ثقافة وفن

سعدي يوسف يرحل في قطار الفجر مودعاً عروبته بقلب منفطر

أشاد بتحولات المملكة وسأل عن محمد جبر وخديجة العمري

قصائد سعدي يوسف تبوح بألم المنافي.

علي الرباعي (الباحة) Al_ARobai@

رحل الشاعر العربي الكبير سعدي يوسف فجر أمس الأول في لندن عن 87 عاماً، متمسكاً بمبادئه، مؤمناً بعروبته المنتمي لها شخصاً ونصاً، مفتوناً بالوطن الساكن فيه ليل نهار، الذي كتب له بذوب روحه، وانفطر قلبه عليه، وناداه شعراً وسرداً حد انبحاح صوته، وغادر أبو حيدر حياة طالما تمسك بها وعاشها وكتبها وتحمّل العناء في المنافي الاختيارية والاضطرارية، وودعنا (الهلالي) متعباً من داء أصاب رئته منذ أعوام، وكان (حفيد امرئ القيس) رثى نفسه بنص (بعيداً عن سمائك الأولى) ليعزز تفرده في كل شيء بما في ذلك اختيار التوقيت الأمثل لوداع الحياة؛

سأرحلُ في قطارِ الفجرِ:

شَعري يموجُ، وريشُ قُبَّعَتي رقيقُ

تناديني السماءُ لها بُروقٌ

ويدفعُني السبيلُ بهِ عُروقُ

سأرحلُ...

إنّ مُقتبَلِي الطريقُ.

سلاماً أيها الولدُ الطليقُ!

حقائبُكَ الروائحُ والرحيقُ

ترى الأشجارَ عندَ الفجرِ زُرقاً

وتلقى الطيرَ قبلكَ يستفيقُ.

سلاماً أيها الولَدُ الطليقُ

ستأتي عِندكَ الغِزلانُ طَوعاً

وَتَغْذوكَ الحقولُ بما يليقُ.

سلاماً أيها الولدُ الطليقُ!

سلاماً آنَ تنعقدُ البروقُ.

وفي آخر اتصال لـ«عكاظ» به، أكد فخره بما تشهده المملكة من تحولات إيجابية كبرى، وسأل عن الشاعر محمد جبر الحربي وعن الشاعرة خديجة العمري، وطلب إبلاغهما السلام، وكشف عن نيته الدخول للمستشفى لمعالجة التهاب رئوي، مبدياً كبير التفاؤل بالطب والتقدم العلمي.

وعُرفت عن (أبو حيدر) إنسانيته الراقية، وفنيّته في الكتابة التي يعتني بكل حرف وحركة، وظل صوته ملتاعاً على ما أصاب العالم العربي لتغدو مقالاته وأشعاره منذ 2003 مشبعةً بالأنين، ومن مقولاته (نحن في موقع جغرافي فاتن لكنه غير محظوظ). و(الحياة وهبت لنا لمرة واحدة وعلينا أن نعيشها بحرص وذكاء) و(نحن العرب ابتلينا بالتصفيق.. قصائدنا قتلها التصفيق).

وأبّن الشاعر العراقي محمَّد مظلوم الراحل على موقع سعدي يوسف، الراحل فجر السبت، نيابة عن أُسرة الشاعر ابنتيه (مريم وشيراز) وحفيداته نادية ونادين وماركيتا، وزوجته السيدة إقبال محمد علي كاظم، وكتب أنعى لكم أحد العقول الكبرى في الثقافة العربية. وضميراً شعرياً تبنى طيلة مسيرته موقفاً أخلاقياً جذرياً لا مساومة فيه للقضايا الإنسانية العادلة على مدى ستة عقود ومن بينها موقفه من الاحتلال الأمريكي لبلاده وهو الموقف الذي دفع لأجله أفدح الأثمان وتحمّل حملات التشنيع والتشويه بصبر الأنبياء وبسالة الفرسان (نحيا حياةً لا يليقُ بنا، إلا الكريمانِ فيها: الطُّهرُ، والخطَرُ!) وأضاف مظلوم (أنعى لكم سيِّدَ المنفى الذي لم يغادره الوطن. أنعى لكم جبلاً وكيف يمكن أن يرثى الجبل؟).

موضحاً أن روح شاعر (ليل حمدان) المعطاءة النقية فاضت بالتزامن مع إطلالة الفجر كما يليق بشاعر صنع فجره في زمن الظلام العربي إذ في تمام الساعة الرابعة وعشر دقائق من فجر يوم السبت 12-6-2021 استراح المحارب مثلما استراحت آلهة الأساطير القديمة إثر اكتمال مهمتها، مشيراً إلى أن سعدي الذي اعتاد أن يستقبل الفجر بقصيدة جديدة استقبل فجر السبت بقصيدته الأخيرة وأغمض عينيه على رؤياه الأخيرة بينما كانت طيور الفجر تعلن ميلاد يوم جديد، يوم هو تاريخ جديد لرحلة خلود الروح في أبديتها. وأكد أن جثمان (الأخضر بن يوسف) سيوارى في مقبرة (الهاي غيت) في لندن اليوم الإثنين وبلا مُشيِّعين تنفيذاً لوصيته.

ورثى مظلوم الشاعر العروبي مؤكداً أنه عاش حراً، طفلاً أبدياً (ولداً طليقاً) اختار أن يحيا بشروطه مثلما اختار طقوس رحيله، بعنفوان الشعراء الفرسان، تاركاً هَدْياً مهدياً وأرثاً ثرياً لأجيال الشعراء العرب. اختار نعيه ورثى نفسه واصطفى مراثيه. اكتمل خريفه بما يليق، فمثله لا يرحل بل يكتمل، وهكذا كان موته اكتمالاً وليس انتهاء. اكتملت دورة حياته الجسدية وبدأت رحلة خلوده الأبدية، أتمَّ رسالته في الشعر والحياة، اختار لناره أنْ تشبَّ من رماد، ولرماده أن ينبعث عنقاء من تراب، وكان آخر وصاياه أن يؤخَّر نعيه، لذلك تأجل إعلان خبر رحيله احتراماً لوصيته، فقد أراد لروحه زمناً خاصاً لتحلّق فريدة وتعرج إلى ملكوتها بسرية مقدسة لتنصرف عن عالم الضوضاء بهدوء وسلام، مثل قصيدته الهادئة في مظهرها، الصاخبة والمحتدمة في جوهرها. مقتدياً بجدِّه المتنبي: أنامُ ملءَ جفوني عن شواردها... ونامَ الأخضرُ ولم تنم قصيدته: خضرته التي ستبقى بستان عالمنا منذُ أن فتح عينه على تلك البساتين في (حمدان) أبي الخصيب.

فيما تبادل رواد مواقع التواصل الاجتماعي التعازي في رائد شعري وظاهرة إبداعية ولدت في القرن العشرين وطبعت بصمة خلودها في القرن الواحد والعشرين وخلّف إرثاً ثقافياً وفكرياً ثائراً على التقليدية ومتصدياً لكل توجهات استهلاك الإنسان والنيل من حريته وكرامته.

ولد في العام 1934، في أبي الخصيب، بالبصرة (العراق).

أكمل دراسته الثانوية في البصرة.

ليسانس شرف في آداب العربية.

عمل في التدريس والصحافة الثقافية.

تنقّل بين بلدان شتّى، عربية وغربية.

شهد حروباً، وحروباً أهلية، وعرف واقع الخطر، والسجن، والمنفى.

نال جوائز في الشعر: جائزة سلطان العويس، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة (كافافي) من الجمعية الهلّينية.

وفي العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ.

عضو هيئة تحرير «الثقافة الجديدة».

عضو الهيئة الاستشارية لمجلة نادي القلم الدولي PEN International Magazine

عضو هيئة تحرير مساهم في مجلة بانيبال Banipal للأدب العربي الحديث.مقيم في المملكة المتحدة منذ 1999.

الشعر1- القرصان (1952) – مطبعة البصري - بغداد

2- أغنيات ليست للآخرين (1955)- مطبعة الأديب - البصرة3- 51 قصيدة (1959)- بغداد – بمساعدة من وزارة التـربيـة

4- النجم والرماد (1960)- مطبعة اتحاد الأدباء

5- قصائد مرئية (1965)- المطبعة العصرية – صيدا

6- بعيداً عن السماء الأولى (1970)- دار الآداب – بيروت

7- نهايات الشمال الأفريقي (1972) – دار العودة - بيروت

8- الأخضر بن يوسف ومشاغله (1972)- مطبعة الأديب - بغداد

9- تحت جدارية فائق حسن (1974)- دار الفارابي - بيروت

10- الليالي كلها (1976)- مطبعة الأديب - بغداد

11- الساعة الاخيرة (1977)- دار الآداب - بيروت

12- كيف كتب الأخضر بن يوسف قصيدته الجديدة (1977)- دار الآداب

13- قصائد أقل صمتاً (1979)- دار الفارابي - بيروت

14- الأعمال الشعرية (1980)- دار الفارابي بيروت

15- من يعرف الوردة (1981)- دار ابن رشد - بيروت

16- يوميات الجنوب يوميات الجنون (1981)- دار ابن رشد - بيروت

17- مريم تأتي (1983)- دار حوار - اللاذقية

18- الينبوع (1983)- دار الهمداني - عدن

19- خذ وردة الثلج، خذ القيراونية (1987)- بيروت – دار الكلمة

20- محاولات (1990)- دار الآداب

21- قصائد باريس، شجر ايثاكا (1992)- دار الجمل - ألمانيا

22- جنة المنسيات (1993)- دار الجديد - بيروت

23- الوحيد يستيقظ (1993)- بيروت- المؤسسة العربية للدراسات والنشر

24- كل حانات العالم (1995)- المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت

25- الأعمال الشعرية - ثلاثة مجلدات- (1995)- دار المدى – دمشق

26- قصائد ساذجة - 1996- دار المدى - دمشق

27- قصائد العاصمة القديمة (2001)- دار المدى

28- أربع حركات – قصائد مختارة- (1996)- قصور الثقافة - القاهرة

29- حانة القرد المفكر (1997)- دار النهار - بيروت

30- يوميات أسير القلعة (2000)- دار المدى

31- حياة صريحة (2001) – دار المدى

32- الأعمال الشعرية (أربعة مجلدات) – 2002 – دار المدى – دمشق

33- الخطوة الخامسة (المجلد الخامس من الأعمال الشعرية) – 2003 – دار المدى

34- صلاة الوثـني – دار نينوى – دمشق – 2004

35- حفيد امرئ القيس - دار المدى – دمشق-2006

36- مختاراتي – دار آفاق – القاهرة – 2007

37- الشيوعيّ الأخير يدخل الجنّة – دار توبقال – الدار البيضاء - 2007

دار المدى – دمشق -2007

38- أغنية صياد السمك وقصائد نيويورك – دار آفاق – القاهرة 2008

39- قصائد الحديقة العامة – دار الجمل – بيروت 2009

40- الأعمال الشعرية (المجلد السادس) – دار الجمل – بيروت 2009

41- الديوان الإيطاليّ – دار الجمل – بيروت – بغداد 2010

42- في البراري حيث البرق – دار الجمل- بيروت- بغداد 2010

شعر مترجم صادر في هيئة كتاب

1- أوراق العشب – والت ويتمان (1979)- دار ابن رشد - بيروت

2- وداعاً للإسكندرية التي تفقدها – كافافي (1979)- دار الفارابي – بيروت

3- إيماءات - يانيس ريستوس (1979)- دار ابن رشد - بيروت

4- الأغاني وما بعدها – لوركا (1981)- دار ابن رشد

5- ديوان الأمير وحكاية فاطمة – غونار أكيلف (1981)- ابن رشد

6- شجرة ليمون في القلب – فاسكو بوبا (1981)- ابن رشد

7- سماء صافية - أونغاريتي (1981)- ابن رشد

8- قصائد – هولان (1981)- ابن رشد

9- باب سيوه وقصائد أخرى - توم لامونت (2001)- ألِف – القاهرة

10- حليب مراق – سارة ماغواير – دار المدى (2003) - دمشق

ترجمات أخرى

1- تويجات الدم – (رواية) - نغوجي واثيونغو (1982)- دار ابن رشد

2- الحوالة -(رواية) – عثمان سمبين (1983)- مؤسسة الأبحاث العربية-بيروت

3- زمن القتلة - (مقالة عن رامبو) – هنري ميللر (1979)- المؤسسة العربية - بيروت

4- تصفية استعمار العقل - (دراسة) -نغوجي واثيونغو (1985)-مؤسسة الأبحاث العربية -بيروت

5- المفسّرون – (رواية) – وولي سوينكا (1986)- مؤسسة الأبحاث العربية - بيروت

6- الشمس الثالثة عشرة – (رواية)- دانياتشو ووركو (1985)- مؤسسة الأبحاث العربية - بيروت

7- خرائط – (رواية)- نور الدين فراح (1987)- الهيئة المصرية العامة للكتاب

8- حياة متخيلة –(رواية)- ديفيد معلوف (1996)- دار المدى

9- ملعبة طفل – (رواية) – ديفيد معلوف (1998)- دار المدى

10- الصرخة الصامتة – (رواية) – كينزابورو اوي (1999)- دار المدى

11- متشرداً في باريس ولندن – (رواية)- جورج اورويل (1998)- دار المدى

12- باراباس _ (رواية) _ بار لاغركفيست – دار المدى

13- الأمير الصغير – أنطوان دو سانت إكســوبري – 2002- دار المدى14- في بلادٍ حُـرّة – ف.س. نايبول – 2002- دار المدى

أعمال أخرى

1- نافذة في المنزل المغربي – قصص قصيرة (1974)- مطبعة الأديب -بغداد

2- سماء تحت راية فلسطينية- يوميات (1983)- ابن رشد - بيروت

3- يوميات المنفى الأخير (1984)- دار الهمداني - عدن

4- أفكار بصوت هادئ – مقالات (1987)- مؤسسة الأبحاث العربية - بيروت

5- عندما في الأعالي – مسرحية (1989)- دار الآداب - بيروت

6- مثلث الدائرة – رواية (1994)- دار المدى

7- خطوات الكنغر – يوميات ومقالات (1997)- دار المدى

8- يوميات الأذى – (2005) – دمشق – دار نينوى

9- يوميات ما بعد الأذى – 2007 – دمشق – دار نينوى

باللغة الإنجليزية:

Troubled Waters (poems) –Beirut 1995

Without an Alphabet, without a face-Minnesota 2002

باللغة الفرنسية:

Loin du Premier Ciel - Anthologie

Sindbad – Actes sud (1999)

باللغة الألمانية:

Fern vom ersten Himmel-Verlag Hans Shiller, Berlin 2004

باللغة الإيطالية:

I giardini dell' oblio- De Angelis Editore, Roma 2004