كتاب ومقالات

الموظف.. المدير.. المصالح المشتركة

مفتاح ضائع

أنمار مطاوع

(الموظف/‏‏ المدير). هذه المعادلة الخشنة هي واحدة من أصعب المعادلات في كلا طرفيها.. ولا تكاد تخلو منشأة صغيرة أو كبيرة من تذمر طرف من الآخر.. وربما الطرفين من بعضهما.

تشير الدراسات المتخصصة إلى أن (التواصل) بين الموظف والمدير هو حجر الزاوية في حل المعادلة أو تعقيدها.

التواصل هو المدخل لفهم بيئة المدير: النفسية والفكرية والعملية. يقول أحد الموظفين: (.. مشكلتي في العمل هي مديري.. وهي مشكلة ليس لها حل. فقد تم تعيينه مديرا ليس لكفاءته أو خبرته.. ولكن لشهادته.. والشهادة في خلال تجربة عملي في القطاع الخاص لم تثبت نجاحها في سوق العمل أبدا). (.. هو أقل خبرة مني.. ولك أن تتخيل مدى ضعفه في نظري وما ينعكس ذلك على رؤيتي لقراراته العشوائية). ويضيف: (.. لولا هذا المدير قليل الخبرة لكنت في وضع وظيفي أفضل كثيرا..). (.. لذلك، لا أترك فرصة في أي اجتماع أو مناسبة دون أن أذكّره بقلة خبرته.. وأكشف للكل جهله. في الحقيقة، أريد أن تصل الصورة كاملة للإدارة العليا).

هذا المنظور هو خطأ مركب بعضه فوق بعض يقع فيه كثير من الموظفين -خصوصا المخلصين للعمل- بأن يعبّروا عن غيرتهم على العمل والمنشأة بهذه الطريقة الجافة. أول ما يجب أن يعرفه الموظف هو أن سبب تعيين المدير يعود لاعتبارات كثيرة؛ ليس مجالها هنا. ولكن، هذا المدير كان هو الخيار الأمثل للإدارة العليا. قد يكون ضعيفا أو سلبيا أو قليل خبرة.. لكن في النهاية هو الخيار الأمثل حسب واقع الحال. والإدارة تعرف عنه أكثر مما يحاول الموظف أن يقوله لهم.

ما يجب أن يعرفه هذا الموظف هو أن المدير الضعيف أو قليل الخبرة يواجه تحديات في عمله أكبر من تحديات المدير القوي واسع الخبرة.. وبالتالي، الضغوط عليه أكبر.. ويحتاج لمن يقف بجانبه ويسانده من مرؤوسيه وليس من يذكّره بضعفه وقلة خبرته.

على الموظف أن لا ينسى أن المدير -أيا كان- هو أحد مصادر تنمية وتطوير الذات في العمل. فهو من بيده فتح طريق التطوير عن طريق: الترشيح لمناصب أو دورات أو برامج متخصصة.. و(أيضا) هو من (يرفع) تقاريره للإدارة العليا، وهو من (يتحدث) عن الموظف في اجتماعات الإدارة العليا سلبا أو إيجابا. بمعنى آخر.. أهم شخص في حياة الموظف العملية هو.. مديره.

التواصل مع المدير باب يجب فتحه. ليس من أجل التزلف والنفاق والمحاباة.. ولكن من أجل الوصول لنقاط مشتركة.. لأرضية تواصل مريحة للطرفين؛ هذا في يد الموظف وليس في يد المدير. التواصل المقصود يعني: معرفة أسلوب العمل المفضل لدى المدير.. ومعرفة رأيه الشخصي في الموظف.. ومعرفة ملاحظاته حول أدائه وعمله بشكل شخصي بعيدا عن الرسميات وجلسات التقييم. كل هذه العناصر تصب في مصلحة الموظف ومستقبله الوظيفي مباشرة.

الموظف الذي يريد أن يطوّر نفسه هو من يتواصل بشكل صحيح مع مديره ويستقي منه.. ويستخرج أفضل -وليس أسوأ- ما فيه.

على الطرف الآخر، يقول أحد المدراء: (.. المدير حياته ليست وردية كما يعتقد معظم الموظفين.. كلما صعدت في السلم الوظيفي تزداد المعاناة والتحديات.. والمنافسة؛ وليس سرا أن أقول: في معظم حالاتها هي منافسة غير أخلاقية). (.. كل هذا أواجهه من خارج إداراتي.. ويزداد الأمر سوءا عندما أواجه معاناة من موظف متذمر في إدارتي.. فقط لأنه لم يحاول أن يفهم ما أريد.. لم يعرف أسلوب عملي. كلنا نريد مصلحة المنشأة.. وأنا أريد دعمه لي وليس عداءه. نحن في قارب واحد.. قوتهم من قوتي.. ونجاحهم من نجاحي).

تظل المعضلة قائمة ولا يملك مفتاحها سوى الموظف الراغب في التطوير.. والقادر على فتح قنوات تواصل مع مديره.. فمساحات المصالح المشتركة بينهما أوسع كثيرا من مساحات الخلاف.