«المحتار» الشنقيطي أرجوز «الإخونج».. ملوّث الفقه بالسياسة
إشكالية لقب أكبر من حامله
الجمعة / 26 / محرم / 1443 هـ الجمعة 03 سبتمبر 2021 02:26
علي الرباعي (الباحة) Al_ARobai@
يدّعي الموريتاني القاطن في قطر محمد (المحتار) الشنقيطي أنه أستاذ في علم الأخلاق، واجتالته شيطنة المنفعة، واكتسحته موجات البراغماتية، حتى استعبدته الدراهم والدنانير، فأصبح عُرضة للبيع، دون تذمر ممن تتغذى أفئدتهم وجيوبهم على وضاعة اليد السفلى، وليغدو (أراجوزاً) يتنطط بأوجه عدة، يبذل ماءها لمن يدفع، وأقفية إن لم تستجب لما يُطلب منها تُصفع، ولكأن الفرزدق يتحدث عنه إذ قال، (كم خالة لك يا جرير وعمة، فدعاء قد حلبت عليّ عشاري، يا ابن المراغة كيف تطلب دارما، وأبوك بين حمارة وحمار، وإذا كلاب بني المراغة ربّضت، خطرت ورائي دارمي وجماري).
لم ينجح الموصوف بأستاذ علم الأخلاق، في الاحتفاظ بشيء من أدبيات وأخلاق أهل موريتانيا (بلد المليون شاعر)، إذ افتقدها بحكم رخاصة الذات المُسلّعة، وسفالة الأخلاق المدعاة، ويبدو أن التنقل على الموائد أفقده لياقة الذوق، واستبدلها بالنمائم الاستهلاكية، فلم يعتن (المحتار) بأبجد ما يلتزم به ضيوف الخليج العربي ممن تربوا على أخلاق «الجزيرة العربية» وطبقوا مبدأ «يا غريب كن أديب»، ولم ينأ بنفسه عن الاصطفافات والصفاقات والاستقطابات الحزبية.
فشل أستاذ الأخلاق المحروم من (أخلاق الكبار) في الاحتفاظ بصورة العالِم الأخلاقي، وعجز عن تقمص دور السياسي، فغدا من زهد في وطنه، وفرّ إلى أحضان التنظيمات «الإخوانية»، يدندن مع مفتي الإخوان ومرشدهم حول تسييس الدين والانتصار لجماعات العنف وأحزاب الشيطان، بمعاداة استقرار الشعوب وأمن الدول.
نالت تغريدات ومشاركات (محتار) من مصداقيته، ولا يزال يحصد خيبات إخفاقاته، وهو يسمع ويرى بأم عينيه زعامة المملكة للعالمين العربي والإسلامي ونجاحها في جمع الصف وتوحيد الكلمة بريادة ترغم لها أنوف الشانئين، ولن يُفلح مهما ابتكر من أساليب إيقاظ الفتنة، وإشاعتها، في تحقيق مآربه الطامحة لإحداث صدوع في جدار العلاقات الخليجية، وموقظ الفتنة ملعونٌ بلسان النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، لأنها أشد وأكبر من القتل.
يعاني (محتار) من استحكام أزمته، وتفاقم إشكالاته، إثر مصالحة العُلا التاريخية بين الأشقاء. والراصد لما يطرح الشنقيطي من مصطلحات يُدرك أنها نابعة من مأزق نفسي وأخلاقي، وقع فيه من يدّعي علاج التخلف وهو به عليل، (وغير خلوقٍ يجهل الناس حاله، طبيب يداوي الخلق وهو عليل).
تتسم شخصية الشنقيطي بالتأزم الناجم عن الإهمال والتجاهل، ما أسهم في صياغة توليفة معقّدة، ومحتشدة بالتناقضات، والتحولات من اليمين لليسار، ومناوئة الشرع، بالتنظير للعنف، والدعوة له وتبرير التطرف، وممارسة الوصاية على قيم الحقيقة والحريات والعدالة باعتباره كاهن المعبد.
ويرى المتابع لشخصية الشنقيطي أنها غير سويّة، وأن ميزانه معطوب، ومثله لا يؤمن جانبه؛ كونه يتلوّن ويتقلّب من اليمين إلى اليسار.