كتاب ومقالات

احترازات كورونا أو الانقراض السادس

كلمة إلا ربع

بدر بن سعود

وزارة الصحة السعودية قامت بإجراءات احترازية ناجحة لمواجهة كورونا، وحددت الالتزامات المطلوبة لمواجهة الزيادات المتوقعة في منحنى الإصابات السعودي، وكان أن ألزمت المنشآت العامة والخاصة بالاحترازات وتطبيق توكلنا، والثاني مفيد في إدارة التجمعات لتحديد الطاقة الاستيعابية لكل منشأة وفق البروتوكولات الصحية.

بالإضافة لذلك قامت وزارتا الشؤون البلدية والتجارة، بمراقبة المنشآت وتغريم من يخالف بالإغلاق المؤقت وبمبلغ 10 آلاف ريال تتم مضاعفتها في المرة الثانية، وإذا تكررت المخالفة للمرة الثالثة تبدأ النيابة العامة بتحريك دعوى جزائية مشددة، وقد تم عقد اجتماع افتراضي لوزيري التجارة والشؤون البلدية، و370 من ملاك المنشآت الخاصة في المملكة، أكد فيه الوزيران على ضرورة التقيد بالبروتوكولات الصحية، والملفت أن أرقام المخالفات ارتفعت بعد الاجتماع بنسبة 32%.

خبراء الفايروسات في أمريكا، يفسرون التراجع في أعداد الإصابات إلى التعامل مع الإجراءات الاحترازية بجدية، ولا يربطونها بالتطعيمات على الإطلاق، خصوصاً وأن هناك سلالات متحورة من كورونا، وربما اختلفت في تركيبها الجيني عن الفايروس المستجد، وأبرز الاختلافات أنها لا تستثني الشباب والأطفال كما في السابق، والفارق بين المستجد والسلالات المتحورة عنه، في اعتقادي، يشبه نسبياً الفروقات بين كورونا المستجد وفايروس كورونا الأول، أو ما يعرف بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية.

السيناريو الأصعب يقدمه من يسوقون لفكرة الانقراض الجماعي السادس، وهؤلاء يعتقدون بأن الأحداث الطبيعية غير العادية، تمثل ظاهرة دورية تتكرر في الأرض من وقت لآخر، وتؤدي لانقراض معظم المخلوقات الأرضية، ومن ثم تظهر كائنات تحمل صفات جديدة ومتطورة عن سابقتها، وظاهرة الانقراض الجماعي، في رأيهم، تكررت خمس مرات قبل التاريخ الإنساني، ويرجحون أن الانقراض السادس سيشمل الإنسان وسيأتي به كورونا المستجد وسلالاته المتحورة، وأنه سيتفوق في سرعته بمئة مرة عن الانقراضات السابقة، وهو أمر وارد بالنظر لخسائر اقتصادية محتملة تتجاوز 15 ترليوناً، بجانب فقدان أكثر من 260 مليون شخص لوظائفهم في سنة واحدة، وعدم كفاية التطعيم وتحورات الفايروس، وكل ما سبق قد يؤدي إلى صراعات داخل الدول وخارجها، وربما مهد لعملية انقراض تدريجي أو ردة حضارية كبيرة.

الأوبئة مارست أدواراً مهمة في التاريخ الإنساني، فقد أنهت أسطورة الإسكندر المقدوني في 327 قبل الميلاد، ودمرت جيش الإمبراطورية الرومانية في القرن الأول الميلادي، وأوهنت الإمبراطورية البيـزنطية في القرن السادس الميلادي، وقتلت نصف سكان الأرض في تلك الأيام وعددهم 50 مليون إنسان، ولكن الانفلونزا الإسبانية ساهمت في وجود أطباء متخصصين في علم الفايروسات والأمراض المعدية، وطورت في أنظمة الحجر الصحي وأساليب التعقيم، ونحن أمام خيارين إما الانقراض السادس أو الانبعاث السادس، المتطور في أدواته وتقنياته، والمنضبط في أولوياته، والمتصالح مع نفسه.

BaderbinSaud@