كتاب ومقالات

الحج ونجاح المملكة في الاختبار الصعب

رامي الخليفة العلي

بينما لا يزال العالم يعاني من مضاعفات وباء كورونا كان على المملكة العربية السعودية أن تقيم توازناً دقيقاً بين صحة مواطنيها وصحة الحجيج وإقامة شعائر الحج بكل ما تحمله من أهمية دينية. فتم إقامة شعائر الحج بشروط صارمة تتناسب مع الجائحة وبأعداد محدودة تحفظ صحة وسلامة الحاج والمقيم. لكن هذا الوضع الاستثنائي لم يكن ليخفي الدور الكبير والجليل الذي تقوم به المملكة في إدارة شؤون الحج وفي إنفاذه على أكمل وجه، ليس في هذا العام وحسب وإنما على امتداد العقود الماضية، تجلى ذلك في جوانب كثيرة ومتشعبة ولا يتسع المجال لذكرها جميعاً وإنما نكتفي بالإشارة إلى أهمها. لعل الجانب الأهم هي البنية التحتية التي بلغت مستوى غير مسبوق تاريخياً فقد وضعت المملكة آخر ما وصل إليه العلم في مختلف المجالات في خدمة حجيج الرحمن. هذا الأمر جعل أداء فريضة الحج تتم بسهولة ويسر غير الصورة بشكل كامل في عقل وروح المسلم في كل مكان، فبينما كان الحج سابقاً مغامرة خطرة، أصبح اليوم رحلة ميسرة من الناحية المادية. خدمات المملكة لضيوف الرحمن تبدأ قبل أن يخرج الحاج من بيته من خلال الاستجابة للفحوص الطبية وتوافر وسائل النقل السريعة والآمنة التي تنقل الحاج إلى الحرمين الشريفين. في كل عام نجد إنجازاً جديداً ولعل مشروع قطار الحرمين منجز خدمي لم تدخر فيه المملكة جهداً. التحدي الأكبر هو التحدي الأمني حيث تمتلك المملكة أفضل الخبرات في التعامل مع الحشود الهائلة والحرص على راحة الحجيج وسلامتهم. ورجال الأمن في المملكة العربية السعودية يحظون بحب واحترام كل من زار الحرمين بما يتمتعون به من أخلاق رفيعة وإحساس بالمسؤولية وروح طيبة يغمرون بها حجاج بيت الله الحرام. الجانب الصحي امتلك على الدوام أولوية في تسيير شؤون الحج، حيث تبدأ العناية الصحية منذ وصول الحاج إلى المنافذ الحدودية وتزويده باللقاحات اللازمة، وترافقه الإجراءات الصحية حتى مغادرته الأراضي المقدسة، كل ذلك وفق خطة تسير في دقة متناهية وخطة مسبقة.

شعائر الحج والعمرة تحدٍّ كبير نجحت فيه المملكة سابقاً وسوف تنجح فيه دائماً إن شاء الله، وهذا ما يخرس كل الأصوات النشاز التي لطالما أرادت تسييس الحج وحاولت نزع شرف خدمة الأماكن المقدسة من المملكة، لكن الأمة أجمعت على نجاح المملكة في إقامة الشعائر الدينية على أكمل وجه. وكل من زار الأماكن المقدسة يدرك هذه الحقيقة، أما هذه الأصوات فقد ذهبت وذهب أصحابها.

ونحن نعيش هذه الأيام المباركة، نسأل الله العلي القدير أن يعيد عيد الأضحى المبارك والمملكة العربية السعودية قيادة وحكومة وشعباً ترفل بالخير والبركات والسؤدد وسائر البلدان العربية والإسلامية. نسأل الله أن يعيده وقد زال الوباء وخرجت الأمة من محنها وأزماتها، إنه على كل شيء قدير، وكل عام وأنتم بألف خير.