كتاب ومقالات

إفاقة

أشواك

عبده خال

بعيداً عن فكرة المؤامرة وإنما قراءة الإستراتيجيات التي توضع لأي منطقة جغرافية، وتتبع التحركات الميدانية على الأرض.

واللافت - في هذه الأيام - انسحاب الجيش الأمريكي من مواقع مهمة، ظل لسنوات متواجداً فيها كقوى تحفظ له هيمنته على تلك الرقعة الجغرافية، فمثلا انسحابه من أفغانستان، وهو الموقع الذي شُنت فيه حروب غيرت الخارطة السياسية على مستوى التقارب والتباعد بين الدول، ومن أفغانستان صُنعت عشرات الترتيبات للتغير والسيطرة، وكانت مركزاً لتأسيس القاعدة، ورفع لواء الحرب ضد الإرهاب، وكانت منطقة الشرق الأوسط - وما يحيط بها - مقراً لكل الويلات التي عبرت، واستوطنت عدة دول، ومع انسحاب الجيش الأمريكي عادت طالبان، والأخبار أن هذه الجماعة استولت على مواقع الجيش الأمريكي المنسحب، ومدت يدها للاستيلاء على عدة قرى ومدن أفغانية، وهذا يعنى إعادة الكرة للمجموعات الإرهابية الموزعة في مواقع الحروب السابقة، ويعني أيضا عودة أفغانستان كحضانة للإسلام الحركي، فمع الملل المصاحب لحروب العراق وسوريا وليبيا، والبحث عن ملعب لاحتواء من دمروا العالم العربي بحجة الإسلام الحركي، فسوف يتم نقلهم مرة أخرى إلى أفغانستان، وإعادة السيناريو بصيغة تمدد مأساة هذا العالم المتهاوي.

وإذا كانت ثورات الربيع العربي نتاجا لما تم توزيعه من إرهاب، وإفشال دول عربية، لم يسعفها اقتصادها في التماسك، فإن خطاب كريستين لاغارد مدير عام صندوق النقد الدولي، خارطة طريق لما سوف يحدث للدول ذات الاقتصاد المتعافي والتي لم تسقط مع ثورات الربيع العربي، فالسيدة كريستين قالت:

الحرب هي على اقتصاديات الدول وتفقيرها، وتجويع شعوبها وتجريدها من قوتها المالية ومن ثم العسكرية، وجعلها غير قادرة على شراء طلقة واحدة، وعدم تمكنها من تسديد رواتب موظفيها، ومنهم العسكريون، وقوى الأمن لتظهر قوى مسلحة خارج إطار الدولة تنتهك القانون وتسلب الناس وتثير الفوضى، وتأخذ الإتاوات، وهذا ما حدث فعليا في العراق وسوريا وليبيا كنماذج لتطبيق إفقار الدول، وخلق دولة فاشلة.

وعبر الزمن يتم نشر سياسات الغرب لأي منطقة كخطط بعيدة المدى، وفي كل زمن يحدث التنبيه لتلك الإستراتيجيات إلا أن الأمزجة لا تقبل التنبيه، ويأتي زمن تنفذ فيه تلك الإستراتيجيات ساعتها لا ينفع قول، تم التنبيه لكن لم يسمع أحد.

وكل القضايا التى رزئت بها المنطقة كانت عبارة عن سيناريو تم نشره وتطبيقه في زمن آخر.

وانسحابات أمريكا ما هي إلا كوابيس سوف تزور المنطقة أثناء نومتها الطويلة.