كتاب ومقالات

وداعاً فؤاد عزب!

حسين شبكشي

كان صباح السبت الفائت عادياً تماماً مثل غيره من الأصباح. حتى جاءني الخبر الأليم عبر وسائل التواصل الاجتماعي يخبرنا عن رحيل الدكتور فؤاد عزب عن دنيانا وانتقاله إلى رحمة الله تعالى بعد رحلته الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، والتي عانى فيها الكثير في مواجهة المرض وآلامه، والذي تمكّن منه وهزمه أخيراً. وبسرعة شديدة تفاعل العشرات من محبي الراحل مع الخبر الحزين، وعبروا عن مشاعرهم بما جادت عليهم القريحة في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة. رحل الدكتور فؤاد عزب رائد إدارة المستشفيات الحديثة، وصاحب القلم العذب والكلمات الرقيقة والقلب المرهف. تميز بنجاحات منقطعة النظير في عالم الإدارة الصحية المعقد مهنياً لمدة تتجاوز الأربعة عقود من الزمن، كوّن خلالها سمعة فريدة من نوعها. يجمع على تميز الراحل كل من عرفه وعمل معه، وتحولت كتاباته في عموده الصحفي في «عكاظ» إلى نبع أدبي راق وحوار إنساني مرهف، يتابعه بشغف شديد جداً آلاف القراء بشكل متواصل. كنت على تواصل مستمر معه لأطمئن عليه وهو يتنقل بين مستشفى مايو كلينيك العريق في ولاية ميناسوتا، ومنزله في مدينة كانساس سيتي، حيث يرتاح من جلسات العلاج المضنية وسط أسرته المكونة من زوجته وولديه وأحفاده، والذين كانوا يمدونه بجرعات الطاقة الإيجابية الهائلة، مع قراءة القرآن والصلاة والدعاء لمواجهة تحدي المرض وتبعياته، وكان ينقل لعالم قرائه الواسع الإضاءات النابعة من روحه الإيجابية، فتنعكس على الكثيرين غيره. كان متفائلاً ومطمئناً ومستبشراً أن معركته ضد المرض شارفت على نهايتها وأنه عائد لوطنه منتصراً، وقد عادت إليه عافيته، ولكن كان موعده مع القدر أسبق، وتوفاه الله عز وجل. حالة الحزن لا تزال مسيطرة على محبي الراحل النبيل مع كتابة هذه السطور، وهوالذي كسب محبة شريحة عريضة جداً من الناس بأدبه الجم وحسن معاملته ولهفته في تلبية كل من يلجأ إليه. كان له الحضور الذي يفرض نفسه بأدبه الجم وتعامله الراقي حتى تحول إلى زينة المجالس التي يتواجد فيها، كانت الابتسامة لا تفارق محياه، ولم يعرف قط نبرة الصوت العالي ولا الألفاظ الخارجة عن حدود أدب الحوار مع محدثيه، ولذلك كسب محبة الصغير والكبير واحترام كل من تعامل معه. على المستوى الإنساني الخاص سأفتقد صديقاً مثقفاً محترماً، وإنساناً متسامحاً في حالة سلام عميق وتام مع النفس جاء إلى الحياة كعابر سبيل أشبه بالنسمة الرقيقة، ورحل عنا كالطيف الجميل الذي بالكاد يترك أثراً. نم قرير العين أخي الكريم. فكل الذين عرفوك سيشتاقون إليك، وكل الذين سمعوا عنك سيترحمون عليك. اللهم ارحم فؤاد عزب رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناتك، وإنا لله وإنا إليه راجعون.