أخبار

«عشم».. همزة وصل مكية لقاصدي البيت الحرام

تمثل القرية نقطة التقاء بين السهل التهامي والمرتفعات الجبلية.

علي الرباعي (الباحة) Al_ARobai@

لم تكن قرية عشم مجرد بنيان أثري لأسلاف أثرياء. بل كيان معنوي ومادي، حوى بين جنباته لفيف حضارات إنسانية قبل وأثناء وإثر العصر الإسلام الأول، ويظل موقع قرية عشم في محافظة القنفذة مركز المظيلف امتدادا لحضارة اعتنت أيما عناية بقاصدي بيت الله الحرام، وكانت همزة وصل ومحطة لعبور القوافل من وإلى مكة فعشم، وارتبط اسمها في كتب التاريخ بالبلد الحرام لارتباطها الوثيق بها، وهي أكبر المدن في المخلاف المكي التهامي، و(عشم) عاصمة له. وتكمن أهمية قرية «عشم» بامتيازها عن المواقع الأثرية العربية والمواقع الإسلامية المعاصرة، بعدد نقوشها الخطية التي تقدر بالمئات، وتنوع خطوطها وزخرفتها.

ويصفها مؤرخون وآثاريون بمدينة تهامية عربية وإسلامية عُرفت منذ ما قبل الإسلام واندثرت في القرن الخامس الهجري، وتقع على بعد 300 كم إلى الجنوب من مكة المكرمة، وتمثل نقطة التقاء بين السهل التهامي من الغرب والمرتفعات الجبلية من الشرق، وحققت ازدهاراً باعتبارها مخلافا أو عملا من أعمال مكة المكرمة، ولعبت دورا تجاريا مهما بوصفها محطة من المحطات الواقعة على طريق الحج والتجارة القديم بين اليمن والحجاز ومنجم ذهب. وبرغم أنها الأقل ذكرا في المصادر العربية، وما كُتب عنها إلا معلومات متفرقة في بعض كتابات الجغرافيين المسلمين، فإنها تفتقر لمزيد من التعريف والتوثيق وإبراز التفاصيل عبر المعلومات النادرة للباحث عن تاريخها، وأول من لفت الأنظار إليها من الجغرافيين اليعقوبي المتوفى سنة 284، وذكرها ابن خرداذبة، والهمداني بأنها معدن ذهب، وذكرها كذلك المقدسي، البكري، الشريف الإدريسي وغيرهم، ومن أقوالهم يتضح أنها لم تكن مدينة أو بلدة عامرة فحسب بل كانت عاصمة لمخلاف من مخاليف مكة الجنوبية سمي باسمها مخلاف عشم وهو مطابق للواقع تماما.