كتاب ومقالات

لا للمخدرات.. لا لإرهاب مليشيات حزب الله

رامي الخليفة العلي

أياً كان العدو الذي واجهه العالم العربي طوال القرنين الماضيين، فإنه لم يصل إلى مستوى الإجرام الذي كرسته إيران في المنطقة خلال العقود الأربعة الماضية. فالاستعمار الغربي منذ حملة نابليون على مصر وحتى ما بعد الحرب العالمية الثانية عمل على استنزاف خيرات الدول العربية وتحويلها إلى سوق لمنتجاته وكرس نوعاً من الاستعمار الثقافي. أما الاحتلال العثماني فقد همش العالم العربي وانحدر بالواقع العلمي والثقافي والاقتصادي والسياسي ومارس في مراحله الأخيرة سياسة التتريك التي مثلت شكلا من أشكال العنصرية. في هذه التجارب الاحتلالية التي عاينها العالم العربي، بقيت الشخصية العربية حاضرة بقوة وبقيت البنية الاجتماعية العربية محافظة على وجودها وتماسكها، بل وكان الاحتلال استفزازا للمجتمعات العربية أدى إلى توحدها وانصهارها في بوتقة واحدة، ولنا في الثورة الجزائرية وثورة 1919 في مصر والثورة السورية الكبرى أكبر الأدلة. مثلت ثورة الخميني انحدارا ليس فقط على المستوى الإيراني، بل على مستوى المنطقة برمتها فقد أدخلت في القاموس العربي مفردات لم يعتد عليها، وتحولت الثورة التي تمثل في المخيال العالمي طفرة للتقدم والرقي إلى عائق وهوة تفصل المجتمعات عن ذلك التقدم. ثورة الخميني استهدفت العالم العربي منذ السنوات الأولى، فلم تمض أشهر قليلة حتى أنشأت إيران أول مليشيات لها في المنطقة العربية وهي مليشيات حزب الله الإرهابية، وراحت تعمل ليل نهار من أجل تمزيق البنية الاجتماعية العربية ومحاولة تشظيتها، فراحت تستهدفها بخطاب طائفي ومذهبي، وبناء قواعد متعددة الأوجه (سياسية ومذهبية واقتصادية وإجرامية) وفي كل تطور يصيب أي دولة عربية في الشرق العربي كان الحرس الثوري الإيراني يظهر محاولا استغلال السيولة والفوضى لتكريس وجوده. وبالرغم من الجرائم التي ارتكبتها الاحتلالات السابقة فإن هناك حدودا لتلك الجرائم على الأقل في البنية القانونية لكل استعمار حل في العالم العربي إلا الاحتلال الإيراني عبر مليشياته فهو قد تحلل من كل قيمه؛ سواء دينية أو مذهبية أو أخلاقية إنسانية. فاستخدم كل الوسائل من القتل إلى تهريب المخدرات وترويجها، مرورا بتجارة البشر والاغتصاب والرقيق الأبيض وغسل الأموال وتهريب السلاح وحتى تهريب الدخان والمسكرات. وبالتالي نشأت في مناطق تواجد مليشيات إيران منظومات إجرامية تحت إشراف النظام الإيراني. خذ على سبيل المثال تجارة المخدرات التي يبدأ إنتاجها بزراعة نبتة القنب الهندي في منطقة البقاع اللبنانية ومناطق سيطرة مليشيات إيران في سوريا، ثم تجري عملية تصنيع المخدرات في كل من سوريا ولبنان في معسكرات تحت إشراف الحرس الثوري ومليشيات حزب الله، ثم تقوم شبكة دولية بالتصدير والتهريب من خلال طرق مبتكرة ومتغيرة بشكل دائم. والهدف هو إغراق منطقة الخليج وباقي دول المشرق العربي حيث التواجد الإيراني وكذلك الدول الغربية سواء الاتحاد الأوربي أو الولايات المتحدة الأمريكية. أما اليافطة الفقهية فقد كرسها حسن نصر الله عبر فتوى تبيح هذه الأعمال الإجرامية طالما تستهدف أعداء إيران. ما تم كشفه من خلال الجمارك في المملكة العربية السعودية عن محاولة تهريب المخدرات عبر شحنات من الرمان ما هو إلا رأس جبل الجليد والخافي أعظم وأخطر بكثير. لذلك فإن وقف استيراد المنتجات الزراعية من لبنان خطوة أولية، مهمة وضرورية، ولعلها تكون البداية.

من الواضح أن المعركة مع الأخطبوط المليشياوي الإيراني متعددة الأوجه، فمحاربة المخدرات داخل الدول العربية هي بنفس الوقت محاربة لإرهاب حزب الله، ونشر الوعي والتسامح هو مواجهة للطائفية والمذهبية والتطرف والإرهاب الذي تمثله مليشيات إيران.