أمير القصيم لـ عكاظ: الشغف والجد والتنافسية وصفتنا للنجاح
أكد أن الملك سلمان هو الأب الروحي لإنتاجه والداعم والمحفز لإنجازاته
الأحد / 10 / ذو القعدة / 1442 هـ الاحد 20 يونيو 2021 01:06
حاوره: أريج الجهني (القصيم) AreejAljohani@
يؤكد أمير منطقة القصيم الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز، أنه لا مجاملة فيما يمسُّ أمن الوطن أو التأثر بأفكار معادية لمنهج الدولة، منوهاً إلى العديد من البرامج التوعوية التي عملت عليها الإمارة لنشر الوسطية ونبذ الأفكار المتطرفة والمعادية.
وبين فكره الرصين وحضوره العملي، خصَّ أمير منطقة القصيم «عكاظ» بحوار مطول تحدث فيه عن رحلته في الإمارة، وأهم الوقفات والمحطات في سيرته، وأبرز الشخصيات التي كان لها الأثر الأبرز في مسيرته الإنسانية والمعرفية، فهو الباحث الأول في توثيق «المجالس المفتوحة».
وشدد الأمير فيصل على عزم الإمارة الجاد على استقطاب استثمارات نوعية للمنطقة عبر منح المستثمرين تسهيلات وامتيازات لإقامة المشاريع الاستثمارية بالمنطقة. وركّز الأمير في حديثه على أن بناء الإنسان وتنمية المكان أهم ركائز الرؤية التنموية للمنطقة. وأشار إلى أن الإمارة أطلقت العديد من المبادرات لتعزيز الهوية الوطنية. وإلى نص الحوار:
• بداية؛ «بناء الإنسان قبل بناء البنيان» إلى أي مدى ترون التحول النوعي في بناء الإنسان السعودي خلال الـ5 أعوام الماضية؟
•• نعم البنيان لا يمكن أن يتم قبل الإنسان؛ ولقد شهدت منطقة القصيم خلال الـ5 أعوام الماضية جهوداً كبيرة في هذا الجانب، ليكون بناء الإنسان وتنمية المكان أهم ركائز الرؤية التنموية للمنطقة، وحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تواصل جهودها التنموية في جميع مناطق المملكة ومحافظاتها ومراكزها وقراها، وأنها حريصة دائماً على تقديم كل الخدمات التي تهم المواطن في كافة المجالات، بما يكفل له سُبل الراحة والتنمية المستدامة، والتي تؤكد دائماً أن تحقيق راحة ورفاهية المواطن هو محور العملية التنموية. ومن هذا المنطلق حرصنا على أهمية الدور المجتمعي في الحفاظ على أبناء وبنات الوطن؛ باعتبارهم جيل المستقبل وسواعد البناء وأمل الغد، ليسهموا في مسيرة التنمية ويقوموا بدورهم في حماية هذا الكيان العظيم وما تحقق فيه من منجزات عظيمة.
• تابعنا أخيراً حملة إمارة القصيم حول الاعتزاز بالهوية الوطنية، كيف يمكن تعزيز وعي المواطن السعودي بهويته؟
•• في الحقيقة نحن في إمارة منطقة القصيم نحرص كثيراً على تعزيز مثل هذه المبادرات الوطنية، حيث تم إطلاق العديد من المبادرات وقد تم أخيراً تدشين مبادرة تعزيز الهوية الوطنية، التي تهدف إلى غرس قيم الانتماء الوطني والوسطية والتسامح، تحقيقاً لرؤية المملكة 2030 في تعزيز الشخصية الوطنية لدى المواطن السعودي، بإشراف إمارة المنطقة، وتنطلق من عدة أهداف ومحاور لإعداد برنامج متكامل يختص بتعزيز القيم والمفاهيم الوطنية، واستشعار أهمية الحفاظ على استقرار المجتمع، وربط قيم المواطنة والهوية الوطنية بالأمن النفسي كأحد عوامل الولاء، وتنمية روح الاعتزاز بالإسلام والوطن لدى جميع أفراد المجتمع.
وتم تفعيلها بالتعاون مع عدة جهات حكومية، وستركز على دور المؤسسات التعليمية في تعزيز الهوية الوطنية من خلال المقررات الدراسية والأنشطة الطلابية ومبادرات أعضاء هيئة التدريس، مع تعزيز دور الأسرة بشكل بارز في تنمية المواطنة لدى أفرادها ولدى النشء بشكل خاص.
• يتأثر عموم الناس في التعاطي مع الأفكار بـ3 أشكال: تأثر معرفي وعاطفي وسلوكي، ما الجانب الأكثر الذي ترون أن المجتمع بحاجة إليه في المرحلة القادمة؟ وكيف يمكن تحصين الناس من التأثر بالأفكار المتطرفة؟
•• لقد أولينا في إمارة المنطقة مراعاة الجوانب الفكرية وحماية أبناء الوطن من الغزو الفكري من خلال إطلاق برنامج تعزيز الأمن الفكري، لرفع وعي المواطن السعودي وإدراكه لخطر استهداف بلادنا الذي أصبح عالياً جداً، وإشراك جميع الجهات الحكومية والأهلية والخاصة بشكل مباشر بالبرنامج ومحاربة كل ما يشكل خطراً على أفكار الشباب وأمن الوطن.
ولقد سعينا من خلال برامج توعوية تعمل على نشر الوسطية ونبذ الأفكار المتطرفة والمعادية وكذلك الحربيات المصنفة على لائحة الإرهاب أو من ينتمون لهذا الفكر، ولا مجاملة فيما يمسُّ أمن الوطن أو التأثر بأفكار معادية لمنهج الدولة، وحققت تلك البرامج منجزات كان لها تأثير ملموس منذ انطلاق حملة معاً ضد الإرهاب والفكر والضال، قبل 5 سنوات، وكذلك برنامج تعزيز الأمن الفكري الذي نعتبره مفخرة لإمارة المنطقة والزملاء الذين بذلوا جهوداً كبيرة في هذا الجانب الأمني المهم للغاية.
ولقد تبنينا جائزة لأفضل بحث عن الإرهاب والفكر الضال، وهناك فرع تنمية الاعتدال ونشر الوسطية في جائزة القصيم للتميز، في حين بلغ عدد الفعاليات والمشاركات التي أقيمت لحملة معاً ضد الإرهاب والفكر الضال 3700 مشاركة وفعالية، فيما بلغ عدد ملتقيات وفعاليات برنامج الأمن الفكري 75 منشطاً وفعالية وملتقى طوال 9 أشهر ماضية، بمشاركة مختلف الجهات والقطاعات الحكومية والخاصة، مبيناً أن تلك المناشط لم تتوقف حتى أثناء جائحة كورونا ومنع التجول عبر المشاركة (عن بعد).
وهذا هو جزء من جهود إمارة منطقة القصيم في تكريس الأمن الفكري والتوعية بأهميته، سائلاً المولى أن يديم على هذه البلاد نعمة الأمن والأمان تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده وأن يبارك بالجهود وأن يوفق الجميع لتحقيق التطلعات المنشودة.
• شاهدنا كيف تم حفظ الإنتاج الخاص بك من خلال المكتبة الرقمية، كيف ساهمت التقنية في تعزيز الحراك المعرفي في المملكة؟
•• هناك تسارع كبير في التطور التقني المعرفي. ومواكبة لهذا التطور، جاءت فكرة المكتبة الرقمية التي تمثِّل مشروعاً علمياً تقنياً، يحتضن آلاف المراجع العلمية والشرعية والتاريخية والعلوم العامة، والعديد من أمهات الكتب في مختلف المجالات العلمية والثقافية، وأبرز النشاطات الاجتماعية والسياسية، وقضايا الأسرة والعلوم الدينية والشرعية في مختلف مجالاتها، وتحتوي على مؤلفات عن سيرة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، والملك سعود (رحمهما الله)، ومؤلفات ومواضيع توعوية تعالج الهموم الوطنية والأمن الوطني والفكري وقضايا الإرهاب والمخدرات، ومناهج للتعليم العام، وروابط متعددة لمواقع علمية متميزة ومكتبات رائدة تحتوي على كمٍّ هائل من المراجع العلمية والتاريخية والبحوث والدراسات، والأخبار العلمية والمنوعة التي تسهم في الطرح المعلوماتي الرزين في منظومة الإعلام الحديث، وهي تعدُّ أول مكتبة رقمية نالت شهادة تسجيل في المملكة للمكتبات الرقمية، من وزارة الثقافة والإعلام، وتضم 1.951 كتاب لـ725 مؤلفاً، لـ243 داراً للنشر في 18 لغة، وتحتضن جملة من المراجع والكتب العلمية والمناهج الدراسية ومواقع للسلف (رحمهم الله)، والبحوث والدراسات والتقارير والأنظمة والموسوعات العلمية وغيرها، بالإضافة إلى قناة المكتبة على اليوتيوب.
• «لا يوجد حدود إلا في كتب الجغرافيا» عبارة وردت منك في أحد اللقاءات، كيف ترى برامج المواطنة الرقمية؟ وهل نجحنا في ترسية هذا المفهوم الأمني؟
•• في الحقيقة هذه العبارة سبق قولها وأكرر دائماً لم يعد هناك حدود دولية إلا في كتب الجغرافيا، إذا كانت هناك حدود فهي تحفظ سيادة الدول، ولكن الغزو الفكري والغزو الثقافي ليس له حدود، أصبح يأتينا فكراً معادياً ويصل إلى أبنائنا وهم في دورهم، فلذلك هذا يضاعف المسؤولية على كل والد ووالدة وعلى كل أسرة أن تحصِّن أبناءها وأن تكون سداً منيعاً أمام هذا الفكر الضال.
كما أن من أهم مراحل تعزيز الانتماء واللحمة الوطنية الاهتمام بالفكر، رفع معدل الحس الأمني والوطني والحفاظ على مكتسبات الوطن بروحهم وتكاتفهم.
وأبناء هذا الشعب لديهم من الوعي العظيم والمناعة العالية ضد كل هجمة يعتقد من خلالها الأعداء أنها تؤثر على لحمة هذا الوطن وانتماء أبنائه مع قيادته، ويكون أبناء هذا الوطن جسداً واحداً وصخرة تتحطم عليها مؤامرات أعداء الوطن.
• تعتبر مجالس الشباب والفتيات في القصيم تجربة اجتماعية فريدة، كيف بدأت الفكرة، وما هو مستقبلها؟
•• الشباب والفتيات هم ثروة الوطن وأمله بعد الله، وما يقومون به يخدم هذا الوطن، في خدمة توجهات قيادتنا الحكيمة، وأفتخر بأن أول مجلس للفتيات أنشئ في المملكة هو في منطقة القصيم لشقائق الرجال اللواتي هن العنصر النسائي، في خدمة المنطقة في هذا الوطن العظيم، ولله الحمد هناك أدوار رائدة لمجلسي الشباب والفتيات في كثير من البرامج والأنشطة المجتمعية كانت مميزة خلال السنوات الماضية، ليكونوا أعضاء فاعلين في هذه البلاد المباركة التي شرفها الله بالحرمين الشريفين، لنكمل بكل اقتدار مشوار خدمة الشباب، وأن نكون على مستوى المسؤولية لخدمة هذا الوطن الغالي وهذه المنطقة، وأن نحقق الإنجازات الكبيرة لخدمة جميع شباب وشابات أبناء الوطن.
• الاستثمار في منطقة القصيم أحد أبرز الملفات التي تعمل عليها، أين وصلت الإمارة في هذا الملف؟ وهل سنرى شراكات عالمية للتسويق لخيرات المنطقة؟
•• نعيش اليوم عصر التحدي العلمي والثورة الهائلة للتقدم التكنولوجي، ولا يمكننا المنافسة في هذا المجال إلا بوجود الموارد البشرية المؤهلة وإتاحة الفرصة أمامها؛ لمواكبة هذه التطورات وتنفيذ مشاريع تنموية تحقق رفاهية المجتمع وتعود بنفعها على الإنسان الذي هو هدف التنمية وأداتها، ومن هذا المنطلق وإدراكاً منا بأهمية إشراك القطاع الخاص في عملية التنمية المحلية فإننا نبذل جهوداً كبيرة وفق توجهات جادة لاستقطاب المستثمرين ومنحهم الامتيازات والتسهيلات اللازمة لإقامة المشاريع الاستثمارية بالمنطقة، حيث تم تأسيس لجنة تنمية الاستثمار بمنطقة القصيم عبر إستراتيجية تتواءم مع رؤية المملكة 2030 وتسير معها بصورة متوازنة وخلق بيئة تنافسية جاذبة تساعد على توفير المزيد من فرص الاستثمار الواعدة أمام الرساميل المحلية والأجنبية في مختلف القطاعات، حيث تتمتع منطقة القصيم بمقومات استثمارية متنوعة ومتجانسة تساعد على تحقيق معدلات تصاعدية للتنمية المحلية تجعلها ضمن أكثر المناطق أهمية في المملكة، وبحسب الإحصاءات فقد شهد القطاع الاقتصادي بالمنطقة نمواً ملحوظاً بلغت نسبته 3.8% خلال السنوات الثلاث الماضية، كما بينت أن عدد السجلات التجارية بلغ أكثر من 76 ألف سجل تجاري لعدد من المؤسسات والشركات. وحرصنا على الاهتمام بتحسين أداء القطاع الزراعي بالمنطقة تماشياً مع رؤية المملكة 2030، بإطلاق جائزة فيصل بن مشعل للمزرعة النموذجية، لإيجاد تنافس بين المزارعين وتحسين البيئة الزراعية ومضاعفة الإنتاجية، لتحقيق الأمن الغذائي، نظير ما تتمتع به منطقة القصيم من مقومات طبيعية أهلتها لتكون من أهم المناطق الزراعية على مستوى المملكة وسلة غذائها.
وعملنا على إيجاد سجل زراعي بالمنطقة وربط ذلك بالتسويق الزراعي ومنافذ بيع الخضار والفواكه، حيث تم تسجيل ما يزيد على 15 ألف مزرعة، بهدف الإسهام في رفع كفاءة القطاع الزراعي في المملكة لبلوغ تنمية زراعية مستدامة.
• ما مدى رضاك عن حجم استثمار رجال الأعمال في المنطقة حالياً؟
•• هناك جهود واجتهادات من بعض رجال الأعمال، ولكنها لا ترتقي إلى طموحي أو حجم المطلوب من رجال الأعمال في منطقة القصيم واستغلال المميزات التنموية في المنطقة، وباختصار أقول الاستثمار والتسويق لمميزات المنطقة لا تشكل ثلث المطلوب لتحريك الفرص المهدرة في منطقة القصيم تجارياً وزراعياً وصناعياً واقتصادياً، ولكننا ننتظر تعاوناً أكثر من الجهات الرسمية والقطاع الخاص.
الأمر الآخر هو أن الاستثمار في جميع المجالات هو الأساس في خلق الفرص الوظيفية، ولا يمكن توفير فرص وظيفية لمخرجات التعليم العام والجامعي والمهني إلا بوجود استثمارات ومشاركة القطاع الخاص بالتوظيف وإتاحة فرص العمل للرجال والنساء وهذا يعتبر في غاية الأهمية القصوى.
• «من أهم سمات الدولة المعاصرة أنها دولة الأنظمة والمؤسسات» عبارة وردت في أحد مؤلفاتك؛ إلى أي مدى حققت رؤية 2030 هذا المفهوم؟
•• سأبدأ بمثال عملي على نجاح الرؤية في ترسية هذا المفهوم ألا وهو مشروع الإسكان؛ حيث تم إطلاق جمعية الإسكان الأهلية؛ وهي جمعية غير ربحية تعمل على المساهمة في تحقيق التنمية الشاملة بالتعاون مع الشركاء وفق منظور مؤسسي، وتهدف إلى تمكين 1000 أسرة محتاجة من الحصول على مسكن لائق في منطقة القصيم خلال عام 2021، فيما بلغ عدد المستفيدين أكثر من 400 مستفيد، في حين كان دمج وزارتي الإسكان والشؤون البلدية والقروية في وزارة واحدة يؤكد حرص الدولة على توحيد الجهود والاستفادة من الموارد في المهام والاختصاصات التي تتماثل مع الجهات الحكومية، مما يحقق كفاءة الأداء وجودة المخرجات ورفع نسبة الإنجاز لخدمة المواطنين.
كذلك كان لنا في إمارة المنطقة تجربة مميزة ورائدة لنشر ثقافة العمل الجماعي والشراكة الإستراتيجية بين الجهات الحكومية والخدمية بالمنطقة، وهي إطلاق نظام «صوت المواطن»، تأكيداً على أهمية التكاتف وتوفير الجهود للرقي بمستوى الخدمات المقدمة للمستفيدين، مشيراً إلى أن إطلاق النظام بمرحلته الثانية سيتيح الفرصة للمستفيدين من إبداء ملاحظاتهم ومقترحاتهم على الخدمات المقدمة لهم من قبل الجهات الحكومية والخدمية بالمنطقة، وذلك بإشراف مباشر من الإمارة، وتعمل الخدمة على إيصال رأي المواطن بشكل سريع لأي اقتراح أو شكوى لكي تصل للمسؤول أولاً بأول.
كما أطلقنا جائزة الشاب العصامي وسبب تسميتها بالعصامي، لأنه انطلق من هذه المنطقة قبل عشرات السنين رجال عصاميون للتجارة هم العقيلات، حتى أصبحت بداية فكرتها في المنطقة ونجاحها، وقد أصبحت هذه الجائزة بمختلف فروعها ومساراتها دافعاً ومحفزاً للشباب والفتيات العصاميين بالمنطقة.
• «صناعة الصورة» أحد العناصر المميزة في إمارة القصيم، كيف استطعتم تعزيز هذا الحضور الإعلامي؟
•• لدينا مبدأ إعلامي ثابت في الإمارة ألا وهو «الوضوح والشفافية»، بمعنى أن الفريق الإعلامي يعمل باتجاهين الأول توضيح ما يحدث يومياً من إنجازات واجتماعات وتواصل مع المجتمع المحلي والحكومي؛ والثاني تكريس المنصة للمواطنين والزوار ومنحهم حقهم المفترض في تسليط الضوء على الخدمات المتنوعة التي يقدمونها؛ والمنطقة تفتخر بأبنائها وتزخر بالأعمال الخيرية والريادية ويكاد لا يمر أسبوع دون أن نوثق عطاء هؤلاء الرواد أو نحتفل بنجاحاتهم، فالشفافية وحوكمة الأعمال تتطلب الوصول الإعلامي المهني والمستمر الذي ينعكس بالتالي على تحفيزهم للمزيد والتألق الذي نرجوه للجميع. وهذا -بلا شك- امتداد لفلسفة المجالس المفتوحة، فنحن -ولله الحمد- وفي كافة المناطق والأزمنة، مجالسنا مفتوحة والمواطن يهمه أن يجد هذا الترحاب والتقدير الذي نشأنا عليه جيلاً بعد جيل في مدرسة المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود.
• حدثنا عن جهود وإجراءات إمارة القصيم في محاربة جائحة كورونا؟
•• هناك جهود عظيمة بذلت لمواجهة جائحة كورونا بالمنطقة، حيث تمت إدارة الأزمة باحترافية عالية من مركز التحكم والسيطرة بالإمارة، بالتعاون مع الجهات المعنية، لمتابعة تقارير القطاع الصحي ومسارات الإصابات، وجهود القطاع الأمني وأمانة المنطقة والتجارة وتطبيق الاحترازات في المساجد والمجمعات التجارية والتفتيش على جميع التجمعات والمواقع أمنياً.
وهنا أشيد بالجهود التي يبذلها أبطال الصحة بمختلف المنشآت الصحية بمنطقة القصيم، وأسهمت في التخطيط السليم للبروتوكولات الصحية التي كانت الأميز والأجدر وأتت ثمارها، من خلال تعزيز البرامج الوقائية أو العلاجية التي كانت استعداداتها عالية في التعامل مع جميع حالات كورونا تمثل في زيادة نسبة السعة السريرية 100% وتشغيل 16 عيادة تطمن، وافتتاح 3 مراكز تأكد، بالإضافة إلى تجهيز مستشفى ميداني و3 مراكز للقاحات كوفيد.
كذلك أطلقنا مبادرة نهر العطاء بهدف تخفيف الآثار الاقتصادية والاجتماعية السلبية المترتبة على جائحة فايروس كورونا على بعض الأسر والأفراد وأصحاب المشاريع الصغيرة، وذلك وفق آلية محددة بالتعاون مع الجمعيات الأهلية بالمنطقة ولجان التنمية الاجتماعية ورابطة التطوع بالمنطقة ومجلس شباب القصيم ومجلس فتيات القصيم.
• حققت المملكة قفزات نوعية في ملف حقوق الإنسان في السنوات الماضية، ما الذي ينقص تطوير الإعلام، خاصة أن الهجوم غير الموضوعي المستمر على المملكة يشكل خطورة على سلامة المواطنين في الخارج؟
•• حقيقة الإعلام بمختلف وسائله رسالة سامية، ولدينا في المملكة حراك إعلامي مميز لإبراز ما تحقق لبلادنا من منجزات على مستوى المجالات يؤكد حرص القيادة الرشيدة على رفاهية واستقرار المواطن في جميع أرجاء الوطن، في المقابل يجب أن تكون هناك ضوابط إعلامية تضمن الحد من التجاوزات المهنية التي قد تصدر من مستخدمي كافة الوسائل الإعلامية، لأن الإعلام في الوقت الراهن مختلف عن السابق، وهذا الأمر يستوجب وجود الضوابط المهنية التي تكفل زيادة الوعي والمسؤولية تجاه وسائل التواصل الإعلامي.
وأمام هذا الحراك الإعلامي والتطور التقني المتسارع في وسائل الإعلام أدعو إلى أهمية إقامة ورشة عمل كبيرة لتطوير مرافق وزارة الإعلام بالمملكة، بالتشارك مع جميع المهتمين بالإعلام من مختلف فئات المجتمع، كون المجتمع شريكاً أساسياً في مسيرة التطوير الإعلامي.
• لو تحدثنا عن صناعة الأثر، ما هي أكثر 3 شخصيات أثرت في مسيرتك؟
•• بلا شك أن الإنسان كائن يؤثر ويتأثر؛ ولا يخفى على أحد أن التأثر الأول هو في شخصية الرسول عليه الصلاة والسلام ونهجه النبوي والإنساني، وقد ألفت في ذلك كتاباً بعنوان «الأمان الأول» فهو معلم الأمة ونبي الرحمة وكيف كان لا يقابل السيئة بالسيئة ورحمته بمن حوله وأخلاقه العظيمة. الشخصية الثانية -بلا أدنى شك- وهي مثال العصامية والشجاعة والحكمة هي شخصية الملك عبدالعزيز (رحمه الله)؛ والذي أبهر العالم في توحيد هذه الدولة المباركة بالحكمة والاحتواء والاستثمار في الإنسان وتقديم الخير والعطاء واستصلاحه للنفوس وتحويل الأعداء لمحبين بالمنطق والسياسة والخير والبذل. أما الشخصية الثالثة فهي الشخصية الأكثر تأثيراً في مسيرتي العلمية والمهنية وهو الأب الروحي لإنتاجي والداعم والمحفز لي في إنجازاتي هو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، فلا أنسى حرصه وفضله في تبني أطروحاتي العلمية وهو قارئ متعمق ومطلع؛ ولديه ملكة الإيثار ومارس الحكم منذ نعومة أظافره لأكثر من نصف قرن وتشرَّب أنظمة الدولة، ونستمد في عهده المزيد من المعرفة والتحولات النوعية في التعليم والاقتصاد ونرفل بالأمن والأمان والاستقرار.
• ما هي أكثر الملفات أهمية من وجهة نظرك؟
•• هناك ملفان أساسيان اعتبرهما في غاية الأهمية يشكلان هاجساً مستمراً معي وهما ملف إيجاد فرص وظيفية لأبنائنا وبناتنا وتمكينهم من فرص العمل، الملف الآخر هو الإسكان وتوفير السكن الملائم لجميع المحتاجين للسكن، وهذه أبرز اهتماماتي مع خدمة المواطن في كل شؤونه.
محمد بن سلمان نموذج عالمي
• بات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الأنموذج المتفوق عالمياً في تحقيق المنجزات والمثابرة وتجاوز التحديات، فضلاً عن تعزيز ثقافة النظر إلى المستقبل بالأمل والتفاؤل، ما أثر ذلك على العمل والخطط في إمارة منطقة القصيم؟
•• بلا أدنى شك أن هذا التفوق يدفعنا للمزيد من التفاؤل والإصرار تحديداً في منطقة القصيم التي يغلب على شبابها وشاباتها 3 سمات مهنية واضحة؛ أولها الشغف والذي أشار إليه أخي الأمير محمد بن سلمان في معاييره لاختيار فريق عمله. وثانيها الجد والمثابرة، فالمجتمع هنا يمارس التجارة وينوع في مصادر دخله. أما ثالثها فهو الفكر التنافسي، فالقصيم تقع في موقع إستراتيجي محُفز للاستثمار، فتجد أبناء وبنات المنطقة في حراك إبداعي وتنافسي دائم ويستفيدون من تجارب المناطق ويؤثرون ويتأثرون بشكل إيجابي بناء، إضافة إلى عصامية أبناء المنطقة وحبهم للعمل في كافة المجالات. ويأتي أيضا دعمه الكريم المتواصل في تحقيق رؤية 2030 سواء بالتأسيس الرصين والريادي أو حتى من كونه نموذجاً بعقل عالمي وروح الأصالة والتميز الذي أصبح مضرب مثل في كل مجال.
وبين فكره الرصين وحضوره العملي، خصَّ أمير منطقة القصيم «عكاظ» بحوار مطول تحدث فيه عن رحلته في الإمارة، وأهم الوقفات والمحطات في سيرته، وأبرز الشخصيات التي كان لها الأثر الأبرز في مسيرته الإنسانية والمعرفية، فهو الباحث الأول في توثيق «المجالس المفتوحة».
وشدد الأمير فيصل على عزم الإمارة الجاد على استقطاب استثمارات نوعية للمنطقة عبر منح المستثمرين تسهيلات وامتيازات لإقامة المشاريع الاستثمارية بالمنطقة. وركّز الأمير في حديثه على أن بناء الإنسان وتنمية المكان أهم ركائز الرؤية التنموية للمنطقة. وأشار إلى أن الإمارة أطلقت العديد من المبادرات لتعزيز الهوية الوطنية. وإلى نص الحوار:
• بداية؛ «بناء الإنسان قبل بناء البنيان» إلى أي مدى ترون التحول النوعي في بناء الإنسان السعودي خلال الـ5 أعوام الماضية؟
•• نعم البنيان لا يمكن أن يتم قبل الإنسان؛ ولقد شهدت منطقة القصيم خلال الـ5 أعوام الماضية جهوداً كبيرة في هذا الجانب، ليكون بناء الإنسان وتنمية المكان أهم ركائز الرؤية التنموية للمنطقة، وحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تواصل جهودها التنموية في جميع مناطق المملكة ومحافظاتها ومراكزها وقراها، وأنها حريصة دائماً على تقديم كل الخدمات التي تهم المواطن في كافة المجالات، بما يكفل له سُبل الراحة والتنمية المستدامة، والتي تؤكد دائماً أن تحقيق راحة ورفاهية المواطن هو محور العملية التنموية. ومن هذا المنطلق حرصنا على أهمية الدور المجتمعي في الحفاظ على أبناء وبنات الوطن؛ باعتبارهم جيل المستقبل وسواعد البناء وأمل الغد، ليسهموا في مسيرة التنمية ويقوموا بدورهم في حماية هذا الكيان العظيم وما تحقق فيه من منجزات عظيمة.
• تابعنا أخيراً حملة إمارة القصيم حول الاعتزاز بالهوية الوطنية، كيف يمكن تعزيز وعي المواطن السعودي بهويته؟
•• في الحقيقة نحن في إمارة منطقة القصيم نحرص كثيراً على تعزيز مثل هذه المبادرات الوطنية، حيث تم إطلاق العديد من المبادرات وقد تم أخيراً تدشين مبادرة تعزيز الهوية الوطنية، التي تهدف إلى غرس قيم الانتماء الوطني والوسطية والتسامح، تحقيقاً لرؤية المملكة 2030 في تعزيز الشخصية الوطنية لدى المواطن السعودي، بإشراف إمارة المنطقة، وتنطلق من عدة أهداف ومحاور لإعداد برنامج متكامل يختص بتعزيز القيم والمفاهيم الوطنية، واستشعار أهمية الحفاظ على استقرار المجتمع، وربط قيم المواطنة والهوية الوطنية بالأمن النفسي كأحد عوامل الولاء، وتنمية روح الاعتزاز بالإسلام والوطن لدى جميع أفراد المجتمع.
وتم تفعيلها بالتعاون مع عدة جهات حكومية، وستركز على دور المؤسسات التعليمية في تعزيز الهوية الوطنية من خلال المقررات الدراسية والأنشطة الطلابية ومبادرات أعضاء هيئة التدريس، مع تعزيز دور الأسرة بشكل بارز في تنمية المواطنة لدى أفرادها ولدى النشء بشكل خاص.
• يتأثر عموم الناس في التعاطي مع الأفكار بـ3 أشكال: تأثر معرفي وعاطفي وسلوكي، ما الجانب الأكثر الذي ترون أن المجتمع بحاجة إليه في المرحلة القادمة؟ وكيف يمكن تحصين الناس من التأثر بالأفكار المتطرفة؟
•• لقد أولينا في إمارة المنطقة مراعاة الجوانب الفكرية وحماية أبناء الوطن من الغزو الفكري من خلال إطلاق برنامج تعزيز الأمن الفكري، لرفع وعي المواطن السعودي وإدراكه لخطر استهداف بلادنا الذي أصبح عالياً جداً، وإشراك جميع الجهات الحكومية والأهلية والخاصة بشكل مباشر بالبرنامج ومحاربة كل ما يشكل خطراً على أفكار الشباب وأمن الوطن.
ولقد سعينا من خلال برامج توعوية تعمل على نشر الوسطية ونبذ الأفكار المتطرفة والمعادية وكذلك الحربيات المصنفة على لائحة الإرهاب أو من ينتمون لهذا الفكر، ولا مجاملة فيما يمسُّ أمن الوطن أو التأثر بأفكار معادية لمنهج الدولة، وحققت تلك البرامج منجزات كان لها تأثير ملموس منذ انطلاق حملة معاً ضد الإرهاب والفكر والضال، قبل 5 سنوات، وكذلك برنامج تعزيز الأمن الفكري الذي نعتبره مفخرة لإمارة المنطقة والزملاء الذين بذلوا جهوداً كبيرة في هذا الجانب الأمني المهم للغاية.
ولقد تبنينا جائزة لأفضل بحث عن الإرهاب والفكر الضال، وهناك فرع تنمية الاعتدال ونشر الوسطية في جائزة القصيم للتميز، في حين بلغ عدد الفعاليات والمشاركات التي أقيمت لحملة معاً ضد الإرهاب والفكر الضال 3700 مشاركة وفعالية، فيما بلغ عدد ملتقيات وفعاليات برنامج الأمن الفكري 75 منشطاً وفعالية وملتقى طوال 9 أشهر ماضية، بمشاركة مختلف الجهات والقطاعات الحكومية والخاصة، مبيناً أن تلك المناشط لم تتوقف حتى أثناء جائحة كورونا ومنع التجول عبر المشاركة (عن بعد).
وهذا هو جزء من جهود إمارة منطقة القصيم في تكريس الأمن الفكري والتوعية بأهميته، سائلاً المولى أن يديم على هذه البلاد نعمة الأمن والأمان تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده وأن يبارك بالجهود وأن يوفق الجميع لتحقيق التطلعات المنشودة.
• شاهدنا كيف تم حفظ الإنتاج الخاص بك من خلال المكتبة الرقمية، كيف ساهمت التقنية في تعزيز الحراك المعرفي في المملكة؟
•• هناك تسارع كبير في التطور التقني المعرفي. ومواكبة لهذا التطور، جاءت فكرة المكتبة الرقمية التي تمثِّل مشروعاً علمياً تقنياً، يحتضن آلاف المراجع العلمية والشرعية والتاريخية والعلوم العامة، والعديد من أمهات الكتب في مختلف المجالات العلمية والثقافية، وأبرز النشاطات الاجتماعية والسياسية، وقضايا الأسرة والعلوم الدينية والشرعية في مختلف مجالاتها، وتحتوي على مؤلفات عن سيرة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، والملك سعود (رحمهما الله)، ومؤلفات ومواضيع توعوية تعالج الهموم الوطنية والأمن الوطني والفكري وقضايا الإرهاب والمخدرات، ومناهج للتعليم العام، وروابط متعددة لمواقع علمية متميزة ومكتبات رائدة تحتوي على كمٍّ هائل من المراجع العلمية والتاريخية والبحوث والدراسات، والأخبار العلمية والمنوعة التي تسهم في الطرح المعلوماتي الرزين في منظومة الإعلام الحديث، وهي تعدُّ أول مكتبة رقمية نالت شهادة تسجيل في المملكة للمكتبات الرقمية، من وزارة الثقافة والإعلام، وتضم 1.951 كتاب لـ725 مؤلفاً، لـ243 داراً للنشر في 18 لغة، وتحتضن جملة من المراجع والكتب العلمية والمناهج الدراسية ومواقع للسلف (رحمهم الله)، والبحوث والدراسات والتقارير والأنظمة والموسوعات العلمية وغيرها، بالإضافة إلى قناة المكتبة على اليوتيوب.
• «لا يوجد حدود إلا في كتب الجغرافيا» عبارة وردت منك في أحد اللقاءات، كيف ترى برامج المواطنة الرقمية؟ وهل نجحنا في ترسية هذا المفهوم الأمني؟
•• في الحقيقة هذه العبارة سبق قولها وأكرر دائماً لم يعد هناك حدود دولية إلا في كتب الجغرافيا، إذا كانت هناك حدود فهي تحفظ سيادة الدول، ولكن الغزو الفكري والغزو الثقافي ليس له حدود، أصبح يأتينا فكراً معادياً ويصل إلى أبنائنا وهم في دورهم، فلذلك هذا يضاعف المسؤولية على كل والد ووالدة وعلى كل أسرة أن تحصِّن أبناءها وأن تكون سداً منيعاً أمام هذا الفكر الضال.
كما أن من أهم مراحل تعزيز الانتماء واللحمة الوطنية الاهتمام بالفكر، رفع معدل الحس الأمني والوطني والحفاظ على مكتسبات الوطن بروحهم وتكاتفهم.
وأبناء هذا الشعب لديهم من الوعي العظيم والمناعة العالية ضد كل هجمة يعتقد من خلالها الأعداء أنها تؤثر على لحمة هذا الوطن وانتماء أبنائه مع قيادته، ويكون أبناء هذا الوطن جسداً واحداً وصخرة تتحطم عليها مؤامرات أعداء الوطن.
• تعتبر مجالس الشباب والفتيات في القصيم تجربة اجتماعية فريدة، كيف بدأت الفكرة، وما هو مستقبلها؟
•• الشباب والفتيات هم ثروة الوطن وأمله بعد الله، وما يقومون به يخدم هذا الوطن، في خدمة توجهات قيادتنا الحكيمة، وأفتخر بأن أول مجلس للفتيات أنشئ في المملكة هو في منطقة القصيم لشقائق الرجال اللواتي هن العنصر النسائي، في خدمة المنطقة في هذا الوطن العظيم، ولله الحمد هناك أدوار رائدة لمجلسي الشباب والفتيات في كثير من البرامج والأنشطة المجتمعية كانت مميزة خلال السنوات الماضية، ليكونوا أعضاء فاعلين في هذه البلاد المباركة التي شرفها الله بالحرمين الشريفين، لنكمل بكل اقتدار مشوار خدمة الشباب، وأن نكون على مستوى المسؤولية لخدمة هذا الوطن الغالي وهذه المنطقة، وأن نحقق الإنجازات الكبيرة لخدمة جميع شباب وشابات أبناء الوطن.
• الاستثمار في منطقة القصيم أحد أبرز الملفات التي تعمل عليها، أين وصلت الإمارة في هذا الملف؟ وهل سنرى شراكات عالمية للتسويق لخيرات المنطقة؟
•• نعيش اليوم عصر التحدي العلمي والثورة الهائلة للتقدم التكنولوجي، ولا يمكننا المنافسة في هذا المجال إلا بوجود الموارد البشرية المؤهلة وإتاحة الفرصة أمامها؛ لمواكبة هذه التطورات وتنفيذ مشاريع تنموية تحقق رفاهية المجتمع وتعود بنفعها على الإنسان الذي هو هدف التنمية وأداتها، ومن هذا المنطلق وإدراكاً منا بأهمية إشراك القطاع الخاص في عملية التنمية المحلية فإننا نبذل جهوداً كبيرة وفق توجهات جادة لاستقطاب المستثمرين ومنحهم الامتيازات والتسهيلات اللازمة لإقامة المشاريع الاستثمارية بالمنطقة، حيث تم تأسيس لجنة تنمية الاستثمار بمنطقة القصيم عبر إستراتيجية تتواءم مع رؤية المملكة 2030 وتسير معها بصورة متوازنة وخلق بيئة تنافسية جاذبة تساعد على توفير المزيد من فرص الاستثمار الواعدة أمام الرساميل المحلية والأجنبية في مختلف القطاعات، حيث تتمتع منطقة القصيم بمقومات استثمارية متنوعة ومتجانسة تساعد على تحقيق معدلات تصاعدية للتنمية المحلية تجعلها ضمن أكثر المناطق أهمية في المملكة، وبحسب الإحصاءات فقد شهد القطاع الاقتصادي بالمنطقة نمواً ملحوظاً بلغت نسبته 3.8% خلال السنوات الثلاث الماضية، كما بينت أن عدد السجلات التجارية بلغ أكثر من 76 ألف سجل تجاري لعدد من المؤسسات والشركات. وحرصنا على الاهتمام بتحسين أداء القطاع الزراعي بالمنطقة تماشياً مع رؤية المملكة 2030، بإطلاق جائزة فيصل بن مشعل للمزرعة النموذجية، لإيجاد تنافس بين المزارعين وتحسين البيئة الزراعية ومضاعفة الإنتاجية، لتحقيق الأمن الغذائي، نظير ما تتمتع به منطقة القصيم من مقومات طبيعية أهلتها لتكون من أهم المناطق الزراعية على مستوى المملكة وسلة غذائها.
وعملنا على إيجاد سجل زراعي بالمنطقة وربط ذلك بالتسويق الزراعي ومنافذ بيع الخضار والفواكه، حيث تم تسجيل ما يزيد على 15 ألف مزرعة، بهدف الإسهام في رفع كفاءة القطاع الزراعي في المملكة لبلوغ تنمية زراعية مستدامة.
• ما مدى رضاك عن حجم استثمار رجال الأعمال في المنطقة حالياً؟
•• هناك جهود واجتهادات من بعض رجال الأعمال، ولكنها لا ترتقي إلى طموحي أو حجم المطلوب من رجال الأعمال في منطقة القصيم واستغلال المميزات التنموية في المنطقة، وباختصار أقول الاستثمار والتسويق لمميزات المنطقة لا تشكل ثلث المطلوب لتحريك الفرص المهدرة في منطقة القصيم تجارياً وزراعياً وصناعياً واقتصادياً، ولكننا ننتظر تعاوناً أكثر من الجهات الرسمية والقطاع الخاص.
الأمر الآخر هو أن الاستثمار في جميع المجالات هو الأساس في خلق الفرص الوظيفية، ولا يمكن توفير فرص وظيفية لمخرجات التعليم العام والجامعي والمهني إلا بوجود استثمارات ومشاركة القطاع الخاص بالتوظيف وإتاحة فرص العمل للرجال والنساء وهذا يعتبر في غاية الأهمية القصوى.
• «من أهم سمات الدولة المعاصرة أنها دولة الأنظمة والمؤسسات» عبارة وردت في أحد مؤلفاتك؛ إلى أي مدى حققت رؤية 2030 هذا المفهوم؟
•• سأبدأ بمثال عملي على نجاح الرؤية في ترسية هذا المفهوم ألا وهو مشروع الإسكان؛ حيث تم إطلاق جمعية الإسكان الأهلية؛ وهي جمعية غير ربحية تعمل على المساهمة في تحقيق التنمية الشاملة بالتعاون مع الشركاء وفق منظور مؤسسي، وتهدف إلى تمكين 1000 أسرة محتاجة من الحصول على مسكن لائق في منطقة القصيم خلال عام 2021، فيما بلغ عدد المستفيدين أكثر من 400 مستفيد، في حين كان دمج وزارتي الإسكان والشؤون البلدية والقروية في وزارة واحدة يؤكد حرص الدولة على توحيد الجهود والاستفادة من الموارد في المهام والاختصاصات التي تتماثل مع الجهات الحكومية، مما يحقق كفاءة الأداء وجودة المخرجات ورفع نسبة الإنجاز لخدمة المواطنين.
كذلك كان لنا في إمارة المنطقة تجربة مميزة ورائدة لنشر ثقافة العمل الجماعي والشراكة الإستراتيجية بين الجهات الحكومية والخدمية بالمنطقة، وهي إطلاق نظام «صوت المواطن»، تأكيداً على أهمية التكاتف وتوفير الجهود للرقي بمستوى الخدمات المقدمة للمستفيدين، مشيراً إلى أن إطلاق النظام بمرحلته الثانية سيتيح الفرصة للمستفيدين من إبداء ملاحظاتهم ومقترحاتهم على الخدمات المقدمة لهم من قبل الجهات الحكومية والخدمية بالمنطقة، وذلك بإشراف مباشر من الإمارة، وتعمل الخدمة على إيصال رأي المواطن بشكل سريع لأي اقتراح أو شكوى لكي تصل للمسؤول أولاً بأول.
كما أطلقنا جائزة الشاب العصامي وسبب تسميتها بالعصامي، لأنه انطلق من هذه المنطقة قبل عشرات السنين رجال عصاميون للتجارة هم العقيلات، حتى أصبحت بداية فكرتها في المنطقة ونجاحها، وقد أصبحت هذه الجائزة بمختلف فروعها ومساراتها دافعاً ومحفزاً للشباب والفتيات العصاميين بالمنطقة.
• «صناعة الصورة» أحد العناصر المميزة في إمارة القصيم، كيف استطعتم تعزيز هذا الحضور الإعلامي؟
•• لدينا مبدأ إعلامي ثابت في الإمارة ألا وهو «الوضوح والشفافية»، بمعنى أن الفريق الإعلامي يعمل باتجاهين الأول توضيح ما يحدث يومياً من إنجازات واجتماعات وتواصل مع المجتمع المحلي والحكومي؛ والثاني تكريس المنصة للمواطنين والزوار ومنحهم حقهم المفترض في تسليط الضوء على الخدمات المتنوعة التي يقدمونها؛ والمنطقة تفتخر بأبنائها وتزخر بالأعمال الخيرية والريادية ويكاد لا يمر أسبوع دون أن نوثق عطاء هؤلاء الرواد أو نحتفل بنجاحاتهم، فالشفافية وحوكمة الأعمال تتطلب الوصول الإعلامي المهني والمستمر الذي ينعكس بالتالي على تحفيزهم للمزيد والتألق الذي نرجوه للجميع. وهذا -بلا شك- امتداد لفلسفة المجالس المفتوحة، فنحن -ولله الحمد- وفي كافة المناطق والأزمنة، مجالسنا مفتوحة والمواطن يهمه أن يجد هذا الترحاب والتقدير الذي نشأنا عليه جيلاً بعد جيل في مدرسة المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود.
• حدثنا عن جهود وإجراءات إمارة القصيم في محاربة جائحة كورونا؟
•• هناك جهود عظيمة بذلت لمواجهة جائحة كورونا بالمنطقة، حيث تمت إدارة الأزمة باحترافية عالية من مركز التحكم والسيطرة بالإمارة، بالتعاون مع الجهات المعنية، لمتابعة تقارير القطاع الصحي ومسارات الإصابات، وجهود القطاع الأمني وأمانة المنطقة والتجارة وتطبيق الاحترازات في المساجد والمجمعات التجارية والتفتيش على جميع التجمعات والمواقع أمنياً.
وهنا أشيد بالجهود التي يبذلها أبطال الصحة بمختلف المنشآت الصحية بمنطقة القصيم، وأسهمت في التخطيط السليم للبروتوكولات الصحية التي كانت الأميز والأجدر وأتت ثمارها، من خلال تعزيز البرامج الوقائية أو العلاجية التي كانت استعداداتها عالية في التعامل مع جميع حالات كورونا تمثل في زيادة نسبة السعة السريرية 100% وتشغيل 16 عيادة تطمن، وافتتاح 3 مراكز تأكد، بالإضافة إلى تجهيز مستشفى ميداني و3 مراكز للقاحات كوفيد.
كذلك أطلقنا مبادرة نهر العطاء بهدف تخفيف الآثار الاقتصادية والاجتماعية السلبية المترتبة على جائحة فايروس كورونا على بعض الأسر والأفراد وأصحاب المشاريع الصغيرة، وذلك وفق آلية محددة بالتعاون مع الجمعيات الأهلية بالمنطقة ولجان التنمية الاجتماعية ورابطة التطوع بالمنطقة ومجلس شباب القصيم ومجلس فتيات القصيم.
• حققت المملكة قفزات نوعية في ملف حقوق الإنسان في السنوات الماضية، ما الذي ينقص تطوير الإعلام، خاصة أن الهجوم غير الموضوعي المستمر على المملكة يشكل خطورة على سلامة المواطنين في الخارج؟
•• حقيقة الإعلام بمختلف وسائله رسالة سامية، ولدينا في المملكة حراك إعلامي مميز لإبراز ما تحقق لبلادنا من منجزات على مستوى المجالات يؤكد حرص القيادة الرشيدة على رفاهية واستقرار المواطن في جميع أرجاء الوطن، في المقابل يجب أن تكون هناك ضوابط إعلامية تضمن الحد من التجاوزات المهنية التي قد تصدر من مستخدمي كافة الوسائل الإعلامية، لأن الإعلام في الوقت الراهن مختلف عن السابق، وهذا الأمر يستوجب وجود الضوابط المهنية التي تكفل زيادة الوعي والمسؤولية تجاه وسائل التواصل الإعلامي.
وأمام هذا الحراك الإعلامي والتطور التقني المتسارع في وسائل الإعلام أدعو إلى أهمية إقامة ورشة عمل كبيرة لتطوير مرافق وزارة الإعلام بالمملكة، بالتشارك مع جميع المهتمين بالإعلام من مختلف فئات المجتمع، كون المجتمع شريكاً أساسياً في مسيرة التطوير الإعلامي.
• لو تحدثنا عن صناعة الأثر، ما هي أكثر 3 شخصيات أثرت في مسيرتك؟
•• بلا شك أن الإنسان كائن يؤثر ويتأثر؛ ولا يخفى على أحد أن التأثر الأول هو في شخصية الرسول عليه الصلاة والسلام ونهجه النبوي والإنساني، وقد ألفت في ذلك كتاباً بعنوان «الأمان الأول» فهو معلم الأمة ونبي الرحمة وكيف كان لا يقابل السيئة بالسيئة ورحمته بمن حوله وأخلاقه العظيمة. الشخصية الثانية -بلا أدنى شك- وهي مثال العصامية والشجاعة والحكمة هي شخصية الملك عبدالعزيز (رحمه الله)؛ والذي أبهر العالم في توحيد هذه الدولة المباركة بالحكمة والاحتواء والاستثمار في الإنسان وتقديم الخير والعطاء واستصلاحه للنفوس وتحويل الأعداء لمحبين بالمنطق والسياسة والخير والبذل. أما الشخصية الثالثة فهي الشخصية الأكثر تأثيراً في مسيرتي العلمية والمهنية وهو الأب الروحي لإنتاجي والداعم والمحفز لي في إنجازاتي هو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، فلا أنسى حرصه وفضله في تبني أطروحاتي العلمية وهو قارئ متعمق ومطلع؛ ولديه ملكة الإيثار ومارس الحكم منذ نعومة أظافره لأكثر من نصف قرن وتشرَّب أنظمة الدولة، ونستمد في عهده المزيد من المعرفة والتحولات النوعية في التعليم والاقتصاد ونرفل بالأمن والأمان والاستقرار.
• ما هي أكثر الملفات أهمية من وجهة نظرك؟
•• هناك ملفان أساسيان اعتبرهما في غاية الأهمية يشكلان هاجساً مستمراً معي وهما ملف إيجاد فرص وظيفية لأبنائنا وبناتنا وتمكينهم من فرص العمل، الملف الآخر هو الإسكان وتوفير السكن الملائم لجميع المحتاجين للسكن، وهذه أبرز اهتماماتي مع خدمة المواطن في كل شؤونه.
محمد بن سلمان نموذج عالمي
• بات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الأنموذج المتفوق عالمياً في تحقيق المنجزات والمثابرة وتجاوز التحديات، فضلاً عن تعزيز ثقافة النظر إلى المستقبل بالأمل والتفاؤل، ما أثر ذلك على العمل والخطط في إمارة منطقة القصيم؟
•• بلا أدنى شك أن هذا التفوق يدفعنا للمزيد من التفاؤل والإصرار تحديداً في منطقة القصيم التي يغلب على شبابها وشاباتها 3 سمات مهنية واضحة؛ أولها الشغف والذي أشار إليه أخي الأمير محمد بن سلمان في معاييره لاختيار فريق عمله. وثانيها الجد والمثابرة، فالمجتمع هنا يمارس التجارة وينوع في مصادر دخله. أما ثالثها فهو الفكر التنافسي، فالقصيم تقع في موقع إستراتيجي محُفز للاستثمار، فتجد أبناء وبنات المنطقة في حراك إبداعي وتنافسي دائم ويستفيدون من تجارب المناطق ويؤثرون ويتأثرون بشكل إيجابي بناء، إضافة إلى عصامية أبناء المنطقة وحبهم للعمل في كافة المجالات. ويأتي أيضا دعمه الكريم المتواصل في تحقيق رؤية 2030 سواء بالتأسيس الرصين والريادي أو حتى من كونه نموذجاً بعقل عالمي وروح الأصالة والتميز الذي أصبح مضرب مثل في كل مجال.