كتاب ومقالات

مستقبل التعليم في المملكة

عبير بنت صقر السلمي

«مصادر التعليم أصبحت اليوم مفتوحة، والتركيز الآن على المهارات.. سنقلل حجم المعلومة في التعليم ونركّز على البحث»، هذا ما قاله قائدنا المُلهَم وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان أمس الأول في الذكرى الخامسة لإطلاق «رؤية ٢٠٣٠» في حديثه عن التعليم في المملكة. كانت ولا تزال المملكة العربية السعودية سباقة في إصدار وتحديث القوانين والتشريعات التي تهدف إلى التمكين والتطوير في شتى المجالات. نحن الآن في خضمّ الثورة الصناعية الرابعة، «المعرفة»، والتحول الرقمي العالميّ، إذ ركزت «رؤية 2030» على الاستثمار في الروبوتات والذكاء الصناعي، وهي أحد أعمدة استراتيجية التنمية. مما لا شك فيه أن لهذا التطور عدداً من الانعكاسات في المجالات الحياتية كافة، وبطبيعة الحال تنعكس هذه التحديثات والتطورات على عملية التعليم في الجامعات، الأمر الذي يوجب عليها مهمات وأدواراً جديدة لتواكب هذا التطور لضمان ديمومة التعليم.

سرّعَت جائحة كورونا الانتقال إلى مستقبل العمل الذي أتي مصحوباً بتحديث بعض الوظائف والأدوار في المجالات كافة. حازت الأتمتة على ثقة شركات عدة، ووفقاً لبحث جديد أجْرَته شركة Deloitte حول الأتمتة الآلية والذكية وجد أن 73% من المؤسسات في جميع أنحاء العالم تستخدم الآن تقنيات الأتمتة -مثل الروبوتات والتعلم الآلي ومعالجة اللغة الطبيعية- مقابل 48% في عام 2019، وتُعزَى زيادة إقبال الأعمال على الأتمتة إلى الاستجابة لتأثير جائحة كورونا، التي بدورها سرعت إحلال الآلات محلّ الوظائف التقليدية الروتينية ذات المهارات المنخفضة. صحيح أن الأتمتة ستحلّ محلّ العديد من الوظائف في المستقبل المنظور، ولكن هذا سيخلق بدوره العديد من الوظائف الجديدة التي تتطلب مهارات عالية أو متوسطة، الأمر الذي يستوجب على الجامعات سرعة الاستجابة لمثل هذه التغيرات المتسارعة لبيئة العمل. ووفقاً لاستطلاع أجرته WEF على المهارات المطلوبة في الشركات السعودية خلال الجائحة وجدت أن أكثر من 15 مهارة سيزيد طلب الشركات عليها في المستقبل، مثل: التفكير التحليلي والإبداعي، والتعامل مع الآخرين، وغيرهما من المهارات التي لا يمكن الاستبدال بالتدخل البشري فيها.

لذلك من المهم أن تركّز الجامعات على تخريج كوادر مهنية تتوافق مع سوق العمل المتطورة اليوم، التي يكاد يختفي فيها الطلب على الوظائف ذات المهارة المنخفضة. مشكلة التعليم في جامعاتنا أنه يتّسم في الغالب بالتلقين والتكرار بدلاً من التركيز على المهارات التحليلية والنقدية، الأمر الذي يضع على عاتق الجامعات مهمة التطوير والتجديد المستمرّ لمناهجها وخططها الدراسية وتصميم وتعزيز أجندة أكاديمية ومهنية تتناسب مع الاحتياجات الجديدة لسوق العمل، في ظل التطور التكنولوجي السريع الذي تشهده المملكة.