أخبار

«جانين» حائل أسطورة جِن أم حقيقة حضارات سالفة

يضم جبل جانين أقدم الكهوف الأثرية التي استوطنها الإنسان قبل التاريخ.

علي الرباعي (الباحة) Al_ARobai@

تكتنز جغرافية المملكة طبيعة تضاريسية تغري بنسج الحكايات وتدبيج المرويات حولها، وتوظيف التاريخ لخدمة الجغرافيا عبر وسائل العرض السينمائي والتلفزيوني والمسرحي، ومنطقة حائل المشهورة بصحرائها وجبالها العامرة ظاهراً وباطناً بالرسومات والآثار والغرائبيات الباعثة على حبك الخيال وتدوينه أدبياً.

يُثير جبل وكهف (جانين 75 كيلومتراً شمال شرقي مدينة حائل) كثيراً من الأسئلة، ويحفّز الذاكرة على تأمل تاريخ يحمل بين صفحاته صورا لمن سكنوا وعمروا وخلفوا آثاراً تعمّق أواصر الروابط الإنسانية عبر آلاف السنوات، فيما يحاذي الواقع المخيال الموازي بحمولات الحكايات والأساطير عن عالم الجن المستتر وغير المرئي، لتظل جمالية المكان في الرمزية العصيّة على فك شيفرتها.

يضم جبل جانين أقدم الكهوف الأثرية التي استوطنها الإنسان قبل التاريخ في منطقة حائل، ويعد أبرز المواقع السياحية، والجبل نابت كشجرة لا تنقرض في قلب «بحيرة جانين» الغنية بالمياه الجوفية، ويمتد الكهف بطول 100 متر تقريباً، وبه النقوش الثمودية والحبشية القديمة، ويتقاطع الكهف في مدخله المعلّق مع مداخل كهوف النساك في إثيوبيا، فيما تغري المنوعات التشكيلية للرسوم المنحوتة بأساليب فنية، منها الغائر والبارز والحز والتفريغ، لتؤكد أصالة حضارات ممتدة سكنت وبنت ومارست نشاطات إنسان ما قبل التاريخ وتركت لأجيالنا صوراً من حياتها اليومية. يتكون جبل جانين من أربع كتل من الصخور الرسوبية، أكبرها قطره 1.5 كم، واشتهر الجبل بكهفه الشهير الذي يبلغ طوله 70م، وارتفاع سقفه 25م، وتنتشر في مقدمته الكتابات الثمودية بما يوازي ثلثي مساحته، بينما يبدو أن الجزء الأخير مخصص للسكن وبالتحديد سكن الكهان لتوفر المياه في برك داخله، إضافة لآثار نبع أثري، واختيار موقع الكهف إستراتيجي بما يوفره من أمان لقاطنيه.

وبحكم عدم توفر معلومات موثقة عن الكهف تتداخل فيه وعنه حكاية الإنسان والجان، ومن هنا أتت تسميته، فجانين مُثنى جان، ويرجع آثاريون النقوش والكتابات إلى الفترة الثمودية المتأخرة، في القرن الثاني بعد الميلاد، وحظي الموقع باهتمام هيئة السياحة والتراث الوطني، من خلال حمايته والعمل على خطط لتطويره سياحياً.