جماعة الإخوان على شفا الانهيار
الأربعاء / 30 / رمضان / 1442 هـ الأربعاء 12 مايو 2021 00:40
د. رامي الخليفة العلي
لم تمر جماعة الإخوان المسلمين في مصر منذ تأسيسها في ثلاثينات القرن الماضي على يد حسن البنا وحتى اليوم بمرحلة حرجة كالتي تعيشها في السنوات الأخيرة. فعندما تقدمت الصفوف في محاولة لاستغلال ما سمي الربيع العربي وحالة السيولة التي مرت بها عديد الدول العربية انكشف الغطاء عنها وعرف القاصي والداني نزعة التسلط لديها وأنها تريد الحكم بالحق الإلهي، بعيدة كل البعد عن النموذج الإسلامي الذي تدعيه وقريبة من النموذج الكنسي الذي عاينته القارة الأوربية في القرون الوسطى، فحولت المفردات السياسية إلى أوامر دينية عندما دعت إلى غزوة الصناديق أثناء التعديلات الدستورية في مصر على سبيل المثال وعندما شيطنت خصومها السياسيين وحولت الصراع معهم إلى صراع ديني بدل أن يكون خلافا سياسيا، وفوق هذا وقبله وبعده فقد تبنت العنف شرعة ومنهاجا، ولم تكن السلمية التي تدعيها سوى ذر للرماد في العيون. وفي كل تغير سياسي كانت الجماعة تدخل في مواجهة مع الدولة المصرية إما بالأصالة أو بالنيابة. لقد حولت الجماعة الدين الإسلامي الحنيف إلى وسيلة لتحقيق أغراض سياسية تصب في صالح قيادات الجماعة وأصنامها. لم يستطع المجتمع المصري أن يحتمل الجماعة لأكثر من عام ثم أزاحها غير مأسوف عليها ونزلت من على كاهله. لم تقرأ الجماعة الواقع الجديد في مصر كما يجب وإنما راحت تسعى إلى فرض شروطها على المجتمع المصري باستخدام الشارع تارة والعمليات الإرهابية تارة أخرى ومحاولة جعل شبه جزيرة سيناء مقرا لعملياتها كما كان الصعيد في سنوات الثمانينات والتسعينات. ومع ذلك فشلت الجماعة فشلا ذريعا عندما كان الشعب والجيش يدا واحدة في مواجهتها. حين ذاك قامت الجماعة بخطئها التاريخي الذي لا يغتفر عندما تحالفت مع طرف دولي في مواجهة الدولة والحكومة والشعب المصري. فانتقلت بعدتها وعديدها إلى إسطنبول وحولت العاصمة التاريخية لتركيا إلى عاصمة للعمل التنظيمي والسياسي والإعلامي للجماعة ومن يلف لفيفها. وكان واضحا منذ اللحظة الأولى أن الجماعة تبحث عن ضامن إقليمي ومتعهد، تبحث أن تكون ذيلا وأداة لكل من يريد سوءا بمصر وشعبها. لم تكتف الجماعة بالتحالف مع حزب العدالة والتنمية وزعيمه أردوغان بل التقت مع قاسم سليماني في العاصمة التركية وتم التنسيق مع طهران للنيل من المملكة العربية السعودية وتواصلت مع أداة إيران في المنطقة حزب الله. لقد تحولت الجماعة إلى فئة منبوذة ومكروهة حتى انفض عنها كثير من أعضائها ومن بقي تنازعوا وتلاوموا وفشلت ريحهم. ها هم اليوم بين من يدعو لاستمرار اللعبة حتى النهاية والبقاء ذيولا بيد تركيا أو إيران أو غيرهما، وبين من يدعو إلى التحصن بأوربا والغرب أسوة بالثمانينات والسبعينات حيث كانوا بيدقا في يد الولايات المتحدة، بين من يدعو إلى استمرار التحالف مع أردوغان وبين من يدعو إلى طعن أردوغان بالظهر (كما هي عادة الجماعة الغدر) واللقاء مع حزب السعادة المعارض العدو اللدود لأردوغان. فقدت الجماعة البوصلة وصارت تضرب خبط عشواء لا تعرف وجهتها، وكأنها تنتظر رصاصة الرحمة التي يبدو أنها ليست ببعيدة.