الإخوان المسلمون.. بداية النهاية للتنظيم والمشروع
السبت / 08 / شعبان / 1442 هـ الاحد 21 مارس 2021 00:04
يحيى الامير
يبدو أن تركيا لن تعود أرض الميعاد بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين بعد اليوم، لقد تغير كل شيء وها هم الآن في مواجهة المصير الأسوأ، لقد تخلى عنهم النظام التركي وسيبدأ رميهم خارج أسواره التي باتت تضيق عليه من كل اتجاه.
كانت جماعة الإخوان المسلمين سلاحاً مهماً وأداة كبرى استخدمها النظام في مشروعه التوسعي الذي انخرط فيه بشكل كامل منذ عام٢٠١١م، وبعد انقضاء عقد كامل آمن النظام أخيرا بخسارته لذلك المشروع وهزيمته في تلك المعركة، ها هو اليوم يحاول إصلاح ما أفسده طيلة العقد الماضي والتخلص من أدوات ووسائل تلك المعركة الخاسرة، وسيكون لهذه المرحلة أثرها الكبير في مستقبل الجماعة على مستوى المشروع وعلى مستوى التنظيم.
غالبا انهار مشروع الإخوان المسلمين على وقع أصوات المنتفضين في الميادين والشوارع المصرية في الثلاثين من يونيو عام ٢٠١٣م، ثم حدث الانهيار السياسي الأكبر حينما قام محور الاستقرار في المنطقة بحظر الجماعة وإعلانها جماعة إرهابية. لقد كان ذلك الإجراء هو الأنسب بعد انكشاف وفظاعة الدور الذي لعبته الجماعة في مشروع الفوضى والتآمر والثورات واتضاح حجم الخطر الذي تمثله وكيف وظفتها القوى التوسعية وجعلت منها الأداة الأبرز لتنفيذ مشروعها المدمر.
أكبر خطأ ترتكبه الأنظمة السياسية حين تعتمد على الأيديولوجيات وتجعل منها جزءاً من مشروعها أو أدواتها، وقد ارتكب النظام التركي هذا الخطأ وذهب فيه بعيدا. يبدو أن الانتصار المؤقت الذي عاشته الجماعة عام ٢٠١٢ حين أمسكت زمام السلطة في مصر جعلها وجعل المراهنين عليها والمنخرطين في مشروع التغيير والثورات، جعلهم في نشوة توقعوا معها أن مشروعهم وجد طريقه وأن أحلامهم باتت واقعا.
الصدمة التي أحدثتها ثورة الثلاثين من يونيو ٢٠١٣ وتشكل محور الاستقرار الذي أخذ على عاتقه مهمة دعم الدولة الوطنية في المنطقة ومواجهة الجماعات والمشاريع التوسعية، كل ذلك الواقع أفقد النظام التركي صوابه، فأخذ يعلن العداء السافر لمصر وللمصريين وجعل بلاده ملاذا للهاربين والمعارضين الخارجين عن القانون.
تبنى النظام الجماعة على مستوى المشروع والدعم والحماية وتوفير الملاذ، وكان يأمل أن يجد طريقا آخر يرمم به الهزيمة القاسية التي حدثت في مصر، وفي المنطقة، ولكن بات ذلك مستحيلاً.
ذهب النظام إلى الدخول في صدام مع الدول الكبرى في المنطقة؛ الدول التي واجهت الفوضى والإرهاب والجماعات المتطرفة ودخلت في مواجهات سياسية مع القوى العالمية التي دعمت ذلك المشروع الفوضوي، وانتصر في النهاية الصواب والواقع والوعي، انهارت الرهانات الخاطئة وانتصرت الرهانات الواقعية الواعية.
حاولت الجماعة إغراء الأنظمة التي تتبناها بمشاريع جديدة وحاولت تلك الأنظمة العمل مع الجماعة علها تستطيع ان تحقق نصرا هنا أو هناك، فاتجهوا إلى بؤر النزاع في المنطقة إنما دون هدف أو جدوى، كما حدث في تدخل النظام التركي في ليبيا.
كل الأنظمة التي راهنت على الإخوان المسلمين أدركت اليوم حجم الخطأ الذي ارتكبته، وبدأت في التخلي عن الجماعة التي أصبحت عبئاً سياسياً على الجميع.
المصالحة مع قطر لم تكن الخبر الجيد للجماعة على الإطلاق، لكن الأخبار والتصريحات التي تتوالى عن إجراءات يتخذها النظام التركي تجاه الجماعة تمثل المرحلة الأسوأ. إنها إعلان انطلاق التخلص من الجماعة وعلى أفرادها أن يواجهوا مصيرهم.
ما لا تفكر به الجماعات أن الأنظمة والدول مهما تورطت في مشاريع مدمرة إلا أنها تظل دولاً يمكن لها أن تعود بشكلٍ أو بآخر وتبحث عن مخرج من تلك الورطات، على خلاف الجماعات الأيديولوجية التي ستتحول إلى أول من يتم التخلص منه.
يبدو أننا نعيش بداية النهاية لتنظيم الإخوان المسلمين، كما عشنا منذ أعوام نهاية مشروعه السياسي. لنشهد غروب التجربة الحركية الأيديولوجية الأطول في العالم، التي تثبت أن الجماعات والأحزاب والمشاريع العابرة للحدود لا مكان لها في زمن الدولة الوطنية، وأن الواقع الجديد الذي يتشكل اليوم في المنطقة لا مكان فيه للأحزاب والجماعات الدينية والأيديولوجية.
كاتب سعودي
yahyaalameer@
كانت جماعة الإخوان المسلمين سلاحاً مهماً وأداة كبرى استخدمها النظام في مشروعه التوسعي الذي انخرط فيه بشكل كامل منذ عام٢٠١١م، وبعد انقضاء عقد كامل آمن النظام أخيرا بخسارته لذلك المشروع وهزيمته في تلك المعركة، ها هو اليوم يحاول إصلاح ما أفسده طيلة العقد الماضي والتخلص من أدوات ووسائل تلك المعركة الخاسرة، وسيكون لهذه المرحلة أثرها الكبير في مستقبل الجماعة على مستوى المشروع وعلى مستوى التنظيم.
غالبا انهار مشروع الإخوان المسلمين على وقع أصوات المنتفضين في الميادين والشوارع المصرية في الثلاثين من يونيو عام ٢٠١٣م، ثم حدث الانهيار السياسي الأكبر حينما قام محور الاستقرار في المنطقة بحظر الجماعة وإعلانها جماعة إرهابية. لقد كان ذلك الإجراء هو الأنسب بعد انكشاف وفظاعة الدور الذي لعبته الجماعة في مشروع الفوضى والتآمر والثورات واتضاح حجم الخطر الذي تمثله وكيف وظفتها القوى التوسعية وجعلت منها الأداة الأبرز لتنفيذ مشروعها المدمر.
أكبر خطأ ترتكبه الأنظمة السياسية حين تعتمد على الأيديولوجيات وتجعل منها جزءاً من مشروعها أو أدواتها، وقد ارتكب النظام التركي هذا الخطأ وذهب فيه بعيدا. يبدو أن الانتصار المؤقت الذي عاشته الجماعة عام ٢٠١٢ حين أمسكت زمام السلطة في مصر جعلها وجعل المراهنين عليها والمنخرطين في مشروع التغيير والثورات، جعلهم في نشوة توقعوا معها أن مشروعهم وجد طريقه وأن أحلامهم باتت واقعا.
الصدمة التي أحدثتها ثورة الثلاثين من يونيو ٢٠١٣ وتشكل محور الاستقرار الذي أخذ على عاتقه مهمة دعم الدولة الوطنية في المنطقة ومواجهة الجماعات والمشاريع التوسعية، كل ذلك الواقع أفقد النظام التركي صوابه، فأخذ يعلن العداء السافر لمصر وللمصريين وجعل بلاده ملاذا للهاربين والمعارضين الخارجين عن القانون.
تبنى النظام الجماعة على مستوى المشروع والدعم والحماية وتوفير الملاذ، وكان يأمل أن يجد طريقا آخر يرمم به الهزيمة القاسية التي حدثت في مصر، وفي المنطقة، ولكن بات ذلك مستحيلاً.
ذهب النظام إلى الدخول في صدام مع الدول الكبرى في المنطقة؛ الدول التي واجهت الفوضى والإرهاب والجماعات المتطرفة ودخلت في مواجهات سياسية مع القوى العالمية التي دعمت ذلك المشروع الفوضوي، وانتصر في النهاية الصواب والواقع والوعي، انهارت الرهانات الخاطئة وانتصرت الرهانات الواقعية الواعية.
حاولت الجماعة إغراء الأنظمة التي تتبناها بمشاريع جديدة وحاولت تلك الأنظمة العمل مع الجماعة علها تستطيع ان تحقق نصرا هنا أو هناك، فاتجهوا إلى بؤر النزاع في المنطقة إنما دون هدف أو جدوى، كما حدث في تدخل النظام التركي في ليبيا.
كل الأنظمة التي راهنت على الإخوان المسلمين أدركت اليوم حجم الخطأ الذي ارتكبته، وبدأت في التخلي عن الجماعة التي أصبحت عبئاً سياسياً على الجميع.
المصالحة مع قطر لم تكن الخبر الجيد للجماعة على الإطلاق، لكن الأخبار والتصريحات التي تتوالى عن إجراءات يتخذها النظام التركي تجاه الجماعة تمثل المرحلة الأسوأ. إنها إعلان انطلاق التخلص من الجماعة وعلى أفرادها أن يواجهوا مصيرهم.
ما لا تفكر به الجماعات أن الأنظمة والدول مهما تورطت في مشاريع مدمرة إلا أنها تظل دولاً يمكن لها أن تعود بشكلٍ أو بآخر وتبحث عن مخرج من تلك الورطات، على خلاف الجماعات الأيديولوجية التي ستتحول إلى أول من يتم التخلص منه.
يبدو أننا نعيش بداية النهاية لتنظيم الإخوان المسلمين، كما عشنا منذ أعوام نهاية مشروعه السياسي. لنشهد غروب التجربة الحركية الأيديولوجية الأطول في العالم، التي تثبت أن الجماعات والأحزاب والمشاريع العابرة للحدود لا مكان لها في زمن الدولة الوطنية، وأن الواقع الجديد الذي يتشكل اليوم في المنطقة لا مكان فيه للأحزاب والجماعات الدينية والأيديولوجية.
كاتب سعودي
yahyaalameer@