تحقيقات

الخناق يضيــق على مروجـي «ارفع الشاشة فوق» !

غالبيتهم ينتهج القصص المفبركة للفت الانتباه.. وآخـرون جعلوا حياتهم الخاصة مكشوفة لجذب المتابعين

عدنان الشبراوي (جدة) Adnanshabrawi@

مع التنبيهات المتكررة من وزارة التجارة للمتحايلين وتحذيرهم بفرض عقوبات على مخالفي الإعلانات الإلكترونية وإنشاء أيقونة بلاغ، وبعد إعلان ضوابط الترويج الالكتروني والتحذير من خداع المستهلك، ثمة توقعات من مختصين بتضييق الخناق أكثر على بعض مشاهير تطبيقات التواصل الاجتماعي وجماعة «ارفع الشاشة فوق» ممن يعتمد بعض محتواهم على إعلانات مضللة ومبالغ فيها هدفها جذب المستهلك مقابل حصول المعلن على حصته.

«التجارة» بعد إعلانها ضوابطها حول الإعلان الإلكتروني، شددت على أن يتضمن الإعلان بياناً يوضح أنه مادة إعلانية، ومنعت تضمين أي ادعاء يخدع المتسوق، ومنحت المستهلك حق الإرجاع والاستبدال والتحقق من كافة البيانات للمنتج والوكيل. والراصد والمتتبع لكثير من إعلانات منصات التواصل الاجتماعي يرى عدداً مهولاً من إعلانات تلاحق المستهلكين، ما بين إعلانات صحية عن تبييض الأسنان بشكل فوري أو علاج سحري للشعر الأبيض، أو الترويج لسلع وأجهزة خارقة أو التسويق عن سلع غير مطابقة للمواصفات وخصومات مذهلة خادعة وبيع تطبيقات تزعم تتبع خطوات الآخرين!

كيف تعاطى النظام مع «الإعلان» ؟

عرّف نظام التجارة الإلكترونية -وفق ما اطلعت عليه «عكاظ»- الإعلان الإلكتروني بأنه كل دعاية بوسيلة إلكترونية يقوم بها موفر الخدمة، تهدف إلى تشجيع بيع منتج أو تقديم خدمة بأسلوب مباشر أو غير مباشر.

وفي جولة ورصد لحسابات تتصدر المشهد في «سناب شات»، يمكن رصد حجم الإعلانات غير المباشرة في أغلبها دون الإشارة لحقيقتها. ويؤكد المتحدث الرسمي في وزارة التجارة عبدالرحمن الحسين، وجود ضوابط إلزامية منظمة لآليات الإعلانات التجارية الإلكترونية بمواقع التواصل الاجتماعي، مبينا أهمية التزام المعلنين الأفراد والمنشآت بها تطبيقاً لأحكام نظام التجارة الإلكترونية ولائحته التنفيذية. وأكد المتحدث رصد ومتابعة الوزارة المستمرة لمخالفات ضوابط الإعلان التجاري الإلكتروني وفقاً لاختصاصها بهدف حماية وحفظ حقوق المستهلكين وإيقاع العقوبات النظامية على المخالفين.

وتنص الضوابط على تصريح المعلن بتقديمه مادة إعلانية، وذكر اسم المنتج والخدمة المعلن عنها واسم موفر الخدمة، وعدم تضمين الإعلان أي ادعاءات أو عبارات كاذبة أو مضللة للمستهلك، وعدم الإعلان عن أي منتج مقلد أو مغشوش أو علامة تجارية لا يملك المعلن حق استخدامها.

الكرت الأصفر لحسابات مليونية

أنذرت وزارة التجارة حسابات «مليونية» نشروا إعلانات مخالفة أو مضللة أو غير صحيحة، وواجهت الوزارة المخالفين بالقول إن «هذه التغريدة مخالفة لنظام التجارة الإلكترونية، وإن ضوابط الإعلان الإلكتروني تلزم المعلن بتضمين بيان يوضّح أنه مادة إعلانية»، ما دفع بعض المشاهير إلى حذف محتوى ما نشروه.

وأوقعت وزارة التجارة غرامات بنحو 750 ألف ريال بحق مخالفين لضوابط الإعلان الإلكتروني التي نص عليها نظام التجارة الإلكترونية، ولائحته التنفيذية. شملت المخالفات معلنين ومعلنات على منصات التواصل الاجتماعي مثل: «سناب شات، تويتر»، تنوعت المخالفات ما بين عدم الإفصاح عن تقديم مواد إعلانية لمنتجات متعددة، منها: العطورات والأجهزة الكهربائية والأواني المنزلية والمطاعم وشركات التأمين ومواقع الأزياء وغيرها، إضافة إلى ادعاءات كاذبة لمنتجات القهوة ومنتجات غذائية متنوعة، وتداول عملات. كما خالفت الوزارة أيضا متجرين إلكترونيين، وجرت عملية الإغلاق والحجب لهما.

وأوضحت وزارة التجارة أنه وبحسب نظام التجارة الإلكترونية ولائحته التنفيذية يعد الإعلان الإلكتروني من الوثائق التعاقدية المكملة للعقود وملزمة لأطراف العقد، ويمنع النظام عرض أي معلومات مضللة أو مخادعة للمستهلك في محتويات الإعلان أو طريقة صياغته حفظا لحقوق المستهلك ومنعا للتحايل.

التسويق بـ «خفة الدم» والنكات السمجة !

الكاتب الصحفي وائل بن عبدالعزيز يرى أن بعض الإعلانات المنشرة في تطبيقات الهواتف الذكية تستهدف غباء البعض وتعتمد في الترويج لسلعتها على بعض من يطلق عليهم «مشاهير السوشال ميديا» والمؤثرين ممن يمتهن الإعلان من خلال حسابات بمقابل مالي يعتمد على شهرة صاحب الحساب وماهية الإعلان.. «نصيحتي لمتابعي اللهاث الإعلاني بألا ينجرفوا خلف تلك الإعلانات دون التحقق من مصداقيتها، لا سيما أن كثيراً ممن يتولى الإعلان يعتمد على ما سيتقاضاه ماليا للترويج للمنتج بغض النظر عن صحته، وكلما كان الإعلان مغريا كانت المبالغة في وصف المنتج بعبارات مشوقة ووصف لا ينطبق على الواقع وهو ما يعد غشا وتدليسا على المستهلك ما دفع وزارة التجارة التصدي لهذه السلوكيات».

ويضيف وائل أن بعض المعلنين يصطنع في إعلانه خفة الدم أو النكتة أو الحضور اللافت، وفي الحقيقة يكون قد قبض مقابل فعلته مبلغاً مالياً ضخما يراوح في سوق الإعلانات بين 10 آلاف و20 ألفا إلى 50 ألفا أو أكثر. والواقع يؤكد أننا -كمتابعين- طالما ساهمنا في متابعة هؤلاء وتجاوبنا معهم ومع بضاعتهم نكون قد وقعنا في الفخ، وبالطبع هذا لا ينسيني أن أستثني كثيرا من المشاهير ممن يستحقون المُتابعة ولا يتاجرون بالإعلانات المضللة والبضاعة المزجاة.

السوشال ميديا.. إغراءات خادعة

المصممة والمدربة رانيا العقاد تقول إنه في ظل تطور سوق التجارة وانتقاله إلى فضاء إلكتروني مفتوح على مصراعيه موفرا الوقت والجهد للوصول إلى كافة انواع السلع والخدمات، من خلال ما يسمى الإعلانات الإلكترونية يتطلب في المقابل وضع تنظيمات قانونية لضبط المتجاوزين والمخالفين الذين ينشرون إعلانات مضللة في بعض الأحيان، ويستخدمون بعض مشاهير التواصل الذين لا يتحرجون من نشر أي شيء في أي وقت لأي سلعة طالما سيقبضون ثمن الإعلان مقدما، ما استوجب فرض عقوبات ومتابعة مستمرة من جهة الاختصاص. وقد ابتلي البعض من محبي وعشاق التطبيقات الذكية بمن يسمون أنفسهم (المشاهير) وينشرون في الفضاء الإلكتروني الإعلانات بإغراءات وعروض وأسعار لجذب الزبون، إلا أن شكاوى ظهرت لكثير ممن يتعامل إلكترونيا مع جهات غير مرخصة أو أصحاب حسابات لا يبالون بحقيقة المنتج، وفي الحقيقة لسنا ضد الإعلانات الإلكترونية ولكن ضد فوضى هذه الإعلانات، فالأمر يستلزم الضبط مع توعية المستهلك دائما بتحري الدقة والحرص على جودة المنتج وعدم الانسياق خلف الإعلانات الخادعة.

السعودية تتصدر «إلكترونياً» بـ 45 %

طبقا لتقارير إعلامية؛ تتصدر السعودية نحو 45% من حجم التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط بحجم سوق يبلغ أكثر من 33 مليار ريال. ورصد مغردون متابعة وزارة التجارة تغريدات شركات عدة نشرت إعلانات ترويجية لمنتجاتها وطالبتها بتضمين بيان يوضّح أن تلك التغريدة تمثل مادة إعلانية، وقالت في ردها على تلك الجهات والشركات «التغريدة مخالفة» وأرفقت في ردها ضوابط الإعلان الإلكتروني وفق لائحة نظام التجارة الإلكترونية.

وتؤكد وزارة التجارة إنها تعمل من خلال فريق عمل مختص برصد ما يتم نشره في وسائل التواصل الاجتماعي للتحقق من عدم وجود مخالفات لنظام التجارة الإلكترونية، كما تستقبل الوزارة بلاغات المستهلكين في هذا الخصوص عن طريق تطبيق «بلاغ تجاري».

عقوبة.. وغرامة مليون ريال

في رأي المستشار القانوني بندر محمد حسين العمودي، أن الضوابط القانونية لأي إعلان إلكتروني يجب أن يتضمن بيانا أنه مادة إعلانية ويوضح اسم المنتج واسم التاجر المُعلن ووسائل الاتصال واسم موفر الخدمة وعدم تضمين الإعلان أي عبارات كاذبة أو مضللة للمستهلكين وعدم الإعلان عن أي منتج مغشوش أو مقلد أو علامة تجارية لا يملك المعلن حق استخدامها، ووزارة التجارة هي جهة الاختصاص لرصد هذه المخالفات وإيقاع العقوبات والغرامات التي نص عليها نظام التجارة الإلكترونية ولائحته التنفيذية لأن الترويج للسلع المغشوشة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بإعلانات مضللة يُعد مخالفة لنظام التجارة الإلكترونية ولنظام مكافحة الغش التجاري ونظام العلامات التجارية وتترتب عليه عقوبات تصل إلى السجن 3 سنوات، وغرامات تصل إلى مليون ريال. وتقوم وزارة التجارة بإحالة مالك المنشأة المُعلِنة، والمعِلن إلى لجنة النظر في مخالفات نظام التجارة الإلكترونية. وعقوبات نظام التجارة الإلكترونية تشمل غرامة تصل إلى مليون ريال، وإيقاف مزاولة التجارة الإلكترونية. ولهذا فإن الإعلان الإلكتروني يتطلب شروطاً ومتطلبات أبرزها أن تكون المعلومات المتوفرة بالإعلان موثوقة ودقيقة وصادقة وألا يحمل الإعلان معلومات مكتوبة أو صورا أو مشاهد تؤدي إلى تضليل المستهلك، وإلا فمعاقبة المخالف بواحدة أو أكثر من العقوبات التالية: الإنذار، إيقاف مزاولة النشاط «مؤقتاً أو دائماً»، حجب المحل الإلكتروني «جزئياً أو كلياً»، غرامة مالية تصل إلى مليون ريال.

ووزارة «التجارة» حذرت من المواقع والحسابات المجهولة، ودعت للشراء من المتاجر الإلكترونية التي لديها سجل تجاري أو المسجلة بمنصة «معروف» أو المواقع المعروفة عالميا. وأكدت متابعتها المستمرة لتطبيق نظام التجارة الإلكترونية، وعدم التهاون في إيقاع العقوبات النظامية.

السجن لمحتال.. باع جوالاً وهمياً

لم تخلُ المحاكم من قضايا الاحتيال في التجارة الإلكترونية، إذ سجل أرشيف القضاء حكما تضمن إدانة محكمة سعودية مواطنا بالنصب والاحتيال في موقع إلكتروني للبيع والتجارة الإلكترونية وعاقبته بالسجن 6 أشهر، وفرضت عليه غرامة مالية بواقع ألف ريال مع التعهد الشديد عليه بعدم العودة لما بدر منه.

وأدين المواطن المحكوم بالنصب والاحتيال من خلال إعلان الكتروني عن بيع جهاز جوال بمبلغ 3000 ريال لمواطن وجرى تحويل المبلغ له بواسطة حوالة مالية، وزعم البائع أنه سيتم إيصال الجوال المباع له عبر شركة شحن، إلا أن المشتري اكتشف أنه وقع ضحية احتيال ما دعاه لتقديم بلاغ إلى جهة الاختصاص، وأوقفت النيابة العامة المتهم وأخضعته للتحقيق ومن ثم أحالته للقضاء حتى صدر الحكم عقب محاكمة استمعت فيها المحكمة للأطراف.

التلاعب بالعبارات والألفاظ

المحامية سمية الهندي تشير إلى أن نظام التجارة الإلكترونية اعتبر الإعلانات وثائق تعاقدية مكتملة وملزمة لأطراف العقد، ومنع بذلك عرض أي معلومات مضللة، سواء في محتوى الإعلان أو طريقة صياغته، وجاء ذلك في مواد من النظام واللائحة ضوابط تحكم الإعلانات الإلكترونية بما يجب أن يتضمنه وما يحظر تضمينه حتى يتجب المعلن العقوبة، وعلى مستوى البيانات فيجب أن يتوفر في الإعلان بيان يوضح فيه أنه مادة إعلانية، ويجب أن يتضمن الإعلان اسم المنتج أو الخدمة المعلن عنها والمعلومات ذات الصلة به، حتى يتسنى للمستهلك اتخاذ قرار بشأن شرائها أم لا، واسم موفر الخدمة (التاجر)، ووسائل الاتصال بالتاجر.

واشترط التنظيم عدم التلاعب بالعبارات والالفاظ بصورة مباشرة أو غير مباشرة لخدعة وإيهام المستهلك وألا تستخدم العلامات المقلدة، ومنح النظام وزارة التجارة والاستثمار الحق في إما إزالة المخالفة أو سحب إعلان المخالف، وكذلك فرض العقوبات ومنها إيقاع غرامة مالية تصل إلى مليون ريال، وإيقاف مزاولة التجارة الإلكترونية مؤقتا أو دائما، وحجب الموقع الالكتروني بشكل جزئي أو كلي.

وختمت بالقول، إن المرحلة المقبلة عقب إصدار نظام التجارة الإلكترونية وضوابط الإعلان أعتقد أن القانون سيواجه فوضى الإعلانات كون الأمر أصبح قانونياً أكثر منه سلوكيا وفق أهواء المعلن والوسيلة والسلعة ما سيدفع بعض مشاهير السوشال ميديا لأن يتحروا الدقة في ما يعلنون عنه وأن يتم توضيح الإعلانات المدفوعة لمتابعيهم وهذا من أبسط حقوق المستهلك

تفعيل خاصية إيقاف الإعلانات

يؤكد المحامي أحمد الراشد أن ترويج أي سلعة مخالفة أو غير مطابقة للنظام يعد جريمة وفق نظام التجارة الإلكترونية ولائحته التنفيذية التي وضعت ضوابط للإعلان الإلكتروني، وقد تتداخل الجريمة في بعض الحالات مع الغش والنصب والاحتيال وتفرض على المخالفين العقوبات، وللمتضررين حق التعويض عما أصابهم من ضرر، ويحظر النظام استعمال أي شعار أو علامة تجارية لا يملك موفر الخدمة حق استعمالها، أو أي علامة مقلدة ويواجه المخالفون عقوبات السجن والغرامة وفق ظروف الواقعة.

ويعرف المحامي عبدالله الشرقاوي الإعلانات الإلكترونية بأنها مجموعة من الإعلانات التي يتم نشرها على مواقع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بهدف الترويج لسلعة أو منتج ما، وإيصالها لأكبر شريحة ممكنة. وأصبحت لتلك الإعلانات أهمية كبرى في عصرنا الحالي، لا سيما مع كثرة زوار المواقع الإلكترونية وتزايدهم، الأمر الذي يسهل من مهمة التاجر في الترويج لمنتجاته في بيئة خصبة. ولأهمية تلك الإعلانات واستهدافها فئة كبيرة من المستهلكين الذين يسارعون لاستعراض المنتجات المُعلن عنها وشراء ما يناسبهم منها فقد أعلنت وزارة التجارة ضوابط الإعلان التجاري الإلكتروني، مبرزة أهم الضوابط التي يجب أن يتضمنها الإعلان التجاري الإلكتروني حيث أوضحت أنه يجب أن يتضمَّن الإعلان التجاري الإلكتروني بيانًا يوضح أنه مادة إعلانية وتفعيل خاصية تمكين المتسوق الإلكتروني من طلب إيقاف إرسال الإعلانات إليه. وأن يُمنع الإعلان الإلكتروني لأي علامة تجارية لا يملك التجار حق استعمالها أو علامة مقلدة، ووجوب تضمن الإعلان الإلكتروني عدة أمور أساسية تتمثل في اسم المنتج واسم التاجر، أو الممارس وسائل الاتصال وأن يمنع تضمين أي ادعاء يخدع المتسوق الإلكتروني. كما تضمنت تلك الضوابط أيضاً أن تكون الإعلانات الإلكترونية وما تضمنته من مواصفات أو عروض ملزمة للتاجر وجزءاً من العقد.