ثقافة وفن

هل تتجه المقالات بوضوح إلى الدفاع عن المبادئ ؟

كُتَّاب الرأي يجيبون عن التساؤلات

يزن الجهني (تبوك) h57_1@

يعد مقال الرأي إحدى أهم ركائز الإعلام الورقي، إذ يعبّر فيه الكاتب عن رأيه واقتراحاته وفق معلومات ومعطيات، ويساعد في مقالاته أصحاب الشأن والقرار في مختلف قطاعات الدولة، ويعبر فيها عن حاجة المجتمع ليكون صوتهم مسموعاً، لكن هل هذه تعد غاية كتّاب الرأي جميعهم؟ أم أن هناك غايات تتباين من كاتب إلى آخر، وإن كانت الغاية واحدة فهل أهلت مقالات الرأي كُتَّابها إلى مناصب؟

في استفتاء طرحته «عكاظ» عبر منصتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» سألت فيه قراء مقالات الرأي عن تأثير مقالات الرأي في قرارات قطاعات الدولة وعن دورها في خدمة المجتمع. نتج عن هذا الاستفتاء، الذي شارك فيه 800 مغرد، أن 39% من إجمالي المصوتين يرون أن لا تأثير لها، و27% قالوا إن لها تأثيراً وخدمت المجتمع، و16% يرون تأثيرها غالباً، و18% لا يعلمون عن ذلك.«عكاظ» سألت كتّاب الرأي عن مقالاتهم ودواعي كتابتها وعن تأهيل كتاب الرأي لمناصب.

خالد العضاض قال: ينبغي ألا نبالغ كثيراً في القدرة التأثيرية لمقال الرأي، إذ إن مقالات الرأي تشكل جزءاً مهماً من العمل الصحفي، فقِوام العملية الصحفية، خبر، وصورة، ورأي وبحسب بعض الإحصاءات فإنه يتم نشر أكثر من مليوني مقالة يومياً في العالم، وهذا يعني أن على كاتب الرأي جهداً ضخماً لتقديم مقالة تلفت انتباه القراء؛ لتحقق نسب قراءة ومشاركة أكبر.

واستطرد العضاض: مقالة الرأي بطبيعتها تحوم حول محاولة إقناع القراء بقناعات كاتبها غالباً، رغم الكلام الحالم الذي يصف مقالات الرأي بأنها رافعة؛ لتشكيل الوعي العام، أو التأثير على صنع السياسات، وعلى الرغم من أنه نادراً ما تكون تلك المقالات مبتكرة، فهي تعكس بوجه من الوجوه المواقف الشائعة، والآراء العامة التي يموج بها مجتمع ما، ولذا ينبغي ألا نبالغ كثيراً في القدرة التأثيرية لمقال الرأي.

والمناصب هي من تهب مقالات الرأي كتَّاباً، ولم تمنح مقالات الرأي يوماً كاتبها منصباً، ما لم يكن تكنوقراطياً متمرساً، أعلنت عنه بضع مقالات خارج سياق المألوف والعادي.

أما الكاتب طارق الحميد فقال: الصحافة لدينا هي مهنة الوثب العالي وضحيته مقال الرأي!

لكل إنسان رأيه الذي يعتد به، لكن ما يهم هو أن يكون الرأي مبنياً على معلومات، من خلال الاتصال، والتواصل مع صنّاع القرار، وأصحاب الشأن، والمتخصصين، أي عمل صحفي حقيقي. إضافة للبحوث، والدراسات، والقصص الصحافية، والكتب، والمحاضرات. أي عمل صحافي ميداني جاد، وليس مقالاً تأملياً يكتب في مقهى.

وأضاف الحميد: نحن ضحية أكذوبة الرأي والرأي الآخر، فما يهم هو الرأي المبني على المعلومة، المحققة، إضافة للخبرة، والجهد الذي من شأنه مساعدة صانع القرار باتخاذ قراره، أو فتح آفاق جديدة للتعامل مع قضية ما، فمن شأن الرأي أن يلهم، أو يدل، أو يشجع، على سلك منحى مختلف.

كما أن مقالات الرأي تستخدم من قبل صناع القرار لتمرير أفكار لمناقشتها، وقياس ردود الفعل عليها. وسياسيا يتم أحياناً تسريب معلومات عبر مقالات الرأي لخفض سقف توقعات، وهكذا. وتحاور الدول بعضها أحياناً عبر تسريبات لكتاب الرأي، مثل إعلان المبادرة السعودية للسلام عبر كاتب في صحيفة النيويورك تايمز في عام 2002.

وعليه فإن مقال الرأي هو عمل صحافي جاد له آليات.من جانبها، قالت نادية الشهراني: يفترض بمقالات الرأي أن تلفت النظر ‏إلى ما يحدث في المجتمع وتوعي الرأي العام بمستجدات الأحداث وتستشرف المستقبل حسب اختصاصات كتابها.

يفترض بها كذلك أن تطرح الأسئلة التي لا يطرحها العامة على المسؤول خصوصاً في ظل حرية القلم والرأي التي يكفلها القانون السعودي.. كذلك على كتاب الرأي إن يكونوا حصناً منيعاً لمكتسبات هذا الوطن ومقدراته مع احترامهم للوطن والقارئ في أطروحاتهم.. شهدنا كُتَّاباً للرأي يؤثرون فعلاً في صنع القرار من خلال مساهماتهم الكتابية والاستقرائية الجادة وتواصلهم مع قادة هذا الوطن وصناع القرار فيه بالطرق المعتبرة، مثل هؤلاء الكتاب يحفظ لهم الوطن مكانتهم ويقربهم قادته أو من ينيبونهم عنهم لدوائرهم الاستشارية؛ لأنهم مرآة صادقة للرأي، وهو ما يدعو له قادة هذا الوطن ويصرحون باستمرار بمدى تقديرهم له، ولعل حرص الوزراء أخيراً على عقد المؤتمرات لكتاب الرأي خير دليل على هذا التوجه.

وقالت أروى المهنا: تعرف مقالات الرأي بمفهومها العام على أنها «صوت الجمهور» فهي تعبير المجتمع عن رأيه وأفكاره حيال قضية أو مشكلة ما، أعتقد أن المشاركة الفاعلة لكاتب الرأي من خلال مقالته هو حق مشروع حيث تمثل مقالة الرأي فرصة واسعة للتعبير عن إشكالات المجتمع وقضاياه الاجتماعية والاقتصادية وتعمل مقالات الرأي على خلق فضاء مفتوح للمناقشة وتعزز التواصل بين الجمهور والجهة المسؤولة عن الوقوف على المشكلة ووضع حلول لها، ولاة أمرنا حفظهم الله حريصون على هذا التواصل والاطلاع بشكل دوري على الرأي العام من خلال مقالات الرأي أو أي قنوات اتصالية أخرى.

وفيما يخص حضور كتاب الرأي وتأهيلهم للمناصب لا أعتقد ان كتابة الرأي من الممكن أن تساهم في تأهيل الكاتب لمنصب قيادي ما.

من جانبها، قالت الكاتبة الدكتورة أريج الجهني: أعتقد أن هناك خلطاً دائماً في تفسير معنى مقالات الرأي؛ إذ يفترض البعض أنه من الضرورة أن تكون عن القضايا المحلية والطارئة، والحقيقة أن هذا في رأيي غير صحيح؛ لأن الرأي مفهوم أعم وأشمل من أن يختزل في أمور طارئة بلا شك أنه من المهم الموازنة بين ما يريد أن يكتبه الكاتب وما يتوقعه منه المجتمع، لكن لا يسلم قلمه للشعبوية ولا يصبح «كاتباً تحت الطلب» فالفرق شاسع بين أن «تكتب» أو «تُستكتَب».

وقال هاني الظاهري: الكتابة موهبة وليس كل كاتب يمكن أن يكون كاتب رأي..كتابة مقالات الرأي فن قائم بذاته وله معايير مهنية وأدبية؛ إذ إنها تعبر عن الرأي الشخصي للكاتب في القضايا والمواضيع التي يتناولها وتقدم غالباً استنتاجات وتحليلاً موضوعياً مبناه على المعطيات المتوفرة للكاتب، أما مدى تأثيرها في صنع القرار فهو أمر يعود لصاحب القرار نفسه، فالكاتب بشكل أو آخر هو «مستشار مجاني» يطرح رؤى وحلولاً وبالتالي إن رأى صاحب القرار أنها مفيدة فسيأخذ بها وإن كانت غير واقعية وتفتقر للموضوعية فلن يهتم بها أحد.

من جهته، أوضح الكاتب مانع اليامي أن مقالات الرأي تتجه بوضوح إلى الدفاع عن المبادئ المعتبرة إلى جانب تسليط الضوء على الانحرافات المجتمعية.

وأضاف: في عموم القاعدة العامة أن دوافع الكتابة تتعدد ومن الطبيعي أن تتباين الإجابات على لماذا تكتب مقالات الرأي من كاتب إلى آخر.

في رأيي أن أغراض مقالات الرأي تتصل بالمنفعة العامة وتنفصل عن الشهرة والتشهير، والأصل أن مقالات الرأي تبنى على الأفكار وتطرح الآراء التي يراها كاتب المقال أو كاتبته.

أما بحكم الدراية أو الخبرة والتجربة فإنه من الضروري وضعها تحت نظر أهل الشأن والمهتمين، فمقالات الرأي وفق تقديري تتجه بوضوح إلى الدفاع عن المبادئ المعتبرة إلى جانب تسليط الضوء على الانحرافات المجتمعية متى ما كونت مشكلة أو أصبحت ظاهرة أيضاً.

وأخيراً أود القول إن ماء وهواء المقال في تفاعل الناس أولاً وأخيراً.