زوايا متخصصة

«الجرعة الثالثة»..جدل بلا نهاية

موافقة محدودة تشمل المسنين فقط.. والعلماء يشككون في جدواها

ياسين أحمد (لندن) OKAZ_online@

مُنيت مساعي الرئيس الأمريكي جو بايدن، لإقرار إعطاء الشعب الأمريكي جرعة تعزيزية ثالثة من لقاح فايزر-بيونتك بانتكاسة كبيرة (الجمعة)؛ بعدما أقرت لجنة الخبراء المستقلين في هيئة الغذاء والدواء الاكتفاء بمنح الجرعة الثالثة للمسنين ومن يعانون أمراضاً مزمنة، ومشكلات في المناعة بسبب حالاتهم الصحية. وقالت إن التوصية بتعميم الجرعة التعزيزية لكل الأمريكيين ليست ملائمة في الوقت الراهن. ويذكر أن توصية الخبراء المستقلين ليست ملزمة. ويتعين أن تحسم هيئة الغذاء والدواء الجدل بشأن «التعزيزية» خلال الأيام المقبلة، إما بتأييد توصيتهم، أو بمخالفتها، والرضوخ لضغوط إدارة بايدن، التي وضعت خططاً لإعطاء هذه الجرعة الإضافية خلال الأسابيع القادمة، في مسعى لوقف تسارع تفشي سلالة دلتا المتحورة وراثياً. وكانت شركتا فايزر الأمريكية وبيونتك الألمانية اقترحتا إعطاء جرعة ثالثة لجميع الأشخاص فوق سن 16 عاماً، بدعوى أن المناعة المتأتية من جرعتي لقاحهما تنحسر بمرور الوقت، ولا بد من تعزيزها بجرعة ثالثة. غير أن مستشاري هيئة الغذاء والدواء رفضوا الاقتراح، متمسكين بعدم وجود بيانات كافية تبرر اتخاذ تلك الخطوة. وأضافوا أنهم يشعرون بالقلق من أن تنطوي الجرعة الثالثة على مخاطر صحية على الشبان والأطفال بوجه الخصوص. ولهذا صوتت لجنة الخبراء أمس الأول بغالبية 18 صوتاً لتفويض الجرعة الثالثة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً. ومن المقرر أن يعقد خبراء اللجنة الاستشارية التابعة للمراكز الأمريكية للحد من الأمراض ومكافحتها اجتماعاً يستغرق يومين الأسبوع القادم للبحث في الشأن نفسه. ولم يبقَ لإدارة بايدن سوى تعليق الأمل على اجتماع 22-23 سبتمبر الجاري، للموافقة على الجرعة الثالثة لجميع السكان.

وأشار تحليل صحي أمس الأول في الولايات المتحدة، أن بيانات من 21 مستشفى في 18 ولاية أمريكية أفادت بأن مفعول لقاح فايزر-بيونتك ضد تنويم المصاب انحسر بعد مرور 4 أشهر. غير أن مفعول لقاح موديرنا ظل مستقراً لما بعد تلك الفترة. وأضاف التحليل أن نظام الجرعتين يوفر حماية أفضل ضد التنويم من نظام الجرعة الوحيدة الخاص بلقاح جونسون آند جونسون. وذكر التحليل أن لقاح موديرنا بلغت نسبة فعاليته بعد 4 أشهر نحو 92%، في مقابل 77% لفايزر-بيونتك، و68% للقاح جونسون آند جونسون. وانضمت مجلة نيوانغلاند الطبية الأمريكية إلى السجال في شأن الجرعة الثالثة أول أمس، بنشرها دراسة ذهبت إلى أن الجرعة الثالثة من لقاح فايزر-بيونتك يمكن أن تمنع الإصابة بالفايروس، وتنويم الشخص إذا أصيب به، لدى من تزيد أعمارهم على 60 عاماً. ويجمع العلماء على أن اللقاحات المضادة لكوفيد-19 تظل قادرة على توفير حماية كبيرة وطويلة الأمد ضد تردي صحة المصاب، والحاجة إلى تنويمه بالمستشفى. لكن يبدو أن اللقاحات أقل قدرة على منع وقوع الإصابة بالفايروس لدى الأشخاص من جميع الفئات العمرية، خصوصاً بوجه سلالة دلتا المتحورة وراثياً. ويرى قطاع كبير من العلماء أن الجرعة الثالثة حتمية، بدعوى أن المناعة التي يوفرها اللقاح تذْوِي بمرور الوقت. وكان السجال حول الجرعة التعزيزية حدا باثنين من علماء هيئة الغذاء والدواء الأمريكية الأسبوع الماضي الى إعلان قرارهما الاستقالة من منصبيهما، لعدم رضائهما عن الضغوط التي تمارسها إدارة بايدن لإقرار الجرعة الثالثة من دون وجود بيانات كافية تبررها. ورأت منظمة الصحة العالمية، أنه يجدر بحكومات البلدان الغنية أن تجمّد برنامج الجرعة الثالثة على الأقل حتى نهاية السنة، ليتم في الأثناء شحن كميات أكبر من اللقاحات إلى دول العالم متدنية المداخيل. يذكر أن علماء الحكومة البريطانية أقروا الأسبوع الماضي الجرعة الثالثة لجميع السكان الذين تزيد أعمارهم على 50 عاماً. كما بدأت فرنسا، وألمانيا، والدنمارك، وإسبانيا، وفنلندا، وهونغ كونغ إعطاء جرعة ثالثة لسكانها. وذلك فيما يتصاعد الجدل وسط الإدارات الحكومية، والعلماء، وخبراء الصحة والأدوية على مستوى العالم حول ما إذا كان ثمة داعٍ حقيقيٌّ لجرعة ثالثة. وسيكون قرار الخبراء المستقلين الأسبوع القادم حاسماً بالنسبة لتوقعات فايزر المتعلقة بكونها الشركة الدوائية الأكبر تربحاً من لقاح كوفيد-19. فهي تتوقع أن تصل أرباح مبيعات لقاحها هذا العام إلى 33.5 مليار دولار.

موديرنا... في طابور «التعزيزية»

انضمت شركة موديرنا أمس الأول إلى جدل «التعزيزية» بإعلانها أن بيانات تجاربها السريرية المتأخرة أكدت انحسار مفعول لقاحها، بدليل حدوث «إصابات اختراقية» لعدد ممن حصلوا على لقاحها في وقت سابق. وأضافت أن الأشخاص الذين تم تطعيمهم بلقاحها في يوليو وأغسطس، كانوا معرّضين لـ «الإصابة الاختراقية» بنسبة تصل إلى 50%، قياساً بمن حصلوا على اللقاح بعد تلك الفترة. ولذلك طلبت موديرنا من هيئة الغذاء والدواء الموافقة على جرعة تعزيزية ثالثة من لقاحها تحتوي نصف مقدار الجرعة الثانية، أو الأولى. وإذا كان خبراء الهيئة رفضوا الجمعة تعميم الجرعة الثالثة للقاح فايزر-بيونتك على جميع السكان؛ فمن المتوقع أن يلقى طلب شركة موديرنا المصير نفسه. وأكدت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أمس، أن مجتمع العلماء أشد انقساماً بشأن جدوى أية جرعة إضافية من لقاحات كوفيد-19. وإذا تم إقرار الجرعة الثالثة؛ فلربما يصبح أمراً معتاداً أن تكون هناك جرعات رابعة وخامسة وعاشرة... وكان علماء هيئة الغذاء والدواء الذين التقوا الجمعة بشأن الجرعة الثالثة قد وجدوا أنفسهم أمام دراسات متناقضة، وبيانات أشد تناقضاً. غير أن خلاصة تلك الدراسات ترى أنه لا يوجد مبرر قوي لفرض جرعة ثالثة.