كتاب ومقالات

رمضان وتاريخ «الأوبئة».. نحن وفايروس «كورونا»

خالد بن هزاع الشريف khalid98alshrif@

كل عام وأنتم بصحة وسلامة..

بين رمضان و«الطاعون» عداء قديم؛ فثمة أوبئة وقعت عبر التاريخ تزامنت مع شهر الصيام في عدة دول عربية وإسلامية.. ففي منتصف القرن الـ14 الميلادي وقع «الطاعون الأسود» وقتل عشرات الآلاف من البشر.. وفي عام 1567 ميلادية تفشى في شهر الصيام وباء «الطاعون» وقتل 3 آلاف شخص يومياً.. أما رمضان عام 1579 ميلادية فكان «الطاعون» قاسياً على قاطني مناطق مختلفة من البلدان الإسلامية.. وفي رمضان لعام 1592 للميلاد ضرب الطاعون إسطنبول واستمر لأشهر.. وفي رمضان 1780 ميلادية اشتد «الطاعون» في مكة والمدينة وقتل نحو 12 ألف شخص.. وعاد «الطاعون» إلى إسطنبول في رمضان عامي 1811 و1812 للميلاد.. وفي أواخر القرن الـ19 هددت «الكوليرا» طرق الحج وألزمت حجراً صحياً لمدة 15 يومياً في قناة السويس قبل التوجه إلى الديار المقدسة.. وهذا الزمن الذي نحن فيه أبتلي العالم بأكمله بوباء «كوفيد-19»، وأجريت احترازات محلية وعالمية في كل قارات العالم، الكل يعرفها، ومع ذلك قتل ملايين البشر في العالم.

وبعد أيام نستقبل شهراً كريماً تتلهف لقدومه القلوب، وسوف تزداد فيه الحركة اليومية للناس خصوصاً من بعد صلاة العصر لشراء مستلزمات الإفطار، ويكثر في ذلك الوقت التوافد على المطاعم، وقد أعد لذلك من قبل البلديات إجراءات احترازية علِم بها الجميع، والذي أتمناه أن نتحلى بها من أجل سلامة الجميع.

وهناك أيضاً تجمعات ولقاءات بين الأحبة والأقارب في هذا الشهر الكريم وعلينا أيضاً التمسك بإرشادات التباعد حفاظاً علينا نحن كبشر أولاً، وأحبة وأصدقاء وأقرباء وزملاء ثانياً، وعلينا أن نتكاتف جميعاً لعزل الفايروس جغرافياً عنا.. من هنا يمكن القول إن الالتزام بتعليمات السلامة هو الدواء للخروج من الأزمة الحالية.

أما لقاح كورونا فهناك استفهام لدى البعض: هل هناك موانع شرعية أو صحية من أخذ اللقاح أثناء الصيام؟.. من الناحية الشرعية فإن هيئة الإفتاء أكدت أن اللقاح ليس مفطراً للصيام، لأنه ليس بمعنى الطعام والشراب، إذ إنه يعطى عبر العضل، فلذلك فهو غير مفطر.. أما صحياً فإن وزارة الصحة أوضحت أنه لا ضرراً صحياً على الحاصل على اللقاح أثناء الصيام، وطالبت الجميع بأخذه حماية لهم من الإصابة بالفايروس ومضاعفاته.

إذن؛ ثمة أهمية لتغيير السلوكيات المتعلقة باللقاءات والتجمعات وعادات التسوق في رمضان، لتتناسب مع الأوضاع الراهنة؛ أهمها البقاء في المنازل وعدم مخالطة الآخرين في شهر اللقاءات حماية للمجتمع من تفشي أكثر للفيروس، خصوصاً أن علماء الشريعة يرون أن الالتزام بتعليمات الوقاية من العدوى واجب شرعي.

أعود إلى مقولة «في الوقاية شيء من الحكمة»، وهي عبارة تلخص معاناة المجتمعات من أي مرض نعلمه أو نجهله، ومن ذلك فايروس كورونا.