كتاب ومقالات

اشششش، هدوء !

ريهام زامكه

صباح الخير (بصوت واطي) حتى لا أزعجكم، فالأمور تغيرت الآن وأصبح لدينا أخيراً لائحة للحد من الضوضاء وغرامتها قد تصل إلى 30 ألف ريال، وبصراحة وكما يقولون (من خاف سِلم)؛ لذا من يجد في مقالي هذا أي إزعاج فليتواصل مع رئيس التحرير مباشرةً ويتفاهم معه، فأنا ليس لديّ أي استعداد لأن أدفع ولا حتى 30 ريالاً.

دعونا في البداية نعرف ماذا تعني كلمة ضوضاء، ونقول هي تلك الأصوات المُزعجة التي لا ينسجم لسماعها الإنسان، ويكون لها تأثير سلبي على صحته وسلامته العقلية والنفسية، بعكس الموسيقى التي تُطربه، أو صوت محبوبته الذي يُسعده.

وبالطبع قد أسعدتنا الخطوة التي قامت الدولة باتخاذها لمكافحة التلوث الضوضائي، بعد ما أعلنت وزارة البيئة والمياه والزراعة عن بدء تنفيذ اللائحة التنفيذية للضوضاء في المملكة.

وقد أوضحت أن الأحكام تسري على جميع الأشخاص في المناطق السكنية والتجارية والصناعية والحساسة بيئياً، إضافة إلى جوانب الطرق ومواقع البناء.

وكما تعلمون تعتبر الضوضاء من أنواع التلوث العديدة حيث صنفت بأنها ضارة على صحة الإنسان، والحيوان، والطيور، والنباتات، وأشياء أخرى غير حية كذلك.

ومشاكل الضوضاء تزداد يوماً بعد يوم بشتى أنواعها وأشكالها، ولها تعاريف كثيرة ومختلفة.

فمثلاً تعرف الموسوعة البريطانية الضوضاء بأنها «الصوت غير المطلوب»، بينما تعرفها الموسوعة الأمريكية بأنها «الصوت غير المرغوب»، وأعرفها أنا في موسوعتي الخربوطية «بالصوت غير المحبوب».

ومع الأسف قد يتفنن البعض في إحداث الفوضى والضوضاء، فمثلاً تجد مجموعة من الشباب يستعرضون بدراجاتهم النارية وأصواتها المزعجة ويتسابقون، وتجد شخصاً مُزعجاً يقود سيارته وكأنه في سباق مع الزمن، ويستمع إلى شيلة بصوت صاخب جداً في (عِز القايلة)، ويستخدم (البوري) لحاجة وغير حاجة بقصد إزعاج الآخرين وحتى يفسحوا لحضرته المجال وكأنه يمشي ويتمشى في (شارع أبوه).

ناهيكم -حلوه ناهيكم- عن (طقطقة) العُمال ليلاً ونهاراً على رؤوسنا في أعمال البناء والإنشاءات والخدمات العامة دون التقيد بمواعيد عمل ثابتة ومقبولة.

وقد تم إدراج قاعات الأفراح والاستراحات ضمن اللائحة لما فيها من مبالغة في بعض الأحيان، وقد حدثتني إحدى الثقات ومنزلها قريب جداً من إحدى قاعات الأفراح بأنهم يعانون من الإزعاج، وبالفعل قد زُرتها في أحد الأيام وعندما خرجت من عندها شعرت أن (الطقاقة) التي كانت تحييّ الحفل في القاعة المجاورة لمنزلهم قد انتقلت إلى (نافوخي) مباشرةً ويا ليت صوتها كان (حلو).

كان بودي أن أسترسل أكثر لكني خفت أن أزعجكم، وللأمانة قد قطع عليّ الوحي الأستاذ سعيد آل منصور وأنا في غاية الهدوء والانسجام، وقد أرسل إلي رسالة طويلة جداً يقول فيها: وين المقال؟

وبصراحة لا أستطيع أن أعتبر رسالته مصدر إزعاج لأننا نحن معشر الكُتاب المزعجين، وهذا الرجل يعرف كيف يتعامل مع ضوضائنا وفوضويتنا وأمزجتنا.

على كل حال وبما أن الشيء بالشيء يُذكر؛ أتمنى والله لو كنت أستطيع أن أدرج صديقاتي ضمن لائحة الحد من الضوضاء، لأنهن بالفعل (صدعوني) وأريد تبديلهن بصديقات أُخريات، هادئات، خلوقات، وغير مزعجات.