صوت المواطن

تعتبر الأكبر من نوعها عالمياً.. الداير: الحصون الأثرية.. تاريخ مهمل

يحيى المالكي

محمد المالكي (جازان) almalkym93@

تحظى محافظة الداير بني مالك (شرقي جازان) بمعالم تاريخية قديمة وقلاع وحصون أثرية وقرى تاريخية، وتحتوي على أكبر تجمع للحصون الحجرية الأثرية في العالم، فمنذ آلاف السنين ظلت المحافظة تحتفظ بطابعها المعماري الفريد وشموخ جبالها التي تتخللها الوديان والسهول والأراضي الخصبة وطبيعتها الخلابة، وجمعها ما بين عراقة الماضي وروعة المكان حتى باتت مقصداً سياحياً مهماً لعشاق التاريخ لا سيما جمال الطبيعة.

وتتميز تلك القرى والقلاع بالرسومات والنقوش التي يعود تاريخها للعصر الحجري الحديث والقديم وجمعها بين الاستخدامات «السكنية والعسكرية والاقتصادية»، إذ لا تكاد تزور جبلاً من جبال بني مالك إلا وتجد حصناً هنا وقرية هناك شيدها السكان بحرفية بارتفاعات تتراوح ما بين سبعة إلى عشرة طوابق بحسب طبيعة المكان وملاءة أصحابها المادية ومكانتهم الاجتماعية، وتتنوع الأشكال بالدائري والمربع والمربوعة التي تتخصص جدرانها بالكوارتز لغرضين؛ أحدهما انسياب الماء إلى خزانات حفرت في الصخر لحفظ مياه الأمطار، والآخر لتكون قاعدة للتصاوير والنقوش التي تثبت فيما يساعد على تناسق المظهر الحجري ومقاومة العوامل الطبيعية والزلازل مما جعلها ثابتة على مدى تلك العصور لتحكي لزائريها تاريخ المحافظة التي مرت بالعديد من الحقب والعصور حتى عصرنا الحديث فشكلت صورة جمالية تجمع روعة الحاضر وعراقة وأصالة الماضي. ويغلب على تصاميمها برجان يتخذان الشكلين الدائري والمربع بحيث يقفان جنباً إلى جنب في أغلب القلاع والحصون.

ومن أشهرها قيار وذراع الخطم والثاهر وريدة وذات المسك والقعبة وريدة العزة والقزعة وخدور والمسيجد والخطام والموفا وعثوان والعنقة والشقيق والمسترب والعشة والولجة والثهير.

وتعد هذه القلاع والحصون إرثاً تاريخياً سياحياً عريقاً؛ لما فيها من البناء الهندسي والطراز المعماري الفريد، مما جعلها إلى الآن صامدة رغم عوامل الطبيعة من زلازل وأمطار وغيرها، لكن أغلبها بحاجة إلى الصيانة والترميم وتهيئة الطرق وصيانتها واستثمارها سياحياً لما لها من أهمية تاريخية.

وتأسر القلاع والقرى الأثرية وممراتها الضيقة التي خصصت لحركة الساكنين أنظار الزوار الذين يتوافدون سنويا لتخليد ذكرياتهم والتقاط الصور التي تجسد الفنون التشكيلية كالنقش والأشكال والرسومات المختلفة ونقل أروع الحضارات والتمسك بها والتي تلقى رواجاً كبيراً لدى زوار المحافظة.

باحث تاريخي:تحتاج إلى تعريف وصيانة

الباحث التاريخي يحيى بن شريف المالكي يقول إن هذه القلاع تحتاج للتعريف بها إعلاميا وسياحيا كتراث عمراني فريد، وتنظيم الرحلات السياحية لزيارتها وتنويع المسارات السياحية في محافظ الداير لإثراء الزائر وزيادة متعته البصرية والمعرفية بمكنوزها الزاخر من مزارع البن الخولاني الأصيل، والنزل الريفية الهادئة والحدائق المعلقة والأشجار العطرية والحياة الفطرية المتنوعة والرياضات الجبلية والمطلات الجغرافية، حيث يلتقى التاريخ مع الجغرافيا وتتعانق الطبيعة مع الحضارة على هذه القمم الخضراء الشاهقة، مبينا أن القلاع في الداير تتعرض للإهمال. وأضاف أنها تصان بجهود ذاتية بعد أن هجرها السكان للانتقال للمنازل الحديثة وبعضها هدمت لأغراض مختلفة كالبناء مكانها أو استخدام حجارتها وكذلك الطرق الحديثة التي أتت على الكثير منها، وتجريف الجبال أدى لتغير مسارات السيول مما عرض البعض منها للخطر. موضحا أن بعض الشباب سارع بمبادرات لحماية الحصون والمحافظة عليها ولو بدرء أخطار السيول، إلا أن الترميم قد يفقد الأثر قيمته التراثية إذا لم يتوفر العالم والخبير والمواد الأولية اللازمة أو جمعيات قادرة على النهوض بهذا العبء الكبير، لذا أضحى لزاما تأسيس جمعية للحفاظ على هذه الكنوز المعمارية الحجرية الفريدة وحمايتها وترميم ما درس منها والتعريف بها وإدراجها في خطط التنمية المستدامة كرافد مميز من روافد اقتصاد الوطن وفق رؤية المملكة الواعية.