إدارة «بايدن».. ومفهوم أمن وسيادة المملكة !
الأحد / 03 / رجب / 1442 هـ الاثنين 15 فبراير 2021 00:06
نجيب يماني
حسناً فعلت الإدارة الأمريكية الجديدة بإعلانها صراحة عن التزامها بالتعاون مع المملكة العربية السعودية للدفاع عن سيادتها والتصدي للتهديدات التي تستهدفها على لسان رئيسها جوزيف بايدن، وأهمية هذا التصريح تكمن في توقيت صدوره، حيث سبقت هذا التصريح إشارات اتسمت بحمولات سلبية تجاه القضايا الإقليمية، وعلى رأسها ما ظلت تردده إدارة بايدن عن عزمها العودة للاتفاق النووي مع النظام الإيراني، بما أشاع حالة من التكهنات القلقة، والخوف من إعادة إنتاج سياسات الرئيس الأسبق باراك أوباما، التي أفضت إلى خلق حالة من التوتر في المنطقة.
يحمد لإدارة الرئيس السابق دونالد ترامب أنه أعاد ترتيبها على النحو الذي حجّم طموحات النظام الصفوي المنفلتة، وتصرفاته الرعناء.
على أن هذا الالتزام الذي أبدته إدارة بايدن حيال أمن وسيادة المملكة، واستعدادها للمساعدة حيالها، لا يمكن استيعابه على نحو لا يحمل بذور القلق، والشعور بالتناقض؛ ففي ذات الوقت الذي تعلن فيه هذا الالتزام، ترفع قيد «التصنيف الإرهابي» عن مليشيا الحوثي الانقلابية، فضلاً عن عزمها العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، فكلا الملفين يتصلان اتصالاً مباشراً بأمن المنطقة عموماً، والمملكة العربية السعودية خصوصاً، فلا سبيل إلى الحديث عن الدفاع عن سيادة المملكة إلا بمعالجة هذين الملفين، وليس في رفع القيد الإرهابي عن مليشيا الحوثي والعودة إلى الاتفاق النووي بصورته القديمة ما يبشّر بذلك؛ بل على العكس من ذلك تماماً، فمثل هذه التصريحات قد أعطت وقوداً معنوياً لماكينة الاعتداء الحوثي لاقتراف مزيد من المآثم والجرائم، ومظهر ذلك يتجلى في زيادة هجماتها بالصواريخ البالستية على المملكة، ومصدر هذه الصواريخ معروف، ومن يدعمها لا يخفى على إدارة بايدن، فهذه حرب تقودها مليشيا الحوثي الإرهابية بالوكالة عن النظام الصفوي في إيران، والغاية منها زعزعة أمن واستقرار المنطقة لفرض أجندتها الآيديولوجية على وقع السلاح، وتحت دخان النيران، ولعل في العدوان الحوثي الأخير على مطار أبها ومدينة خميس مشيط بطائرات إيرانية مسيرة من طراز (أبابيل) واستهداف المدنيين هو في حقيقته تحد للعالم أجمع.
إن هذا التوجّه الذي تقوده إدارة بايدن لإزاحة جماعة الحوثي عن قائمة الإرهاب، والتذرّع بالبعد الإنساني، لا يمكن قبوله على هذا المحمل المخاتل، ولعل هذا ما عبّر عنه السيناتور الجمهوري توم كوتون، بقوله: «بايدن وبليكن قد يعتقدان أن عدم تسمية جماعة الحوثي بالإرهابية قد يؤدي للسلام، ويتجاهلان أن هذه الجماعة لم تذعن لوقف إطلاق النار وعطلت فرص السلام من قبل»، وقد أصاب «كوتون» عين الحقيقة في هذه النقطة، ونضيف إليها أن هذا البعد الذي تتذرّع به إدارة بايدن ظل حاضراً في أجندة المملكة العربية السعودية منذ أن تولت قيادة التحالف العربي من أجل استعادة الشرعية في اليمن، فقد صاحب المسار العسكري، مسار إنساني تولاه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، والبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن؛ فكلا المسارين ظلا يقدمان العون والسند للشعب اليمني الشقيق، بحق الواجب، والدين، والإنسانية، دون منّة أو أذى، يقيناً بأن الشعب اليمني قمين بكل الخير، مستحق لأن يعيش حياة كريمة، وهو ما دأبت عليه المملكة في مسعاها من خلال هاتين المنصتين وغيرهما، فلم يقف عطاؤها عند حدود الأعمال الإغاثية العاجلة جراء المآسي التي ترتكبها مليشيا الحوثي الإرهابية بقصفها العشوائي، واستهدافها للأعيان المدنية؛ بل أيضاً بترسية البنى التحتية، لضمان عودة سريعة للحياة في اليمن بعد انتهاء أزمة الحرب، والقضاء على هذه الجماعة الإرهابية.. وفي ظل تقدير المملكة سلفاً للبعد الإنساني في أزمة اليمن، يصبح التذرع بهذا البعد لرفع الغطاء الإرهابي عن جماعة الحوثي، توجّهاً سلبياً يمنحها انتصاراً معنوياً؛ إن لم يكن مادياً أيضاً، ويزوّدها بطاقة على الجرأة لمزيد من التعدّي، مسنودة بما تجده من النظام الإيراني، الذي يجد هو الآخر نفس السند والدعم بما تعلنه إدارة بايدن حيال ملفها النووي، وها هو النظام الإيراني يرفع من سقفه بمزيد من الاشتراطات، ورفض أي محاولة للتعديل على الاتفاقية بصورتها الكارثية القديمة.
واقع الحال أن المملكة على موقفها الثابت في دعم التوصل لحل سياسي شامل للأزمة اليمنية، وترحب بجهود الولايات المتحدة الدبلوماسية لحل الأزمة اليمنية، ويكفي أن التحالف الذي تقوده أعلن في أكثر من مرة وقف إطلاق النار بشكل أحادي استجابة لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة، دون أن تلقى استجابة من مليشيا الحوثي الإرهابية، والنظام الإيراني الذي يدعمها ويساندها في هذه المآثم.. والحال كذلك فإن المملكة تتطلع لأن تقدّر إدارة بايدن الوضع في المنطقة التقدير الأمثل، وتستشرف مع المملكة الأفق البعيد الذي تسعى إليه والمتمثل في العبور باليمن الشقيق نحو الاستقرار والنماء، ولا سبيل إلى ذلك إلا بتنسيق الجهود، والتناغم في اتخاذ القرارات بعيداً عن التقديرات الخاطئة، وتجريب ما هو مجرب ومعروف النتائج. فالتنديد والاستنكار وإصدار البيانات لم يعد كافياً تجاه إيران وحليفها الحوثي.
كاتب سعودي
nyamanie@hotmail.com
يحمد لإدارة الرئيس السابق دونالد ترامب أنه أعاد ترتيبها على النحو الذي حجّم طموحات النظام الصفوي المنفلتة، وتصرفاته الرعناء.
على أن هذا الالتزام الذي أبدته إدارة بايدن حيال أمن وسيادة المملكة، واستعدادها للمساعدة حيالها، لا يمكن استيعابه على نحو لا يحمل بذور القلق، والشعور بالتناقض؛ ففي ذات الوقت الذي تعلن فيه هذا الالتزام، ترفع قيد «التصنيف الإرهابي» عن مليشيا الحوثي الانقلابية، فضلاً عن عزمها العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، فكلا الملفين يتصلان اتصالاً مباشراً بأمن المنطقة عموماً، والمملكة العربية السعودية خصوصاً، فلا سبيل إلى الحديث عن الدفاع عن سيادة المملكة إلا بمعالجة هذين الملفين، وليس في رفع القيد الإرهابي عن مليشيا الحوثي والعودة إلى الاتفاق النووي بصورته القديمة ما يبشّر بذلك؛ بل على العكس من ذلك تماماً، فمثل هذه التصريحات قد أعطت وقوداً معنوياً لماكينة الاعتداء الحوثي لاقتراف مزيد من المآثم والجرائم، ومظهر ذلك يتجلى في زيادة هجماتها بالصواريخ البالستية على المملكة، ومصدر هذه الصواريخ معروف، ومن يدعمها لا يخفى على إدارة بايدن، فهذه حرب تقودها مليشيا الحوثي الإرهابية بالوكالة عن النظام الصفوي في إيران، والغاية منها زعزعة أمن واستقرار المنطقة لفرض أجندتها الآيديولوجية على وقع السلاح، وتحت دخان النيران، ولعل في العدوان الحوثي الأخير على مطار أبها ومدينة خميس مشيط بطائرات إيرانية مسيرة من طراز (أبابيل) واستهداف المدنيين هو في حقيقته تحد للعالم أجمع.
إن هذا التوجّه الذي تقوده إدارة بايدن لإزاحة جماعة الحوثي عن قائمة الإرهاب، والتذرّع بالبعد الإنساني، لا يمكن قبوله على هذا المحمل المخاتل، ولعل هذا ما عبّر عنه السيناتور الجمهوري توم كوتون، بقوله: «بايدن وبليكن قد يعتقدان أن عدم تسمية جماعة الحوثي بالإرهابية قد يؤدي للسلام، ويتجاهلان أن هذه الجماعة لم تذعن لوقف إطلاق النار وعطلت فرص السلام من قبل»، وقد أصاب «كوتون» عين الحقيقة في هذه النقطة، ونضيف إليها أن هذا البعد الذي تتذرّع به إدارة بايدن ظل حاضراً في أجندة المملكة العربية السعودية منذ أن تولت قيادة التحالف العربي من أجل استعادة الشرعية في اليمن، فقد صاحب المسار العسكري، مسار إنساني تولاه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، والبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن؛ فكلا المسارين ظلا يقدمان العون والسند للشعب اليمني الشقيق، بحق الواجب، والدين، والإنسانية، دون منّة أو أذى، يقيناً بأن الشعب اليمني قمين بكل الخير، مستحق لأن يعيش حياة كريمة، وهو ما دأبت عليه المملكة في مسعاها من خلال هاتين المنصتين وغيرهما، فلم يقف عطاؤها عند حدود الأعمال الإغاثية العاجلة جراء المآسي التي ترتكبها مليشيا الحوثي الإرهابية بقصفها العشوائي، واستهدافها للأعيان المدنية؛ بل أيضاً بترسية البنى التحتية، لضمان عودة سريعة للحياة في اليمن بعد انتهاء أزمة الحرب، والقضاء على هذه الجماعة الإرهابية.. وفي ظل تقدير المملكة سلفاً للبعد الإنساني في أزمة اليمن، يصبح التذرع بهذا البعد لرفع الغطاء الإرهابي عن جماعة الحوثي، توجّهاً سلبياً يمنحها انتصاراً معنوياً؛ إن لم يكن مادياً أيضاً، ويزوّدها بطاقة على الجرأة لمزيد من التعدّي، مسنودة بما تجده من النظام الإيراني، الذي يجد هو الآخر نفس السند والدعم بما تعلنه إدارة بايدن حيال ملفها النووي، وها هو النظام الإيراني يرفع من سقفه بمزيد من الاشتراطات، ورفض أي محاولة للتعديل على الاتفاقية بصورتها الكارثية القديمة.
واقع الحال أن المملكة على موقفها الثابت في دعم التوصل لحل سياسي شامل للأزمة اليمنية، وترحب بجهود الولايات المتحدة الدبلوماسية لحل الأزمة اليمنية، ويكفي أن التحالف الذي تقوده أعلن في أكثر من مرة وقف إطلاق النار بشكل أحادي استجابة لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة، دون أن تلقى استجابة من مليشيا الحوثي الإرهابية، والنظام الإيراني الذي يدعمها ويساندها في هذه المآثم.. والحال كذلك فإن المملكة تتطلع لأن تقدّر إدارة بايدن الوضع في المنطقة التقدير الأمثل، وتستشرف مع المملكة الأفق البعيد الذي تسعى إليه والمتمثل في العبور باليمن الشقيق نحو الاستقرار والنماء، ولا سبيل إلى ذلك إلا بتنسيق الجهود، والتناغم في اتخاذ القرارات بعيداً عن التقديرات الخاطئة، وتجريب ما هو مجرب ومعروف النتائج. فالتنديد والاستنكار وإصدار البيانات لم يعد كافياً تجاه إيران وحليفها الحوثي.
كاتب سعودي
nyamanie@hotmail.com