أخبار

«كما وصلني» لن تعفي مسرِّبي الوثائق !

قانونيون: السجن 20 عاماً والغرامة مليون ريال في انتظار المخالف والناقل

مقر النيابة العامة بجدة. ‫(عكاظ)‬ ‫‬

عدنان الشبراوي (جدة)Adnanshabrawi@

أجمع قضاة ومختصون على خطورة التهاون في تسريب ونشر الوثائق السرية عبر منصات التواصل الاجتماعي بحثاً عن سبق إعلامي يقود صاحبه إلى عقوبات السجن والغرامة. وتفتح «عكاظ» ملفاً يصفه الكثير بالمسكوت عنه ويهدد مرتكبيه بعقوبات مشددة على متسرعين أو متباهين بنشر وثائق سرية عبر المنصات بمبررات «كما وصلني» و«ناقل الكفر ليس بكافر» و«العهدة على الراوي». وقال قضاة ومحامون إن نظام نشر الوثائق والمعلومات السرية وإفشائها فرض عقوبات صارمة على المخالفين بإفشاء الوثائق السرية تصل إلى السجن 20 عاماً والغرامة مليون ريال.

وطبقاً للقاضي السابق في المحكمة الجزائية بمكة سابقا الشيخ تركي ظافر القرني، فإن الوثائق السرية هي ما تحتوي على معلومات يؤدي إفشاؤها إلى الإضرار بالأمن الوطني للدولة أو مصالحها، في حين يقصد بالمعلومات السرية ما يحصل عليه الموظف -أو يعرفه بحكم وظيفته- من معلومات يؤدي إفشاؤها إلى الإضرار بالأمن الوطني للدولة أو مصالحها أو سياساتها أو حقوقها. وأوضح أن المركز الوطني للوثائق والمعلومات يتولى متابعة وإصدار ما يتعلق بالأنظمة والقوانين وينسق مع الجهات المختصة لتصنيف السرية والموضوعات وتباشر النيابة العامة التحقيق مع المتجاوزين والمخالفين للنظام وتتم إحالتهم إلى المحاكم الجزائية وفق الاختصاص.

الجهل لا يُسقط صاحبه عن المسؤولية

قاضي المحكمة الجزائية المتخصصة الدكتور يوسف غرم الله الغامدي يرى أن موضوع نشر الوثائق السرية حساس ومهم، وللأسف يستخف به الكثيرون عبر منصات التواصل الاجتماعي، فهناك فئة تجهل خطورة نشر الوثائق وهو جهل لا يعذر به صاحبه ويعاقب عليه فالنظام واضح وصريح، أما النوع الآخر الذي اطلعت شخصيا على نماذج منه خلال عملي في القضاء فيتمثل في نشر وإفشاء الوثائق السرية من مجرمين سواء كان المجرم يعمل بمفرده أو ينتمي لتنظيم عصابي.

وأضاف: لعل موضوع نشر وإفشاء الوثائق في غاية الحساسية ومن الأمور المهمة فهي جريمة معاقب عليها نظاما ومقننة ومعروفة ولها نتائج كارثية وهي من الجرائم المتعدية وقد تصل في تعديها إلى جريمة الخيانة التي لها أبعادها وتختلف باختلاف الوقائع والظروف.

من جانبه، يرى عضو النيابة العامة السابق المحامي هاشم مصلح أن النظام حظر على أي موظف عام أو من في حكمه -ولو بعد انتهاء خدمته- نشر أي وثيقة سرية أو إفشاء أي معلومة حصل عليها أو عرفها بحكم وظيفته وكان نشرها أو إفشاؤها محظورين. والنظام أوجب عقوبات بالسجن مدة لا تزيد على 20 سنة أو بغرامة لا تزيد على مليون ريال أو بهما معاً على كل من نشر وثائق أو معلومات سرية أو أفشاها أو دخل أو شرع في الدخول إلى أي مكان أو موقع غير مأذون له الدخول فيه؛ بقصد الحصول على وثائق أو معلومات سرية، أو حصل بأي وسيلة غير مشروعة على وثائق أو معلومات أو حاز أو علم -بحكم وظيفته- وثائق أو معلومات رسمية سرية فأفشاها أو أبلغها أو نشرها. ولفت عضو النيابة السابق إلى أن نشر الوثائق في منصات التواصل الاجتماعي يدخل مرتكبها في جريمة معلوماتية إضافة لجريمة نشر وإفشاء الوثائق وهو ما يعني تغليظ العقوبة.

في هذه الحالات.. تُغلظ العقوبة

المستشار القانوني سعد الباحوث يرى أن كل من يشارك في الجريمة يعاقب أيضا بالسجن والغرامة، وتشمل العقوبة كل من اتفق أو حرض أو ساعد على ارتكابها، موضحا أن ثمة ظروفا مشددة على المخالفين إذا ارتكبت الجريمة في زمن الحرب، أو كانت لمصلحة دولة أجنبية، أو لأحد ممن يعملون لمصلحتها بأي صورة وعلى أي وجه وبأي وسيلة، سواء بطريق مباشر، أو غير مباشر وكذلك إذا كانت الوثيقة أو المعلومة مهمة وذات درجة عالية يقصد بها الإضرار بالدولة. كما تشدد العقوبة على مرتكبها إذا كان يشغل وظيفة ذات طابع سري أو يشغل وظيفة عليا.

أما الكاتب الصحفي وائل عبدالعزيز فقال إن التهاون في نشر الوثائق السرية مسلك خطير يجب الحذر منه ويتوجب توعية المجتمع بخطورته، ليكون على قدر المسؤولية والوعي، وللأسف نجد البعض مع ثقافته ودرجته العلمية ينقل معلومة أو خبرا أو خطابا دون أن يكلف نفسه البحث والتحري والتحقق من صدق المعلومة، وهذا التصرف سواء كان بجهل ودون وعي أو بقصد الهزل فإنه يقود مرتكبه إلى المساءلة فالبعض يغفل أن هُناك معلومات لا يجب نشرها أو ترويجها.

وأضاف: البعض قد تصله عبر الهاتف صورة لوثيقة دون إعلان أنها «سرية» فيبادر عن جهل بإرسالها إلى مجموعات أخرى وكأنه يرغب في تحقيق سبق ويحرص على نشرها وكأنه يتباهى بأن لديه مصادر معلومات تزوده بمثل هذه المستندات.

«النيابة»: ضوابط للحفظ والتبادل والتصوير

أكدت النيابة العامة على حظر إخراج الوثائق السرية من الجهات الحكومية، أو تبادلها مع الغير بأي وسيلة كانت أو الاحتفاظ بها في غير الأماكن المخصصة لحفظها وتحظر طباعتها أو نسخها أو تصويرها خارج الجهات الحكومية إلا وفق ضوابط يصدرها المركز الوطني للوثائق والمحفوظات.

وأوضحت النيابة أن مخالفة المادة الرابعة من نظام عقوبات نشر الوثائق السرية جريمة معاقب عليها نظاما.

فيما أكدت وزارة العدل أن الأنظمة والقوانين تؤكد على أي موظف في أي جهة حكومية أو أهلية، أن يلتزم بحفظ أسرار عمله والوثائق والمعلومات الخاصة بجهة عمله، إذ يعد كشفها وإفشاؤها جريمة يعاقب عليها مرتكبها، حتى لو انتهت خدمة الموظف.