الأطفال محميون استجابة أمنية فورية
حالات ينتكس فيها ذوو الإعاقة .. التحديق وإهمال الوالدين
الجمعة / 10 / صفر / 1443 هـ الجمعة 17 سبتمبر 2021 01:08
محمد الشهراني (الدمام) mffaa1@
تربية الأبناء ورعايتهم ليست سهلة أو يسيرة، كما يصفها البعض بأنها أسهل مهمة في العالم، إذ يقضي الآباء معظم أوقاتهم في محاولة رعاية أطفالهم وإطعامهم والاهتمام بنظافتهم الشخصية ومساعدتهم على أداء واجباتهم المنزلية، هذه مهمات بسيطة يتولاها الوالدان يوميا، فالقائمة لا حصر لها وتختلف الحالة قطعا في تربية ورعاية طفل معاق أو صاحب احتياج خاص. إذ تتغير قائمة المهمات اليومية وغالباً ما تزداد. وقد لا يدرك الكثير من الآباء والأمهات أن بإمكانهم طلب المساعدة والدعم من الخدمات الخارجية. وطبقا لمختصين تحدثوا لـ«عكاظ» يمكن لرعاية طفل معاق أن تؤثر سريعا على أحد الوالدين بسبب ضيق الوقت والانشغال وخلافه، وقد يزداد الأمر سوءاً إذا كان هناك رفض من والدي الطفل وإشعاره بأنه عبء ثقيل عليهما، ما يترك آثارا نفسية وخيمة على الطفل.
ويوضح الأستاذ المشارك في علم النفس الإكلينيكي الدكتور أحمد عمرو عبدالله، أن الأطفال من أصحاب الاحتياجات الخاصة وذوي الإعاقة أكثر الفئات ضعفاً في أي مجتمع، لأنهم يعتمدون أكثر على حب ورعاية آبائهم وعائلاتهم والمجتمع الأوسع لهم. وغالبا ما ينظر المجتمع إلى الأشخاص المعاقين بالشفقة أو التردد. فبسبب ما يواجهه بعض آباء الأطفال المعاقين من التحديق المستمر في الأماكن العامة، وابتعاد الناس عنهم في ممرات الأسواق والمحلات، وغيرها من هذه الصور قد يدفع الوالدين لحماية أنفسهم من التعرض لمثل هذه المواقف المحرجة من منظورهم فيحاولون ترك الأبناء في المنزل؛ خوفاً من خدش صورتهم أمام الآخرين، وقد يكون ذلك في الغالب ما هو إلا معتقدات معرفية سلبية خاطئة للوالدين تستحق العلاج والتعديل، مثلها مثل مريض القلق الاجتماعي ممن لديه حساسية انفعالية ذاتية مفرطة بسبب الخوف من أحكام الآخرين.
راحة البال غير مرهونة ببقائه وحيداً
يشير الدكتور عمرو إلى أنه قد ينتج عن الإهمال تفاقم للمشكلات السلوكية للأطفال وقلة الفرص المتاحة خارج المنزل لتنمية القدرات المعرفية والمهارات الاجتماعية، إذ يظن بعض الآباء والأمهات أن ذلك ملجأ آمن لهم ولأبنائهم ويغفلون عن آثار الحرمان البيئي عندما لا يجد الطفل بيئة اجتماعية وجدانية تشبع احتياجاته النمائية اللازمة على الأقل لتحسن وضعه الحالي أو لمساعدته على الدمج الشامل أو الاندماج الاجتماعي.
وأفاد بأن هناك بعض الرسائل التي يجب على الوالدين معرفتها «أنت لست وحدك»، فقد يكون هناك كثير ممن لديهم أطفال يعانون من نفس مشكلة طفلك ولديهم نفس التحديات والصعوبات ولكنهم قادرون على التعامل مع المواقف الاجتماعية. ولا يظن أحد الوالدين أن راحة البال مرهونة ببقاء أبنائهم بالمنزل للتفرغ للحياة الاجتماعية والترفيهية بكل أريحية، لأن ذلك ستكون له آثار نفسية واجتماعية سلبية على أبنائهم هم أول من يتحملها من دون شك. ولا تتعلق هذه القضية بالمنزل فحسب، بل ينزعج بعض الوالدين من أيام الإجازة المدرسية لأبنائهم أو الإجازة المبكرة لبعض مراكز الرعاية النهارية ليس بدافع الاستفادة من البرامج العلاجية والتدريبية داخل المركز، ولكن لعدم استعدادهم لاستقبال أبنائهم في المنزل فترة طويلة أو بحجة انشغالهم الدائم.
نصيحة: أخبرهم متى تعود.. لا تفتح الباب للغرباء!
يتساءل الأستاذ المشارك في علم النفس الإكلينيكي الدكتور أحمد عمرو عبدالله نحن نتحدث عن الأطفال المعاقين، فماذا عن الأطفال العاديين؟
ويجيب، نجد أن الجمعية الوطنية لمنع القسوة ضد الأطفال (NSPCC) توصي بضرورة عدم ترك الرضع والأطفال الصغار بمفردهم، ونادراً ما يستطيع الأطفال دون سن 12 عاماً بما يكفي للتعامل مع حالات الطوارئ، ويجب عدم ترك الأطفال الأكبر من ذلك في المنزل بمفردهم لفترة طويلة من الوقت، ويجب ألا يكون الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 عاماً وحدهم بالمنزل. ويجب أن يكون هناك استعداد قبل ترك طفلك وحده، عليك: ترك قائمة جهات اتصال منفصلة للطفل خصوصا بالأشخاص الذين تثق بهم، في حالة عدم تمكن طفلك من الاتصال بك، وأن تتحدث مع طفلك قبل أن تغادر حول كيفية الحفاظ على سلامته، وأخبره ألا يفتح الباب أو يدعو الغرباء إلى المنزل، تأكد من أن الأشياء الخطرة مثل أعواد الثقاب والسكاكين، وتأكد من أن جميع الأدوية (العقاقير) والمواد الكيميائية الخطرة موجودة في خزانة مغلقة، تأكد من حصولهم على الطعام والشراب الكافي، واترك تعليمات واضحة حول ما يجب القيام به في حالة الطوارئ (مثل الحريق)، وأخبرهم متى ستعود، ولا تتأخر. كل ذلك للطفل العادي فما بالك بالطفل المعاق. وأضاف عمرو بناء على ذلك، يمكننا الإجابة على هذا السؤال: متى يكون من المقبول ترك طفلك ذوي الإعاقة بمفرده في المنزل؟
إذا كان ذلك بدافع استقلاليته وإذا كانت قدراته ومهاراته وعمره يسمح له بذلك وإذا كانت البيئة المنزلية آمنة أو أنه غير معرض للخطر والإساءة من أشخاص غير آمنين في المنزل، وإذا كانت إعاقته لا تسمح له بالبقاء طويلاً داخل المنزل خوفاً من حدوث نوبات صرعية معينة أو من إشعاله للنيران أو من إيذاء نفسه بآلات حادة، فلا مانع من القيام بذلك. فالأسرة الأمينة على أبنائها هي من تحاول عدم تركهم دون رعاية أو اهتمام خصوصا إذا كان عرضة للخطر أو كان غير قادر على حماية أنفسهم. لكن إذا كان ذلك بدافع أنه يكبر ويصبح أكثر استقلالية، ويحتاج إلى اكتساب الثقة بشأن الاعتناء بأنفسهم فلا مانع بذلك بحذر. فأغلب أنواع الإعاقات لا تسمح ببقاء الطفل داخل المنزل وحيداً مثل الإعاقات الحركية والذهنية والبصرية، الأمر الأكثر أهمية هنا يتمثل في ترك بعض الأسر أبنائهم من ذوي الإعاقات العقلية للجيران فأنت لا تضمن هذا الجار، ولا تسمح إعاقة طفلك من الإفصاح عن أي إساءة قد يتعرض لها من الجار، فيصعب اكتشافها.
عزل الأطفال اجتماعياً يدمر شخصيتهم
المحاضِرة بقسم علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتورة نورة الحمودي، أوضحت أن المناسبات الاجتماعية تتعدد بين الأفراح والأتراح، وكان المجتمع السعودي إلى عهد قريب يشرك صغار السن في المناسبات إما بالحضور فقط أو بالمشاركة الفعلية وأداء بعض المهمات، مثل القيام بواجبات الضيافة من صب القهوة والترحيب بالضيوف، ومع التغيرات الاجتماعية المتسارعة التي يعيشها المجتمع دخلت بعض العادات لنجد بطاقات الأفراح لا تخلو من جملة (جنة الأطفال منازلهم). وأضافت الحمودي أنه أصبح من المعتاد عدم حضور الأطفال لهذه المناسبات، وانسحب الأمر على الأطفال ذوي الإعاقة، سواء الإعاقة الجسمية الحركية أو الحسية أو الإعاقة العقلية، الذين تتعاظم مشكلة منعهم من حضور المناسبات، تارة كونهم أطفالاً بحاجة لحضور المناسبات العامة التي تسمح لهم باكتساب المهارات الاجتماعية، وتارة كون أهاليهم يعانون من وصمة إعاقة أبنائهم فلا يرغبون في ظهورهم للعلن، ونتيجة لهذا ظهرت بعض حالات الإهمال والتقصير في الوفاء بواجبات الأهل تجاه هؤلاء الأطفال ذوي الإعاقة، وهو سلوك مجرم حسب نظام الحماية من الإيذاء.
أعيدوا تصميم قاعات الأفراح
تكشف الدكتورة الحمودي أن بعض حالات الإهمال وصلت إلى حد التسبب في وفاة بعض الأطفال الذين تركهم أهاليهم لحضور مناسبة اجتماعية بلا رعاية داخل المنزل، إذ تعرضوا للأخطار التي يمكن أن تنتج عن غياب المسؤول عن أمنهم وسلامتهم، ولعلاج مثل هذه المشكلات ترى الحمودي بأنه لابد من العمل على عدة محاور، منها إعادة تصميم قاعات الأفراح والمناسبات العامة بما يسمح للأطفال، خصوصا ذوي الإعاقة، بالحضور مع تهيئة أجواء مناسبة لهم، وكذلك العمل على التوعية المستمرة لأفراد المجتمع بحقوق الأطفال ذوي الإعاقة والعمل على حمايتهم في حال تعرضهم للإيذاء والإهمال من قبل أهاليهم، فاتفاقية حقوق الطفل قد أكَّدت على وجوب تمتع الطفل المعاق عقليا أو جسديا بحياة كاملة وكريمة، في ظروف تكفل له كرامته وتعزز اعتماده على النفس وتيسر مشاركته الفعلية في المجتمع، وهذا ما لن يتحقق إن استمرت الوصمة الاجتماعية لذوي الإعاقة، واستمرت العادات الدخيلة على المجتمع بمنع الأطفال من الحضور أو المشاركة الفعلية في المناسبات الاجتماعية المتعددة والمتنوعة.
قانوني: الأنظمة في السعودية تحمي الطفل بمجرد انعقاد النطفة
المحامي والقانوني هشام الفرج قال لـ«عكاظ»، إن أنظمة المملكة في رعاية حقوق الإنسان تتفوق على الأنظمة العالمية، إذ تحمي الطفل من الأمراض الوراثية باشتراط الفحص قبل الزواج، وتحميه أيضاً بمجرد انعقاد النطفة خلافا لكثير من القوانين الغربية التي لا تجعل أي حماية للجنين قبل ولادته ولا تشترط أي تحاليل قبل الزواج، وتم إقرار نظام رعاية المعوقين الذي يعنى باستنفار كافة قطاع الدولة لرعاية ذوي الإعاقة كتوفير الفرص العلمية والعملية من جهة والخدمات الميسرة من جهة أخرى، فالمعاق مهما كان عمره يحظى برعاية كافة أجهزة الدولة وعنايتها، وعلى رأسها مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة الذي لعب الدور الرئيسي في البحث والمساهمة في الدراسات لإقرار جميع الأمور التي تحفظ حقوق ذوي الإعاقة.
وأوضح الفرج تكامل عدة أنظمة أخرى لحماية الأطفال عموما والمعاقين منهم على سبيل الخصوص، فنظام حماية الطفل الصادر في 3/ 2/ 1436، عرف الإهمال بأنه «عدم توفير حاجات الطفل الأساسية أو التقصير في ذلك، وتشمل: الحاجات الجسدية، والصحية، والعاطفية، والنفسية، والتربوية، والتعليمية، والفكرية، والاجتماعية، والثقافية، والأمنية». فإهمال الطفل بمفرده لساعات مطولة في الليل من دون سند أو رعاية شكل من الأشكال المشمولة بهذا التعريف. وأشار الفرج إلى أنه يعد إيذاء أو إهمالاً تعرض الطفل للتقصير البيّن المتواصل في تربيته ورعايته. وكل ما يهدد سلامته أو صحته الجسدية أو النفسية وفق ما جاء في المادة الثالثة من نظام حماية الطفل.
الفحص قبل الزواج .. ضمان لحياة طفل آمن
بين المحامي الفرج بأن السعودية تتفوق في حقوق الإنسان وحماية حق الطفل بالحياة قبل زواج أبويه باشتراط الفحص لتقليل الأمراض الوراثية قدر الإمكان، كما يحمي النظام الجنين وهو مجرد نطفة، حيث تحظر المادة الرابعة عشرة القيام بأي تدخلٍ أو إجراء طبي للجنين إلا لمصلحة أو ضرورة طبية. وتوجب الفقرة الثانية من اللائحة أن تقوم الجهات الصحية ذات العلاقة بتقديم الدعم والمساندة للأم الحامل بما يضمن رعاية الجنين ووقايته من الأمراض قبل الولادة وأثناءها وبعدها.
وأفاد الفرج بأن النظام أوجب في المادة الثانية والعشرين على كل من يطّلع على حالة إيذاء أو إهمال، تبليغ الجهات المختصة فوراً، مع حفظ خصوصيته وعدم الإفصاح عن بياناته، كما أوجبت اللائحة على الشرطة وغيرها من الجهات الأمنية المختصة الاستجابة الفورية لطلب وحدة الحماية الاجتماعية بدخول أي موقع وتوفير الحماية الكاملة للمختصّين من وحدة الحماية الاجتماعية للحالة.
كما نصت اللائحة عن التزام الجهات ذات العلاقة بحماية الطفل من أي نوع من أنواع التمييز، بسبب محل الميلاد أو الوالدين، أو الجنس أو العنصر، أو الإعاقة، أو أي وضع آخر، وتأمين المساواة الفعلية بين الأطفال في الانتفاع بكافة الحقوق.
ويوضح الأستاذ المشارك في علم النفس الإكلينيكي الدكتور أحمد عمرو عبدالله، أن الأطفال من أصحاب الاحتياجات الخاصة وذوي الإعاقة أكثر الفئات ضعفاً في أي مجتمع، لأنهم يعتمدون أكثر على حب ورعاية آبائهم وعائلاتهم والمجتمع الأوسع لهم. وغالبا ما ينظر المجتمع إلى الأشخاص المعاقين بالشفقة أو التردد. فبسبب ما يواجهه بعض آباء الأطفال المعاقين من التحديق المستمر في الأماكن العامة، وابتعاد الناس عنهم في ممرات الأسواق والمحلات، وغيرها من هذه الصور قد يدفع الوالدين لحماية أنفسهم من التعرض لمثل هذه المواقف المحرجة من منظورهم فيحاولون ترك الأبناء في المنزل؛ خوفاً من خدش صورتهم أمام الآخرين، وقد يكون ذلك في الغالب ما هو إلا معتقدات معرفية سلبية خاطئة للوالدين تستحق العلاج والتعديل، مثلها مثل مريض القلق الاجتماعي ممن لديه حساسية انفعالية ذاتية مفرطة بسبب الخوف من أحكام الآخرين.
راحة البال غير مرهونة ببقائه وحيداً
يشير الدكتور عمرو إلى أنه قد ينتج عن الإهمال تفاقم للمشكلات السلوكية للأطفال وقلة الفرص المتاحة خارج المنزل لتنمية القدرات المعرفية والمهارات الاجتماعية، إذ يظن بعض الآباء والأمهات أن ذلك ملجأ آمن لهم ولأبنائهم ويغفلون عن آثار الحرمان البيئي عندما لا يجد الطفل بيئة اجتماعية وجدانية تشبع احتياجاته النمائية اللازمة على الأقل لتحسن وضعه الحالي أو لمساعدته على الدمج الشامل أو الاندماج الاجتماعي.
وأفاد بأن هناك بعض الرسائل التي يجب على الوالدين معرفتها «أنت لست وحدك»، فقد يكون هناك كثير ممن لديهم أطفال يعانون من نفس مشكلة طفلك ولديهم نفس التحديات والصعوبات ولكنهم قادرون على التعامل مع المواقف الاجتماعية. ولا يظن أحد الوالدين أن راحة البال مرهونة ببقاء أبنائهم بالمنزل للتفرغ للحياة الاجتماعية والترفيهية بكل أريحية، لأن ذلك ستكون له آثار نفسية واجتماعية سلبية على أبنائهم هم أول من يتحملها من دون شك. ولا تتعلق هذه القضية بالمنزل فحسب، بل ينزعج بعض الوالدين من أيام الإجازة المدرسية لأبنائهم أو الإجازة المبكرة لبعض مراكز الرعاية النهارية ليس بدافع الاستفادة من البرامج العلاجية والتدريبية داخل المركز، ولكن لعدم استعدادهم لاستقبال أبنائهم في المنزل فترة طويلة أو بحجة انشغالهم الدائم.
نصيحة: أخبرهم متى تعود.. لا تفتح الباب للغرباء!
يتساءل الأستاذ المشارك في علم النفس الإكلينيكي الدكتور أحمد عمرو عبدالله نحن نتحدث عن الأطفال المعاقين، فماذا عن الأطفال العاديين؟
ويجيب، نجد أن الجمعية الوطنية لمنع القسوة ضد الأطفال (NSPCC) توصي بضرورة عدم ترك الرضع والأطفال الصغار بمفردهم، ونادراً ما يستطيع الأطفال دون سن 12 عاماً بما يكفي للتعامل مع حالات الطوارئ، ويجب عدم ترك الأطفال الأكبر من ذلك في المنزل بمفردهم لفترة طويلة من الوقت، ويجب ألا يكون الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 عاماً وحدهم بالمنزل. ويجب أن يكون هناك استعداد قبل ترك طفلك وحده، عليك: ترك قائمة جهات اتصال منفصلة للطفل خصوصا بالأشخاص الذين تثق بهم، في حالة عدم تمكن طفلك من الاتصال بك، وأن تتحدث مع طفلك قبل أن تغادر حول كيفية الحفاظ على سلامته، وأخبره ألا يفتح الباب أو يدعو الغرباء إلى المنزل، تأكد من أن الأشياء الخطرة مثل أعواد الثقاب والسكاكين، وتأكد من أن جميع الأدوية (العقاقير) والمواد الكيميائية الخطرة موجودة في خزانة مغلقة، تأكد من حصولهم على الطعام والشراب الكافي، واترك تعليمات واضحة حول ما يجب القيام به في حالة الطوارئ (مثل الحريق)، وأخبرهم متى ستعود، ولا تتأخر. كل ذلك للطفل العادي فما بالك بالطفل المعاق. وأضاف عمرو بناء على ذلك، يمكننا الإجابة على هذا السؤال: متى يكون من المقبول ترك طفلك ذوي الإعاقة بمفرده في المنزل؟
إذا كان ذلك بدافع استقلاليته وإذا كانت قدراته ومهاراته وعمره يسمح له بذلك وإذا كانت البيئة المنزلية آمنة أو أنه غير معرض للخطر والإساءة من أشخاص غير آمنين في المنزل، وإذا كانت إعاقته لا تسمح له بالبقاء طويلاً داخل المنزل خوفاً من حدوث نوبات صرعية معينة أو من إشعاله للنيران أو من إيذاء نفسه بآلات حادة، فلا مانع من القيام بذلك. فالأسرة الأمينة على أبنائها هي من تحاول عدم تركهم دون رعاية أو اهتمام خصوصا إذا كان عرضة للخطر أو كان غير قادر على حماية أنفسهم. لكن إذا كان ذلك بدافع أنه يكبر ويصبح أكثر استقلالية، ويحتاج إلى اكتساب الثقة بشأن الاعتناء بأنفسهم فلا مانع بذلك بحذر. فأغلب أنواع الإعاقات لا تسمح ببقاء الطفل داخل المنزل وحيداً مثل الإعاقات الحركية والذهنية والبصرية، الأمر الأكثر أهمية هنا يتمثل في ترك بعض الأسر أبنائهم من ذوي الإعاقات العقلية للجيران فأنت لا تضمن هذا الجار، ولا تسمح إعاقة طفلك من الإفصاح عن أي إساءة قد يتعرض لها من الجار، فيصعب اكتشافها.
عزل الأطفال اجتماعياً يدمر شخصيتهم
المحاضِرة بقسم علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتورة نورة الحمودي، أوضحت أن المناسبات الاجتماعية تتعدد بين الأفراح والأتراح، وكان المجتمع السعودي إلى عهد قريب يشرك صغار السن في المناسبات إما بالحضور فقط أو بالمشاركة الفعلية وأداء بعض المهمات، مثل القيام بواجبات الضيافة من صب القهوة والترحيب بالضيوف، ومع التغيرات الاجتماعية المتسارعة التي يعيشها المجتمع دخلت بعض العادات لنجد بطاقات الأفراح لا تخلو من جملة (جنة الأطفال منازلهم). وأضافت الحمودي أنه أصبح من المعتاد عدم حضور الأطفال لهذه المناسبات، وانسحب الأمر على الأطفال ذوي الإعاقة، سواء الإعاقة الجسمية الحركية أو الحسية أو الإعاقة العقلية، الذين تتعاظم مشكلة منعهم من حضور المناسبات، تارة كونهم أطفالاً بحاجة لحضور المناسبات العامة التي تسمح لهم باكتساب المهارات الاجتماعية، وتارة كون أهاليهم يعانون من وصمة إعاقة أبنائهم فلا يرغبون في ظهورهم للعلن، ونتيجة لهذا ظهرت بعض حالات الإهمال والتقصير في الوفاء بواجبات الأهل تجاه هؤلاء الأطفال ذوي الإعاقة، وهو سلوك مجرم حسب نظام الحماية من الإيذاء.
أعيدوا تصميم قاعات الأفراح
تكشف الدكتورة الحمودي أن بعض حالات الإهمال وصلت إلى حد التسبب في وفاة بعض الأطفال الذين تركهم أهاليهم لحضور مناسبة اجتماعية بلا رعاية داخل المنزل، إذ تعرضوا للأخطار التي يمكن أن تنتج عن غياب المسؤول عن أمنهم وسلامتهم، ولعلاج مثل هذه المشكلات ترى الحمودي بأنه لابد من العمل على عدة محاور، منها إعادة تصميم قاعات الأفراح والمناسبات العامة بما يسمح للأطفال، خصوصا ذوي الإعاقة، بالحضور مع تهيئة أجواء مناسبة لهم، وكذلك العمل على التوعية المستمرة لأفراد المجتمع بحقوق الأطفال ذوي الإعاقة والعمل على حمايتهم في حال تعرضهم للإيذاء والإهمال من قبل أهاليهم، فاتفاقية حقوق الطفل قد أكَّدت على وجوب تمتع الطفل المعاق عقليا أو جسديا بحياة كاملة وكريمة، في ظروف تكفل له كرامته وتعزز اعتماده على النفس وتيسر مشاركته الفعلية في المجتمع، وهذا ما لن يتحقق إن استمرت الوصمة الاجتماعية لذوي الإعاقة، واستمرت العادات الدخيلة على المجتمع بمنع الأطفال من الحضور أو المشاركة الفعلية في المناسبات الاجتماعية المتعددة والمتنوعة.
قانوني: الأنظمة في السعودية تحمي الطفل بمجرد انعقاد النطفة
المحامي والقانوني هشام الفرج قال لـ«عكاظ»، إن أنظمة المملكة في رعاية حقوق الإنسان تتفوق على الأنظمة العالمية، إذ تحمي الطفل من الأمراض الوراثية باشتراط الفحص قبل الزواج، وتحميه أيضاً بمجرد انعقاد النطفة خلافا لكثير من القوانين الغربية التي لا تجعل أي حماية للجنين قبل ولادته ولا تشترط أي تحاليل قبل الزواج، وتم إقرار نظام رعاية المعوقين الذي يعنى باستنفار كافة قطاع الدولة لرعاية ذوي الإعاقة كتوفير الفرص العلمية والعملية من جهة والخدمات الميسرة من جهة أخرى، فالمعاق مهما كان عمره يحظى برعاية كافة أجهزة الدولة وعنايتها، وعلى رأسها مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة الذي لعب الدور الرئيسي في البحث والمساهمة في الدراسات لإقرار جميع الأمور التي تحفظ حقوق ذوي الإعاقة.
وأوضح الفرج تكامل عدة أنظمة أخرى لحماية الأطفال عموما والمعاقين منهم على سبيل الخصوص، فنظام حماية الطفل الصادر في 3/ 2/ 1436، عرف الإهمال بأنه «عدم توفير حاجات الطفل الأساسية أو التقصير في ذلك، وتشمل: الحاجات الجسدية، والصحية، والعاطفية، والنفسية، والتربوية، والتعليمية، والفكرية، والاجتماعية، والثقافية، والأمنية». فإهمال الطفل بمفرده لساعات مطولة في الليل من دون سند أو رعاية شكل من الأشكال المشمولة بهذا التعريف. وأشار الفرج إلى أنه يعد إيذاء أو إهمالاً تعرض الطفل للتقصير البيّن المتواصل في تربيته ورعايته. وكل ما يهدد سلامته أو صحته الجسدية أو النفسية وفق ما جاء في المادة الثالثة من نظام حماية الطفل.
الفحص قبل الزواج .. ضمان لحياة طفل آمن
بين المحامي الفرج بأن السعودية تتفوق في حقوق الإنسان وحماية حق الطفل بالحياة قبل زواج أبويه باشتراط الفحص لتقليل الأمراض الوراثية قدر الإمكان، كما يحمي النظام الجنين وهو مجرد نطفة، حيث تحظر المادة الرابعة عشرة القيام بأي تدخلٍ أو إجراء طبي للجنين إلا لمصلحة أو ضرورة طبية. وتوجب الفقرة الثانية من اللائحة أن تقوم الجهات الصحية ذات العلاقة بتقديم الدعم والمساندة للأم الحامل بما يضمن رعاية الجنين ووقايته من الأمراض قبل الولادة وأثناءها وبعدها.
وأفاد الفرج بأن النظام أوجب في المادة الثانية والعشرين على كل من يطّلع على حالة إيذاء أو إهمال، تبليغ الجهات المختصة فوراً، مع حفظ خصوصيته وعدم الإفصاح عن بياناته، كما أوجبت اللائحة على الشرطة وغيرها من الجهات الأمنية المختصة الاستجابة الفورية لطلب وحدة الحماية الاجتماعية بدخول أي موقع وتوفير الحماية الكاملة للمختصّين من وحدة الحماية الاجتماعية للحالة.
كما نصت اللائحة عن التزام الجهات ذات العلاقة بحماية الطفل من أي نوع من أنواع التمييز، بسبب محل الميلاد أو الوالدين، أو الجنس أو العنصر، أو الإعاقة، أو أي وضع آخر، وتأمين المساواة الفعلية بين الأطفال في الانتفاع بكافة الحقوق.