زوايا متخصصة

كورونا بين سوء معاملة الأشخاص وضبط النفس

مختصون لـ عكاظ : الأزمات تؤثر على العلاقة بين الأفراد

أحمد عمرو

محمد الشهراني (الدمام) mffaa1@

لقيود الحركة الناتجة عن الإجراءات الاحترازية للوقاية من كورونا، كالتباعد الاجتماعي وتقييد السفر وإغلاق المؤسسات المجتمعية والعزل والحجر الصحي والمنزلي، تأثير بشكل واضح على سوء المعاملة في العلاقات، خصوصاً العنف الأسري والمنزلي دون استثناء لشكل محدد، الأمر الذي يحتم علينا جميعاً إعادة التفكير في ضبط النفس، والتعامل بشكل جيد مع الأفراد من حولنا، تجنباً للتسبب في أثار نفسية عليهم.

الأستاذ المشارك في علم النفس الإكلينيكي الدكتور أحمد عمرو، أوضح أن للمكوث في المنزل لفترات طويلة تأثيراً على زيادة استخدام آليات القوة والهيمنة لعزل ضحايا العنف كوسيلة لممارسة سلوكيات شائنة عليهم، وأضاف: «لا نستطيع أن نجزم أن العنف نتيجة طبيعية لجميع حالات المكوث في المنزل، فقد نتج عنه مزيد من الترابط الأسري في بيئات أسرية معينة، وقد يزداد العنف بشكل خاص أوقات الأزمات، سواء كانت اقتصادية أو نفسية أو اجتماعية أو صحية كتفشي الأمراض والأوبئة خصوصاً بين المُعنفين سابقاً، فعديد من النساء والأطفال ماكثون في منازلهم مع من يسيئون إليهم بعد تصاعد التوتر الأسري بسبب تفاقم الوضع المعيشي والمخاوف من انتقال العدوى، الأمر الذي قد يسفر عن حرمانهم من خدمات الدعم النفسي التي كانت متاحة سابقاً. وقد تؤدي البطالة وعدم استقرار الوضع الاقتصادي والكرب النفسي لدى المعتدي الناتج عن جائحة COVID-19 إلى شعورهم بفقدان تلك القوة، الأمر الذي قد يؤدي بدوره إلى تفاقم وتيرة وشدة سلوكهم التعسفي تجاه من حولهم. وتساءل عمرو كيف يمكن الاختيار بين أمرين في غاية الخطورة البقاء في المنزل في ظل بيئة العنف كإجراء احترازي للوقاية من العدوى، أو الخروج من المنزل في ظل بيئة صحية غير آمنة لانتقال العدوى للهروب من بيئة العنف المنزلي، وأضاف: «كما تبين أن عدم القدرة على الوفاء بالالتزامات المالية والحفاظ على الروابط الاجتماعية يزيد بشكل كبير من الضغوط الأسرية والعنف المنزلي».

ولفت عمرو إلى اختلال توازن القوة والسيطرة الذي حدث خلال فترة الجائحة سواء بين الراشد والطفل أو الرجل والمرأة أو القوي والضعيف، وشدد على ضرورة ألا ننتظر مزيداً من ضحايا العنف أو عواقبه النفسية لتلقي خدمات العلاج النفسي، بل من المهم الاستفادة من نتائج الدراسات العلمية التي تناولت أكثر فئات المجتمع استهدافاً للعنف وعوامل الخطر المساهمة في حدوثة لتلقي تدخلات وقائية لتخليص الأفراد من الاستعدادات للإصابة بالاضطرابات النفسية أو قبل أن تتحول لاضطرابات وانحرافات أو لوقاية الأفراد المعنفين سابقاً قبل التعرض لعنف جديد تحسباً من مضاعفات لا حصر لها، أو لتقليل العواقب الوخيمة والمضاعفات الشديدة لحالات عنف آنية. فضلاً عن دور المحيطين في الاكتشاف المبكر لحالات العنف وتصديق الضحية وعدم لومه على ما مر به من خبرات انفعالية ناتجة عن العنف.

بدورها، أوضحت المرشدة الأسرية والنفسية هدى إبراهيم البريدي ما سببته أزمة كورونا من آثار اقتصادية ونفسية سواء على الأشخاص بمختلف مراحلهم العمرية أو على المجتمع عموماً، فبالنسبة للأشخاص يختلف عمق هذه الآثار وشدتها من شخص لآخر بحسب طبيعته الشخصية وقدرته على التعامل مع الضغوط، فالبعض يتمتع بالوعي الكافي والقدرة على إدارة مشاعره للتخفيف من حدة القلق والتوتر لديه عن طريق الحوار الهادئ أو ممارسة الهوايات أو الرياضة أو أي نشاط يفضله، بينما البعض الآخر لا يمتلك هذه القدرة مما يجعله حاد الطباع وسريع الانفعال ويعيش تحت ضغط نفسي مستمر فيلجأ لافتعال المشكلات والخلافات، ويمكن ملاحظة ذلك في بعض حالات فقدان الاستقرار والعنف لدى بعض الأسر التي فشل أفرادها في إدارة ضغوطهم والتعامل معها بشكل جيد.

‏وأشارت البريدي إلى أنه مما سبق نستنتج أن التمتع بمهارات التعامل مع الضغوط وإدارة المشاعر أمر مهم جداً لكل شخص حتى يكون قادراً على مواجهة الأزمات وتجاوزها بسهولة مما يحد من آثارها السلبية عليه وعلى المجتمع.