«الإخوان» المسلمون.. الشيطان في التفاصيل !
الخميس / 15 / شوال / 1442 هـ الخميس 27 مايو 2021 00:06
محمد الساعد
لعل أهم خصم للإخوان المسلمين هم الإخوان أنفسهم، فبعد فشلهم في حكم مصر 2012-2013، وانهيار منظومتهم الأمنية والمالية والحركية داخل معقلهم الأم «الجمهورية المصرية»، توقع الجميع أن يعمل التنظيم بعد مسيرة أكثر من ثمانين عاماً من العمل السري، تلاه رفض شعبي في أقل من سنة حكموا فيها، على القيام بمراجعات مكثفة لاستخلاص العبر وتعديل الأخطاء والتوقف عن الجرائم الأخلاقية والسياسية التي ارتكبوها ليس في حق مصر فقط، بل وفي حق الأمة العربية والإسلامية.
من يعود لأدبيات الإخوان يجد أنها هي من ضللت أتباعها قبل تضليل المتلقين أو الأطراف الأخرى، فهي من أقنعتهم بأنهم المخلصون والرسل الجدد لأمة ضلت خطاها، ولن تعود للطريق القويم إلا عبر الإخوان، وصورت نفسها بأنها باب النجاة الوحيد للمسلمين ونافذتهم للتقدم، هذه الصياغة المتطرفة التي اعتمدوها، كانت إقصائية لأبعد حد، وفرضت على أتباعها التصديق بها ورفض كل منتج إنساني آخر، ومن هنا عادوا كل الخيارات السنية الأخرى، ومن ضمنها الدعوة الإصلاحية للشيخ محمد عبد الوهاب، التي عدّوها دعوة منافسة ذات مخزون ديني ثري ومقنع، ولذلك يعدّون كل من هم خارج الإخوان المسلمين إما كفاراً أو ضالين، لكنهم ليسوا مسلمين خلصاء.
الإخوان يصنفون أنفسهم أمة لوحدهم، لديهم فقههم الخاص، وأموالهم المبررة حتى ولو كانت من مصادر حرام، أما بنيتهم الحركية فهي ضمن تراتبية مختلفة عن البقية، أقرب ما تكون للتركيبة الماسونية لضرورة العمل السري وتبعاته، فلا يستغرب أن يرأس حركي في التنظيم رئيس حكومة في دولة أخرى، وبشكل أكثر وضوحاً لا يفاجأ أحد أذا علم أن عصام العريان طبقته في التنظيم أعلى من مهاتير وأردوغان، وهو من يملي عليهم التوجيهات والأوامر. هذه التراتبية أعطتهم بعداً مليئاً بالغرور والتعالي وكأنهم أنبياء الأمة وخلفاؤها المبجلون، كل يؤخذ منه ويرد إلا هم، ويجب على الجميع عذرهم في ما يفعلونه، والتغاضي عن أخطائهم ومكافأتهم مالياً دون توقف.
عداء الإخوان للحركة الإصلاحية في نجد انعكس على الدولة السعودية ومحاربة حكامها ومشاريعها. انطلق العداء من استحالة تحويل الرياض لخادمة للمشروع الأممي الإخواني، ولعل المتتبع للتنظيم يجد كيف أن تبادل الأدوار والتخادم المتناسق بين الإخوان في الداخل السعودي والخارج وصل لمرحلة القناعة بجهوزية المشهد للانقلاب على الدولة قبيل «الخريف العربي» بأشهر فقط. ظهر ذلك جلياً في العام 2010 عندما أطلق ما يسمى بحزب الأمة السعودي الذي جهز قبل أحداث الربيع، وكان مطروحاً منهم أن يكون هو المنصة التي تنطلق منها شرارة الانقلاب، وبالرغم من نجاح الإخوان في الانقلاب على الحكم التونسي والليبي والمصري والسوري واليمني، إلا أنهم وصلوا لأبواب «المصمك» واصطدموا به ولم يستطيعوا له خرقاً.
كانت صدمتهم الكبرى، فقد ظنوا لسنوات طويلة أن الشارع السعودي في أيديهم يتلاعبون به كيفما شاؤوا، وأن الاختراق لمؤسسات الدولة وصل إلى أعلى درجاته -سعد الجبري مثالاً-.
بدأ أول اختبار فعلي للقوة في ما يسمى «ثورة حنين» التي لم يخرج فيها أحد. لم يصدقوا أنفسهم وجن جنونهم، وبدأوا في إطلاق ثورات إلكترونية واحدة تلو الأخرى دون نتيجة. حاولوا استخدام عواطف السعوديين في قضايا داخلية من «الراتب» إلى «العاني» وليس انتهاء بنساء القاعدة وداعش في السجون، أما خارجياً فجاءت نصرة غزة وسوريا واليمن وغيرها كقضايا يمكن التلاعب بها على العواطف، لكن النتيجة النهائية اليوم بقيت صفراً كبيراً.
الإخوان في عدائهم للسعوديين لم يتركوا شيئاً لم يستبيحوه، فمن تهشيم المجتمع وتقسيمه واللعب على الوتر القبلي والمناطقي والطائفي، إلى الاستعداء ضد الدولة ورموزها وقياداتها، مروراً بتشويه النخب الدينية والثقافية ورجال الدولة وتكفيرهم وتنزيل مكانتهم، للتمكن من الاختراق وتوظيف كوادرهم في مراكز الظل.
لم يتوقف الأمر عند ذلك بل انخرط التنظيم الإرهابي في أعمال عسكرية لإجبار السعودية على التنازل عن سيادتها وتسليمها للإخوان، بدأ ذاك العام 1995 بتفجير مزدوج لسكن خبراء الحرس الوطني في الرياض، ثم تفخيخ العلاقة مع واشنطن عبر تكليف 15 سعودياً بتنفيذ أحداث 11 سبتمبر لاتهام السعوديين بها، فضلاً عن قيام الذراع الإعلامية بمشاركة دول إقليمية لترسيخ تهمة الإرهاب بالمملكة ومنهجها الديني.
دخلت الحرب الإخوانية العلنية مرحلة أخطر عندما قامت القاعدة الذراع العسكرية للإخوان بعمليات قتالية في الشوارع السعودية خلال 2003 إلى 2006. لقد أوصل عداء الإخوان للمملكة إلى حرب مفتوحة على كل الجبهات، ولعلنا نلخصها في ما يلي:
سياسياً: تحالف الإخوان مع كل خصوم السعودية من الخميني إلى صدام والقذافي وعلي صالح وليس انتهاء بتركيا، عمل فيها الإخوان كمحلل ومنفذ ومروج لأدوات العداء.
دولياً: اتخذ الإخوان من اليسار المتطرف حلفاء، وقدموا التنازلات الأخلاقية والشرعية، ليكونوا بديلاً عن الرياض في العالم العربي والإسلامي، وشكلوا مع القوى العربية إدارات ضغط على السعوديين.
داخلياً: اختراق الشباب والشابات السعوديين، وأنشأوا مشروعاً معارضاً قوامه تهريب أولاد وبنات (الحركيين)، واستقطاب مبتعثين وتحويلهم لأدوات مضادة ومعادية يتم بها استدرار عواطف الغرب ضد السعودية.
إقليمياً: الانخراط في كل الأعمال العدائية للرياض، التي بدأت إقليمياً وغربياً، محاولة الإطاحة بالدولة، واغتيال قادتها معنوياً، وتشويه مواقفها لكيلا يكون أمام السعودية من طرق نجاة إلا الإخوان.
لقد راهن الإخوان كثيراً على ألاعيبهم وخبراتهم الطويلة في العمل السري الحركي، وقدرتهم على الاختراق والضغط وعقد التحالفات مع الخصوم، أثمر ذلك عن تمكينهم وتزويدهم بالمناصب العليا، وأحياناً رئاسة الحكومات في دول عربية وإسلامية، لكن الرياض بقيت عصية صلبة عليهم، وأثبتت أنها الأنجح في خوض المعارك الطويلة النفس، والفوز ليس بالبندقية والسيف فقط بل وبالدهاء السياسي.
من يعود لأدبيات الإخوان يجد أنها هي من ضللت أتباعها قبل تضليل المتلقين أو الأطراف الأخرى، فهي من أقنعتهم بأنهم المخلصون والرسل الجدد لأمة ضلت خطاها، ولن تعود للطريق القويم إلا عبر الإخوان، وصورت نفسها بأنها باب النجاة الوحيد للمسلمين ونافذتهم للتقدم، هذه الصياغة المتطرفة التي اعتمدوها، كانت إقصائية لأبعد حد، وفرضت على أتباعها التصديق بها ورفض كل منتج إنساني آخر، ومن هنا عادوا كل الخيارات السنية الأخرى، ومن ضمنها الدعوة الإصلاحية للشيخ محمد عبد الوهاب، التي عدّوها دعوة منافسة ذات مخزون ديني ثري ومقنع، ولذلك يعدّون كل من هم خارج الإخوان المسلمين إما كفاراً أو ضالين، لكنهم ليسوا مسلمين خلصاء.
الإخوان يصنفون أنفسهم أمة لوحدهم، لديهم فقههم الخاص، وأموالهم المبررة حتى ولو كانت من مصادر حرام، أما بنيتهم الحركية فهي ضمن تراتبية مختلفة عن البقية، أقرب ما تكون للتركيبة الماسونية لضرورة العمل السري وتبعاته، فلا يستغرب أن يرأس حركي في التنظيم رئيس حكومة في دولة أخرى، وبشكل أكثر وضوحاً لا يفاجأ أحد أذا علم أن عصام العريان طبقته في التنظيم أعلى من مهاتير وأردوغان، وهو من يملي عليهم التوجيهات والأوامر. هذه التراتبية أعطتهم بعداً مليئاً بالغرور والتعالي وكأنهم أنبياء الأمة وخلفاؤها المبجلون، كل يؤخذ منه ويرد إلا هم، ويجب على الجميع عذرهم في ما يفعلونه، والتغاضي عن أخطائهم ومكافأتهم مالياً دون توقف.
عداء الإخوان للحركة الإصلاحية في نجد انعكس على الدولة السعودية ومحاربة حكامها ومشاريعها. انطلق العداء من استحالة تحويل الرياض لخادمة للمشروع الأممي الإخواني، ولعل المتتبع للتنظيم يجد كيف أن تبادل الأدوار والتخادم المتناسق بين الإخوان في الداخل السعودي والخارج وصل لمرحلة القناعة بجهوزية المشهد للانقلاب على الدولة قبيل «الخريف العربي» بأشهر فقط. ظهر ذلك جلياً في العام 2010 عندما أطلق ما يسمى بحزب الأمة السعودي الذي جهز قبل أحداث الربيع، وكان مطروحاً منهم أن يكون هو المنصة التي تنطلق منها شرارة الانقلاب، وبالرغم من نجاح الإخوان في الانقلاب على الحكم التونسي والليبي والمصري والسوري واليمني، إلا أنهم وصلوا لأبواب «المصمك» واصطدموا به ولم يستطيعوا له خرقاً.
كانت صدمتهم الكبرى، فقد ظنوا لسنوات طويلة أن الشارع السعودي في أيديهم يتلاعبون به كيفما شاؤوا، وأن الاختراق لمؤسسات الدولة وصل إلى أعلى درجاته -سعد الجبري مثالاً-.
بدأ أول اختبار فعلي للقوة في ما يسمى «ثورة حنين» التي لم يخرج فيها أحد. لم يصدقوا أنفسهم وجن جنونهم، وبدأوا في إطلاق ثورات إلكترونية واحدة تلو الأخرى دون نتيجة. حاولوا استخدام عواطف السعوديين في قضايا داخلية من «الراتب» إلى «العاني» وليس انتهاء بنساء القاعدة وداعش في السجون، أما خارجياً فجاءت نصرة غزة وسوريا واليمن وغيرها كقضايا يمكن التلاعب بها على العواطف، لكن النتيجة النهائية اليوم بقيت صفراً كبيراً.
الإخوان في عدائهم للسعوديين لم يتركوا شيئاً لم يستبيحوه، فمن تهشيم المجتمع وتقسيمه واللعب على الوتر القبلي والمناطقي والطائفي، إلى الاستعداء ضد الدولة ورموزها وقياداتها، مروراً بتشويه النخب الدينية والثقافية ورجال الدولة وتكفيرهم وتنزيل مكانتهم، للتمكن من الاختراق وتوظيف كوادرهم في مراكز الظل.
لم يتوقف الأمر عند ذلك بل انخرط التنظيم الإرهابي في أعمال عسكرية لإجبار السعودية على التنازل عن سيادتها وتسليمها للإخوان، بدأ ذاك العام 1995 بتفجير مزدوج لسكن خبراء الحرس الوطني في الرياض، ثم تفخيخ العلاقة مع واشنطن عبر تكليف 15 سعودياً بتنفيذ أحداث 11 سبتمبر لاتهام السعوديين بها، فضلاً عن قيام الذراع الإعلامية بمشاركة دول إقليمية لترسيخ تهمة الإرهاب بالمملكة ومنهجها الديني.
دخلت الحرب الإخوانية العلنية مرحلة أخطر عندما قامت القاعدة الذراع العسكرية للإخوان بعمليات قتالية في الشوارع السعودية خلال 2003 إلى 2006. لقد أوصل عداء الإخوان للمملكة إلى حرب مفتوحة على كل الجبهات، ولعلنا نلخصها في ما يلي:
سياسياً: تحالف الإخوان مع كل خصوم السعودية من الخميني إلى صدام والقذافي وعلي صالح وليس انتهاء بتركيا، عمل فيها الإخوان كمحلل ومنفذ ومروج لأدوات العداء.
دولياً: اتخذ الإخوان من اليسار المتطرف حلفاء، وقدموا التنازلات الأخلاقية والشرعية، ليكونوا بديلاً عن الرياض في العالم العربي والإسلامي، وشكلوا مع القوى العربية إدارات ضغط على السعوديين.
داخلياً: اختراق الشباب والشابات السعوديين، وأنشأوا مشروعاً معارضاً قوامه تهريب أولاد وبنات (الحركيين)، واستقطاب مبتعثين وتحويلهم لأدوات مضادة ومعادية يتم بها استدرار عواطف الغرب ضد السعودية.
إقليمياً: الانخراط في كل الأعمال العدائية للرياض، التي بدأت إقليمياً وغربياً، محاولة الإطاحة بالدولة، واغتيال قادتها معنوياً، وتشويه مواقفها لكيلا يكون أمام السعودية من طرق نجاة إلا الإخوان.
لقد راهن الإخوان كثيراً على ألاعيبهم وخبراتهم الطويلة في العمل السري الحركي، وقدرتهم على الاختراق والضغط وعقد التحالفات مع الخصوم، أثمر ذلك عن تمكينهم وتزويدهم بالمناصب العليا، وأحياناً رئاسة الحكومات في دول عربية وإسلامية، لكن الرياض بقيت عصية صلبة عليهم، وأثبتت أنها الأنجح في خوض المعارك الطويلة النفس، والفوز ليس بالبندقية والسيف فقط بل وبالدهاء السياسي.