أخبار

«التعزيزية».. تحت المجهر دوماً

الجرعة الثالثة.. تريدها الحكومات.. ويرفضها العلماء

حافظة تبريد تحوي لقاحات كوفيد- 19. (وكالات)

«عكاظ» (لندن، واشنطن، بروكسل) OKAZ_online@

فيما تنشغل الدوائر الصحية البريطانية بالاستعدادات لحصول فئات محددة من السكان على «جرعة تعزيزية ثالثة» من لقاحات كوفيد-19 قبل حلول الشتاء؛ أضحت الجرعة الثالثة شغلاً شاغلاً في أركان المعمورة؛ وذكرت دراسة، نشرتها مجلة «ذا لانسيت» الطبية في لندن (الإثنين)، أجراها فريق علمي عالمي، يضم عدداً من علماء هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، ومنظمة الصحة العالمية، أنه لا توجد أيُّ دلائلَ موثوقٍ بها في جميع البيانات المتعلقة بلقاحات كوفيد-19 تؤيد فكرة إعطاء السكان جرعة إضافية لتعزيز مناعتهم. وبين العلماء الذين أجروا الدراسة الدكتور فيليب كراوس، والدكتورة ماريون غروبر، اللذان أعلنا الشهر الماضي استقالتيهما من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، بسبب عدم رضاهما عن ضغوط إدارة الرئيس جو بايدن لإقرار جرعة تعزيزية ثالثة، دون إعطاء العلماء وقتاً كافياً لمراجعة البيانات ثم إصدار توصياتهم بهذا الشأن. وتقول إدارة بايدن إنه يجب إعطاء المحصّنين جرعة ثالثة بعد ما لا يقل عن 8 أشهر من حصولهم على الجرعة الثانية. لكن العلماء المعارضين يرون أن الجرعتين قادرتان على منع تدهور المحصّن إذا أصيب بالفايروس، وتقلص احتمالات تنويمه بالمشافي. ومن المقرر أن تجتمع لجنة من المستشارين العالميين لهيئة الغذاء والدواء بعد غدٍ (الجمعة) لمراجعة البيانات المتاحة. ويقول العلماء الـ 18 في دراستهم إنه بغض النظر عن فوائد الجرعات التعزيزية، فإن ذلك لا يفوق فوائد تخصيص تلك الجرعات لمليارات الأشخاص ممن لم يتم تطعيمهم حتى الآن في أرجاء العالم. وأشارت ثلاث دراسات نشرتها المراكز الأمريكية للحد من الأمراض ومكافحتها الجمعة الماضي إلى أنه على رغم أن المناعة التي تتيحها اللقاحات تضعف شيئاً ما بمرور الزمن؛ إلا أنها تظل صامدة في منع تردي الحال الصحية للمصابين في جميع الشرائح العمرية. باستثناء الذين تزيد أعمارهم على 75 عاماً، الذين اتضح أن مناعتهم الناجمة عن اللقاحات تنحسر، خصوصاً لجهة حمايتهم من الحاجة إلى تنويمهم في المستشفيات. وفيما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أمس أن الرئيس الأمريكي بايدن سيدعو زعماء العالم، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع القادم، إلى تطعيم 70% من سكان المعمورة بحلول سبتمبر 2022؛ نصحت وكالة سلامة الأدوية الفرنسية المواطنين الفرنسيين الذين تم تطعيمهم بلقاح جانسن، الذي تنتجه شركة جونسون آند جونسون، ويتم إعطاؤه عادة من خلال جرعة وحيدة، بأن يحصلوا على جرعة ثانية من لقاح موديرنا، أو فايزر-بيونتك. وجاء ذلك بعد تحقيق في 32 إصابة «اختراقية» لأشخاص حصلوا على لقاح جانسن، وتوفي 4 منهم.. وكانت فرنسا أعلنت أنها حقنت نحو مليون من سكانها بهذا اللقاح الأمريكي. وقالت الوكالة المذكورة (الإثنين) إن 29 من الذين رزئوا بالإصابات الاختراقية من الحاصلين على لقاح جونسون آند جونسون حالاتهم خطيرة.

وفي بريطانيا، أشارت أرقام المكتب الوطني للإحصاء أمس إلى أن 1.2% من 51281 شخصاً توفوا بكوفيد-19 في إنجلترا، خلال الفترة من 2 يناير إلى 2 يوليو 2021، تم تحصينهم بجرعتي اللقاح. وأوضح المكتب أن عدد الوفيات الناجمة عن إصابات اختراقية للمحصّنين بالكامل بلغ 640 وفاة. وأشار إلى أن 99% من الوفيات البالغ عددها 50 ألفاً خلال الفترة المذكورة حدثت لأشخاص لم يحصلوا على جرعتي اللقاح. وأوضح أن 256 من الـ 640 وفاة تعتبر «اختراقية»، بنسبة تبلغ 0.5%. وهم أشخاص حصلوا على جرعتي اللقاح ومرت فترة كافية لتبدأ الجرعتان في بناء مناعة ضد الوباء، لكن ذلك لم يحدث! وذكر المكتب أن معظم الوفيات «الاختراقية» حدثت لـ 84 شخصاً تم تصنيفهم بأنهم أصلاً ذوو حالات صحية مزمنة؛ وأن 59 فقط من المتوفَّين كانوا لا يعانون أي عوارض صحية قبل إصابتهم الاختراقية ووفاتهم.

ويتوقع أن تبدأ بريطانيا إعطاء جرعة تعزيزية ثالثة لجميع الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 50 عاماً. وستكون البداية بمن تجاوزوا 70 عاماً من العمر، علاوة على ذوي الحالات الصحية المزمنة. وسيتم منحهم جرعة ثالثة من لقاح فايزر-بيونتك بعد مرور ما لا يقل عن 6 أشهر من حصولهم على الجرعة الثانية.

الدول الغنية.. والأجندات الوطنية

قال مبعوث منظمة الصحة العالمية الدكتور ديفيد نافارو أمس لتلفزيون بلومبيرغ، إن من المحتمل بشكل متزايد أن تظهر سلالات متحورة وراثياً من فايروس كوفيد-19 لديها القدرة على مقاومة فعالية اللقاحات. وعزا ذلك إلى استمرار عدم تطعيم عدد كبير من سكان المعمورة بلقاحات كوفيد-19. وجدد نافارو الدعوة إلى دول العالم للتخلي عن فكرة إعطاء مواطني بلدانهم جرعة تعزيزية ثالثة، محذراً من أن السلالات المتحورة الجديدة ستظهر خلال الأشهر والسنوات القادمة. وطالب المبعوث الأممي بالعناية بالحاجات العالمية، وليس الأجندات الوطنية. ورأى أن بمقدور الدول الغنية أن تبنيَ قدراتٍ إنتاجيةً خاصةً بها لتوفير جرعاتها التعزيزية، وتترك كميات اللقاحات الأخرى للشعوب التي هي في أَمَسِّ الحاجة إليها.