاويتكم هي الزاوية الأوسع، والأدق؟
- د. أحمد أبو الغيط: الإدارة الأميركية والرئيس بايدن وكبار مساعديه ومسؤوليه أعلنوا من البداية أن هذا الملف النووي الإيراني هو الملف الأكثر ضغطاً واهتماماً وتعرضاً للاهتمام من قبلهم وهذا ليس بالأمر الغريب، ولكن ما يبدو أنه يعني توجه أميركي ولا أستطيع أن أستريح لهذا التوجه حالياً، هو أنهم يفكرون في العودة للانضمام للاتفاقية النووية الموقعة سنة 2015 (5+1) مع إيران، يعودون إليها دون تعديل في توجهاتها أو ما ينقصها من نقاط، ماذا يعني ذلك؟ دعني أشرح لك هذا الأمر الاتفاقية عندما وقعت كان تركيزها فقط على الملف النووي الإيراني وعلى تحجيم قدرة إيران في الحصول على السلاح النووي على الأقل خلال ما بين 10 -15 عاماً وتحجيم قدرة إيران في استخدام أجهزة الطرد المركزي، ما نقص هذه الاتفاقية وكشفت عليه إدارة ترمب السابقة ونحن كعرب كان لدينا قلق دفين هو الأداء الإيراني في الإقليم، الاتفاقية مكنت إيران من استعادة أموال مجمدة (مليارات) هذه المليارات ربما تستخدم في أداء التمويل في الإقليم وتصرفات في الإقليم تعرض أمن واستقرار الإقليم للاهتزاز مثلما يحدث في اليمن على سبيل المثال، هذا الأداء الاتفاقية لم تتحدث فيه، بالإضافة إلى الأداء، آتيك إلى موضوع الصواريخ نفسه بمعنى أن إيران تطور قدرات صاروخية ومسيرات وصواريخ كروز بشكل أصبح له تهديد في الإقليم، وبالتأكيد ما حدث في 2019 في منشآت النفط أو ما حصل في بعض الموانئ في الإمارات، هذا كله يكشف أن هذه القدرات تستخدم استخداماً ضاراً بالجيران وهذا بُعد ثان، هاتان النقطتان واللتان هما نقطة الأداء والصواريخ يجب أن تبحث وتبحث بشكل يمكن أن نجد اتفاقية شاملة لا تلحق أذى بأي من الأطراف الموجودة في الإقليم، وهناك بُعد ثالث كيف يتم نقاش هذا الموضوع وأطراف الإقليم غير موجودة، يعني أنا شخصياً أتصور أن دول قوى مجلس التعاون يجب أن تكون موجودة في مثل هذا النقاش ومثل هذه المفاوضات والمشاورات، عندما كنت وزيراً للخارجية المصرية كنت دائماً أُصمم أن مصر والأردن باعتبارهما عمق الخليج والجزيرة يكونان موجودين في عمل متكامل في أي نقاشات قادمة كان في وقتها مع إيران، كل هذه المسائل يجب أنها تؤخذ أو تحظى بعين الاعتبار من جانب الولايات المتحدة، الجانب الأميركي وفي متابعة دقيقة لنقاشاتهم وتصرفاتهم وأدائهم يقولون سوف نفتح النقاش على إيران، فيأتيهم ردود فعل إيرانية آخرها الثلاثاء عن فلنبدأ بخطوات متناسقة ومتوازية، هذه كله إذا ما كان في إطار محسوب بدقة ورأي دول الجوار والدول العربية ودول الجامعة موضوع على المائدة، آثاره غير طيبة ويمكن أن يعطي قدرات أو يدفع بالأطراف العربية لمواقف لا ينبغي أن تكون، نحن لا نريد سلاحاً نووياً في الإقليم بكامله سواء على الجانب الإسرائيلي أو على الجانب الإيراني، لأن هذا يضع الدول العربية في أوضاع لا تحسد عليها وقد يدفع بها لخيارات لا ترغب بها هذا هو تحليلي للموقف حتى هذه اللحظة، يجب على الجانب الأميركي في بدء تناوله للأمر أن يحسب خطواته بدقة لأن الخطوة الخاطئة قد تقود إلى عواقب ونتائج خاطئة، أنا طبعاً متابع للمبعوث الأميركي لإيران «روبرت مالي» له يعني باع كبير في هذا الموضوع وكان يعمل مع وزير الخارجية «جون كيري» في وقتها سنة 2015، ويجب أنهم يعوا التحسبات التي تحدث بها البعض وما زال على مدى السنوات الأربع الأخيرة.
- طارق الحميّد: ألا تخشى تكرار ما حدث في فترة الرئيس أوباما، كون هذا الفريق هو تقريباً من تلك الفترة في ما يختص الملف النووي؟
- د. أحمد أبو الغيط: أتمنى أن الجانب الأمريكي يتنبه لخطورة الوضع ويتنبه لوجهة النظر العربية، وجهة النظر العربية يجب أن تؤخذ بالحسبان لأنه إذا دفع بالعرب خارج النقاشات ولم تؤخذ الرؤى العربية والأفكار العربية في الحسبان، فهذا يمثل خطأ جسيماً يؤدي لأن الاتفاق يولد أعرج كما كان في السابق.
- طارق الحميد: هذا يقودني لمقالكم الاخير الذي نشر في صحيفة الشرق الأوسط وكان معاليكم يتحدث فيه إلى قارئ مستهدف، هل كان المستهدف هو الرئيس الأمريكي جو بايدن؟
- د. أحمد أبو الغيط: طبيعي، الرئيس والإدارة، هي كانت إدارة قادمة جديدة، المقال صدر أتذكر في 25 يناير، منذ أقل من سبعة أيام، لأنه أنا شخصياً شاركت في ندوة لقمة بيروت حول ما هو المنتظر وجاءني أحد المشاركين الأمريكيين في الندوة وهي كانت عبر الفيديو كونفرانس، وقال ضعوا رؤاكم كعرب على مائدة هذه الإدارة القادمة، ففكرت لن نفعل ولكن أن أكتب المقال ونضعه أمامهم ونرى ما هو الموقف، إدارة الرئيس أوباما في تقديري المتواضع أخطأت أخطاء فادحة في تناولها موضوعات الشرق الأوسط في الفترة من 2009 إلى 2015، هذه الأخطاء الفادحة وأراها أخطاء فادحة، أدت إلى اتفاق نووي أعرج، خرجت منه الإدارة التالية، أدت إلى تقارب أمريكي إيراني على حساب العرب وهم حلفاء لا يضمرون إلا الخير للمجتمع الدولي وللولايات المتحدة، هذه الأخطاء وضعت الدول العربية ونسيجها الوطني تحت ضغط هائل أدى إلى تشريح بعض هذه الدول وسقوطها بشكل حاد في يد التدخلات الإقليمية الخارجية وبالتالي كتبت هذا المقال تحديداً لألفت النظر لها وعواقبها للحظر من تكرارها، وأنا شخصياً أعتقد أن الرئيس بايدن بتجربته المتراكمة وأنا أعرفه منذ أكثر من 30 عاماً وهو رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ عندما كنت سفيراً أو مندوباً دائماً أو عضواً كبيراً في الوفود المصرية، ما أرغب في قوله أن هو نفسه لا يغيب عنه أخطاء العشر سنوات الماضية والمأساة التي هذه التصرفات قادت إلى أوضاع في الأمة قضت على الدولة الوطنية وهددت الكثير من الدول الوطنية العربية بالاندثار والاختفاء، فالمقال في الأساس كان يستهدف التفكير الأمريكي.
- طارق الحميد: المقال يحتوي على تفاصيل خطيرة، أريد أن أسال سؤالاً ثم نأخذ فاصلاً، هل تواصلت معك الإدارة الجديدة كأمين الجامعة العربية قبل المقال أو بعد المقال، لأنه اشتمل على رسائل كثيرة كما هو واضح؟.
- د. أحمد أبو الغيط: لا لم يحدث ذلك، المقال كما تقول ثقيل الوزن ويحتاج إلى دراسة وتقييم، المقال لم يمض عليه أكثر من أيام، تقديري انهم بيبلغوا العربي أنه نحن في تركيزنا لنا أولويات هذه المرة لا تعرضكم ليدنا، لكن التفاعل والتعامل مع إيران سيعرضنا نحن العرب للخطر، سأضرب لك مثلاً قبل الفاصل، يوجد مثل أوكراني كان دائماً مندوب أوكرانيا في الأمم المتحدة عندما كنت هناك كمندوب دائم يردده، يقول قس ألف مرة للقماشة التي تمتلكها واقطع مرة واحدة، وبالتالي مطلوب منهم أن يقيسوا ألف مرة قبل التحرك،
-طارق الحميد: معالي الأمين، قس ألف مرة وقص مرة واحدة، هكذا كنت تقول؟
- د. أحمد أبو الغيط: هو فعلاً كذلك، وبالتالي الرأي المخلص الذي أوجهه إلى الإدراة الأمريكية، لأن المسألة ما هي؟ أنت تستطيعين يا إدارة أن تعودي للنقاش ولكن يجب أن تعودي للنقاش مع إيران مع وضع مشروطيات واضحة محددة ولا ينبغي أن يردد البعض أن إيران أصبحت على العتبة النووية لأن هذا أمر بالغ الخطورة.
- طارق الحميد: تقصد تصريحات وزير الخارجية الأمريكي؟
- د. أحمد أبو الغيط: تصريحات وزير الخارجية والمقالات التي يرددها الإعلام الأمريكي المسرب له هذه المعلومات، هذا كلام خطر للغاية، لأن هناك طرفاً اسرائيلياً، وهذا الطرف الإسرائيلي، صحيح كثيراً ما يعمل بتنسيق كامل مع الولايات المتحدة لكن أحياناً مصالحه تضغط عليه إلى الحد أن يتصرف بمعزل عن الولايات المتحدة، فلا أحد يعلم إلى أين سيذهب، وبعدين في دولة جاره أخرى تسعى حالياً إلى أداء إمبراطوري يعود بها 100 سنة سابقة وهي تركيا العثمانية أو تركيا الأردوغانية، تركيا بدأت تردد ولماذا لا تسعى تركيا نووية عسكرية أو هكذا ردد بعض المسؤولين الأتراك، أنا قرأت تقريراً مساء أمس عن زعم لصحيفة هندية أن باكستان - لعله دس أو يقترب من الدس الهندي إلى باكستان - هذا الادعاء في التقرير الصحفي يقول إن باكستان تساعد تركيا على معرفة نووية ما، أستطيع أن أؤكد لك أن هناك تصريحات عربية كثيرة أننا نحن العرب لن نكون الوحيدين المعرضين للتهديدات من هذا الجار أو ذاك.
- طارق الحميد: بمعنى، لسنا نحن الوحيدين؟
- د. أحمد أبو الغيط: بمعنى أن العرب إذا سمح لإيران بالحصول على قدرة نووية، وأنا كتبت هذا الكلام في كتاب «شهادتي على الحرب والسلام» أنه لا يمكن أن يسمح لإيران ولتركيا بذلك ومصر والمملكة العربية السعودية لا تستحوذان على نفس القدرة.
- طارق الحميد: أنت تحظر من سباق تسلح؟
- د. أحمد أبو الغيط: طبيعي، وسباق التسلح فرض نفسه على المنطقة، هو اليوم المسيارات التي تستخدم سواء القدرة الهائلة لها، وهذه ليست قدرة لمجرد الدفاع ولكن استخدمت في الهجوم والتجاوز والتعدي على أطراف عربية محددة، وبالتأكيد سفن النفط التي هوجمت في بحر العرب أو مضيق هرمز أو في موانئ الشارقة والمنشآت النفطية السعودية كل هذه مسائل لا تغيب عن المتابع، وهناك أيضاً تركيا، فهي لديها مسيارات أصبحت أيضاً في اتجاهات كثيرة سواء في أذربيجان وأرمينيا وشرق المتوسط أو غيره.
-طارق الحميد: معالي الأمين في هذه الأيام صدر بيان ثلاثي من إيران وتركيا وروسيا تؤكد سيادة سوريا، لا أعلم كيف لأطراف خارجية تؤكد سيادة بلد كما تفضلت في البداية وجود أمريكي ودول أخرى، وأنت حريص دائماً على هيبة الدولة، أي سيادة بقيت في هذا الحال. وكيف ترى الدور الروسي في المنطقة الآن؟
- د. أحمد أبو الغيط: تمام، كلماتك تؤشر إلى واقع مأساوي إن الدولة الوطنية السورية أصبحت مقطعة الأوصال وخاضعة لتأثيرات من كل الأطراف إقليمية ودولية، عندما تقول إسرائيل إنها ضربت مواقع في سوريا وهم يقصدون طبعاً مواقع إيرانية في سوريا، 500 مرة في 3 سنوات شيء مزعج لأي إنسان يستشعر الحاجة للدولة العربية الوطنبة قادرة عن الدفاع عن نفسها وتأمين سكانها، اليوم لا يقل عن 10 ملايين مواطن سوري نازح داخل سوريا أو مهاجر خارج سوريا، هناك كما أسلفت في بداية الحديث تواجد داخلي من كل الأنواع، تواجد روسي وعندما نتحدث عنه يقال إنه بطلب من الحكم المعترف به دولياً والذي يجلس في مقعد سوريا في الأمم المتحدة وهو حكم الرئيس بشار في دمشق ولكن هو تواجد يجذب تواجداً آخر اسمها التواجد الأمريكي، وهناك ظهور أمريكي واضح جداً على الأرض السورية خصوصاً في الشرق، هناك تفسخ للوطن السوري متمثلاً في أن الشمال الشرقي أصبح خاضعاً للتوجهات الكردية بالكامل وهناك الشمال الغربي للجماعات الثورية والتواجد التركي الروسي المشترك، هناك دوريات مشتركة داخل سوريا في إدلب، هناك التواجد الأمريكي في الجنوب، هناك أيضاً عناصر من الحلف الأطلسي، صحيح لا يعلنون عن أنفسهم لكنهم موجودون على الأرض في سوريا، طبعاً وضع مأساوي بدأ مع 2011، ووضع بدأ مع انزواء الدور العربي من ناحية، يمكن إطلاق عليه عدم نجاح العمل العربي لإقناع الحكم بالعمل العاقل المتوازن نحو لم الشمل السوري الداخلي، فترك لكل من هو صاحب رغبة أو صاحب أطماع أن يتدخل في سوريا، ترى خطورة داعش وما يطلقون عليها دولة إسلامية وهي ليست دولة إسلامية، هي دولة إرهابية في سوريا والعراق واحتلت مناطق هائلة من الشرق السوري ومساحات هائلة من العراق، إلى أن تم حصرها وتضييق الخناق عليها وإضعافها إضعافاً شديداً، وبالتالي هذا هو الوضع الذي يجب علينا كعرب أن نفكر كيف نستطيع أن نستعيد هذه الدولة الوطنية مرة أخرى، استعادتها يجب أن يبدأ من رفع الأيادي الخارجية، يجب من الاستعداد لإبداء التفاهم بين الأشقاء داخلياً، التفاعل الداخلي الداخلي في سوريا بشكل يفتح الطريق، وللأسف محاولة التوصل إلى لجنة دستورية تحقق توافقاً على دستور سوري في جنيف توقفت ولم تحقق أي اختراق، الكثير يتوقف على رؤية الحكم، الحكم يرى ويتصور أن التسوية يجب أن تأتي من خلال انتصار شامل كاسح على الأرض السورية
- طارق الحميد: ما الذي تبقى في سوريا ليكون هناك انتصار؟-د. أحمد أبو الغيط: تمام تمام، المسألة خطورتها أنه يجب أن تقضي على كل طرف معارض لكي تدعي أنه يتم لك الانتصار، وهذا أمر خطر للغاية، يجب التوصل إلى تسوية سياسية دستوية متوافق عليها بين كل الأطراف السورية تفتح الطريق لاستعادة التوافق الداخلي واستعادة الدولة الوطنية وخروج كل القوى الأجنبية من داخل سوريا.
- طارق الحميد: معالي الأمين نأخذ فاصلاً ونعود لاستكمال الحديث، معالي الأمين كنا نتحدث عن الأوضاع في المنطقة وتتحدث عن تركيا وغيران وروسيا وسوريا وضياع الدولة العربية في بعض المناطق، سؤالي هل من خطة عربية اليوم أو مبادرة من الدول العربية لإعادة استلام الأمور مرة أخرى للمبادرة أم تعتقد أن الأمور باتت معقدة في التدخل الخارجي في منطقتنا؟
- د. أحمد أبو الغيط: حتى هذه اللحظة في ارهاصات وأطروحات لكن لا يوجد جهد جماعي استراتيجي مشترك، أتصور وأقدر أن هناك حاجة لما يسمى ائتلاف قوى عربية، القلب، إذا تمكنت مجموعة صغيرة وفعالة من القوى العربية لجمع الشمل والتفاهم على إطار استراتيجي بمفاهيم واضحة محددة وتحدثوا بها إلى باقي المجموعة العربية، وتم تبنيها في قمة والتمسك بتنفيذها، وتكون لديها آلية، أتصور أننا نستطيع تجاوز الوضع الضاغط على الأمة حالياً، حتى هذه اللحظة هناك تعاون مصري سعودي إماراتي، هذا التعاون من الهام أن تتم توسعته ليشمل قوى عربية ذات تأثير، وهناك قوى أخرى مثل الأردن والعراق والمغرب والجزائر، هذه قوى عربية قادرة على التأثير والمساهمة النشطة في بناء هذه الاستراتيجية العربية، إذا ما تم هذا التوافق يمكن إطلاقها والتفاعل والتعامل على أساسها، وما هي المسألة، المسألة وهي ورقة قمت بتوزيعها كأمين عام في 2017 على الدول الأعضاء وتحدثت فيها في أكثر من قمة، هي أن الدول العربية - وهو أمر طبيعي - تمتد على 11 ساعة زمن مابين مسقط في الشرق إلى أقاصي المغرب في الغرب، كل طرف عربي يستشعر برؤية مختلفة للتهديدات، في شمال أفريقيا هناك تهديدات من تنظيم إرهابي أو تنظيمات إرهابية، وهناك منظقة الصحراء والساحل والجماعات المتأسلمة التي تهدد دولاً مثل مالي ونيجيريا والنيجر وموريتانيا وجنوب الجزائر وليبيا، هناك في المشرق تهديدات من إسرائيل هناك في الخليج تهديدات من إيران، فالتهديدات للأطراف العربية المختلفة بتختلف، نحن لا ينبغي أن نضع تهديداً ونقول إن هذا أولوية أولى وهذا أولوية ثانية وثالثة، التهديدات يجب تناولها نفس المستوى بنفس الخطورة حتى يستريح الجميع، نحن في المغرب العربي أو المشرق العربي أو في الخليج ومنطقة وادي النيل والمياه جميعاً تهديداتنا متكافئة وعلى قدم المساواة ونتفاعل معها جميعاً ككتلة واحدة قادرة على أننا نفرض على الأطراف الخارجية أن يراعوا مصالحنا، إذا حققنا هذا يبقى مثلنا نجاحاً كبيراً للعمل العربي المشترك.
-طارق الحميد: معالي الأمين سؤالي التالي سيكون عن القضية الفلسطينية، قضية القضايا وسأطرح سؤالي بشكل دقيق ومباشر، القضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو قضية القضايا، سؤالي سيكون مختلفاً، وهو ليس ما على العالم والعرب فعله، ما الذي على الفلسطينيين أنفسهم فعله لتحريك هذا الملف بجدية خصوصاً بعد اتساع معسكر السلام في المنطقة؟
- د. أحمد أبو الغيط: ياطارق الرد لا يحتاج لثانية تفكير، لا أحتاج للحظة تفكير وهو الوحدة الفلسطينية، لا تقل لي أنه من 2007 حتى اليوم مايقارب من 13 أو 14 عاماً وهناك انقسام فلسطيني حتى الآن، وحاول العرب وحاولت مصر لم الشمل، عليهم في الاجتماعات القادمة في القاهرة في الأيام القادمة خلال أربعة أو خمسة أيام أن يوحدوا عملهم الوطني أن يتفقوا على قاعدة وينطلقوا منها، القاعدة هي ميثاق المنظمة، منظمة العمل الوطني الفلسطيني، منظمة التحرير الفلسطينية، عليهم ان يقبلوا بهذا الميثاق بكل قواعده ويتفقوا على أنهم يتنافسون في الانتخابات ولكن لا يتعارضون إلى الحد أن يستفيد الخصم من خلافاتهم، شخصياً أنا وعلى مدى عشرة أعوام أكرر أن إسرائيل تعيش شهر عسل لأن الانقسام الفلسطيني أدى إلى هذا الوضع إن لدينا سلطة في الضفة الغربية في رام الله، وحكماً في غزة مستقلاً، يجب أن يوحدا الجهد، يجب أن تعود غزة والضفة الغربية وحدة واحدة وبالتالي لا تستطيع إسرائيل أن تلعب عليهم مثلما لعبت على مدى الـ13 عاماً الأخيرة وليس فقط إسرائيل والقوى الخارجية، فالقوى الخارجية تلعب في هذا الملف للانقسام.
-طارق الحميد: هل تتوقع إنجاز ذلك في 3 أيام، 3 أيام يعني تحتاج إلى كثير من التفاؤل والعمل.
- د. أحمد أبو الغيط: فعلاً أنا شخصياً كنت أقترب من هذا الملف بالكثير من التحسب، والكثير من الشك، والكثير من التردد، دائماً وعلى مدى سنوات لدي شكوكي، ولكن - وهذه نقطة في غاية الأهمية أخ طارق - السكين على العنق الفلسطيني، الدولة الفلسطينية التي نحن جميعاً عملنا لها ومفهوم الدولتين، دولة فلسطينية ودولة إسرائيل تعيشان جانب بعضهم البعض مثلما قرار الأمم المتحدة ومجلس الأمن أشار إليه في 2002، هذا الهدف بينزوي، لماذا، لأن إسرائيل تحصل على الأرض وتأكلها رويداً رويداً، علينا أن نوقف هذا التدهور، وقف هذا التدهور يكون في الوحدة، التوافق على عمل مشترك، انتخابات، ظهور سلطة فلسطينية حيوية قادرة على أن تقول لإسرائيل والولايات المتحدة المجتمع الدولي والرباعي الدولي، علينا الآن أن نمضي في طريق بناء فكرة الدولة الفلسطينية والتسوية على أساس الدولتين، إذا إسرائيل لا ترغب في ذلك وتناور وتراوغ فعلى الأقل أمام المجتمع الدولي لقد حاولنا، وإذا فشلت المحاولة فلننتظر بعض الوقت وسيكون لدى الفلسطينيين الأغلبية على الأرض في أرض فلسطين مابين النهر والبحر، الفلسطينيون اليوم عددهم في هذه المنطقة ما يقرب من 7 ملايين والإسرائيليون 7 ملايين، بعد 15 سنة سيصبح الفلسطينيون 10 ملايين والإسرائيليون 7 ملايين، بعد 20 سنة الفلسطينيون يصبح عددهم 15 مليوناً وإسرائيل 8 ملايين، والأغلبية للفلسطينيين، وبالتالي عايزين تتحدثوا على ديمقراطية أم على دولة ابرتاهيد - فصل عنصري - دولة فيها عنصر حاكم وعنصر محكوم، المجتمع الدولي والعرب والمسلمون رافضون له، وبالتالي المفتاح هو الوحدة الفلسطينية، هو تجديد الحيوية الفلسطينية.
- طارق الحميد: هنا أنا أتوقف، تجديد الحيوية وظهور الشباب، هذه تفاصيل وعادة الشيطان في التفاصيل خصوصاً في القضية الفلسطينية من ناحية القيادات، هل تعتقد أن هناك قابلية فلسطينية لاستيعاب ذلك، الحاجة تلح لكن هل تعتقد أن القيادات الفلسطينية الحالية واعية لأهمية التجديد؟
- د. أحمد أبو الغيط: القيادات الفلسطينية قيادات وطنية وناضلت واستشهد الكثير منها ولا ينبغي أن تفوتنا معاناة الفلسطينيين ومعاناة الشعب الفلسطيني وقياداته معه، وبالتالي القيادة مطلوب منها إضاءة الطريق وإلقاء الضوء وأخذ القيادة أي أن تندفع إلى الأمام ويتبعها الشعب، القيادة مطلوب منها في هذه اللحظة الصادقة مع النفس أن تقود، وأنا شخصياً قارئ متعمق في التاريخ الإنساني، هناك قيادات لمجتمعات قادت مجتمعاتها للخروج من أزمة طاحنة، لا أعلم إذا قرأت كتاب «شاهد على الحرب والسلام» أم لا، الكتاب الذي أعددته على حرب أكتوبر وعملية المفاوضات مع إسرائيل، الرئيس السادات بجسارة وقوة دخل الحرب ثم دخل السلام، لكل قائد مسؤوليات، ولكل قيادة مسؤوليات، هذه المسؤوليات تفرض عليها أن تنطلق في طريق المصلحة العامة للمجتمع، وأتوقع ولا أستبعد إطلاقاً أن القيادات الفلسطينية تسعى في هذا الاتجاه.
- طارق الحميد: شكراً جزيلاً لك.
وفي ما يلي نص الحوار:
- طارق الحميّد: خمسة أعوام مضت لكم كأمين عام للجامعة العربية كيف تقيمون الفترة التي انقضت، وأبرز التحديات على مستوى الجامعة العربية نفسها، خصوصاً وأن معاليكم مرشح لفترة ثانية بإذن الله؟
- د. أحمد أبو الغيط: يعني لكي أكون أميناً وأعترف لك، يجب أن أقول إنها كانت خمسة أعوام صعبة للغاية، لأن الكثير من القضايا والمشكلات الضاغطة على الوضع العربي استمرت طوال الخمسة أعوام بدون تسوية بل بعضها ازداد حدة وزيادة في التعقيد، يعني على سبيل المثال كانت الأزمة الليبية مطروحة وموجودة عندما تسلمت المهمة في 2016/7/1، وما زالت ضاغطة على الوضع العربي، خصوصاً أن الدور العربي فيها لم يكن بهذا القدر من الوضوح في محاولة التسوية، الوضع السوري والأزمة السورية واسميها المأساة السورية لا زالت موجودة، بل تعقدت بدخول عناصر وقوى دخول الاتحاد الروسي تواجد روسيا عسكرياً على الأرض، تواجد الولايات المتحدة عسكرياً على الأرض، تواجد الجيران بشكل أسميه تنمر الجيران المباشرين لسوريا سواء في تركيا أو إيران، الأزمة اليمنية ما زال التدخل الإيراني والانقلاب الحوثي واضحاً وعميقاً، ويهدد الاستقرار والأمن في جنوب البحر الأبيض المتوسط، هذه كلها ثلاث أزمات على الأقل ضاغطة جداً، وفي خمس سنوات لم نجد لها تسوية أو حلاً، تدخلات الجيران بشكل غير مسبوق في الفضاء العربي، إيران على سبيل المثال يردد القادة الإيرانيون وبعض المسؤولين الإيرانيين أن إيران تهيمن على القرار في عواصم عربية متعددة.
- طارق الحميّد: أربع عواصم عربية.
- د. أحمد أبو الغيط: تركيا موجودة عسكرياً على الأرض في سوريا وموجودة عسكرياً على الأرض في العراق، صحيح تركيا تزعم أنها موجودة على الأرض بطلب من الحكومة الليبية حكومة طرابلس وهي حكومة معترف بها دولياً، إلا أن هذا كله يمثل وضعاً غير مريح على الأقل، مثلاً عمليات الإغارة على منشآت النفط في المملكة شيء غير مسبوق ومرفوض تماماً ومدان والمجتمع الدولي أشار إليه، ولكن لا عقاب لا يعني محاولة للتصدي بقوة لهذا الكلام من قبل المجتمع الدولي، الذي هو المعني بهذا الكلام مجلس الأمن والسلم الدولي التابع للأمم المتحدة، كلها مسائل تعقد الصورة أمام الأمين العام الحالي للجامعة العربية.
- طارق الحميّد: معالي الأمين قدمتم مقاربة شاملة سنخوض فيها بالتفاصيل، لكن أسمح لي أن أسألك كيف تقيم الوضع العربي على إثر جائحة كورونا، وقد كان لكم مقال يحذر من تبعاته عربياً؟
- د. أحمد أبو الغيط: الجائحة هي أثرت على الوضع الدولي كله القوى العظمى والقوى الكبرى والقوى الصناعية تأثرت، ويمكن حتى تأثرت أكثر كثيراً من الدول العربية، المشكلة لدينا نحن العرب أن الكثير من دولنا وشعوبنا فقيرة، وبالتالي أشهد حالياً صراعاً أو نزاعاً أو سباقاً للحصول على اللقاح، الأقوياء قادرون على أنهم يشترونها، البعض قادر أنه يشتريه ويلقح الشعوب، لكن ما الحال في الشعوب الفقيرة الصومال، جزر القمر، السودان، مصر، تونس،المغرب، الجزائر، فيه محاولات كبيرة جداً واجتهاد ليس له حدود من قبل الحكومات، والحكومات تتحمل مسؤولياتها وتحاول حل مشاكلها ولكن الضغوط المالية والاقتصادية تضغط على أوضاع هذه المجتمعات، من هنا الجامعة العربية سعت إلى المجتمع الدولي وإلى الأمم المتحدة لتنسيق الجهد الدولي بشكل يؤمن للشعوب العربية القدر المعقول من اللقاحات التي تستطيع أن تحمي المجتمع العربي والإنسان العربي من هذه الجائحة، أتابع بدقة ما يحدث على المسرح العربي ويسعدني جداً أن اللقاحات بدأت تصل إلى شعوب وحكومات ودول لم يسبق لها الحصول عليها من قبل، منطقة الخليج لديها جاهزية وإعداد جيد استطاعت أنها تعالج الوضعية التي وجدت نفسها فيها على مدى العام، لكن يبقى الأفقر محتاجاً لدعم من المجتمع الدولي ونحن في تواصل دائم مع الأمم المتحدة للبحث في هذا الأمر.
- طارق الحميّد: هل من مبادرة عربية-عربية تحت مظلة الجامعة العربية لضمان هذه اللقاحات ووصولها لمن يحتاجها في العالم العربي؟
- د. أحمد أبو الغيط: لا هو الجامعة العربية مبكراً منذ أبريل 2020 أصدرت بياناً من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي مع المجتمع الدولي، المسألة تجري تسويتها على مستويين، مستوى ما بين الجامعة العربية ومنظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة من ناحية لتأمين اللقاحات، على الأقل إعطاء الدول العربية حصصاً فيها وأسعاراً معقولة وبمساعدات مجانية من قبل المؤسسات الخيرية، وهناك مليارات وضعت تحت إمرة وتصرف الشركات لتقديم اللقاحات مجاناً للدول هذا مستوى، المستوى الآخر وهنا الحكومات العربية تسعى لتأمين القدر الأدنى من احتياجات الشعوب وأرصد بدايات قوية للحصول على اللقاحات للشعوب المختلفة في المنطقة العربية.
- طارق الحميّد: طيب، معالي الأمين، من زاويتي كمراقب أرى المصالحة الخليجية العربية، واتساع معسكر السلام، واستحقاقات الملف النووي الإيراني، ومرحلة الإدارة الأميركية الجديدة، ماذا يرى معاليكم من زاويته، وما معنى ما يرى، وزاويتكم هي الزاوية الأوسع، والأدق؟
- د. أحمد أبو الغيط: الإدارة الأميركية والرئيس بايدن وكبار مساعديه ومسؤوليه أعلنوا من البداية أن هذا الملف النووي الإيراني هو الملف الأكثر ضغطاً واهتماماً وتعرضاً للاهتمام من قبلهم وهذا ليس بالأمر الغريب، ولكن ما يبدو أنه يعني توجه أميركي ولا أستطيع أن أستريح لهذا التوجه حالياً، هو أنهم يفكرون في العودة للانضمام للاتفاقية النووية الموقعة سنة 2015 (5+1) مع إيران، يعودون إليها دون تعديل في توجهاتها أو ما ينقصها من نقاط، ماذا يعني ذلك؟ دعني أشرح لك هذا الأمر الاتفاقية عندما وقعت كان تركيزها فقط على الملف النووي الإيراني وعلى تحجيم قدرة إيران في الحصول على السلاح النووي على الأقل خلال ما بين 10 -15 عاماً وتحجيم قدرة إيران في استخدام أجهزة الطرد المركزي، ما نقص هذه الاتفاقية وكشفت عليه إدارة ترمب السابقة ونحن كعرب كان لدينا قلق دفين هو الأداء الإيراني في الإقليم، الاتفاقية مكنت إيران من استعادة أموال مجمدة (مليارات) هذه المليارات ربما تستخدم في أداء التمويل في الإقليم وتصرفات في الإقليم تعرض أمن واستقرار الإقليم للاهتزاز مثلما يحدث في اليمن على سبيل المثال، هذا الأداء الاتفاقية لم تتحدث فيه، بالإضافة إلى الأداء، آتيك إلى موضوع الصواريخ نفسه بمعنى أن إيران تطور قدرات صاروخية ومسيرات وصواريخ كروز بشكل أصبح له تهديد في الإقليم، وبالتأكيد ما حدث في 2019 في منشآت النفط أو ما حصل في بعض الموانئ في الإمارات، هذا كله يكشف أن هذه القدرات تستخدم استخداماً ضاراً بالجيران وهذا بُعد ثان، هاتان النقطتان واللتان هما نقطة الأداء والصواريخ يجب أن تبحث وتبحث بشكل يمكن أن نجد اتفاقية شاملة لا تلحق أذى بأي من الأطراف الموجودة في الإقليم، وهناك بُعد ثالث كيف يتم نقاش هذا الموضوع وأطراف الإقليم غير موجودة، يعني أنا شخصياً أتصور أن دول قوى مجلس التعاون يجب أن تكون موجودة في مثل هذا النقاش ومثل هذه المفاوضات والمشاورات، عندما كنت وزيراً للخارجية المصرية كنت دائماً أُصمم أن مصر والأردن باعتبارهما عمق الخليج والجزيرة يكونان موجودين في عمل متكامل في أي نقاشات قادمة كان في وقتها مع إيران، كل هذه المسائل يجب أنها تؤخذ أو تحظى بعين الاعتبار من جانب الولايات المتحدة، الجانب الأميركي وفي متابعة دقيقة لنقاشاتهم وتصرفاتهم وأدائهم يقولون سوف نفتح النقاش على إيران، فيأتيهم ردود فعل إيرانية آخرها الثلاثاء عن فلنبدأ بخطوات متناسقة ومتوازية، هذه كله إذا ما كان في إطار محسوب بدقة ورأي دول الجوار والدول العربية ودول الجامعة موضوع على المائدة، آثاره غير طيبة ويمكن أن يعطي قدرات أو يدفع بالأطراف العربية لمواقف لا ينبغي أن تكون، نحن لا نريد سلاحاً نووياً في الإقليم بكامله سواء على الجانب الإسرائيلي أو على الجانب الإيراني، لأن هذا يضع الدول العربية في أوضاع لا تحسد عليها وقد يدفع بها لخيارات لا ترغب بها هذا هو تحليلي للموقف حتى هذه اللحظة، يجب على الجانب الأميركي في بدء تناوله للأمر أن يحسب خطواته بدقة لأن الخطوة الخاطئة قد تقود إلى عواقب ونتائج خاطئة، أنا طبعاً متابع للمبعوث الأميركي لإيران «روبرت مالي» له يعني باع كبير في هذا الموضوع وكان يعمل مع وزير الخارجية «جون كيري» في وقتها سنة 2015، ويجب أنهم يعوا التحسبات التي تحدث بها البعض وما زال على مدى السنوات الأربع الأخيرة.
- طارق الحميّد: ألا تخشى تكرار ما حدث في فترة الرئيس أوباما، كون هذا الفريق هو تقريباً من تلك الفترة في ما يختص الملف النووي؟
- د. أحمد أبو الغيط: أتمنى أن الجانب الأمريكي يتنبه لخطورة الوضع ويتنبه لوجهة النظر العربية، وجهة النظر العربية يجب أن تؤخذ بالحسبان لأنه إذا دفع بالعرب خارج النقاشات ولم تؤخذ الرؤى العربية والأفكار العربية في الحسبان، فهذا يمثل خطأ جسيماً يؤدي لأن الاتفاق يولد أعرج كما كان في السابق.
- طارق الحميد: هذا يقودني لمقالكم الاخير الذي نشر في صحيفة الشرق الأوسط وكان معاليكم يتحدث فيه إلى قارئ مستهدف، هل كان المستهدف هو الرئيس الأمريكي جو بايدن؟
- د. أحمد أبو الغيط: طبيعي، الرئيس والإدارة، هي كانت إدارة قادمة جديدة، المقال صدر أتذكر في 25 يناير، منذ أقل من سبعة أيام، لأنه أنا شخصياً شاركت في ندوة لقمة بيروت حول ما هو المنتظر وجاءني أحد المشاركين الأمريكيين في الندوة وهي كانت عبر الفيديو كونفرانس، وقال ضعوا رؤاكم كعرب على مائدة هذه الإدارة القادمة، ففكرت لن نفعل ولكن أن أكتب المقال ونضعه أمامهم ونرى ما هو الموقف، إدارة الرئيس أوباما في تقديري المتواضع أخطأت أخطاء فادحة في تناولها موضوعات الشرق الأوسط في الفترة من 2009 إلى 2015، هذه الأخطاء الفادحة وأراها أخطاء فادحة، أدت إلى اتفاق نووي أعرج، خرجت منه الإدارة التالية، أدت إلى تقارب أمريكي إيراني على حساب العرب وهم حلفاء لا يضمرون إلا الخير للمجتمع الدولي وللولايات المتحدة، هذه الأخطاء وضعت الدول العربية ونسيجها الوطني تحت ضغط هائل أدى إلى تشريح بعض هذه الدول وسقوطها بشكل حاد في يد التدخلات الإقليمية الخارجية وبالتالي كتبت هذا المقال تحديداً لألفت النظر لها وعواقبها للحظر من تكرارها، وأنا شخصياً أعتقد أن الرئيس بايدن بتجربته المتراكمة وأنا أعرفه منذ أكثر من 30 عاماً وهو رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ عندما كنت سفيراً أو مندوباً دائماً أو عضواً كبيراً في الوفود المصرية، ما أرغب في قوله أن هو نفسه لا يغيب عنه أخطاء العشر سنوات الماضية والمأساة التي هذه التصرفات قادت إلى أوضاع في الأمة قضت على الدولة الوطنية وهددت الكثير من الدول الوطنية العربية بالاندثار والاختفاء، فالمقال في الأساس كان يستهدف التفكير الأمريكي.
- طارق الحميد: المقال يحتوي على تفاصيل خطيرة، أريد أن أسال سؤالاً ثم نأخذ فاصلاً، هل تواصلت معك الإدارة الجديدة كأمين الجامعة العربية قبل المقال أو بعد المقال، لأنه اشتمل على رسائل كثيرة كما هو واضح؟.
- د. أحمد أبو الغيط: لا لم يحدث ذلك، المقال كما تقول ثقيل الوزن ويحتاج إلى دراسة وتقييم، المقال لم يمض عليه أكثر من أيام، تقديري انهم بيبلغوا العربي أنه نحن في تركيزنا لنا أولويات هذه المرة لا تعرضكم ليدنا، لكن التفاعل والتعامل مع إيران سيعرضنا نحن العرب للخطر، سأضرب لك مثلاً قبل الفاصل، يوجد مثل أوكراني كان دائماً مندوب أوكرانيا في الأمم المتحدة عندما كنت هناك كمندوب دائم يردده، يقول قس ألف مرة للقماشة التي تمتلكها واقطع مرة واحدة، وبالتالي مطلوب منهم أن يقيسوا ألف مرة قبل التحرك،
-طارق الحميد: معالي الأمين، قس ألف مرة وقص مرة واحدة، هكذا كنت تقول؟
- د. أحمد أبو الغيط: هو فعلاً كذلك، وبالتالي الرأي المخلص الذي أوجهه إلى الإدراة الأمريكية، لأن المسألة ما هي؟ أنت تستطيعين يا إدارة أن تعودي للنقاش ولكن يجب أن تعودي للنقاش مع إيران مع وضع مشروطيات واضحة محددة ولا ينبغي أن يردد البعض أن إيران أصبحت على العتبة النووية لأن هذا أمر بالغ الخطورة.
- طارق الحميد: تقصد تصريحات وزير الخارجية الأمريكي؟
- د. أحمد أبو الغيط: تصريحات وزير الخارجية والمقالات التي يرددها الإعلام الأمريكي المسرب له هذه المعلومات، هذا كلام خطر للغاية، لأن هناك طرفاً اسرائيلياً، وهذا الطرف الإسرائيلي، صحيح كثيراً ما يعمل بتنسيق كامل مع الولايات المتحدة لكن أحياناً مصالحه تضغط عليه إلى الحد أن يتصرف بمعزل عن الولايات المتحدة، فلا أحد يعلم إلى أين سيذهب، وبعدين في دولة جاره أخرى تسعى حالياً إلى أداء إمبراطوري يعود بها 100 سنة سابقة وهي تركيا العثمانية أو تركيا الأردوغانية، تركيا بدأت تردد ولماذا لا تسعى تركيا نووية عسكرية أو هكذا ردد بعض المسؤولين الأتراك، أنا قرأت تقريراً مساء أمس عن زعم لصحيفة هندية أن باكستان - لعله دس أو يقترب من الدس الهندي إلى باكستان - هذا الادعاء في التقرير الصحفي يقول إن باكستان تساعد تركيا على معرفة نووية ما، أستطيع أن أؤكد لك أن هناك تصريحات عربية كثيرة أننا نحن العرب لن نكون الوحيدين المعرضين للتهديدات من هذا الجار أو ذاك.
- طارق الحميد: بمعنى، لسنا نحن الوحيدين؟
- د. أحمد أبو الغيط: بمعنى أن العرب إذا سمح لإيران بالحصول على قدرة نووية، وأنا كتبت هذا الكلام في كتاب «شهادتي على الحرب والسلام» أنه لا يمكن أن يسمح لإيران ولتركيا بذلك ومصر والمملكة العربية السعودية لا تستحوذان على نفس القدرة.
- طارق الحميد: أنت تحظر من سباق تسلح؟
- د. أحمد أبو الغيط: طبيعي، وسباق التسلح فرض نفسه على المنطقة، هو اليوم المسيارات التي تستخدم سواء القدرة الهائلة لها، وهذه ليست قدرة لمجرد الدفاع ولكن استخدمت في الهجوم والتجاوز والتعدي على أطراف عربية محددة، وبالتأكيد سفن النفط التي هوجمت في بحر العرب أو مضيق هرمز أو في موانئ الشارقة والمنشآت النفطية السعودية كل هذه مسائل لا تغيب عن المتابع، وهناك أيضاً تركيا، فهي لديها مسيارات أصبحت أيضاً في اتجاهات كثيرة سواء في أذربيجان وأرمينيا وشرق المتوسط أو غيره.
-طارق الحميد: معالي الأمين في هذه الأيام صدر بيان ثلاثي من إيران وتركيا وروسيا تؤكد سيادة سوريا، لا أعلم كيف لأطراف خارجية تؤكد سيادة بلد كما تفضلت في البداية وجود أمريكي ودول أخرى، وأنت حريص دائماً على هيبة الدولة، أي سيادة بقيت في هذا الحال. وكيف ترى الدور الروسي في المنطقة الآن؟
- د. أحمد أبو الغيط: تمام، كلماتك تؤشر إلى واقع مأساوي إن الدولة الوطنية السورية أصبحت مقطعة الأوصال وخاضعة لتأثيرات من كل الأطراف إقليمية ودولية، عندما تقول إسرائيل إنها ضربت مواقع في سوريا وهم يقصدون طبعاً مواقع إيرانية في سوريا، 500 مرة في 3 سنوات شيء مزعج لأي إنسان يستشعر الحاجة للدولة العربية الوطنبة قادرة عن الدفاع عن نفسها وتأمين سكانها، اليوم لا يقل عن 10 ملايين مواطن سوري نازح داخل سوريا أو مهاجر خارج سوريا، هناك كما أسلفت في بداية الحديث تواجد داخلي من كل الأنواع، تواجد روسي وعندما نتحدث عنه يقال إنه بطلب من الحكم المعترف به دولياً والذي يجلس في مقعد سوريا في الأمم المتحدة وهو حكم الرئيس بشار في دمشق ولكن هو تواجد يجذب تواجداً آخر اسمها التواجد الأمريكي، وهناك ظهور أمريكي واضح جداً على الأرض السورية خصوصاً في الشرق، هناك تفسخ للوطن السوري متمثلاً في أن الشمال الشرقي أصبح خاضعاً للتوجهات الكردية بالكامل وهناك الشمال الغربي للجماعات الثورية والتواجد التركي الروسي المشترك، هناك دوريات مشتركة داخل سوريا في إدلب، هناك التواجد الأمريكي في الجنوب، هناك أيضاً عناصر من الحلف الأطلسي، صحيح لا يعلنون عن أنفسهم لكنهم موجودون على الأرض في سوريا، طبعاً وضع مأساوي بدأ مع 2011، ووضع بدأ مع انزواء الدور العربي من ناحية، يمكن إطلاق عليه عدم نجاح العمل العربي لإقناع الحكم بالعمل العاقل المتوازن نحو لم الشمل السوري الداخلي، فترك لكل من هو صاحب رغبة أو صاحب أطماع أن يتدخل في سوريا، ترى خطورة داعش وما يطلقون عليها دولة إسلامية وهي ليست دولة إسلامية، هي دولة إرهابية في سوريا والعراق واحتلت مناطق هائلة من الشرق السوري ومساحات هائلة من العراق، إلى أن تم حصرها وتضييق الخناق عليها وإضعافها إضعافاً شديداً، وبالتالي هذا هو الوضع الذي يجب علينا كعرب أن نفكر كيف نستطيع أن نستعيد هذه الدولة الوطنية مرة أخرى، استعادتها يجب أن يبدأ من رفع الأيادي الخارجية، يجب من الاستعداد لإبداء التفاهم بين الأشقاء داخلياً، التفاعل الداخلي الداخلي في سوريا بشكل يفتح الطريق، وللأسف محاولة التوصل إلى لجنة دستورية تحقق توافقاً على دستور سوري في جنيف توقفت ولم تحقق أي اختراق، الكثير يتوقف على رؤية الحكم، الحكم يرى ويتصور أن التسوية يجب أن تأتي من خلال انتصار شامل كاسح على الأرض السورية
- طارق الحميد: ما الذي تبقى في سوريا ليكون هناك انتصار؟-د. أحمد أبو الغيط: تمام تمام، المسألة خطورتها أنه يجب أن تقضي على كل طرف معارض لكي تدعي أنه يتم لك الانتصار، وهذا أمر خطر للغاية، يجب التوصل إلى تسوية سياسية دستوية متوافق عليها بين كل الأطراف السورية تفتح الطريق لاستعادة التوافق الداخلي واستعادة الدولة الوطنية وخروج كل القوى الأجنبية من داخل سوريا.
- طارق الحميد: معالي الأمين نأخذ فاصلاً ونعود لاستكمال الحديث، معالي الأمين كنا نتحدث عن الأوضاع في المنطقة وتتحدث عن تركيا وغيران وروسيا وسوريا وضياع الدولة العربية في بعض المناطق، سؤالي هل من خطة عربية اليوم أو مبادرة من الدول العربية لإعادة استلام الأمور مرة أخرى للمبادرة أم تعتقد أن الأمور باتت معقدة في التدخل الخارجي في منطقتنا؟
- د. أحمد أبو الغيط: حتى هذه اللحظة في ارهاصات وأطروحات لكن لا يوجد جهد جماعي استراتيجي مشترك، أتصور وأقدر أن هناك حاجة لما يسمى ائتلاف قوى عربية، القلب، إذا تمكنت مجموعة صغيرة وفعالة من القوى العربية لجمع الشمل والتفاهم على إطار استراتيجي بمفاهيم واضحة محددة وتحدثوا بها إلى باقي المجموعة العربية، وتم تبنيها في قمة والتمسك بتنفيذها، وتكون لديها آلية، أتصور أننا نستطيع تجاوز الوضع الضاغط على الأمة حالياً، حتى هذه اللحظة هناك تعاون مصري سعودي إماراتي، هذا التعاون من الهام أن تتم توسعته ليشمل قوى عربية ذات تأثير، وهناك قوى أخرى مثل الأردن والعراق والمغرب والجزائر، هذه قوى عربية قادرة على التأثير والمساهمة النشطة في بناء هذه الاستراتيجية العربية، إذا ما تم هذا التوافق يمكن إطلاقها والتفاعل والتعامل على أساسها، وما هي المسألة، المسألة وهي ورقة قمت بتوزيعها كأمين عام في 2017 على الدول الأعضاء وتحدثت فيها في أكثر من قمة، هي أن الدول العربية - وهو أمر طبيعي - تمتد على 11 ساعة زمن مابين مسقط في الشرق إلى أقاصي المغرب في الغرب، كل طرف عربي يستشعر برؤية مختلفة للتهديدات، في شمال أفريقيا هناك تهديدات من تنظيم إرهابي أو تنظيمات إرهابية، وهناك منظقة الصحراء والساحل والجماعات المتأسلمة التي تهدد دولاً مثل مالي ونيجيريا والنيجر وموريتانيا وجنوب الجزائر وليبيا، هناك في المشرق تهديدات من إسرائيل هناك في الخليج تهديدات من إيران، فالتهديدات للأطراف العربية المختلفة بتختلف، نحن لا ينبغي أن نضع تهديداً ونقول إن هذا أولوية أولى وهذا أولوية ثانية وثالثة، التهديدات يجب تناولها نفس المستوى بنفس الخطورة حتى يستريح الجميع، نحن في المغرب العربي أو المشرق العربي أو في الخليج ومنطقة وادي النيل والمياه جميعاً تهديداتنا متكافئة وعلى قدم المساواة ونتفاعل معها جميعاً ككتلة واحدة قادرة على أننا نفرض على الأطراف الخارجية أن يراعوا مصالحنا، إذا حققنا هذا يبقى مثلنا نجاحاً كبيراً للعمل العربي المشترك.
-طارق الحميد: معالي الأمين سؤالي التالي سيكون عن القضية الفلسطينية، قضية القضايا وسأطرح سؤالي بشكل دقيق ومباشر، القضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو قضية القضايا، سؤالي سيكون مختلفاً، وهو ليس ما على العالم والعرب فعله، ما الذي على الفلسطينيين أنفسهم فعله لتحريك هذا الملف بجدية خصوصاً بعد اتساع معسكر السلام في المنطقة؟
- د. أحمد أبو الغيط: ياطارق الرد لا يحتاج لثانية تفكير، لا أحتاج للحظة تفكير وهو الوحدة الفلسطينية، لا تقل لي أنه من 2007 حتى اليوم مايقارب من 13 أو 14 عاماً وهناك انقسام فلسطيني حتى الآن، وحاول العرب وحاولت مصر لم الشمل، عليهم في الاجتماعات القادمة في القاهرة في الأيام القادمة خلال أربعة أو خمسة أيام أن يوحدوا عملهم الوطني أن يتفقوا على قاعدة وينطلقوا منها، القاعدة هي ميثاق المنظمة، منظمة العمل الوطني الفلسطيني، منظمة التحرير الفلسطينية، عليهم ان يقبلوا بهذا الميثاق بكل قواعده ويتفقوا على أنهم يتنافسون في الانتخابات ولكن لا يتعارضون إلى الحد أن يستفيد الخصم من خلافاتهم، شخصياً أنا وعلى مدى عشرة أعوام أكرر أن إسرائيل تعيش شهر عسل لأن الانقسام الفلسطيني أدى إلى هذا الوضع إن لدينا سلطة في الضفة الغربية في رام الله، وحكماً في غزة مستقلاً، يجب أن يوحدا الجهد، يجب أن تعود غزة والضفة الغربية وحدة واحدة وبالتالي لا تستطيع إسرائيل أن تلعب عليهم مثلما لعبت على مدى الـ13 عاماً الأخيرة وليس فقط إسرائيل والقوى الخارجية، فالقوى الخارجية تلعب في هذا الملف للانقسام.
-طارق الحميد: هل تتوقع إنجاز ذلك في 3 أيام، 3 أيام يعني تحتاج إلى كثير من التفاؤل والعمل.
- د. أحمد أبو الغيط: فعلاً أنا شخصياً كنت أقترب من هذا الملف بالكثير من التحسب، والكثير من الشك، والكثير من التردد، دائماً وعلى مدى سنوات لدي شكوكي، ولكن - وهذه نقطة في غاية الأهمية أخ طارق - السكين على العنق الفلسطيني، الدولة الفلسطينية التي نحن جميعاً عملنا لها ومفهوم الدولتين، دولة فلسطينية ودولة إسرائيل تعيشان جانب بعضهم البعض مثلما قرار الأمم المتحدة ومجلس الأمن أشار إليه في 2002، هذا الهدف بينزوي، لماذا، لأن إسرائيل تحصل على الأرض وتأكلها رويداً رويداً، علينا أن نوقف هذا التدهور، وقف هذا التدهور يكون في الوحدة، التوافق على عمل مشترك، انتخابات، ظهور سلطة فلسطينية حيوية قادرة على أن تقول لإسرائيل والولايات المتحدة المجتمع الدولي والرباعي الدولي، علينا الآن أن نمضي في طريق بناء فكرة الدولة الفلسطينية والتسوية على أساس الدولتين، إذا إسرائيل لا ترغب في ذلك وتناور وتراوغ فعلى الأقل أمام المجتمع الدولي لقد حاولنا، وإذا فشلت المحاولة فلننتظر بعض الوقت وسيكون لدى الفلسطينيين الأغلبية على الأرض في أرض فلسطين مابين النهر والبحر، الفلسطينيون اليوم عددهم في هذه المنطقة ما يقرب من 7 ملايين والإسرائيليون 7 ملايين، بعد 15 سنة سيصبح الفلسطينيون 10 ملايين والإسرائيليون 7 ملايين، بعد 20 سنة الفلسطينيون يصبح عددهم 15 مليوناً وإسرائيل 8 ملايين، والأغلبية للفلسطينيين، وبالتالي عايزين تتحدثوا على ديمقراطية أم على دولة ابرتاهيد - فصل عنصري - دولة فيها عنصر حاكم وعنصر محكوم، المجتمع الدولي والعرب والمسلمون رافضون له، وبالتالي المفتاح هو الوحدة الفلسطينية، هو تجديد الحيوية الفلسطينية.
- طارق الحميد: هنا أنا أتوقف، تجديد الحيوية وظهور الشباب، هذه تفاصيل وعادة الشيطان في التفاصيل خصوصاً في القضية الفلسطينية من ناحية القيادات، هل تعتقد أن هناك قابلية فلسطينية لاستيعاب ذلك، الحاجة تلح لكن هل تعتقد أن القيادات الفلسطينية الحالية واعية لأهمية التجديد؟
- د. أحمد أبو الغيط: القيادات الفلسطينية قيادات وطنية وناضلت واستشهد الكثير منها ولا ينبغي أن تفوتنا معاناة الفلسطينيين ومعاناة الشعب الفلسطيني وقياداته معه، وبالتالي القيادة مطلوب منها إضاءة الطريق وإلقاء الضوء وأخذ القيادة أي أن تندفع إلى الأمام ويتبعها الشعب، القيادة مطلوب منها في هذه اللحظة الصادقة مع النفس أن تقود، وأنا شخصياً قارئ متعمق في التاريخ الإنساني، هناك قيادات لمجتمعات قادت مجتمعاتها للخروج من أزمة طاحنة، لا أعلم إذا قرأت كتاب «شاهد على الحرب والسلام» أم لا، الكتاب الذي أعددته على حرب أكتوبر وعملية المفاوضات مع إسرائيل، الرئيس السادات بجسارة وقوة دخل الحرب ثم دخل السلام، لكل قائد مسؤوليات، ولكل قيادة مسؤوليات، هذه المسؤوليات تفرض عليها أن تنطلق في طريق المصلحة العامة للمجتمع، وأتوقع ولا أستبعد إطلاقاً أن القيادات الفلسطينية تسعى في هذا الاتجاه.
- طارق الحميد: شكراً جزيلاً لك.