السيسي مؤسس الجمهورية المصرية الثانية
الاثنين / 18 / ذو القعدة / 1442 هـ الاثنين 28 يونيو 2021 00:02
محمد الساعد
إذا كان من وصف يختصر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، فهو الحاكم المفاجئ، فهو أقرب لشخص هادئ قليل الانفعالات قادر على اتخاذ أصعب القرارات في أحلك الظروف دون أن يربكه الحدث أو أن يظهر عليه التردد.
بدت تلك الموهبة عندما أدار بمهارة بالغة معركة الحفاظ على مصر إثر الاحتجاجات التي واجهتها العام 2011 وكادت أن تعصف بالأمن والدولة المصرية، ثم خلال الانقلاب الإخواني على مصر واختطافهم الحكم، إضافة إلى استجابته لمشاعر المصريين وحمايته لهم من المليشيا الإخوانية التي كانت تهددهم بالموت وإحراق البلاد خلال إرهاصات ثورة 2013، ومن ثم إدارته للملف المصري المعقّد الذي تم تشويهه في الغرب عقب توليه مقاليد الحكم عقب انتخابه رئيسا لثاني جمهورية مصرية.
عندما ترى الرئيس السيسي للمرة الأولى وهو يضع يديه على بعضهما بعضا، مع سمت يسبغه الحياء والأدب الجم، قد تعطيك انطباعا خاطئا بأنه ضعيف الشخصية سهل الانقياد، لكن الرئيس أكد أنه أصلب من كل الصعاب الجمة التي واجهته بداية حكمة، إثر هجمة ظالمة من اليسار الغربي من حكومات ومنظمات واتحادات، ساندتها دول في الإقليم وتنظيمات إرهابية.
لقد استطاع الرئيس السيسي خلال 6 سنوات فقط الانتقال من الرئيس المغضوب عليه، إلى الرئيس الذي يحظى بأعلى التقييمات في الدوائر الغربية، ويسلم أعلى الأوسمة، وتشهد بلاده أعلى النجاحات الاقتصادية.
فما الذي فعله الرئيس السيسي لينتقل من دائرة الحكام المستهدفين إلى ضفة الرؤساء المهابين القادرين على فرض احترامه وبلاده وشعبه على العالم!
يمكن وصف عبدالفتاح السيسي بمؤسس الجمهورية المصرية الثانية بعد محمد نجيب، إذا اعتبرنا فترات عبدالناصر والسادات ومبارك امتدادا لنفس الجمهورية الأولى الخارجة من عباءة الخديوية، والتي انتشرت خارجيا وفرضت رؤيتها الثورية على العالم العربي، ثم حاولت تهذيب ذلك الدور رويدا رويدا إلى نهاية فترة الرئيس محمد حسني مبارك، ولعل ما يعطي السيسي ميزة بنائه الجمهورية المصرية الثانية، هو الانقطاع التام مع الجمهورية الأولى إثر احتجاجات 2011 وما تلاها من انقلاب للإخوان واستيلائهم على السلطة.
يعد الخديوي إسماعيل باني مصر الحديثة، فحمد علي باشا هو من وضع الأسس الأولى، لكنه ركز على الجيش المصري والتهمته طموحاته وحروبه الخارجية، وليأتي هنا وجه الشبه بين الخديوي إسماعيل والرئيس السيسي، فكلاهما ركز على الداخل المصري وبناء المؤسسات وإعادة هيكلة الدولة، وتنظيم الأقاليم وتوزيع المحافظات تنمويا، وبناء الاقتصاد والتوسع فيه، وفي عهد الخديوي افتتحت قناة السويس كما افتتحت القناة الثانية في فترة حكم عبدالفتاح السيسي.
خلال فترة الجمهورية المصرية الثانية التي يحكمها عبدالفتاح السيسي -اليوم- برزت تحديات إقليمية خشنة جدا، استطاع السيسي مراوغتها والخروج ببلاده سليما منها وفق المبادئ والقيم الدولية ونجح فيها نجاحا باهرا، ما أجبر الغرب على الإقرار بأن مصر ليست دولة هامشية في المنطقة بل هي أحد أهم مفاتيح السياسة والأمن والاستقرار.
أولا: التعامل مع ملف الغاز المهدد بالانفجار بمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، استطاع السيسي تأكيد سيادة مصر والدول المطلة فقط مع إبعاد المتطفلين دون أن تطلق رصاصة واحدة، وهو ما جنّب الإقليم صراعا دمويا.
في ليبيا التي كانت بمثابة الفخ، رفض المصريون الانجرار لمعركة المليشيات واحتفظوا لأنفسهم بحق العمليات الجراحية التي تضمن أمن الجبهة الغربية وإخضاع الجميع للإرادة المصرية السياسية.
ثانيا: في الملف الإثيوبي، لم يتهور المصريون ولم يقفزوا في الهواء، وجعلوا من الدبلوماسية سدهم المنيع في مواجهة السد الإثيوبي، متخذين من سياسة النفس الطويل أسلوبا للوصول إلى نتائج متراكمة.
ثالثا: أما القضية الفلسطينية فقد اقتنع الأمريكان بسحب الملف من الدول المتطفلة والهامشية، ودفعوا به إلى المصريين الذين أثبتوا قدرتهم على المعالجة عن طريق الدبلوماسية لا عن طريق الرشى السياسية، ما أدى إلى إيقاف الحرب والعبث الحمساوي، وتولوا هم تفكيك الحرب وإعادة الجميع إلى قواعدهم.
رابعا: الاقتصاد الداخلي الهش والمدمر، لم يكن لأحد أن يتخيل أن الدولة المصرية المثقلة بأكثر من مئة مليون نسمة، ونظام بيروقراطي عتيق، واقتصاد مهشم، وموارد مالية محدودة، وبرامج تنموية كسيحة، أن تعبر جسر الآلام الذي تطلبه الإصلاح الاقتصادي، بدءا من تعويم الجنيه، ذلك القرار الذي انتظر خمسين عاما ليتخذه شخص شجاع، مرورا بإعادة هيبة لدولة، وتحديث البنية التحتية وتنويع الاقتصاد.
اليوم تعود مصر إلى قيادة الإقليم، في مواجهة دول التخوم الأعجمية (إيران، إثيوبيا)، تفرض إرادتها ورؤيتها، وتؤمّن فضاءها العربي، إنه قدرها وجغرافيتها ولسانها وفضاؤها الذي وهبه الله لها، وليس مفاجئا أن تعيش الجمهورية المصرية الثانية ثمرات نجاحاتها السريعة، فبالرغم من أزمة كورونا الفادحة التي عطلت العالم، وكبحت جماح الاقتصادات، وزادت الفقر والبطالة، إلا أن السيسي استطاع بمعية الشعب المصري التغلب على الخصوم واحدا تلو الآخر، عابرا بشعبه بحر الظلمات، والخروج من عنق الدولة الفاشلة إلى عالم الدول الناهضة.
بدت تلك الموهبة عندما أدار بمهارة بالغة معركة الحفاظ على مصر إثر الاحتجاجات التي واجهتها العام 2011 وكادت أن تعصف بالأمن والدولة المصرية، ثم خلال الانقلاب الإخواني على مصر واختطافهم الحكم، إضافة إلى استجابته لمشاعر المصريين وحمايته لهم من المليشيا الإخوانية التي كانت تهددهم بالموت وإحراق البلاد خلال إرهاصات ثورة 2013، ومن ثم إدارته للملف المصري المعقّد الذي تم تشويهه في الغرب عقب توليه مقاليد الحكم عقب انتخابه رئيسا لثاني جمهورية مصرية.
عندما ترى الرئيس السيسي للمرة الأولى وهو يضع يديه على بعضهما بعضا، مع سمت يسبغه الحياء والأدب الجم، قد تعطيك انطباعا خاطئا بأنه ضعيف الشخصية سهل الانقياد، لكن الرئيس أكد أنه أصلب من كل الصعاب الجمة التي واجهته بداية حكمة، إثر هجمة ظالمة من اليسار الغربي من حكومات ومنظمات واتحادات، ساندتها دول في الإقليم وتنظيمات إرهابية.
لقد استطاع الرئيس السيسي خلال 6 سنوات فقط الانتقال من الرئيس المغضوب عليه، إلى الرئيس الذي يحظى بأعلى التقييمات في الدوائر الغربية، ويسلم أعلى الأوسمة، وتشهد بلاده أعلى النجاحات الاقتصادية.
فما الذي فعله الرئيس السيسي لينتقل من دائرة الحكام المستهدفين إلى ضفة الرؤساء المهابين القادرين على فرض احترامه وبلاده وشعبه على العالم!
يمكن وصف عبدالفتاح السيسي بمؤسس الجمهورية المصرية الثانية بعد محمد نجيب، إذا اعتبرنا فترات عبدالناصر والسادات ومبارك امتدادا لنفس الجمهورية الأولى الخارجة من عباءة الخديوية، والتي انتشرت خارجيا وفرضت رؤيتها الثورية على العالم العربي، ثم حاولت تهذيب ذلك الدور رويدا رويدا إلى نهاية فترة الرئيس محمد حسني مبارك، ولعل ما يعطي السيسي ميزة بنائه الجمهورية المصرية الثانية، هو الانقطاع التام مع الجمهورية الأولى إثر احتجاجات 2011 وما تلاها من انقلاب للإخوان واستيلائهم على السلطة.
يعد الخديوي إسماعيل باني مصر الحديثة، فحمد علي باشا هو من وضع الأسس الأولى، لكنه ركز على الجيش المصري والتهمته طموحاته وحروبه الخارجية، وليأتي هنا وجه الشبه بين الخديوي إسماعيل والرئيس السيسي، فكلاهما ركز على الداخل المصري وبناء المؤسسات وإعادة هيكلة الدولة، وتنظيم الأقاليم وتوزيع المحافظات تنمويا، وبناء الاقتصاد والتوسع فيه، وفي عهد الخديوي افتتحت قناة السويس كما افتتحت القناة الثانية في فترة حكم عبدالفتاح السيسي.
خلال فترة الجمهورية المصرية الثانية التي يحكمها عبدالفتاح السيسي -اليوم- برزت تحديات إقليمية خشنة جدا، استطاع السيسي مراوغتها والخروج ببلاده سليما منها وفق المبادئ والقيم الدولية ونجح فيها نجاحا باهرا، ما أجبر الغرب على الإقرار بأن مصر ليست دولة هامشية في المنطقة بل هي أحد أهم مفاتيح السياسة والأمن والاستقرار.
أولا: التعامل مع ملف الغاز المهدد بالانفجار بمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، استطاع السيسي تأكيد سيادة مصر والدول المطلة فقط مع إبعاد المتطفلين دون أن تطلق رصاصة واحدة، وهو ما جنّب الإقليم صراعا دمويا.
في ليبيا التي كانت بمثابة الفخ، رفض المصريون الانجرار لمعركة المليشيات واحتفظوا لأنفسهم بحق العمليات الجراحية التي تضمن أمن الجبهة الغربية وإخضاع الجميع للإرادة المصرية السياسية.
ثانيا: في الملف الإثيوبي، لم يتهور المصريون ولم يقفزوا في الهواء، وجعلوا من الدبلوماسية سدهم المنيع في مواجهة السد الإثيوبي، متخذين من سياسة النفس الطويل أسلوبا للوصول إلى نتائج متراكمة.
ثالثا: أما القضية الفلسطينية فقد اقتنع الأمريكان بسحب الملف من الدول المتطفلة والهامشية، ودفعوا به إلى المصريين الذين أثبتوا قدرتهم على المعالجة عن طريق الدبلوماسية لا عن طريق الرشى السياسية، ما أدى إلى إيقاف الحرب والعبث الحمساوي، وتولوا هم تفكيك الحرب وإعادة الجميع إلى قواعدهم.
رابعا: الاقتصاد الداخلي الهش والمدمر، لم يكن لأحد أن يتخيل أن الدولة المصرية المثقلة بأكثر من مئة مليون نسمة، ونظام بيروقراطي عتيق، واقتصاد مهشم، وموارد مالية محدودة، وبرامج تنموية كسيحة، أن تعبر جسر الآلام الذي تطلبه الإصلاح الاقتصادي، بدءا من تعويم الجنيه، ذلك القرار الذي انتظر خمسين عاما ليتخذه شخص شجاع، مرورا بإعادة هيبة لدولة، وتحديث البنية التحتية وتنويع الاقتصاد.
اليوم تعود مصر إلى قيادة الإقليم، في مواجهة دول التخوم الأعجمية (إيران، إثيوبيا)، تفرض إرادتها ورؤيتها، وتؤمّن فضاءها العربي، إنه قدرها وجغرافيتها ولسانها وفضاؤها الذي وهبه الله لها، وليس مفاجئا أن تعيش الجمهورية المصرية الثانية ثمرات نجاحاتها السريعة، فبالرغم من أزمة كورونا الفادحة التي عطلت العالم، وكبحت جماح الاقتصادات، وزادت الفقر والبطالة، إلا أن السيسي استطاع بمعية الشعب المصري التغلب على الخصوم واحدا تلو الآخر، عابرا بشعبه بحر الظلمات، والخروج من عنق الدولة الفاشلة إلى عالم الدول الناهضة.