«العنف الأسري».. ماذا يحدث خلف الأبواب المغلقة؟
دعم الابنة بعد الزواج ضرورة.. واحترام الخصوصية ليس مبرراً
الاثنين / 10 / رجب / 1442 هـ الاثنين 22 فبراير 2021 12:10
«عكاظ» (جدة)
لا يكاد يخلو مجتمع على ظهر الأرض، كبيراً كان أو صغيراً، متحضراً أو متخلفاً من ظاهرة العنف الأسري، في جميع الطبقات الاجتماعية والاقتصادية، ولكن بنسب متفاوتة، وفي كثير من الأحيان تكون المعلومات ضئيلة ولا تعكس حجم المأساة، فأهم ما يميز مرتكبي العنف هو قدرتهم على خداع الآخرين.
فتجدهم أمام الجميع يتسمون بالهدوء الذي قد يصل إلى حد البرود، ويبدون وكأنهم أشخاص مثاليون، إلا أن هذه المثالية تنقلب إلى حال آخر داخل المنازل، وفي الغالب يظل طي الكتمان لا يعرف أحد عنه شيئا بسبب سطوة مرتكب العنف أو مفاهيم اجتماعية متوارثة تمنع الكشف عنه أو تعتبره شيئا طبيعيا.
ولا يقتصر مفهوم العنف الأسري على الإيذاء البدني كما يظن كثير من الناس، بل يتعداه إلى كل أذى بأحد أفراد الأسرة باستخدام القوة المادية أو المعنوية بطريقة غير مشروعة.
وللعنف الأسري عدة أشكال منها الاعتداء الجسدي، أو التهديد النفسي كالاستبداد، أو التخويف، أو الاعتداء السلبي الخفي كالإهمال، أو الحرمان الاقتصادي، وكل هذه الأشكال من الإيذاء تترك أثرها في نفسية المتعرض للعنف بنسب متفاوتة.
سعى العلماء خلال العقود الماضية إلى كشف خصائص مرتكبي العنف، واتضح أن العنف الأسري بشكل عام يمارس في أغلب المجتمعات، ولا علاقة له بالطبقة أو العرق أو العمر أو الجنس، وإن كان معظم مرتكبيه من الرجال، ويتفقون جميعا في أنهم ضعفاء في السيطرة على أنفسهم وكبح اندفاعهم.
واتضح من هذه الدراسات أن مرتكبي العنف ضد أفراد أسرهم يملكون عادة مزاجاً متقلباً، ويعتمدون عاطفياً على الآخرين، ويريدون كل شيء على الفور ولا يقدرون على تأجيل مشاعرهم، ولديهم أنانية وتفكير ذاتي غير محدد، ونزعة طفولية في حب أنفسهم، وقد يكون هذا الأمر غير معروف عنهم خارج إطار الأسرة.
كما أن لدى هذا النوع من الناس نقصاً في اعتبار الذات، ويعتقدون أنهم فاشلون حتى ولو كان ذلك على خلاف الحقيقة لكن لا يشعرون بذلك، وليس لديهم الوعي الكامل بالحدود الشخصية للآخرين، ولديهم تاريخ أسري يتسم بالعنف، ويجاهرون بعدم احترام المرأة ومطالبهم كثيرة ولا يتنازلون عن شيء منها.
ومن النقاط الغريبة في نفسية مرتكبي العنف أنهم لا يشعرون بالذنب حيال ما يقومون به، بل يعتقدون أن سلوكهم هو أحد حقوقهم المشروعة التي لا ضير في استخدامها.
أما في حالة مرتكب العنف تجاه الزوجة بشكل خاص، فنجد خصائص إضافية منها الغيرة المفرطة غير الطبيعية، ومع أنها ناتجة عن الحب إلا أنها تتسبب في الإيذاء، وتظهر فيهم أيضا محاولة عزل الضحية عن أهلها وعن المجتمع، وتوجيه اللوم باستمرار، واستخدام لغة عديمة الاحترام، والمعاملة السيئة لبقية أفراد الأسرة، فمن يعنف زوجته سيكون بالطبيعة يسيء معاملة أطفاله.
وربط المستشار الأسري والتربوي مدرب البرامج الأسرية فهد حامد الحازمي، بين العنف الأسري وتعاطي الكحول والمخدرات، بالإضافة للاعتلالات النفسية والاجتماعية سواءً للزوج أو الزوجة.
وشدد الحازمي على ضرورة تدخل الوالدين في حال اكتشاف خلل في زوج ابنتهم بعد الزواج، وأنه يجب عليهما محاولة علاج هذا الخلل والوصول إلى أفضل الحلول لإنهاء المشكلة، معتبرًا احترام الخصوصية ليس مبررًا للتدخل بين ابنتهما وزوجته.
مشيرًا إلى أنه في حال تعرض أي من أفراد الأسرة للتعنيف، فعليه اللجوء إلى مركز بلاغات العنف الأسري التابع لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والذي خصص له الرقم المجاني (1919)، الذي يتلقى البلاغات بسرية تامة، ويتعامل مع كل حالة حسب ما تقتضيه.