كتاب ومقالات

«توطين الصناعات العسكرية».. الحلم أصبح واقعاً

عبدالعزيز منيف بن رازن

بخطى ثابتة وواثقة تسير المملكة العربية السعودية في طريقها المضيء نحو تطوير منظومة الصناعات العسكرية وإنتاج معدات عسكرية حديثة محلية الصنع بأيدٍ سعودية خالصة، تنافس الدول التي يشار إليها بالبنان في هذا المجال الحيوي والمهم.

ولعل الاهتمام بهذا القطاع لم يكن وليد اللحظة أو ببعيد عن رؤية المملكة 2030، التي أطلقها ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان في 2016، بل كانت محور اهتمام القيادة الرشيدة، حيث تم إنشاء الهيئة في 17 مايو 2017، لتطوير ودعم ‏‏الصناعات العسكرية في المملكة وتعزيز اكتفائها الذاتي.

وخلال أحد اللقاءات الحوارية، أكد ولي العهد أنه لا يعقل أن تكون المملكة في المرتبة الرابعة في عام 2014 على مستوى العالم من حيث الإنفاق العسكري، والثالثة عالمياً في عام 2015، وليس لدينا صناعة داخل المملكة، ليبدأ الحلم في التحقق، ليشهد هذا القطاع حراكا غير مسبوق يقوم على دعم وتمكين المصنعين المحليين، وتطوير الشركات المحلية الواعدة لتكون رائدة في مجالها، ودعم الشركات الوطنية الكبرى لتعزيز موقعها عالمياً.

وقد أشرتُ خلال لقاء مع برنامج «هنا الرياض» على قناة الإخبارية، الذي يقدمه الإعلامي الفذ «مفرح عسيري»، إلى أنه اتساقاً مع هذه الأهداف المرجوة قفزت نسبة التوطين بالهيئة من 2% في عام 2016 إلى 8% بنهاية العام الماضي 2020، ومع اكتمال الرؤية في عام 2030 ستكون نسبة التوطين المستهدفة هي 50%.

كما أكدت خلال اللقاء على أن من أهم الفوائد الاقتصادية التي ستعود على أبناء هذا الوطن المعطاء، هو توفير فرص عمل مناسبة للشباب والفتيات على حد سواء، فمنذ أن تم الإعلان عن الهيئة وفرت وظائف لأبناء وبنات الوطن، ومع وصول نسبة الـ50% في عام 2030 سوف يتم توفير مئات الآلاف من فرص العمل.

ومن منطلق خدمتي السابقة في المؤسسة العسكرية -التي أشرف بالانتماء إليها-، ألخص لك عزيزي القارئ الأهداف الإستراتيجية والجيوسياسية لهذه الهيئة التي تتمثل في تحقيق متطلبات الأمن القومي عبر توفير كافة احتياجات القوات المسلحة في أي وقت دون الاعتماد على الخارج، وهو ما يمثل ردعاً لأي محاولة للمساس بأمن المملكة واستقرارها أو تهديد مصالحها، وكذلك المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بنحو 14 مليار ريال مع إمكانية التصدير إلى دول العالم وما يترتب عليه من تحقيق موارد إضافية للموازنة العامة.

ولم تمض سوى 5 سنوات من تأسيس الهيئة حتى تمكنت من تدعيم إنتاج العديد من المعدات الثقيلة والذخائر من العيار الثقيل والخفيف والقنابل اليدوية وذخائر الدبابات، وأنظمة التسليح عن بعد (الجوية – البرية – البحرية) وأنظمة راجمات الصواريخ والأنظمة المضادة للطائرات وغيرها، حيث تم عرض العديد من هذه المعدات بمعرض الدفاع الدولي (أيدكس 2021).

هذا الإنجاز السريع للهيئة يذكرني بكلمات معالي محافظ الهيئة أحمد العوهلي حينما قال: «يزخر القطاع بقدرات وإمكانيات كبيرة تعزز من تحقيق أهداف التوطين، وتعمل على بناء قاعدة سلاسل الإمداد لدعم المستثمرين والمنشآت الصغيرة والمتوسطة في كافة مراحل التصنيع المحلي بمنظومة الصناعات العسكرية بالمملكة».

إن المتتبع للقفزات الهائلة التي تحرزها الهيئة في مجال التصنيع العسكري، خلال هذه المدة القصيرة، لا يستبعد أبداً أن نجد مقاتلات على الطراز الحديث تحلق في سماء المملكة من صناعة سعودية خالصة نفتخر بها ونصون بها تراب الوطن.