كتاب ومقالات

خدمات الحجاج.. التحول نحو نظام الشركات.. أفضلية ولكن

د. حنان عبدالله عنقاوي Ankawi5H@

يتوالى في هذه الأيام إعلان عقد تأسيس شركات مقدمي خدمات الحج، وبهذا يسدل الستار على نظام المؤسسات، هذا التحول الذي يعتبر في المفهوم الاقتصادي بمثابة النمو والتطور نحو الأفضل والأقوى، إلا أن ما يجعل هذا التحول له أهمية كبيرة في هذا التوقيت تحديداً، هو التعامل معه بحذر ومرونة، خصوصاً أنه واكب جائحة «كورونا» التي ترتب عليها توقف مؤقت لقدوم الحجاج من الخارج لعامين متتالين، بسبب الإجراءات الاحترازية التي تحرص عليها المملكة، وكلنا نعرف أن «كورونا» من الممكن أن تعبر القارات من خلال العدوى بين الأشخاص.

وإذا ما عدنا إلى نظام المؤسسات نجد أن كل مؤسسة من المؤسسات الست المعنية بحجاج الخارج تقدم خدماتها لحجاج دول معينة منوطة بها لا تستطيع الخروج عنها، أما الخدمات التي تقدمها هذه المؤسسات فهي تدور حول الاستقبال والنقل والإسكان والإعاشة مع اختلاف المدى لصلاحيات ونوعية التشغيل لكل خدمة، فمثلا في الاستقبال من المنافذ؛ مثل المنفذ الجوي، مكتب الوكلاء الموحد هو الذي يستقبل ويقوم بالتوزيع، وفي الإسكان عمل المؤسسات في مكة إشرافي وليس تشغيليا، تتابع فيه استيفاء السكن للشروط وإتمام تسكين الحجاج ومتابعة احتياجاتهم، ويأتي التشغيل الكامل من قبل المؤسسات في إسكان المخيمات عرفة ومنى، بل يشكل مجال عمل واسعا ومهما.

مما سبق يتضح أن التحول لنظام الشركات لهذه المؤسسات جاء في مرحلة مهمة، والنظام ليس فقط للتطوير وإنما أكثر من ذلك، إذ يتعامل مع الآثار التي ترتبت على جائحة «كورونا» من توقف الأعمال.

وهنا.. علينا مناقشة ما هي المرونة المطلوبة لنظام الشركات في ظل أهمية الحذر وأخذ آثار جائحة «كورونا» في الاعتبار، حتى يحقق هذا التحول المأمول منه وما يفترض به، مثلا: هل يتوجب على وزارة التجارة أن لا تتعامل معه بنفس اللوائح التي يتم التعامل بها مع نظام تأسيس الشركات، وقد ظهر ذلك عندما وضعت شروط عضوية أول مجلس إدارة يتم العمل على تكوينه في ظل نظام الشركة أن يكون المرشح مساهماً، وأن لا يكون موظفاً حكومياً، وبالتالي ترتب على ذلك استبعاد الكفاءات وأصحاب الخبرة من الموظفين الحكوميين، واستبعدت أبناء المساهمين وهم شابات وشباب يمثلون دماء ومؤهلات علمية جديدة حديثة يحتاجها نظام الشركات في ظل «رؤية ٢٠٣٠»، والذي يظهر على موقع وزارة الحج والعمرة مواصفات مستقبلية بمقاييس جودة عالمية للخدمات التي ستقدم لضيوف الرحمن، إذ ستصبح هناك مجالات خدمات وأعمال جديدة أوسع من الأعمال السابقة بتحول جذري توسعي، أحد أهم محاوره أنه سيسمح لهذه الشركات أن تمتلك وتدير شركات فرعية في مجالات ذات العلاقة متنوعة، مع التأكيد على أن هذا سيصب في مصلحة الحاج الذي سيصل إلى أن يختار بين شركات مقدمي خدمات الحج.

المفارقة في الموضوع أن نظام المؤسسات كان أكثر مرونة في وضع شروط عضوية مجلس الإدارة، وبالتالي وسع قاعدة الاختيار، وأعطى فرصة أكبر، إذ سمح أن يضم المتفرغين وغير المتفرغين، وسمح أن يضم أعضاء من المساهمين وأبناء المساهمين، سواء من الثمانية التي تضمنهم المجلس انتخاباً أو الأربعة الذين تم تعيينهم من قبل وزارة الحج.

هذا كان مثالاً يؤكد أهمية المرونة والحذر، لأن هذا التحول يأتي في ظل جائحة «كورونا» التي تتطلب أن يتم التعامل مع كل الملفات بمفهوم إدارة الأزمات التي تتطلب دراسة وإجراءات خاصة لا تنطبق على الظروف المعتادة، وبالتالي حتى الجدولة الزمنية لما سيسمح لهذه الشركات أن تقوم به أو أن تطرقه، ومدى إمكانية التسريع لدعم هذه الشركات من المهم المرونة فيه.