التجول في غابة معارفنا بحثاً عما نجهله فيها
الخميس / 26 / شعبان / 1442 هـ الخميس 08 أبريل 2021 00:32
داليا عبد الله تونسي Baseera_jed@
لا تستغرب حين تسمع في حوار فلسفي بين الطلاب الفصل الدراسي «كنت أفكر هكذا ثم غيرت رأيي»، أو تسمع أحدهم يندهش من «هذا الصداع الذي أصابني وأنا أفكر» أو تسمع مرارا = كلمة «لا أعرف».
لن يهاب الطالب من قول لا أعرف لأن ميسر التفكير الفلسفي حين يعمل على تجويد مهارات ما فوق التفكير فإنه يرفع بدرجة ملحوظة من قدرة الطالب على التعبير عن النفس بثقة. لكنه كمفارقة، يخفض في نفس الوقت من الثقة المعرفية، لسان حال الطالب يقول: «أصبحت أشك أني أعرف ولست قلقاً من قول ذلك على الملأ، والآن عليّ البحث من جديد لأمّيز ما أعرفه عن الذي كنت أظن أني أعرفه».
ألاّ تعرف، هذا موقف إدراكي طبيعي ومتوقع في الحياة اليومية، لكن أن تعرف أنك لا تعرف، فهذه مهارة من مهارات ما فوق التفكير أو ما فوق الإدراك وهي مهارة لازمة لتجويد نماذج التفكير والمضي قدماً نحو الحكمة. حيث يتكون الفوق إدراك كما يقول بيتر وارلي من:
- المعرفة الفوق تفكيرية: أن يعرف المرء الحالة الذهنية التي تنطلق منها أفكاره.
- التفكّر أو التقييم: أن يستطيع المرء أن يقيم أفكاره أو يقيم الطريقة التي توصل بها لأفكاره.
- ثم وضع الاستراتيجيات: أن يستطيع المرء أن يفكر بشكل استراتيجي ويجد الأدوات اللازمة لتحسين خطوات التفكير.
كل هذا يعني أن ما فوق التفكير هو قدرة الطالب على مراقبة العمليات الإدراكية لديه بشكل فعال ثم التخطيط الاستراتيجي لتحسينها وهذا بالتحديد هو العمل الذي نقوم به في مدارس تعليم التفكير الفلسفي سواء كانت على طريقة دوي وبيرس في مجتمعات التساؤل المعرفي أو طريقة ماثيو ليبمان في مجتمع التساؤل الفلسفي أو طريقة الخطوات العشر في أسلوب سابيري التعليمي أو طريقة كارين موريس وجوانا هينز في استخدام أدب الطفل للتساؤل الفلسفي أو طريقة كاثرين ماكول ورينالد نيلسون في التجريد التراجعي أو طريقة روجر ستكليف في استخدام حركات التفكير أو طريقة بيتر وارلي في تقديم التفكير الناقد الوصفي.
ولأن الفلسفة لا تُعنى فقط بالتفكير المفاهيمي المجرد (ما هو س وكيف أنه «س» وما علاقة «س» بـ«ص»)، بل هي تُعنى بربط المفاهيم بالحياة اليومية وبالتفكير اليومي: بماذا نفكر، كيف نفكر ولماذا نفكر فيما نفكر به، لذلك فاستراتيجيات التفكير الفلسفي تحسن التفكير في الذات وفي العالم حين نفعلها وندمجها مع المنهج الحالي في الفصل. حين نعطي الطالب الفرصة أن يمارس ما فوق الإدراك بشكل منهجي وواضح فيرصد الافتراضات في الدرس مثلاً، وينقب عن الأمثلة المضادة في المحتوى فإن هذه الفرص تجعله يستوعب أن المنهج المدرسي هو سلم فوق تفكيري للحياة ما بعد المدرسة، منطة، سقاّلة لرفع الوعي الذاتي والوعي بالجهل الذاتي والوعي بأساليب تحسين هذا الجهل لأنها استراتيجيات تفعّل التفكير الصامت مع النفس والذي سيتحول من عادات ذهنية مثل الفضول المعرفي والشك المعرفي إلى فضائل معرفية مثل الاستماع اليقظ والتواضع وغيرها.
لنستثمر في تعليم التفكير الفلسفي في مناهجنا لأن الطالب المتفلسف الذي سيصبح بالغاً حكيماً هو الذي تعلم أن يتجول في غابة معارفه باستمرار بحثاً عما يجهله فيها.
* مستشارة تعليمية متخصصة في تعليم التفكير الفلسفي
لن يهاب الطالب من قول لا أعرف لأن ميسر التفكير الفلسفي حين يعمل على تجويد مهارات ما فوق التفكير فإنه يرفع بدرجة ملحوظة من قدرة الطالب على التعبير عن النفس بثقة. لكنه كمفارقة، يخفض في نفس الوقت من الثقة المعرفية، لسان حال الطالب يقول: «أصبحت أشك أني أعرف ولست قلقاً من قول ذلك على الملأ، والآن عليّ البحث من جديد لأمّيز ما أعرفه عن الذي كنت أظن أني أعرفه».
ألاّ تعرف، هذا موقف إدراكي طبيعي ومتوقع في الحياة اليومية، لكن أن تعرف أنك لا تعرف، فهذه مهارة من مهارات ما فوق التفكير أو ما فوق الإدراك وهي مهارة لازمة لتجويد نماذج التفكير والمضي قدماً نحو الحكمة. حيث يتكون الفوق إدراك كما يقول بيتر وارلي من:
- المعرفة الفوق تفكيرية: أن يعرف المرء الحالة الذهنية التي تنطلق منها أفكاره.
- التفكّر أو التقييم: أن يستطيع المرء أن يقيم أفكاره أو يقيم الطريقة التي توصل بها لأفكاره.
- ثم وضع الاستراتيجيات: أن يستطيع المرء أن يفكر بشكل استراتيجي ويجد الأدوات اللازمة لتحسين خطوات التفكير.
كل هذا يعني أن ما فوق التفكير هو قدرة الطالب على مراقبة العمليات الإدراكية لديه بشكل فعال ثم التخطيط الاستراتيجي لتحسينها وهذا بالتحديد هو العمل الذي نقوم به في مدارس تعليم التفكير الفلسفي سواء كانت على طريقة دوي وبيرس في مجتمعات التساؤل المعرفي أو طريقة ماثيو ليبمان في مجتمع التساؤل الفلسفي أو طريقة الخطوات العشر في أسلوب سابيري التعليمي أو طريقة كارين موريس وجوانا هينز في استخدام أدب الطفل للتساؤل الفلسفي أو طريقة كاثرين ماكول ورينالد نيلسون في التجريد التراجعي أو طريقة روجر ستكليف في استخدام حركات التفكير أو طريقة بيتر وارلي في تقديم التفكير الناقد الوصفي.
ولأن الفلسفة لا تُعنى فقط بالتفكير المفاهيمي المجرد (ما هو س وكيف أنه «س» وما علاقة «س» بـ«ص»)، بل هي تُعنى بربط المفاهيم بالحياة اليومية وبالتفكير اليومي: بماذا نفكر، كيف نفكر ولماذا نفكر فيما نفكر به، لذلك فاستراتيجيات التفكير الفلسفي تحسن التفكير في الذات وفي العالم حين نفعلها وندمجها مع المنهج الحالي في الفصل. حين نعطي الطالب الفرصة أن يمارس ما فوق الإدراك بشكل منهجي وواضح فيرصد الافتراضات في الدرس مثلاً، وينقب عن الأمثلة المضادة في المحتوى فإن هذه الفرص تجعله يستوعب أن المنهج المدرسي هو سلم فوق تفكيري للحياة ما بعد المدرسة، منطة، سقاّلة لرفع الوعي الذاتي والوعي بالجهل الذاتي والوعي بأساليب تحسين هذا الجهل لأنها استراتيجيات تفعّل التفكير الصامت مع النفس والذي سيتحول من عادات ذهنية مثل الفضول المعرفي والشك المعرفي إلى فضائل معرفية مثل الاستماع اليقظ والتواضع وغيرها.
لنستثمر في تعليم التفكير الفلسفي في مناهجنا لأن الطالب المتفلسف الذي سيصبح بالغاً حكيماً هو الذي تعلم أن يتجول في غابة معارفه باستمرار بحثاً عما يجهله فيها.
* مستشارة تعليمية متخصصة في تعليم التفكير الفلسفي